علم الوعى كأحد أهم علوم المستقبل. د. علاء العريان

كتاب أبحاث مؤتمر أدباء مصر بالبحر الأحمر 2007

                                                         

الوعى هو خاصية للعقل وهو يعرف بإدراك الشخص لذاته ولما يحيط به  فى بيئته أو تركيز أنتباه الشخص لذاته أو لما يحيط به فى الخارج . وهو موضوع لكثير من البحث فى مختلف العلوم والتيارات المعرفية مثل الفلسفة وعلم النفس وعلوم الأعصاب وعلوم المعرفة  ( Cognitive Sciences  ). وفى الآونة الأخيرة تفاقمت التأملات حول طبيعة الوعى بشكل كبير . فلكل فرع من فروع المعرفة منظرواته الخاصة حول ما قد يكونه الوعى . وقد أسهم علماء الأعصاب وعلماء الإدراك وعلماء الكمبيوتر وكذالك البيولوجيون بالعديد من المقالات العلمية فى هذا الموضوع . وفى علم الفيزياء أدى اكتشاف الحقيقة التى لم تكن معروفة من قبل وهى أن عملية الملاحظة البسيطة التى يقوم بها العالم  للأحداث الذرية ودون الذرية فى المعمل تغير (أى عملية الملاحظة ) فى طبيعة النظام الفيزيائى ، أدى ذلك بجميع مؤسسى الفيزياء الحديثة بما فيهم فيرنير هايزنبرج  Werner Hiesenberg و إيروين شرودينجر Erwin Shrodinger وألبرت أينشتين إلى أن يفكروا  بمزيد من الجدية والعمق فى الدور المتميز ، غير المتعارف عليه ، للوعى الإنسانى . وقد واصلت أعداد متزايدة من علماء الفيزياء عملية التأمل فى طبيعة الوعى أو الذهن والمادة نظراً لأن النتائج التى أسفرت عنها الفيزياء الحديثة هى من التعقيد بحيث يعجز الكلام عن وصفها . فهذا عالم الفيزياء بيرنارد دى سباجات يقول فى مقال له فى scientific American  [ إن الاعتقاد بأن العالم مكون من أشياء ذات وجود مستقل عن الوعى الإنسانى قد تبين فى نهاية الأمر أنه يتعارض مع ميكانيكا الكم (الكوانتم ) والحقائق الفيزيائية المثبتة بالتجربة  ] وقد نشرت العديد من المقالات في هذا الموضوع في دوريات علمية  رفيعة الشأن . وبرغم أن الفيزيائيين النظريين قد طرحوا بمنتهى الجد إمكانية تفاعل العقل مع المادة فمايزال هناك بعض الحظر العلمى للدراسة التجريبية لمثل تلك الموضوعات التي أشار إليها آينشتين كتأثيرات شبحية عن بعد ( spooky actions at a distance  ) لأن ذلك سيؤدى إلى زخم من الفرضيات الجوهرية حول طبيعة النهج الذى ينبغى أن تعمل وفقه الأشياء.ز

فمن أهم الإكتشافات الأكثر إدهاشاً فى الفيزياء الحديثة هى حقيقة أن الأشياء ليست منفصلة عن بعضها كما يبدو لنا, فعندما نستغرق فى أعمق أعماق حتى أكثر المواد صلابة تختفى تلك الإنفصالية وأن ما يتبقى ما هى إلا علاقات تتغلغل  ممتدة عبر الزمان والمكان . وقد تنبئت نظرية الكم بتلك الإتصالية التى عبر  عنها آينشتين كما ذكرنا آنفاً “بالأفعال الشبحية عن بعد” . ووصفها إيروين شرودينجر وهو أحد مؤسسى نظرية الكم ” بالإلتحام ” ” entanglement ” وبأنها السمة المميزة لميكانيكا الكم “الكوانتم” وأن تلك الحقيقة الجوهرية المتمثلة فى ذلك الإلتحام لا تتماشى مع عالم الخبرة اليومية. حتى أن عديداً من علماء الفيزياء صرحوا بأن هذا الكشف لا يعدوا كونه من قبيل التفكير النظرى المجرد. فقد تقبلوا فكرة أن عالم الجسيمات الدقيقة يكون فى حالة من الإلتحام ولكن ليس لذلك مردودات عملية فى عالم الخبرة المعاشة ولكن هذا المنظور سرعان ما تغير الآن فقد برهن العلماء فى الوقت الحاضر على أنه  ليحدث أن التأثيرات الإلتحامية الميكروسكوبية تتراكم لتؤثر فى عالمنا الماكروسكوبى الكبير. وأن تلك الإرتباطات فيما بين الجسيمات الذرية ودون الذرية يمكن أن تتجاوز تأثيراتها حواجز الزمان والمكان . واقترح العلماء بأن الإنتباه الواعى (الوعى) يتسبب عن ، أو له علاقة رئيسية بالإلتحام أو الإرتباط الكمى ( الكوانتى) فيما بين الدقائق الأولية للمخ . وآخرون يفترضون أن الكون بأكمله بكل مكوناته وحدة واحدة يجمعها الإلتحام الكوانتى(الكمى) . فإذا كانت نظرية الإلتحام الكوانتى  صحيحة فماذا سيكون حال الإنسان فى هذا الكون من الإتصالية المتبادلة بين جميع أجزائه ؟ فهل سنكون على اتصال عميق لافيزيقى مع من نحب حتى وإن كانوا على بعد أميال منا ؟ هل ظاهرة “إلتحام العقول ” “entangled mind  ” هى المسئولة عن إحساسنا بهوية من يطلبنا عندما يرن جرس الهاتف ؟ فهل ذلك عن معلومات حقيقة وصلت بطريق ما إلينا متخطية القنوات الحسية المعتادة ، أم أنه ضرب من المصادفة أو من قبيل الهذيان العقلى ؟! . وبرغم أن هناك الآن كم هائل من الدليل التجريبى المعملى على ذلك فقد ظل العلم حتى وقت قريب متجاهلاً تلك التأثيرات لأنه على مدى قرون من الزمان افترض العلماء أن كل شئ يمكن تفسير ه وفقاً لآلية ميكانيكية  تماثل عمل الساعة ( النظرية الميكانيكية ) ولكن اليوم وعلى مدار القرن العشرين تبين بما لا يدعو للشك خطأ تلك الفرضية التى كانت قد أصبحت بدهيه ، فكلما اقتربنا في طريقة فحصنا للأشياء أقرب فأقرب تبين أن لا وجود لشئ كآلية الساعة ولكن وجد أن الحقيقة نسجت من نسيج كلى تمتد خيوطه عبر الزمان والمكان وأنه لو حدث أهتزاز فى طرف من أطراف هذا النسيج لتذبذب النسيج كله عبر الزمان والمكان . ولعل هذا ما عاناه الشاعر الإنجليزى فرانسيس طومسون  فى القرن التاسع عشر وكان صائباً حينما قال :- كل الأشياء فى هذا الكون ، قربت أو بعدت ، تربطها قوة أبدية خافية حتى أنك لا تهز زهرة دون أن تربك نجماً.

