المـرأة و العــرش فى مصـر الفـرعـونية بقلم الأثرية: هند على خليدي

          

                                       هنـد على خليـدى ( أثرية )

إذا ما تصفحنا كتب التاريخ التى تناولت مركز ومكانة المرأة عند المصريين القدماء نرى بوضوح مدى رفعة ورقى ما تمتعت به المرأة المصريه آنذاك.ذلك على النقيض منه فى حضارات أخرى مجاورة .ففى نفس التوقيت الذى اعتلت فيه المرأة عرش البلاد فى مصر ال

فرعونيه كانت المرأة تُحرم من العديد من حقوقها فى الحضارة البابلية إلى الحد الذى أعُتبرت فيه كالماشية المملوكة , فلا يحق لها أن ترث والدها أو زوجها ولا يُسمح لها حتى بالخروج من منزلها  .                                  

كل ماتمتعت به المرأة من مكانة فى مصر الفرعونية وتوليها للعديد من المناصب الحيويه يؤكـد مدى تأثير هذا الدور فى الحضارة الفرعونية.

بالرغم من ذلك فإن دلائل ومعالم إعتلاء الملكات لعرش البلاد قد ُطمست عمداً أوسهواً من التاريخ المصرى القديم , فلقد ذكرت القوائم الملكية الرسمية أسماء بعضهن وأغفلت البعض اللآخر.و للحقيقـة فقد كان لإعتلاء المرأة عرش البلاد أو بالأحرى أستخدامها لجميع سلطات الملك الفرعون ومكانته المقدسه لم يكن بالفكر المحمود عند المصريين القدماء.

أثبتت أعمال البحث والتنقيب التى تقوم بها أعمال الحفائر من خلال العديد من الأدلة والبراهين إرتقاء بعض الملكات للعرش فى مصر الفرعونية

 ولقد تولت بعضهن زمام الامور عن طريق الوصاية على أبنائهن أو أبناءأزواجهـن . و قد كان الإستحواز على العرش بشكل مطلق قد لاتطول مدته وذلك لعدم وجود وريث من الذكور.

لا نستطيع أن نقول أن كل ما وصل إلينا حتى الآن عن الملكات الحاكمات فى مصر الفرعونية هو كل ما يمكن معرفته , ربما تكشف لنا الدراسات 

التاريخيه الحديثه الكثير والكثير فيما بعد .

ونبدأ من الأسرة الأولى الفرعونية

** الملكه”مريت ـ نيت “

عُثر فى منطقتى سقاره وأبيدوس عن آثار الملكة الجنائزيه  والتى سجلت على نقوشها أنها الحاكم الثالث للأسرة الاولى ولقدأحتوى آثاثها الجنائزى

فى سقارة على المركب المقدس الذى يقوم بنقل المتوفى بسلام إلى العالم الآخر , وهذا الشرف لم يكن يناله أحد  إلا الملوك .أيضاً كلا المقبرتين قد أحيطتا بحوالى خمسين قبراً من مقابر الخدم واللأتباع وفى ذلك دليل كبير

على رفعة ومكانة الملكه كحاكمة للبلاد .

**الملكه”خنت ـ كاو ـ اس”

أو الملكه “خنتكاوس ” أبو صير كما هى معروفه.هى إبنة الملك”خعفـرع”والتى على نُـقش على جدران هرمها بالجيزه القابها وأسمائها ومنها لقب ملك الوجهين القبلى والبحرى ـ والأم الملكيه ـ وإبنة الإله .وفى ذلك دلالة واضحة على توليها حكم البلاد.

** زوجة الملك “جدـ كا ـ رع ” إسيسى

من الأسرة السادس

أثناء عمل الحفائرعُثر على هرم ومجموعته الجنائزيه لملكة حكمت عرش البلاد .فلقد عثر عالم الآثار الدكتور “أحمد فخرى” و”Klaus bear “

فى منطقة سقارة  على المجموعة الجنائزيه لزوجة الملك “إسيسى” إلى الشمال من مجموعته الجنائزية فى حالة كبيرة من التدميرولقد عُـثر على بعض أحجار ونقوش متبقية على طغراء الملكيه للملكة الحاكمة وألقابها الملكيه. و من الجدير بالذكر انه لم يكن من المعتاد أن تقيم الملكات مدافنهن بهذا الحجم الذى يضاحى  مدفن الملك نفسه إلا إذا كانت فى نفس المكانة المقدسه للفرعون الحاكم

   ويذكر الدكتور “أحمد فخرى”رحمه الله ان الملكة “مرى ـ إس ـ عنخ “هى الزوجة الملكية للملك “إسيسى ” لكن  التشويه الذى أصاب اسم الملكة الحاكمة وألقابها لايأكد إن كانت هى أم زوجة أخرى للملك.

