ترحلين عنك..قصةالأسبوع للكاتبة :روعة سنبل

“طرشششششط”

كنتِ قد انحنيتِ، لتسحبي سلسلة السّدادة التي تغلق بالوعة حوض الاستحمام، حين سمعتِ الصّوت، صوت شيء وقع في الماء الدّافئ الّذي تعلوه رغوة كثيفة، مسحِت بكفّكِ الرّذاذ الذي تطاير على وجهك، وسحبتِ السّلسلة، ومع أنّه من غير المنطقيّ سقوط شيء من الأعلى، فقد نظرتِ بشكل لا إراديّ نحو السّقف مستطلعةً، كانت يدكِ اليمنى تجوس خلال الماء، تبحث بترقّب وفضول، بينما يسراكِ فوق ركبتك بقليل، مفرودة الأصابع، يرتكزعليها – ليحفظ توازنه- جسدُك المنحني المغطّى بالرّغوة البيضاء.

حين بدأ مستوى الماء في الحوض ينحسر، أخذ ينحسر معه استرخاؤك اللّذيذ المعطّر بالخزامى، الّذي أعقب استلقاءكِ عشرين دقيقة، في مزيج من الأملاح والزّيوت وسائل الاستحمام، انحسر ليحلّ محلّه سخط طفيف.

الكعكة، أعلى رأسكِ، الّتي كنتِ قد صنعتِها من شعرك الكستنائيّ الطّويل المبتلّ، انفلتتْ، وانسكب شعرك على طرف وجهك، لمَمْتِ شعرك بكفّك، وبنزقٍ ألقيتِه وراء ظهرك، وحين عادت يمناكِ للماء، اصطدمتْ بكتلة طريّة، تحسّسْتِها ببطء وحذر، وبأجزاء من الثّانية أرسلتْ لي حاسّةُ لمسكِ بيانات كثيرة، غير مترابطة تماماً: “شيء بحجم الكفّ”، “طريّ”، “متماسك”، “ساكن”، “له شكل شبه مخروطيّ”، ولمّا لم أستطع ترجمة الرّسائل لكيان معروف، ينسجم مع خبراتي السابقة، حسمتِ أنتِ أمرك، ضيّقتِ عينيكِ، ورسمَتْ ملامحُ وجهك امتعاضاً، وأمسكتِ (الشّيء)، رأسُ مخروطه نحو باطن كفّك، ثمّ ببطء، سحبتِه بمزيج من ترقّب وخوف.

وعلى الرّغم من أنّ (الشّيء) كان مغطّى بطبقة من الرّغوة البيضاء، فقد صاغ لي بصرك الرّسالة التّالية: “(الشّيء) له لون الجلد”

وفي اللّحظة الّتي استويتِ فيها واقفة، وعيناكِ معلّقتان بـ (الشّيء) في يدك، أخبرتْني العضلات أعلى ظهرك عن اختلال غريب في نصفك الأيسر، كان الأمر أشبه ببرقية حاسمة ومبهمة، تقول: “خفّةٌ غير معهودة”.

انتقلتْ عيناك بسرعة نحو جسدك مستطلعتين، واتّسعتا دهشة، ثمّ تنقّلتا مرّات عديدة بين جسدك و(الشّيء) في كفّك، وحين بدأتُ باستيعاب الأمور، دفقة مفاجأة من (الأدرينالين) تحرّرتْ في دمك، جعلتْ عينيك تتّسعان ذعراً، وشعر جسدك ورأسك ينتصب، نبضك يتسارع، ضغط دمك يرتفع، وحلقك يجفّ.

***

ما زلتِ عارية.. هادئة وشاحبة، تقفين أمام المرآة في غرفتكِ، على الرّغم من مرور أكثر من ربع ساعة على خروجك من الحمّام؛ لم يبدُ أنّك تكترثين لشعركِ الذي بدأ يجفّ في الهواء ، فيتشعّث، ويتجعّد فوضوياًّ كما لا تودّين رؤيته، ولم يزعجك منظر الأرضيّة الّتي كانت نظيفة لامعة، قبل أن تلطّخها طبعاتٌ رسمتْها قدماك حين كانتا مبتلّتين، وبقعٌ صنعتها قطرات الماء، التي فرّت من شعرك ِعبر ظهرك.