الوعى يخلق الحقيقة

يقول علماء الفيزياء أن فعل الملاحظة يخلق الحقيقة الفيزيقية ، وهذا التفسير يفترض أن الوعى هو الحالة الأولية الأساسية لهذا العالم وليس المادة أو الطاقة وهذا يعطى دوراً أساسياً لفعل الملاحظة أو الأنتباه الواعى فى هذا العالم . فللأشياء المادية حسب نظرية الكوانتم طبيعة جسيمية – موجيه مزدوجة فى آن particle – wave duality  . أى أننا نعيش فى عالم من الإحتمالية probability وأن الملاحظة أو الإنتباه الواعى هى فعل نشط للوعى تتحول بفعله الإمكانات الكوانتية إلى حقائق فعلية ، ولكن العديد من علماء الفيزياء يتوجسون من هذه النظرية لأنها تشبه الأفكار الموجودة فى الفلسفات الشرقية والتجربة  الصوفية ولكن يؤيد هذه النظرية علماء الفيزياء الحاصلون على جازة نوبل وهم يوجين فيجنر، براين جويفسون ، جون وايلر ، جون فون نيومان

خصائص الوعى

الخاصية الأولى هى أن الوعى يمتد أبعد من الفرد ولهه خصائص شبيه بالمجال الكوانتى فى أنه يؤثر فى احتماليات الأحداث .

والخاصية الثانية هى أنه (أى الوعى) يحقن التنظيم أو النظام فى أى نسق بقدر القوة الحاضرة لهذا الوعى ويعد هذا تنقيح حاذق لملاحظة عالم فيزياء الكونتم إروين شرودنجر عن واحدة من أكثر خصائص الحياة اللافتة ونعنى هنا ” الهبة المدهشة التى أنعهم بها على الكائن الحى فى قدرته على تشرب النظام من بيئة محيطة ملائمة”

والخاصية الثالثة هى أن قوة الوعى لدى شخص ما تتفاوت بين الفينة والأخرى ويتم تنظيمها بتركيز الإنتباه ، فهناك حالات للوعى لها ىقوة وتركيز انتباهى اعلى من غيرها ويقترح بان الانتباه المعتاد له قوة تركيز انتباهى منخفضة الى حد ما اذا ما قورنت بالحالات القصوى والحالات الصوفية وغيرها من الحالات غير المعتادة للوعى مثل حالات التنويم الايحائى (hypnosis) والتامل المتسامى (transcendental meditation) والخاصية الرابعة هى ان مجموعة من الافراد يمكننا القول بان لها وعيا جماعيا (Collective Consciousness) وهذا الوعى الجماعى يقوى عندما يتركز انتباه الجماعة فى موضوع او حدث مشترك حيث يخلق ذلك ارتباطا متسقا فيما بين مجموع الوعى الفردى لعقول تلك الجماعة ولو ان انتباه الجماعة مشتت فلن يكون هناك ارتباط ذهنى متسق للجماعة ( اى يكون الارتباط الذهنى مشتتا ايضا )

خامسا :

عندما ينتبه جميع الافراد فى مجموعة الى اشياء مختلفة عندها تكون فعالية أوتاثير الوعى الجماعي صفرا مشكلا ما هو بمثابة ضوضاء خلفية وانا لنقترض ان اقصى درجة من الارتباط الذهنى الجماعى المتسق له علاقة بالعدد الكلى لافراد الجماعة وفوة تركيزها الاتباهى الواعى المشترك ، وعوامل اخرى سيكلوجية وفسيولوجية وكذلك بيئية

سادسا :

تستجيب الانظمة الفيزيائية بجميع انواعها لمجال الوعى بان تصبح اكثر تنظيما. فكلما كان مجال الوعى اقوى واكثر اتساقا فى ترابطه كلما كان التنظيم بينا ، والاجسام غير الحية ( مثل الصخور ) سوف تستجيب بالتنظيم الذى يحدثه الوعى بالضبط مثلما تستجيب الاجسام الحية والعقول او الاذهان الاخرى. ويعد من العسير قياس او رصد التغيرات التى يحدثها الوعى فى جماد مثل الصخرة اثناء التجربة لذلك فنحن نعتمد على الانظمة الفيزيائية سريعة التغير مثل مولدات الارقام العشوائية (random number generators ) وانحلال انوية ذرات العناصر المشعة

الوعى المجالى Field consciousness :

اثبتت التجارب فى المختبرات بشكل موضوعى انه عندما يوجه شخص انتباهه الواعى أو تركيزه نحو شئ مادى بعيد فان سلوك هذا الشئ يتغير على نحو يسترعى الانتباه : فحجر النرد الذى يرمى لم يعد يسقط عشوائيا ، والدوائر الالكترونية تتصرف على نحو غريب والجهاز العصبى للانسان يستجيب لمؤثرات غير مرئية. وهنا نحن نولى اهتمامنا لما يحدث عندما تركز مجموعات من الناس (تتراوح من عشرات الى بلاين) اذهانهم فى نفس الشئ فقد تبين ان تاثيرات تفاعل العقل مع المادة التى شوهدت فى المختبر تبدو انها تتراكم متنامية لتؤثر فى العالم بمعناه الكبير.