** الملكه “نيت ـ إقرت ” أو”نيتوكريس”

ذكر المؤرخ الإغريقى “هيردوت”فى كتابه عن مصر أن من بين الملوك الذين حكموا مصروعددهم ثلاثمائة وثلاثين ملكاً بينهم ملكه تُسمى “نيتوكريس” وهى الخلف الثانى للملك “بيبى الثانى”من الأسرة السادسة .

ولقد تولت عرش البلاد بعد مقتل أخيها , لذلك حكمت لمدة عام بدون وجود خليفة من الذكور.

** الملكـة “سوبك ـ نفرو”

من الأسرة الثانية عشر

ذكرت قائمة الملوك أيضاً أنها إحدى ملكات ثلاث  شرعيات حكمن مصر وتولت الحكم بعد وفاة الملك”امنمحات الرابع” ولقد لقبت باسم ملك مصر العليا والسفلى .ومن اهم أعمالها ضم بلاد النوبه لتصبح جزءاً من الأراضى المصرية واستطاعت حماية البلاد من حدودها الجنوبية . فأقامت القلاع والحصون .كما أصبحت مناجم النوبة مصدراً رئيسياً لجلب الذهب والعاج إلى البلاد. وبالرغم من ندرة ما تبقى لنا من آثار الملكة , فلقد عثر على بقايا تمثال  ل لأبو الهول نُـقش عليه ألقابها كملك مصر العليا والسفلى .فى إعلان منها أنها الحاكم الشرعى للبلاد.

** الملكـة”إياح ـحتب”

بداية الأسرة الثامنة عشر

“لقد أخـرجت مصر من عثرتها وكتب لها النجاح وأقامت العديد من النشاطات داخل وخارج البلاد  وهى التى أنشأت عصراً حديثاً  فى البلاد “هذا ماذكره الملك “أحمس “عن والدته الملكه “إياح ـ حتب”على إحدى لوحاته بمعبد الكرنك ومن ذلك نرى بوضوح  أنها ربما    حكمت بالوصاية على عرش ابنائها الملكين” أحمس وكاموس”

** الملكة “أحمس ـ نفرتارى”

ومن نفس العصر ضارعت الملكة” احمس ـ نفرتارى ” الملكة “إياح ـ حتب ” الأم فى مكانتها التاريخية , بل وصلت بها درجة الرقى والرفعة إلى حد التأليه مثلها مثل الآلهة المصريه القديمة , فيذكر حامل ختم الفرعون ويدعى “نفر ـ برت”على لوحة له إسم الملكه “أحمس ـ نفرتارى “بشكل يفوق فى الظهور أسم زوجها الملك “أحمس “

وفى ذلك تأكيد على المكانة العظيمة التى إعتلتها الملكة

** الملكه “حتشبسوت “

إبنة الملك “تحتمس اللأول “

وأخت وزوجة الملك “تحتمس الثانى “

لم تنجب الملكه وريثاً من الذكور ولقد كانت تتمتع بقوة الشخصيه وادَّعت أن والدها الملك “تحتمس الأول “كان يرغب فى توليها أمور البلاد ولكن بعد وفاته تولى الحكم أخـوها”الملك تحتمس الثانى ” عن طريق زواجه منها وذلك لأنه لم يكن من نسل ملكى خالص فهو ابن للملك من الزوجة غير الملكية وبعد وفاته حكمت بالوصاية على الملك “تحتمس الثالث ” ابن زوجها من الزوجه الملكيه ولقد أقصته من الحكم وسيطرت هي بشكل مطلق على مقاليد الحكم الذى أدى بدوره فيما بعد إلى تأجيج الصراعات بينهما فيما بعد.  ولقد ذكر المؤرخ “مانيتون” فى كتابه عن مصر أن فى منتصف الأسرة الثامنة عشر تولت حكم البلاد ملكة حكمت حوالى إحدى وعشرين عاماً وتسعة أشهر ولقد تميزت الملكه ذائعة الصيت “حتشبسوت “عن الملكات الأخريات بطول فترة حكمها حيث تمكنت من تحقيق الرخاء الإقتصادى وسُمى عصرها بالعصر الذهبى.  والذى بدوره أعلى من شأن البلاد وتنشيط دورها وعلاقاتها الخارجية مع دول الجوار.ولقد إشتهرت أيضاً بتشيدها لمبانى الالهة وخاصة “آمون”ولقد شيدت معبدها الجنائزى الشهير فى الدير البحرى تحت إشراف مهندسها العبقرى الذى لعب دوراً مهماً فى تلك الفتره.ولقد أوضحت نقوش معبدها كيفية إرتقاء الملكة “حتشبسوت”إبنة الإله”آمون “نفسه لعرش البلاد.

