أرشيف الأوسمة: فن

الناقد أ. أحمد طنطاوي.. كتب عن كتاب: “فن كتابة القصة القصيرة ونصوص تطبيقية” لـ د. ‏مختار أمين.‏

احمد طنطاوي

كتب: الناقد أحمد طنطاوي

القصة القصيرة منجزًا إبداعيًا لازمًا وحتمية أدبية في الساحة القصصية تسد ثغرة زمانية ومكانية موجودة قبل ظهور هذا النوع، حيث تتناول الموقف الواحد في مكان غير متشعب وتتعرض لشخصيات محدودة جدًا أو _غالبًا _ الشخصية الواحدة في الموقف المتأزم المشحون شعريًا أو نفسيًا أو حدثيًا، وهو ما لا تعرفه الرواية أو المسرحية (اتساعًا مكانيًا وزمانيًا وتعدد الشخصيات) _ وإن كانت قد تداركته بعدذلك مسرحية الفصل الواحد المقاربة للقصة القصيرة من زواياها البنائية في صيغة مسرحية قائمة بشكل أساسي على الحوار، ثم سدت القصة القصيرة جدًا بعد ذلك النقص الأخير المتعلق بالمشهد الشعرى الخاطف، وهو ما تناولته كتب ودراسات أخرى.

بعد أن انتشرت القصة القصيرة كفن أدبي شيق ومثير للانتباه في التحقق الأدبي العربي، كثرت الكتابات النقدية المعالجة لها والشارحة لفلسفتها وطريقة كتابتها ونقد القصص التي خرجت في إهابها، ولأن الكثرة بطبيعتها هي مجال مقارن، لذا كان صدور كتاب جديد يتناولها هو نوع من التحدي الجاد والصارم، لأنه سيوضع بجانب نظائره في مجال القياس والمناقش، وكان المنطق ألا يبحر هذا الإبحار إلا ربان ماهر له من الخبرة والمكانة الأكاديمية والأدبية النقدية تاريخ طويل ومؤهلات علمية وقرائية راسخة وهو ما نراه في حالة كتابنا الذي صدر أخيرًا للدكتور الناقد مختار أمين بعنوان:

“فن كتابة القصة القصيرة و نصوص تطبيقية”

وهو عنوان يشي بمحتواه وطبيعته التشريحية الخطيرة الأساسية واللازمة لكل ممارس لهذا النوع من الكتابة القصصية، أو لمن يريد الدخول في المضمار ويشترك مع الأدباء الذين هم على الساحة الآن، وبهذا فهو جدير بأن يتم تدريسه في المراحل التعليمية التي تهتم بهذا المجال، فهو بالفعل كتاب يحمل من الجدية والرصانة ما يؤهله لحمل هذا الدور بكل اقتدار.

ولأن الكاتب قد قضى حياته كلها في هموم هذه المجالات القصصية إبداعًا ونقدًا ودراسة ومارسها عمليًا_ كتابة ونقدًا كما ذكرت، كانت معالجته مختلفة عن المعالجات السابقة لنفس الموضوع في الكتب الأخرى، لأنه بالخبرة أدرك جوانب النقص والثغرات التي تعتري كتابات المبتدىء، وما هي الجوانب الغامضة التي يسأل عنها كل من يريد اقتحام الحقل والكتابة، وتقسيم الكتاب يبين هذا فهو يرسم دقائق النشأة والتعريف والخصائص، ثم يتناول عناصر البناء كالفكرة والحدث والزمان والمكان ثم يناقش اللغة والحوار والشخصيات، وبعد ذلك يتعرض للصعوبات المتمثلة في فنيات القصة كالأسلوب والسرد والتكثيف..
للبيان التطبيقي الذي تنطبع عليه هذه المقولات النقدية، فقد كان ضروريًا استحضار النماذج الفعلية السابقة في كتابة هذا النوع سواء عند كتاب الغرب أم الكتاب العرب ثم أنهى الكتاب بالتعرض لنصوص حداثية اكتمالا للموضوع من كافة جوانبه البحثية.

 هذا الجهد العلمي الكبير والرصين لا يستطيع المرء وأي مهتم منصف إلا أن يقف أمامه بكل الاحترام و التقدير، و يدعو من يحاولون الكتابة في هذه الأفرع أن يقتدون بمنهجه، ويتخذونه علامة تُحتذى عند الكتابة النقدية التوجيهية الإرشادية

……………….

أحمد طنطاوي

القاهرة/ 2019-1-18