 يعتقد علماء الاعصاب بان الوعى ينبثق من جراء الاتصالات البينية الوافرة والتبادل المعلوماتى المعقد فيها بين بلاين الخلايا العصبية فى المخ. فاذا كان هذا حقيقى اذن ، فلو اخذنا بعين الاعتبار الاتصالات البينية والتبادل المعلوماتى بين بلاين اللعقول الذكية على الارض ، فلربما يدل ذلك على ان العالم نفسه يمتلك شيا ما مثل “عقل شامل ” Global mind؟!.و توحى التجارب العلمية الحديثة بان الاجابة ربما تكون بالايجاب. ففى المختبرات دأب العلماء على دراسة ظاهرة سميت بتاثيرات “الوعى المجالى”  وكان رائد تلك التجارب هو الدكتور روجر نيلسون (Roger Nelson) بجامعة براينستون وقد تم تكرار نفس تلك الدراسات على يد البروفيسير (ديك باير مان) بجامهة امستردام وقد اسفرت تلك التجارب عن ان مجموعات من الناس تتراوح اعدادهم بين العشرة الى بلاين يشاهدون برنامجا تليفزيونيا مباشرا على الهواء قد يؤثرون فى العالم الفيزيقى على نحو غير متوقع وتشير التجارب ايضا الى ان هناك ضرب من الاتصالية الاساسية فيما بين كل الاشياء بما فيها العقول الفردية والعقول الجمعية ولفهم الاساس المنطقى  لتلك التجارب لكى نعى مفهوم الوعى الجماعى فعلينا ان نعرف ان التصور الكلاسيكى للمجال الفيزيائى ظهر فى القرن السابع عشر كطريقة لفهم ظاهرات مثل الجاذبية والكهرومغناطيسية فقد كان يبدو ان تلك القوى الغامضة تؤثر فى الاجسام عن بعد بوسائل غير مرئية وللاسف كانت فكرة القوى غير المرئية التى تعمل عن بعد تشبه الى حد كبير الافكار الدينية عن الارواح التى كانت بمثابة افكار بغيضة بالنسبة للنظريات الميكانيكية الناشئة فى القرن السابع عشر ، لذلك بحث فيزيائيو ذلك العصر عن تفسيرات اكثر عقلانية لذلك ، ونظرا لما كان معتقدا بانه ليس من الممكن ان نحصل على فعل عن بعد دون وسائط لحمل الطاقة ، فقد تصوروا تلك القوى وكانها تعمل على الاجسام من خلال تبادل حزم او كمات من الطاقة تشبه الى حد كبير كرات البيلياردو المتصادمة . ووفقا لنظرية نيوتن الكلاسيكية كانت الطريقة الوحيدة لا مكانية تفاعل الشمس مع الارض هى افتراض ان الارض تستجيب بالفعل لشئ ما غير مرئى فى الحيز المحيط بها‘ وبالمثل كذلك بالنسبة للشمس وهذا الشئ غير المرئى سمى بالمجال الذى يفسر بانه تغير او تعديل فى الفضاء المحيط بالشمس والارض وهذا التغير او التعديل استدل عليه من كيفية تصرف الجسيمات ( على سبيل المثال الجرافيتونات فى حالة الجاذبية ) وبمعنى اخر ما كانت الارض تنجذب حقيقية للشمس من خلال قوة ما غير مرئية عن بعد ولكن من خلال التبادل المزدوج لجسيمات الجرافيتون

وقد ادى ظهور ميكانيكيا الكوانتم فى اواخر العشرينات من القرن الماضى الى اتساع المفهوم او التصور الكلاسيكى للمجالات الذى كان بمثابة صدمة للفيزيائين النيوتينين. والمجالات الكوانتية لا توجد فيزيقيا فى الزمان والمكان مثل مجالات الجاذبية والكهرومغناطيسية ذات المفهوم اوالتصور الكلاسيكى اذ ان المجالات الكوانتية تحددها احتماليات الجسيمات الشبحية ( الكوانتات او الكمات ) لدى تبديها فى البعد الزمكانى. وبرغم ان المجالات الكوانتية تشبه رياضيا المجالات الكلاسيكية الا انها اعسر على الفهم لانها على غير غرارها تتجاوز حدود الزمان والمكان المعتادة. لذا يتميز المجال الكوانتى بخاصية غريبة مميزة وهى اللاموقعية (nonlocality) وهى خاصية فيزيائية نعنى بها ان هذا المجال لا يقع فى جزء محدد من المكان والزمان. ووفقا لتلك الظاهرة ( اللاموقعية) فان ما يحدث فى الموقع “ا” يؤثر فى نفس الوقت لحظيا قيما يحدث فى الموقع “ب” والعكس بالعكس دون تبادل