حتى الآنليس هنا ك أدلة واضحة عن كيفية إنتهاء حكمها وما آل إليه الصراع بينها وبين الملك “تحتمس الثالث”ولكن ماهو واضح لدينا تعمده لتهشيم وإزالة اسمائها من العديد من آثارها.

** الملكه “تى” زوجة الملك”أمنحتب الثالث”

بمجرد دخولنا المتحف المصرى يطالعنا تمثال ضخم للملكة “تى”وهى جالسة بجوار زوجها الملك “امنحتب الثالث”تحوطه بذراعيها بما يعبر عن مكانتها ونفوذها حتى فى العديد من التماثيل الأخرى للملكة تظهرها دائماً بملامح جادة غير مألوفه والتى تعد لغزاً محيراً للعديد من المؤرخين

لقد كانت تستقبل الوفود الملكيه فى عهد زوجها ولقد حازت على احترام وتقدير العديد من الحكام الاجانب الذين احترموا شخصيتها  وحكمتها.  وهى أول ملكه سجل اسمها فى المراسيم الملكية .ولقد ساندت الملكة إبنها الملك “إخناتون” , فتشي خطابات تل العمارنه أن الملكه التى عاشت بعد زوفاة زوجها  بحوالى إثنا عشر عاماً كانت توجه إبنها الملك “إخناتون”وهى مستشاره لأول وأمين سره طوال مرحلة عاصفة فى تاريخ مصر .

** الملكـة “تاـ وسرت”

 من الأسرة التاسعة عشر

زوجة الملك “سيتى الثانى”

يذكر المؤرخ مانيتون أن اسم الملكة “تا ـ وسرت”من بين الأسماء الملكية التى حكمت مصر, ولقد حكمت حوالى سبع سنوات بعد وفاة إبن وخليفة زوجها الملك “سبتاح”ولقد أقامت مقبرتها فى وادى الملوك بأمر من الملك “سيتى” نفسه وهوشرف لم تنال إلا القليلات من الملكات وربما أنها حكمت بإشتراك مع إبن زوجها وبعد وفاته حكمت بشكل مطلق لعدم وجود وريث من ا لذ كور.ولم يتبق من آثارها سوى القليل من موائد القرابين.

** الملكـة “كليوبترالسابعه”

(69ـ 30)ق.م

كانت الملكه “كليوبترا”المنحدرة من أسرة البطالم ذوى الأصل الإغريقى الذين حكموا مصر بعد موت “الإسكندر الأكبر”وهى أخر فراعنة مصر

والتى شاركت آخاها وزوجها الحكم ثم ما لبثت أن إستولت على الحكم بمفردها  .اشتهرت الملكة بسلسلة علاقاتها العاطفية التى هدفت من ورائهاالحفاظ على عرشها وإستقلالها عن الإمبراطورية الرومانيه

ولقد دعمت إقتصاد البلاد بالتجارة مع بلاد الشرق فساعد ذلك على تقوية وضع مصر فى العالم القديم مما جلب السلام للبلاد .عُرف عنها أنها كانت  ملكة محبوبه تعلمت اللغة المصريه القديمه حتى تستطيع التقرب من الشعب المصرى .ويذكر المؤرخ”بلوتارخ”أن ((لم يكن جمالها ملفتاً يبهرالناظر إليها ولكن حضورها كان طاغياً.كانت شخصيتها ومانقوله وماتفعله ساحر حقاً ))

و هنا ســؤال يطـرح نفسـه  و هو لماذا تغافل التاريخ عن قصد أو دونه سرد  تفاصيل السير الذاتيـة لملكات حكمن مصر الفرعونية ؟ و السؤال الأهم لماذا حرص الملوك الرجال عن محو سيرة كل من جاءت قبله ؟

هنـاك تفاصيل كـثيرة ربما تستطيع أبحاث و اكتشافات قادمة أن تكشفه لنا و لكل العالم .

أضف تعليق