ما زلتِ عارية.. هادئة وشاحبة، تقفين أمام المرآة في غرفتكِ، نظراتك المنهَكة تحطّ، تارة على الغياب المسطّح في جسدك، وتارة على رفّ المرآة، قرب زجاجات عطرك، وأدوات زينتك، وبالتّحديد، على (الشّيء)، الّذي صار جليّاً أنّه ثديك الأيسر، حاولتُ أن أؤكّد لك ولنفسي، جازماً أنّ هذا واقعيّ، مهما بدا غير منطقيّ!

كان من الصّعب أن نتجاهل هذه الحقيقة، فثديك يحدّق بك بحلمته الورديّة النّافرة، تماماً كما تحدّقين به أنتِ بعينيك الحائرتين، يكسو جلدَه الأبيض زغبٌ تصعب رؤيته، تماماً كما يكسو كيانَك ذهولٌ يصعب تجاهله.

مرّرتِ كفّكِ على المكان الخالي لثديك، تتحسّسين التسطّح الطّارئ، وأحنيتِ رأسكِ تبحثين بلهفة بعينيك عن دليل واحد، يخبرك أنّه كان هنا يوماً، فيصفعك امتداد قاحلٌ، قاحل؛ مدَدْتِ كفّيك بحذر نحو ثديك، تحملينه برفق، شددتِ ظهرك، وأنت تقرّبينه من مكانه، وضعتِه هناك، مستعينة بالمرآة وبما أمليه عليكِ أنا: “أعلى قليلاً.. نحو المنتصف أكثر.. لا، لا.. قليلاً نحو اليسار.. هكذا تماماً.” أغمضتِ عينيك، وضغطتِه على صدركِ بكفّيك معاً، متمنيّة من قلبك لو أنّ قوّة ما تستطيع تثبيته في مكانه، لو أنّ صدرك يجذبه ويتشبّث به، لو أنّ هذا كلّه ينتهي ببساطة تماماً كما بدأ، فتحتِ عينيك، وابتلعتِ بصعوبة واستسلام مرارة خيبتك، وأنت تعيدين ثديك لمكانه على الرّف.

ارتديتِ بهدوء ثوب نومك، جلستِ على كرسيك مقابل المرآة، وبتركيز شديد بدأت تمشّطين شعرك، ثم أخذتِ تلفّين خصلاته حول أسطوانات إسفنجيّة ملوّنة، شربتِ فنجان مغليّ الأعشاب في فراشك كعادتك، انتهزتُ هدوءك، اقترحتُ عليك إرسال رسالة لأخيك تخبرينه بما حدث، لعلّ خبرته الطبيّة تسعفك بإيجاد تفسير، رأيتُ أيضاً أنّه قد يكون من المناسب أن تتصلي بصديقتك المقرّبة، وتطلبي منها الحضور على وجه السّرعة لزيارتك، لم تأبهي لاقتراحاتي، كنتِ تنصتين فقط لقلبك الّذي قال لك: ” سيبدّد الصّباح هذا الكابوس”، تحدّثتُ كثيراً، لكنّني لم أستطع تمزيق الأمل الذي نسجه لك قلبك، وضعتِ ثديك تحت وسادتك، وأطفأتِ الضّوء قرب رأسك، لكنّك لم تنجحي في إطفاء صوتي! تكلّمتُ كثيراً دون أن يبدو أنك تأبهين، ثمّ حين ذكّرتكِ أخيراً أنّ ثديك هذا لم يكن، ولو لمرّة واحدة، جزءاً من طقس لقضاء شهوة، أو ممارسةٍ لأمومة، ارتعش قلبك وصمَتَ، وذرفتِ أنتِ بحسرة بضع دمعات ساخنة صامتة، اخترتُ أنا أيضاً الصّمت حينها، وتركتُكِ تهربين نحو النّوم.

بعد ساعات، رنّ المنبّه، فاستيقظتِ بخمولٍ ورأس مثقـَل بالنّعاس، بدا كل شيء معتاداً في اللّحظات الأولى، ثمّ استعدتُ لك كلّ ما حدث ليلاً، مرّ أمامك ثقيلاً، صادماً، فطار شيء من نعاسك، وتبخّر تماماً، حين لمستْ يمناك المرتجفة صدرَك ولم تجد شيئاً، ثمّ رفعتِ وسادتك فرأيتِ ثديك هناك.