اية طاقة بين الموقعيين ومثل هذه الظاهرة تعد مستحيلة من وجهة نظر الفيزياء الكلاسيكية. وبرغم ذلك فقد تم الكشف عن اللاموقعية بشكل مثير وقاطع بالحجة فى تجارب الفيزياء الحديثة.وتعتبر الفكرة التى تقول بان الوعى قد يكون مثل المجال ليست بالجديدة فقد كتب وليام جمس عن هذه الفكرة عام 1898 ، وحديثا العالم البيولوجى البريطانى روبرت شيلدريك (Robert sheldrake) الذى اقترح فكرة مشابهة فى تصوره للمجالات المورفوجينية (morphogenetic filed ) ويمكن ان تعزى الجذور التصورية لمجال الوعى رجوعا الى الفلسفات الشرقية خصوصا الاوباشيناد (upashienads) وهى التعاليم المقدسة الصوفية للهندوسية والتى تصور فكرة الحقيقة الوحيدة الاساسية الجوهرية المتجسدة فى (البرهمان ) وهى الذات المطلقة. وتوحى فكرة الوعى المجالى بمتصل من الذكاء اللاموقعى ، ينفذ متخللا المكان والزمان على عكس المنظور النيوتونى المستمد من علوم الاعصاب الذى يرى المخ كنسيج ادراكى محتجز داخل الجمجمة. ومن المزاعم الحديثة الاكثر جدلا حول تاثيرات الوعى المجالى كان ما اقترحه مؤسس (التامل المتسامى ) مهاريشي ماهيش (maharishi mahish) والذى صرح به دايفيد اورم جونسون عميد البحث فى جامعة مهاريشى الدولة حيث قال (يخلق المتوترون جوا من التوتر فى الوعى الجمعي يؤثر تبادليا فى تفكير وافعال كل فرد فى تلك المنظومة … فالجريمة وادمان المخدرات والصراع المسلح والارهاب وما الى ذلك من المنشكلات الاجتماعية هى اكثر من مجرد افراد مجرمين او مدمنين او ارهابين او احزاب متصارعة فى المجتمع . اذ ان مثل تلك المشكلات هى فى الاساس الخالص اعراضا للتوتر فى الوعي الجمعى. وقد صرح العلماء الباحثون بان ما يسمى بتاثير مهاريشى قد تم تكراره تجريبيا فى اثنين واربعين دراسة تم نشرها فى مجلات علم الاجتماع السائدة. ومن الجدير بالذكر ان تاثير مهارشى يتنبأ بان الاقلال من معدلات الجريمة والارهاب والحروب وجميع صنوف العدوان على الارض يناسب عكسيا مع عدد المتاملين القائمون بخلق وعى جمعى متسق الترابط من خلال تاملاتهم.

التطبيقات

يمدنا اكتشاف الطبيعة الكوانتية للوعى بتفسير علمى للظواهر الباراسيكلوجية المسماه بالساى (psi) ونقصد بها الادراك فوق الحسى والادراك المسبق والتخاطر وتفاعل العقل مع المادة او ما يسمى بالسيكوكنديزيز او التحريك النفسى psychokinesis

 خارقية اللاوعى

ان اللاوعى المقصود فى هذه النظرية التفسيرية ليس بمعناها الفرويدى اى مستودع المعلومات والمكبوتات التى لم تجد لها متنفسا فى الواقع .الحقيقة ان اللاوعى الفرويدى اى ذلك التراكم من الدوافع النفسية المكبوتة فى مجال اللاشعور املته عليه ضرورات طبية تتعلق بتفسر وعلاج بعض الحالات المرضية ومحاولة البحث عن حل لها بايجاد عقدها المدفونة فى اللاشعور باعتبارها محرمات منعت بسبب روادع اجتماعية واخلاقية وما ان تجد تلك الممنوعات متنفسا لها عن طريق التنويم الايحائى او غيره حتى تخف او تزول الحالة الشاذة. ان ذلك التراكم الذى يؤلف اللا شعور الفرويدى لا يمثل سوى اتجاها واحدا او جزءا واحدا من السلسلة الزمنية التى توصل الكون او الحياة النفسية وهذا الاتجاه هو الماضى سواء القريب او البعيد وذلك يختلف عن مسعانا الحالى الذى يتعلق بالادراك فوق الحسى ، ( لاسيما وان هذا النوع من الدراك يغطى السلسلة الزمنية الكونية بمراحلها الثلاث ، الماضى ، الحاضر ، المستقبل ) ولذلك فان اللاشعور الفرويدى لا يقد م تفسيرا للادراك فوق الحسى ما دام هذا الاخير يتضمن احداثا موضوعية مزامنة او مستقبلية اذ لو افترضنا ان اللاوعى بمعنى الخبرة الماضية المتراكمة هو سبب الادراك فوق الحسى لكان هذا النوع من الادارك عديم القيمة وهو بالتالى لا يعدو ان يكون سوى ظهور مكبوتات نفسية معلوماتية قادمة من اللاوعى الى الوعى ومن ثم فان هذا النوع من اللاوعى قد يصلح لتفسير بعض الحوادث الشبيهة بالحوادث الخارقة ولكنها فى الحقيقة نتاج للاوعى بمعنى التراكم المنحرف من الوعى نحو اللاوعى ومن تلك الحوادث ما نقله كولن ويلسون عن كتاب ( سيرة ادبية ) للشاعر الانجليزى كولردج وذلك لحادثة تتعلق بفتاة فلاحة تعرضت لحمة عصابية وابتدات تتحدث باللغات اللاتينية والاغريقية والعبرية وقد بدا الامر وكانه نوع من التملك الروحى ولكن احد الاطباء الناشطين في مجال البحث العلمي ، استطاعه ان يعثر على عم الفتاة الذى اخبره ان والديها ماتا عندما كانت طفلة صغيرة وانها اخذت الى قس عجوز لتربيتها واظهر المزيد من البحث ان الرجل العجوز اعتاد ان يتمشى جيئه وذهابا فى الممر وهو يقرا بصوت عال من كتب بالاغريقية ، والعبرية ، واللاتينية وفى عقلها الواعى لا تستطيع الفتاة ان تتذكر كلمة واحدة من هذه اللغات لكن عقلها اللاواعى سجلها ( لا اراديا ) ، وظهرت عندما اصيبت بالحمى العصابية  ويظهر ان الاصابة بالحمى كان سببا فى تعطيل الالية القمعية ،او صماما وهميا يفصل بين طبقتى الوعى واللاوعى وربما امكن القول ان الحالة المرضية كانت عاملا فى تنحى حالة الوعى وسيطرة مجال اللاوعى

