أرشيف الأوسمة: أطروحات

أطروحات ورؤى (2).. بقلم: مختار أمين

  المبدأ التفسيري لتحليل النصوص الأدبية:

  لم يكن المبدأ التفسيري لتحليل أي نص أدبي كما تعارف عليه في المؤسسة النقدية من خلال ما تفرزه غدد النقاد التقليديين؛ هو تفسير موضوع النص، ومحاولة تفكيك فكرته وما ترميه من أهداف للوصول إليها..

استمر في القراءة أطروحات ورؤى (2).. بقلم: مختار أمين

أطروحات ورؤى (1) إحياء المؤلف في السيرة النقدية../ مختار أمين

    لا شك أننا نعيش عهدًا جديدًا على دنيا المعارف الإنسانية والاستقراء بكل ما ينتجه الإنسان العصري من نتاج فكري وإبداعي، لذا الاعتمال الجمعي على المنتج البشري بشكل شبه حصري يبحث عن التداخل والمشابهة والموائمة والمقارنة أحيانا، فنلاحظ هذا التداخل بين العلوم الإنسانية ومحاولة المقاربة بين نظرياتها وتعريفاتها للاستعانة بالمفهوم الاصطلاحي السائد المائز في علم من العلوم قادر على لمّ الشمول الجمعي لمعارف الإنسان العصري ومدى إدراكه للتطبيق، فلابد أن يكون متسع الدلالة ومتعدد الرؤى متغيّر المقاس شكلا، وحامل لفقه المادة للرد عليها أثناء التطبيق، والمثل حاضر في مشتقات العلوم ونظرياته ومصطلحاته لتصبح مادة dena واحدة قابلة لإنجاب مكونات معرفية متعددة وكمورفيمات أُمْ أرنبية عدد الولادة في البطن الواحدة متمحورة السلالة..

  إذا كان العلم يتداخل ويتعارف ويتقارب لسهولة الدلالة على منتج عقلي بشري جديد، فأوْلى أن يكون المنتج الإبداعي في النص الأدبي الدال على النشاط العقلي وترجمة الشعور حامل الشمول في فهمه  وأدوات تحليله، وهذا يعيدنا عند تحليل النصوص الأدبية الحديثة ومحاولة استقرائها الرجوع إلى النص ما قبل الولادة -أثناء الحمل- أي مرحلة التكوين في خيال المؤلف، والمقصود بها مرحلة التأليف قبل الإنجاب والطرح على الورق، وقد طرحت هذا الفكر ونوّهت عنه في كثير من كتاباتي -ضرورة تأليف النص قبل الطرح- لأن من ينادون بالنص يولد على الورق يشوّهون وجه الإبداع للنصوص الأدبية بمطواة الخلق العشوائي ولكمات عفوية القلم، ربما المبدع يكتب ومضة في الحال أو تولد على فمه حكمة أو استقراء أدبي للحظة عابرة في الحياة، ولكن الجنس الأدبي كامل العضوية والاحترافية لن يولد في لحظة على الورق أبدا، هل يكتب أديب رواية تم تأليفها كلها على الورق أثناء الكتابة؟ لابد للعمل الأدبي المحترف أن يدل على سبب إنجابه، أي أنه ناتج عن حمل لجنين يتكون على مراحل حتى يأخذ شكله الطبيعي ويعلن عن وقت خروجه، وإن سلمنا بهذا ضرورة التأليف قبل الطرح، فعلينا أن ننسب الوليد لأب شرعي هو المؤلف بكل جينات تركيباته العضوية، وأم هي الحياة التي يجامعها بشتى خطوبها لتنال منه وينال منها ليغرز بذرة خياله بمفهومه ورؤاه وكل نوازعه وأثرها عليه لينجبا نصا أدبيا، فكيف لنا أن نقوم بتحليل واستقراء نص حداثي حامل لأجنة متعددة الرؤى دون أن ننسبه إلى أبويه -المؤلف والحياة-  وعندما نجد مولودا تائها -نص أدبي- في حيّنا أول سؤال نسأله له: ـ ابن من أنت؟ وإن بدا متلعثما وتأتي كلماته مشفرة، فعلينا الاجتهاد في تدقيق النظر إلى معالمه، وكما يقال بالمصري (نشبّه عليه) لنعرف من أبوه، لأن الجين غالب على السمات والسلوك، ولأن قريحة الذهن البشري فيما بعد الحداثة ستغرّب النصوص الأدبية من أجناسها ومن ألسنتها وبيئتها وأوطانها، كما يتبادر لنا ما يحدث الآن في التغريب والتهجير للإنسان من عائلته وأسرته ووطنه… قريبا ستتلعثم الألسنة…