كنت تشهقين باكية وأنت تحرّرين خصلات شعرك من أسطواناتها، صار بكاؤكِ صامتاً وأنتِ تحضّرين القهوة، تناولتِ بعدها إفطاراً سريعاً، ثمّ مسحتِ دمعكِ، ورسمتِ كحلك، زيّنتِ وجهك، صفّفتِ شعرك، وارتديت ثيابك، بدا مظهركِ طبيعيّاً بالاستعانة ببضع جوارب قطنية، لفَفْتِها معاً، وكوّرتِها في كتلة واحدة، لها حجم مماثل لثديك تقريباً، ووضعتِها في حمّالة صدرك، ثبّتّها جيّداً في مكانها، تماماً كما ثبتِّ ابتسامة هادئة، رمادية، فضفاضة، جاءت متطابقة مع  لا مبالاتك، ومع ثيابك الخريفية، ارتديتِ بهدوء الابتسامة واللّامبالاة والثّياب، وخرجتِ من منزلك.

سار يومكِ اعتياديّاً جدّاً: روتينك المملّ، الأحاديث الفارغة مع أصدقائك في المكتب، فناجين القهوة والسّجائر، سأمكِ المزمن، وبالك الطّويل في تسيير معاملات المراجعين، كثير من التّواقيع والأختام، ونظرات مديرك الوقحة وهو يقول: “كما تشائين، أسبوع إجازة مرَضيّة”، ثمّ  ملمس أصابعه المتعرّقة، الّذي بدا لك مقزّزاً، حين أعطاكِ الورقة موقّعة، وأضاف هامساً: “مع أنّك لا تبدين لي مريضة، بل تبدين جميلة، جميلة جداً”، وأخيراً ازدحام المواصلات والطّقس الخريفيّ.

 وليلاً، وقت النّوم، حين خرجتِ من الحمّام، وقبل أن تمشّطي شعرك، اتّجهتِ نحو خزانتك، أخرجتِ حذاءك الجديد من صندوقه الكرتونيّ، وبحرص وضعته مكان الحذاء وأنت تبتسمين، أعني: ثديك الأيمن الذي سقط قبل قليل!

***

“أن يتساقط المرء ليس أمراً اعتياديّاً بالتّأكيد”

تلوتُ هذا على رأسك طوال اليوم، لكنّكِ لم تكوني مهتمّة كثيراً بتحليله، وقبلتِه بتسليم غريب، دون أن تأبهي للأسئلة الكثيرة التي لم أتوقف عن طرحها عليكِ: ” أتكونين حالة فريدة، أم حدث وتساقط آخرون من قبل؟  ألهذا علاقة ببلوغك الخامسة والأربعين؟ أيكونُ ثمرةً لوحدتك المدلّلة التي ربّيتِها بشغف، حريصة على ألّا يخدشها أحد؟ أم هو نتيجة لحالة مرضية، قد تكون نادرة؟ هل له ارتباط بجنسكِ، أم يمكن أيضاً أن يتساقط رجل ما؟ “.  كنتِ تلجمين أسئلتي، فأصمت.

 لم أجد تفسيراً لهذه البساطة الّتي تتعاملين بها مع ما يحدث، سوى حين اعتمدتُ فرضيّة، وجدتُها منطقية نوعاً ما: ثمّة أشياء غير مرئيّة تتساقط أيضاً منك، أحدها – ولنفترض أنّ اسمه (الاكتراث)- سقط منك صباح اليوم ربّما، فجعلك غير عابئة بشيء، بدا لي هذا التفسير جيّداً، ساعدني خلال الأيّام التالية على تقبّل حيادك البارد، حين كنتِ تلملمينكِ بحرص، تجمعين باستسلام أجزاءكِ الّتي تتساقط ليلاً بعد الاستحمام كلّ يوم، وتحفظينها داخل صناديق أحذيتك.

 كانت الأمورتجري بسلاسة شديدة، كأنّكِ في موسم مثاليّ للتّساقط: أجزاؤك تغادرك تلقائياً، تسقط كما تسقط ثمرة ناضجة حين يأتي أوانها، دون أدنى ألم، ودون أن تخلّف جرحاً أو ندبة.

