أرشيف الأوسمة: هناء جودة

أصداء الذات وفنيات السرد في “وجوه تشبهني “للكاتبة :هناء جودة

أشرف عكاشة*

الكاتبة هناء جودة

تمهيد:

حين الحديث عن العلاقة بين المبدع والنص علينا ألا نتجاهل أهمية التجارب الذاتية في إثراء العمل الإبداعي، وهذه التجـارب لا تبرر للمبدع فرض رأيه وفكره فيما يتعارض مع قدرة شخصيته القصصية على استيعاب وتمثل هذا الرأي أو الفكر، لأن العديد من العوامـل هي التي تحـدد هذه القـدرة على الاستيعاب والتمثل، وبغياب هذه العوامل تصبح تلك القدرة مفقودة، والتناقض واضحاً بين الشخصية وسلوكها المحتمل والمتوقع. إن إدراك توازن العلاقة بني المبدع والنص يقودنا إلى شيء من التسليم بأن هذه العلاقة طبيعية وغير متنافرة، إذا تقيدت بتلك الضوابط الخفية التي أشرنا إليها آنفاً، أما القول بانعدام العلاقة بين المبدع والنص، كما يزعم المنادون بموت المؤلف، فإنه قول يتجاهل مجمل المعطيات التي تحيل النص من مجرد فكرة هلامية، إلى كائن يتنامى حتى يبلغ أوج نضجه، وهكذا يكون الحال بالنسبة للجزئيات التي يتكـون منها النص في نهاية الأمر.
هناك نوع من القصص القصيرة التي تفـلت مـن البيئة الـواقعية إلى بيئة (فتنازية) يحاول فيها المبدع تحقيق ذاته في أجواء لا يستطيعها في الواقع المعاش، فإذا هذه (الفنتازيا) بيئة يمارس فيها المبدع انطواءه، وتذمره من الواقع، واحتجاجه على الكثير من الأوضاع القاهرة والسائدة في المجتمع، فهو يسعى إلى تحقيق رغباته في بيئة لا تنطبق عليها مظاهر أو شروط الواقع المعاش، ومع ذلك لا يمكن أن ننكر أنها بيئة صالحة للعمل الإبداعي، إذا توفرت لدى المبدع إمكانيات وأدوات تمكنه من أداء مهمته الإبداعية بالشكل والمضمون المناسبين، خاصة إذا سلمنا بأن المبدع والفنان عموماً ذو شخصية تتمتع بحواس وإمكانيات للإدراك فريدة من نوعها، تؤدي به إلى الالتزام بموقف لا يهتم بقبول أو رفض الآخرين له.
ونحن نذهب إلى ما ذهب إليه أ- سيد الوكيل في كتابه (أفضية الذات : قراءة فى اتجاهات السرد القصصى) من أن القصة القصيرة، وعلى مدى نصف قرن، ظلت أسيرة الهم السياسى شأنها شأن سائر الفنون الأدبية الأخرى، غير أن القصة القصيرة، نجحت فى مراوغة النمطية السياسية، بفضل طاقتها الثقافية التى جعلتها فناً لانوعياً منذ نشأتها ، وقابلا للتجاوب مع أداءات مختلفة من التعبير الجمالى التى ينتجها الإنسان فى ممارساته اليومية، ومن ثم فإن القصة أقدر الفنون تعبيراً عن مفردات الحياة اليومية بفضل مساحات التعبير الحر التى تمنحها للذات الساردة. 1

استمر في القراءة أصداء الذات وفنيات السرد في “وجوه تشبهني “للكاتبة :هناء جودة

كرامات سيدنا الولي..قصة: هناء جوده

من مجموعة ( وجوه تشبهنى ) طبعة اولى 2013

تتناهى إلى مسامعي دقات الدف و أصوات المنشدين، أتقلب فى فراشي محاولاً النوم مرة أخرى دون جدوى، توجهت صوب النافذة لاستوضح الصوت، ترددت لحظة قبل خروجى من المنزل، قالت زوجتى فى ضحكة مستنكرة :

  • لا تقلق… هو فقط مولد “على السلخ”..

قد أصبح بين عشية و ضحاها ولياً وله مريدون، وكأن المقامات والأضرحة أصبحت الآن للبلطجية واللصوص، حاولت إسكاتها فللجدران آذان حادة السمع.

روايات كثيرة كنت أسمعها عن مغامراته مع بعض قاطنى العشش خارج البلدة، حيث ينقضون على حظائر الماشية ينهبونها، و كذا سرقة الأموال والمصاغ من منازل أثرياء القرية، كما ملأت أسماعنا حكايا مراودته للنساء و معاكساتهن، غاب لفترة طويلة عن القرية، بحث عنه والده وزوجته وإخوته، إلى أن عثرت الشرطة على جثة مشوهة على أطراف الحقول المتاخمة، استلم والده الجثة و قام بدفنها إعلاناً منه للتوقف عن البحث، وارتضاءً بمصير ولده.

فى ذكرى الأربعين يأتي أحد أصدقائه مدعياً أنه زاره بالمنام؛ يأمره بتبليغ ذويه بإقامة مقام له على مشارف القرية،وأن يصبح هو خادماً للمقام .

استمر في القراءة كرامات سيدنا الولي..قصة: هناء جوده