والحادثة الاخرى تتعلق بالعملية الجراحية الدماغية التى اجراها طبيب الامراض العصبية المشهور ويلدر بنفلد 1932 ، لاحدى المريضات وعندما مس مجسه الكهرباءى نقطة في قشرة دماغها الصدغية اخبرت المريضة الطبيب انه – عندما مسها احست فجاة انها فى المطبخ تصغى الى ابنها الصغير الذى كان يلعب فى الساحة ، انها كانت هناك تماما اذ كانت تسمع- على سبيل المثال اصوات السيارات المارة واجريت التجربة على مريض اخر قال انه وجد نفسه يلعب كرة الليد فى مدينة صغيرة ، ويراقب طفلا يزحف تحت السياج ، ووجد مريض اخر نفسه فى قاعة لعزف الموسيقى وهو يسمع بوضوح كل جهاز من الاوركسترا ، واستعاد مريضى اخرون مشاهدة من طفولتهم بتفاصيل دقيقة ويبدو ان تلك الاحداث قد سجلت لا اراديا فى مجال اللاوعى ، وهى الان تستحضر لا اراديا ايضا يفعل مجس الجراح وهذا النوع من التسجيل لا تفوته لحظة لحظة من لحظات الحياة دون ان يسجلها صوريا وصوتيا وربما يشمل ذلك النوم ايضا او يسجل حالات لهم والاحلام متنوعة وربما افادنا ذلك غى التمييز بين الادراك فوق الحسى والحوادث الشبيهة به فكل ما عدا الحوادث الباراسيكلوجية الحقيقية يمكن تفسيره عن طريق اللاوعى فى حدود كونه جهاز لخزن الماضى مما يعنى ان الظاهرة المفسرة ضمن هذه الحدود تفتقر الى الجانب الموضوعى الذى يشمل الحاضر والمستقبل

ان المضوعية فى الادراك فوق الحسى تفترض ضرورة ان يكون اللاوعى الذى يوجد الى جانب الوعى ويعمل باستقلال عنه وهو عملية تسجيل ومراقبة للواقع وليس مجرد مستودع يفرغ فيه الوعى حالات معينة ولا ينفعنا التراكم المعلومماتي فى اللاوعى فى تفسير موضوعية الظواهر الخارقة ، اذن الى جانب كون اللاوعى مستودعا لمكبوتات نفسية ماضية هو ايضا فاعلية مستمرة الى جانب فعالية الوعى

والدراسات لخصائص الظاهرة الخارقة اقترحت ان تكون العلة المفترضة لها (اللاوعى )  تتمتع بخصائص تكفى لاحداث تلك الظواهر ومن اهم تالك الخصائص هى الغاء التوسط بين اللاوعى وموضوعه الخارجى وفي هذا حسنة تجنب تعقيدات السلسلة السببية الفيزيائية المفترضة التى تتوسط بينه وبين موضوعهو التى لا تؤدى بنا- ابدا اذا بدانا بها- الى اللاوعى وذلك لاننا اذا افترضنا وجودها بالفعل فانها لا يمكن ان تكون فيزيائية بالمعنى الشائع بل اطلق عليها فى احيان كثيرة اسماء اكثر تعقيدا مثل (بارافيزيائية – ميتافيزيائية ) وهكذا نبقى ندور فى حلقة مفرغة لا توصل الى شئ. اذن اللاوعى فاعلية او نشاط عقلى لا يستلزم محددات وشرائط فيزيائية متوسطة

واللاوعى المفترض هنا يتخطى ايضا المجالات المفترضة له فى علم النفس اذ سمة وحدة بينه وبين الظواهر تستلزمها فرضية الاتصال المباشر او الغاء التوسط وهذه الوحدة نستطيع ان نحدد صيغتها الفلسفية فى التصوف كما نسطيع ان نحدد صيغتها التقنية فيما يسمى بالحالات المغيرة للوعى

وبناء على فرضية الغاء التوسط نستطيع ان نفتنرض ثمة وحدة وجود يمارسها اللاوعى بشكل مستمر سواء بينه وبين العالم المادى او بينه وبين الجزء اللاواعى من العقول الاخرى

وهذا يكفى لتفسير الادراك فوق الحسى بما تضمنه من تفاعل مع السلسلة الزمنية الكونية الثلاثية الابعاد ( الماضى والحاضر والمستقبل ) والتفسير هنا على مستويين الاول هو الذى تمثله الوحدة مع العالم المادى (الاستشفاف والجلاء البصرى والسيكوكينيسيز ) والمستوى الثانى هو الذى تمثله الوحدة مع العقول الاخرى (التخاطر) وبما ان الوحدة تعنى الغاء التوسط الفيزيائى فان هذا يعنى الغاء السلسة الزمنية المتقطعة وهذا يسمح للادراك فوق الحسى ان يحدث فى كافة الاتجاهات (بالقياس الي وعينا للزمن بعد حين)

 اذن اللاوعى استنادا الي ما افترضناه سابقا بامكانه ان يسبق النظام الكوني الحالي (موضوع الوعي) ليحدد اللحظة المستقبلية لهذا النظام وتحدث العملية الخارثقة عندما ينفتح اللاوعى جزئيا او كليا -على الوعى فتنقدح المعلومات فى الوعى بطريقة نجهل مصدرها المعرفى على صعيد حياتنا الواعية ولذلك يتعذر على الوعى ايجاد مسوغات لها مشابهة للمسوغات التى يطرحها دائما للمعرفة ويمارس اللاوعى نشاطه بطريقة خفية ويسجل معلوماته وانطبعاته بشكل لا ارادى . وعند هذه النقطة نري ان فرضية اللاوعي في بحثنا هذا تذهب الي ابعد مما ذهبت اليه نظرية رينيه ديكارت فبينما انكرت نظرية ديكارت اية علاقة بين العقول المستقلة وركزت علي علاقة واحدة ممكنه وهي ارتباط العقل بدماغه الخاص تثبت فكرتنا الحالية عن اللاوعي وجود ارتباط علي مستويات مختلفة سواء بين الوعي واللاوعي في الفرد الواحد او بين الافراد المختلفين.