اقترحتُ أن تحفظي أجزاءك في الثّلاجة كي لا تتفسّخ، لكنّك رفضتِ، قلتِ إن الثّلاجات للأموات فقط، وأكّد لك قلبك بإصرار: “لا شيء يتموّت فيكِ، كل ما في الأمر أنّك ترحلين عنكِ” وأعترفُ أن الأيام اللّاحقة أثبتتْ صحّة وجهة نظره، فأجزاؤكِ الرّاحلة بقيت طازجة سليمة!

يوماً بعد يوم كان تواتر التّساقط يزداد، جزأين أو ثلاثة، وأحياناً أربعة بعد كلّ استحمام، صرتِ كائناً منقوصاً، ومع ذلك كنتِ تقضين كلّ يوم وقتاً غير قليل في تأمّل أجزائك، ترتّبينها على سريرك بحرص، وترمقينها بعينك اليمنى التي صارت وحيدة، ترمقينها مفتونة، بإعجاب يشبه إعجاب زائر، يتأمل لوحة سورياليّة، معلّقة ًعلى جدار معرض، تفتنه دون أن يلمّ بمعانيها، تعيدينها بعد ذلك إلى الصّناديق، تغلقين الخزانة، ثمّ تتأمّلين نفسك أمام المرآة، وتبتسمين لكِ بهدوء.

***

استيقاظٌ متأخر وكسلٌ لذيذ، روتينٌ يوميٌّ بطيء وارتشافٌ متمهّل للحياة، أو ما تبقّى منها، هكذا كنتِ تنوين قضاء إجازتك، بالإضافة طبعاً لطقس الاسترخاء اللّيلي في الماء، سارت الأمور بهدوء لثلاثة أيام، تساقطتْ أجزاء كثيرة، ويبدو أنّك تخفّفتِ من أشياء أخرى كانت تسكنك، تساقطت هي أيضاً منك: أرقك، قلقك، نزقك، سأمك، فعشتِ سلاماً داخلياً، وخفّة مبهجة، تفتقدينهما منذ زمن.

لم أكن أتوقّع أن يضطرب هذا التّواتر قريباً، وأنتِ أيضاً تبدين مرتبكة من هذا التّسارع ، ما زلنا في اليوم الثّالث من إجازتك، أو بشكل أدق، لم أكن متأكداً، ربّما صرنا في اليوم الرّابع إن كانت الساعة قد تجاوزت الثّانية عشرة ليلاً.

  أيقظكِ قبل قليل صوت المطر الغزير، كنتُ نصف نائم، ومع ذلك وبشكل تلقائيّ، لا يتطلّب كثيراً من الصّحو، استطعتُ أن أبني لك رابطاً منطقيّاً بين: المطر والاستحمام، ثمّ بين: المطر والتّساقط، فما كان منكِ إلّا أن هبطتِ سلّم البناء، مسرعة دون أن تتردّدي، ودون حتّى أن نتناقش بالأمر.

ترجمتُ بسرعة الصّورة الأخيرة، التي التقطتها عيناك لمنزلك قبل أن تغلقي الباب خلفك، حلّلتُ الرّموز الحمراء الوامضة على ساعة الجدار، وعرفتُ أنّ الوقت قبيل الفجر بقليل.

 الظّلمة حالكة، والشّوارع مقفرة، أنتِ تعرفين طريقك جيّداً، يبدو كلّ شيء الآن وكأنّه مخطّط له من قبل، تخلعين ثيابك، وداخل الحفرة مرصوفة الحوافّ، الّتي غرس فيها عمّال البلديّة منذ أيّام شجرة نحيلة، تجلسين، تسري قشعريرة في جسدكِ حين تنغرسين بالطّين اللّزج البارد، لا أصوات قريبة الآن سوى صوتي في رأسك، وصوت حبال المطر المنهمرة، تنقر بإصرار الإسفلت، وزجاج السّيارات.

 من بعيد، من الطّريق السّريع الذي تفصلنا عنه عدّة صفوف من الأبنية يصل بين الحين والآخر صوت: “شششششش، ششششش” تصنعه عجلات السّيارات المستعجلة على الطّريق المبلّل، تجاهلي الآن الأصوات الأخرى كلّها، وأنصتي لي جيّداً، بعد قليل سأصمت مرغَماً!