وفيما يخص العلاقة بين فكرتنا هذه عن اللاوعي وبين النتائج المختبرية لظواهر ساي استنتجت لويزا رين من تجاربها في حقل الباراسيكولوجي بان الادراك فوق الحسي يحدث بخطوتين حيث يتم تسلم المعلومات علي المستوى  اللاوعي ثم التعبير عنها بصورة واعية وتم اثبات ذلك في تجارب ( دين ) في جامعة ديوك والتي اعادها بنفس النتائج السير ويليم بارت من جامعة كاليفورنيا ثم التجارب المختبرية التي قام بها الباحث الياباني في مؤسسة علم النفس الديني هيروشي موتوياما.

الظاهرة الخارقة موضوعا للموعي ونتائج للاوعي:-

حدد الاستاذ سي دي برود المبادئ الاساسية التي تحدد طبيعة معرفتنا ولما كانت هذه المبادئ مشروطة بتعقيدات فيزيائية لذلك فهي تحدد طبيعة المعرفة الواعية او المعرفة في حدود الوعي ، ولذلك فهي لا تحدد طبيعة المعرفة الناتجة بفعل اللاوعي قبل دخولها الوعي واجمل الاستاذ برود تلك المبادئ باربعة رئيسية هي :-

1- مبدأ السببية العامة . 2- حدود تأثير العقل علي المادة ( باعتبار يقتصر علي الدماغ المتصل به فقط ) ، 3- اعتماد العقل على الدماغ في اكتساب أي معرفة خاصة ، 4- حدود طرق اكتساب المعرفة وهي الادراك الحسي ، الاستنتاج من معطيات متوفرة والذاكرة. والملاحظ ان هذه المبادئ تحدد طبيعة وعينا الاعتيادي وهي تحليل تفصيلي لما تتضمنه اللفظة وعي باعتبارها معرفة.

ومن الواضح جدا لدي تأملنا لتلك المبادئ بأنها في الوقت الذي تعد فيه شروطاً اساسية للمعرفة او للعملية العقلية الواعية ، هي ايضا مشروطة بتقييدات فيزيائية كتلك التي تحدثنا عنها باعتبارها شروط العملية الواعية في عالمنا الفيزيائي.

وانتهي الاستاذ برود الي القول بان أي عملية ادراك او تاثير تتجاوز تلك المبادئ تعد ظاهرة خارقة او باراسيكولوجيه.

ان العملية الواعية المنبثقة ضمن حدود المعرفة التي حددها برود لا تختلف عن العملية الخارقة الواعية ، فالاثنان عمليتان عقليتان بالمعني الدقيق ولكن الاختلاف يكمن في مصادر ومنابع كل منهما ويمكن القول ضمن تلك الرؤية بان الاولي ذات مصادر فيزيائية مألوفة بينما الثانية عملية واعية ( معرفة ) مجهولة المصدر اضف الي ذلك فارقا جوهرياً يعد الفاصل الرئيسي بين ما هو مألوف وما هو خارق اذ انه ينطوي علي تعيين بعض خصائص هذا المصدر المجهول ، وهو ان مصدر العملية الخارقة الواعية يتجاوز حدود الزمان والمكان وذلك يبدو ايضا من طبيعة اظواهر والمعلومات المتاحة. وبعد ان نفهم ذلك الفارق يتعين علينا ان نبحث عن مصدر العملية الخارقة التي استبعدها برود من قائمة المعرفة الانسانية المحددة بمبادئ مستقاة من التفاعل الفيزيائي بين الانسان وبيئته الطبيعية وهذا المصدر هو ابسط فرضية يمكن ان نختارها من بين عدة فرضيات اكثر تعقيداً وهو اللاوعي المعروف في علم النفس مضافا اليه مجالات وامكانات اوسع بكثير مما هو عليه بالمعني النفسي المألوف.

ويتضح من ذلك الكلام ان ذاتنا ليست منفتحه كلها علي العالم بنفس الشروط والتحديدات بل جزء منها يواجه العالم الحالي بالشروط التي حددها برود بينما يواجه الجزء الاخر (اللاوعى ) الكون مواجهة اخرى. اذ ان ذاتنا الواعية تواجه العالم بمقدار يحده الجسم وشروطه الفيزيائية و البيولوجية. وكل عملية واعية هى نتاج لفاعلية دماغية سابقة عليها ولكن الجزء الاخر من ذاتنا تكون معلوماته خارج دائرة الوعى البشرى بسبب كونها غير ناتجة عن عمليات دماغية( طبعا المعلومات المقصودة هنا لا تشمل المكبوتات والمحرمات او رواسب الماضى ).واذا حدث ان مرت تلك المعلومات الى الوعى وادركت كعملية واعية ولكنها مجهولة المصدر فان هذا المرور يجب ان يسبقه فعل فيزيائى للدماغ فى سبيل المثال عندما نفسر الحلم (النتبوئ الخارق )كنتاج لجزئنا الثانى (اللاوعى ) فان تذكرنا الحلم ينطوى على العملية الاتية : ان اللاوعى يتسلم رسالته على شكل صور عن حدث معين وقد حدث ان مرت هذه المعلومات الوعى اثناء النوم (بسبب تعطل القمع او الترشيح ) فيتذكرها النائم اثناء اليقظة ولكن كيف تنقل الى الوعى اثناء النوم ؟

اليس النوم يعنى تعطل الوعى الاعتيادى ؟ نعم الوعى الاعتيادى يجب ان يكون متوقفا بسبب توقف وسائله ولكن المعلومات المتسربة من اللاوعى قد احدثت فعلا فيزيائيا فى دماغ النائم وتغيرا او تبديلا فى تركيبه الذرى استمر هذا التغير حتى لحظة الاستيقاظ التي استقبل بها الوعى هذه العملية الدماغية فترجمها بطريقة مطابقة بصورة الحلم اللاواعى 

التسجيل اللاارادى :

اذا كانت عملية تسجيل المعلومات فى الدماغ تشترط ان تكون هذه المعلومات موعاه اولا ، فان هذا يصدق على الجزء الواعى من شخصيتنا، ذلك الجزء المقيض بشروط ومحددات الجسم الفيزيائية والبيولوجية وليس هو الجزء الوحيد المواجه للعالم الخارجى اذ ان اللاوعى مواجه بمعنى ما للعالم الخارجى ايضا

ان الخاصية الوظيفية للدماغ هى تسجيل المعلومات والمؤثرات الحاضرة فى الوعى اى ان العقل يجب ان يكون واعيا للحدث لكى يمكن تسجيله بوضوح فى خزانته المعلوماتيه وكلما كان الوعى واضحا واكثر تركيزا كان التسجيل واضحا فى الذاكرة واذا كان التركيز اضعف فان درجة التسجيل تضعف ايضا وهكذا يتدرج الوعى فى الضعف الى ان يبلغ درجة فيها من الضعف ما يوهم بان التسجيل للاشياء الواقعية بدرجة الصفر اى ا التسجيل متوقف تماما لكن الامر على خلاف فيبدو للوهلة الاولى اذ ان الوعى فى الوقت الذى يكون فيه مركزا على شئ ما وغائبا عن اشياء اخرى جانبية فان هذه الاشياء الجانبية والمختلطة (جزئيا ) بمعطيات الشئ موضوع الانتباه يتم تسجيلها فى الوقت عينه الذى تسجل فيه الحالة الموعى بها، لكن التسجيل هذه المرة يقع ضمن مجال اللاوعى الذى افترضناه سابقا وليس ضمن مجال الذاكرة ولذلك يمكن استرجاعه عنم طريق (التنويم المغناطيسى) والمثال الملائم لذلك هو طريقة (العصف الذهنى ) التى برهن على فاعليتها الباحث الفرنسى كوبيه وهو محلل نفسانى (ليس فرويديا ) وقد اجرى التجربة الاتية ( طلب من عدد من الافراد ان يدخلوا غرفة غريبة عنهم وبعد مضى وقت من الزمن غادر الافراد الغرفة وقد طلب اليهم ان يتذكروا ما شاهدوا فى الغرفة وكانت النتيجة انهم تذكروا من 20الى 30 شيئا واخضع الافراد انفسهم لعملية تاثير التنويم المغناطيسى وامكنهم ان يتذكروا اضافة الى ما تذكروه مائتى شئ من هذه التجربة استفاد ( بارنيس ) فقال اننا نمتلك قدرات باطنية اكثر بكثير مما نعتقد ولكننا لا نسطيع اظهارها الا في حالة الانطلاق والانعتاق من القيود .وان جلسات طريقة ( العصف الذهني ) تقوم وتساعد علي مثل هذه الحرية.

ان تفسير هذه التجربة من وجهة نظرنا في ( التسجيل اللارادي ) هو ان المعلومات التي ذكروها اثناء اليقظة الاعتيادية هي المعلومات التي وعوها بالتركيز عليها داخل الغرفة بينما المعلومات المستخرجة عن طريق التنويم الايحائي تشير الي المعلومات الثانوية التي تم تسجيلها من دون وعي ارادي فدخلت مباشرة الي اللاوعي عبر متسلمات حسية لا ارادية تعمل وراء الوعي فتم خزنها في اللاوعي ومن ثم اطلقت عن طريق تعطيل الالية القمعية بالتنويم الايحائي فتسربت المعلومات بالاتجاه المعاكس ( من اللاوعي الي الوعي ).

لا يفيد التسجيل اللاارادي اذا كان مجرد وظيفة لخزن المعلومات من الوعي الحاضر الي اللاوعي الماضي اقول لا يفيد في تفسير الادراك فوق الحسي كما لا يفيد اللاوعي اذا فهمناه بمعناه الكلاسيكي باعتبارة مستودع المكبوتات ( التحريمات والروادع الاخلاقية ) فحسب في تفسير الادراك فوق الحسي فكلما احتجنا الي لاوعي اكثر نشاطا وفعالية نحتاج الي تسجيل لا ارادي فعال لمعلومات منقولة مباشرة من البيئة الخارجية ومثلما يشمل ذلك الادراك الحسي كما في طريقة العصف الذهني كذلك الحال في الادراك فوق الحسي فقد اثبتت التجارب في هذا الاتجاه انه من الممكن تسلم المعلومات المدركة بطريقة فوق حسية علي صعيد اللاوعي ويمكن ان يتم التسجيل لا ارادياً ( تجارب دين ، وتجارب لويزا راين في جامعة ديوك وكارلس تارت في كاليفورنيا وتجارب موتوياما في مؤسسة علم النفس الديني ).

وسائل تعطيل الالية القمعية :-

الالية القمعية صمام وهمي بين طبقتي الوعي واللاوعي تسمح بمرور المعلومات الي اللاوعي ولا تدعها تأخذ الطريق المعاكس في الحالة السوية اذ ان فيض المعلومات من اللاوعي الي الوعي يعرقل الحياة الاعتيادية فالدماغ يحمي حالة الوعي باستبعاد المعلومات والتأثيرات الصادرة من الخارج وهذا الاستبعاد او الترشيح ليس استبعاداً نهائياً بقدر ما هو خزن في مستوي اخر والوظيفة الاخري للالية القمعية هي منع محتويات اللاوعي من دخول مجال الوعي وارباكة.