أعاني في هذه اللّحظات من تشويش شديد، رسائل كثيرة من جسدك تغرقني بتتاليها المربِك، أعتقد أنّ هذا الاضطراب يعني أمراً واحداً: “ستتابعين تساقطكِ، وسيكون سريعاً”، لا تخافي! أعدك أن أبقى معك ما استطعتُ، أعدك مع أنني لا أدري إن كنتِ أفضل بوجودي معك، قد يكون من الأسهل للمرء أن يتساقط دون أن يدرك ذلك!

فكّري معي بهدوء، ستكتشفين أنّكِ كنت محظوظة نسبيّاً، فصمود أطرافك الأربعة حتّى الآن أمر جيّد، على الأقل لم تصبحي عاجزة عن الحركة، ووصلتِ بسهولة لمكانك هنا، حسناً، ها أنتِ تبتسمين، أتعرفين، ليس المرء بحاجة لشفتين ليبتسم؛ إليكِ الخبر السّيّء الآن،  يبدو أنّ قدمك اليمنى المغمورة تماماً بالماء، ستنفصل الآن بهدوء: “تك”.. أمّا الـ “تك” الأخرى، الخافتة، التي سمعتِها توّاً، هي انفصال اليسرى، سيتساقط ما تبقّى من أصابعكِ، واحداً واحداً، لا تقلقي، حسب هذا التّسارع سينتهي كلّ شيء قبل أن يطلع الفجر.

حفرتكِ امتلأت بالماء، صار أعلى بقليل من سرّتك، دور الكفّين الآن، تسقطان معاً في وقت واحد، لم يبقَ الكثير، وبعد قليل سأصمت، جيدٌ أنّ هذا لا يترافق بأيّ ألم، اسمعيني جيّداً، ستنفصل مؤخّرتك بعد برهة، لن تقعي، ولن يختلّ توازن ما تبقى من جسدك، فالطّين الذي اخترقتْ برودتُه رحمَك، يتشبّث بجذعك جيداً، يثبّتكِ فوقه كما يشتهي، ليخصب ماؤه جسدك.

لستُ قلقاً عليك، طمأنينة شفيفة تتسرّب لكيانك، مع النّسغ الذي تختبر عروقُـك جريانَه الأوّل، السّاعدان من تحت المرفقين سيسقطان بعد برهة، ويبدو أنّ جزأيهما العلويّين لن يرحلا عنك، يسقط الآن صيوان الأذن المتبقّي، وكرة العين الوحيدة، وقريباً في أيّة لحظة قادمة، سيسقط رأسك في الماء، وأنا سأصـ..

“طرششششششط”.

4 رأي حول “ترحلين عنك..قصةالأسبوع للكاتبة :روعة سنبل”

  1. روعة.. أنت روعة بجد … لغة الحواس .. تفكك الجسد.. وطأة الزمن الذي يطيح بنا شيئا فشيئا.. صورة كلية بصرية، تنتقل للقارئ بكل ما فيها من طاقة حسية، كنت أشعر بجسدي يهتز،ويرتعد.. قدرة مدهشة على تجسيد المشاعر، في غيبة المجاز المهترئ، فكل شيء يحدث هنا والآن وأما أعينها وكانه يحدث لنا، نراه ونلمسه ونشم روائحة وننغمس في ألمه.. تلك هي كتابة الجسد، وليست كتابة عن الجسد على نحو مازعمت بعض الكتابات النسوية… انت روعة بجد.

    Liked by 3 people

  2. بقالي كتير مقرتش كتابة قوية كدا.. الله عليكي يا شيخة.. إبداع الألم والتعايش مع الاوجاع والتسليم بالرحيل دون مقاومة بلغة مذهلة.. شكرا للنهار الجميل ♥️ اللي بدأ بالقصة الجميلة

    Liked by 2 people

    1. الاروع
      ١. انك صادقة طول الوقت
      ٢. انك ابنة الأزمة وتصدع أجزاء الوطن ،، دون أن بأرق
      ٣. الحديث عن تساقط أعضاء أنثوية لم يثر أي غرائب
      ٤. انك تعيدي الامل في الكتابة

      Liked by 2 people

أضف تعليق