ويمكن الافتراض بناء علي ذلك بان هناك وظيفة مزدوجة للالية القمعية الاولي هي صدها للمعلومات الزائدة الاتية من العالم الخارجي والثانية منعها لمحتويات اللاوعي من التسرب الي الوعي ونفترض بالمسوغ ذاته ان هناك اليتين قمعيتين الاولي تختص بترشيح المعلومات الاتية من العالم الخارجي ( عن طريق الحواس ) والثانية صمام يمنع المعلومات اللاوعية من الانفتاح غير الاعتيادي علي الوعي.

وذلك كله يفترض ان الاخلال بالالية القمعية يجعل المعلومات تتسرب من اللاوعي الي الوعي ويجعل المعلومات التخاطرية الانية تأخذ طريقها الي الوعي مباشرة ويتم اطلاق محتويات اللاوعي او تحطيم الالية القمعية في اليقظة عن طريق الكف الحسي وممارسة التأمل والتنويم الايحائي والاصابة بالتسمم الحكولي والمخدرات وغيرها فضلاً عن ذلك فان اطلاق الوعي علي سجيته وازالة تقييدات المعني والمنطق قد يؤدي في بعض الحالات الي تحطيم القيود الفاصلة بين الوعي واللاوعي كما برهنت علي ذلك طريقة العصف الذهني المذكورة سابقاً ولذلك فان كف الحواس او تعطيلها والنوم والتأمل تؤدي الي ازالة ذلك الصمام الوهمي الذي افترضناه كمانع لمعلومات اللاوعي من ان تربك الوعي فتعطل مسيرته القصدية في الحياة اليومية واستناداً الي ذلك يمكن الافتراض ايضا ان بعض الاحلام هي انعكاس لتلك المعلومات فأثناء النوم يزول الصمام الوهمي فتتدفق المعلومات بسهولة من اللاوعي فتتشكل علي هيئة صور يراها النائم ويركب منها اشكالا مختلفة حسب المعلومات المنتقاة والتي قد تتلاءم مع وقوع حادث خارجي والحقيقة انه اثناء النوم يختلط الوعي باللاوعي في وحده هي النفس حقيقة وكما ذكرنا سابقا فان وعينا المألوف مشروط بالادراك الحسي لعالمنا فاذا فقدنا الادراك الحسي فقدنا الوعي بعالمنا وفي النوم نواجه العالم مواجهة اخري والتفسير الممكن للاحلام التنبؤية ( الصادقة ) في نظريتنا هو انها نشاط للاوعي نتيجة انعتاقة من كل تقييدات فيزيائية ويحدث التنبؤ علي شكل استدلال لاواع من معلومات اللاوعي ( وحده النفس ) وتأخذ النتيجة طريقها الي الوعي الاني ( اليومي ) بالطريقة ذاتها التي ذكرناها سلفاً ولذلك تبقي هذه المعلومة التنبؤية الحلمية مجهولة المصدر……..

علم الوعى وعملية الابداع

يفسر هنري برجسون الفيلسوف الفرنسى الحائز على جائزة نوبل عملية الابداع من خلال الحدس ، الذى يحتل مكانا بارزا فى فلسفته.اذ يرى برجسون بان هناك نوعا من الوحدة الروحية تضم الوجود بكل ما فيه ومن فيه،ويعنى بهذا ما أثبتته الفزياء الحديثة وهى حقيقة الالتحام الكوانتيَQuantum entanglement.ونحن لانمارس الشعور بالوحدة Onenessأو الأتحاد مع العالم الا فى ظروف معينة.كما أننا نتفاوت فى قدرتنا على هذا الاتحاد،والعباقرة والمبدعون هم ذوو المقدرة العظمى عليه.ولا فضل لهم في هذا ،لأنها قدرة تقوم علي أساس فطرى يتمثل فى درجة السهولة التى تصل بها الغريزة الى مستوى الشعور،فالغريزة(حسب تعبير برجسون ونعنى هنا الوعي كحالة أولية للوجود وليس المادة أو الطاقةوفقا لفزياء الوعي الكوانتي)هى الجانب الذى نشارك به فى وحدة الوجود.ولأتصال بينها وبين مستوى الشعور أو الوعي يتيح لصاحبه أن يرى مشهدا عاما للوجودبعلاقاته الباطنية العميقة،وهذا المشهد العظيم هو الحدس،الذى يتميزبه كل العباقرة والمبدعين من علماء وفنانين.والحدس هو الذى يزيل الحواجز الزمانية المكانية بين المبدع والموضوع(الحدس كخاصية للوعي الذى ثبت فزيائيا بأمتلاكه لخاصية اللاموقعية Nonlocalityوهي عدم التموضع الزمانى والمكانى)،ويجعله ينفذ اليه بنوع من التعاطف،ويعرف برجسون هذا الحدس الخلاق بأنه الغريزة وقد صارت غير مباليةأو مكترثة،بل شاعرة بنفسها فقط وقادرة على تأمل موضوعها.

المراجع

1-      Radin. D.I Conscious universe :the scientific truth of psychic phenomena.Harpor Collins publishers I.n.c USA , 1997

2-      Radin DI. Entangled minds; extrasensory experiences in quantum reality.Bocket Books . simon Schuster Inc USA, new york 2006

3-      Schrodinger, E. my view of  the world, Cambridge :Cambridge  Univ. press . 1964

4-      Sheldrarake  R. A new science of life : the hypothesis of formative causation. los Angles tracher . 1981

5-      Sheldrake .R. seven experiments that could change the world. New York riverhead books .1995

6-      Orme-johnson , D.W etal : inter-subject EEG coherence: is consciousness a field ? international journal  neurosience 1982:16:203-9

7-      Von Franz M.psyche and matter .Boston shambhala . 1992

8-   الجابرى صلاح  : خارقية الانسان البارستولوجى من المنظور العلمى (سورية – دمشق – دار الاوائل للنشر والتوزيع ‘ 2004

   عودة

أضف تعليق