دراسة تطبيقية في كتاب: (مقامات في حضرة المحترم )أ.د. أحمد عفيفي.

أثر العتبات النصية في توجيه علاقة المتلقي بالنص الأدبي

دراسة تطبيقية في كتاب: (مقامات في حضرة المحترم )

أ د . أحمد عفيفي

الأستاذ بجامعتي القاهرة والإمارات

             مقدمة : 

            العتبات النصية لأي عمل، إنما هي البوابة الحقيقية للدخول إليه، وهي التي توجه المتلقي منذ البداية، وتحدد استراتيجياته في التعامل مع العمل سلبا أو إيجابا، والعتبة النصية تسهم – إلى حد كبير  –  في استمرار المتلقي لقراءة العمل، والرغبة  إليه بشغف،  أو الهروب منه و الرغبة عنه، فالعتبات النصية يمكن أن تصنع علاقة سوية بين القارئ والعمل، و تخلق نوعا من الانسجام الدلالي  واللساني، و تضفي على العمل تماسكا بين الأطراف والمراكز ، أو بين الخارج و الداخل، أو بين  العتبات والأعماق. أو أنها تساعد في إيجاد علاقة مربكة بين القارئ والعمل، فتؤدى إلى عدم الانسجام بينهما.   

مشاهدة المقالة

       وقديما درجت معظم الكتابات  التقليدية- إبداعا ونقدا-  على تغييب العتبات النصية، ولنا في الشعر العربي القديم نموذج واضح، فلم يكن العنوان مطروحا ضمن اهتمامات الشعراء، فقصائدهم تخلو من العناوين، وعلى المحققين للمخطوطات القديمة في العصر الحديث البحث عن عنوان مناسب ، وبالتالي لم يكن الكلام عن العتبات النصية  ضمن عناصر  النقد التي يهتم بها النقد الأدبي  القديم كثيرا ، وإن كان بعض الباحثين يشيرون إلى أن ” هناك من القدامى من تناول تلك العتبات، ولكن بطريقة غير منهجية إلى حد ما ، ولم يكن لها تطبيق أو نظرية بالمعنى  الواضح حاليا  ” (1) ويبدو –بما أنه لا يوجد عناوين ولا مقدمات ولا فهارس ولا إهداءات …..  إلخ  –أن  حديث النقد الأدبي القديم كان عن الاستهلال،  وصدور الرسائل ، والحواشي وبعض الكلمات المهمة مثل ( أما بعد )  والجمل المفتاحية في النص ، وقد اعتبر بعض الدارسين أن كل ذلك يمثل العتبات النصية في الدرس النقدي القديم   ”  (2)   فقد كان العمل الأدبي هو الإطار الذى كانوا يتحركون  فيه من داخله فقط، دون اللجوء  لمحيطه و فضاءاته،  وأيا كان الوضع فليس الحديث عن تاريخ العتبات النصية موضع اهتمامنا،  إلا أن المؤكد أن  العصر الحديث قد غير من تلك الأيديولوجية التي كانت تغيب العتبات، أو تشير إلى المظاهر السابقة على استحياء .  

         يحاول هذا البحث الكشف عن تلك العلاقة التي تصنعها العتبات النصية بين المتلقي والعمل الأدبي  عند الولوج إليه ، وفي إطار البحث نحاول الإجابة عن مجموعة من الأسئلة المهمة، منها:  هل  تكون  العتبات النصية  جسرا حقيقيا إلى النص؟ أم  أننا – بعد قراءة العمل – ندرك أننا  كنا نعيش الوهم، لوجود  فجوة بين العتبات والنص من الداخل؟.

ومن هنا سنحاول الوقوف أمام مجموعة من العتبات النصية، مع التطبيق على كتاب مهم نشر أخيرا  بعنوان : (مقامات في حضرة المحترم )  للروائي والناقد سيد الوكيل ( 3)  .  

 والذي يعرف سيد الوكيل وإبداعاته المتميزة، يتوقع أن يكون هذا العمل النقدي على قدر من التميز أيضا، فعندما نقرأ كتابه النقدي : مقامات في حضرة المحترم ، ندرك أن  الوكيل عاش مع أعمال محفوظ أكثر مما عاش مع إبداعاته وأدبه هو، فظهرت خبراته العميقة في رصد ملامح نقدية متفردة استقاها الوكيل من قراءات شاملة وعميقة  لأعمال محفوظ،  ونزداد قناعة بأن الوكيل إنما هو مبدع في كتابة القصة والرواية ، وكذلك في الكتابات النقدية .

و فيما يلي سنقف على مجموعة من العتبات التي تمثل قيما مهمة للدخول إلى أعماق العمل النقدي  للوكيل.

العتبة الأولى أيقونة الغلاف

       يعد الغلاف خطابا افتتاحيا يواجه المتلقي من خلال إشاراته وترميزاته التي يستطيع القارئ أن يوظفها توظيفا دلاليا كاشفا، فصفحة الغلاف – عادة –  تحتوى على الكثير من  العتبات النصية ، أهمها : العنوان و اسم المؤلف، وهما من أساسيات أي غلاف ، بعد ذلك يمكن أن نجد صفة المؤلف أو وظيفته، ثم أيقونة الغلاف ، ربما يكون رسما أو صورة  أو إطارا،  حيث تمثل هذه الأيقونة عاملا مهما في جذب انتباه   المتلقي ، فنحن الآن في  عصر  التحول إلى الصورة ، تلك الصورة التي تكون أسرع في الوصول إلى المتلقي من الكلمة، وبالتالي فهي الأسرع في تحقيق الهدف،  ويمكن  أن نجد أشياء أخرى على الغلاف  مثل :   اسم المترجم، إن كان الكتاب مترجما، اسم مقدم العمل – أحيانا – إن كان الكتاب يحتوى على تقديم لشخص آخر غير المؤلف،  وأحيانا يضم دار النشر، و تاريخ الطباعة، وهذه  العتبات الأخيرة قابلة لأن يتضمنها الغلاف، أو  ربما لا توجد أصلا ، وقد تزايد الاهتمام في العصر الحديث بالأيقونة رسما أو صورة أو إطارا ، نظرا ” لإسهامها في جذب الانتباه نحو الكتاب واستدراج المتلقي إلى اقتنائه ”  ( 4 )  وإذا كانت العلاقة بين الغلاف والمتن علاقة مجازية ” تفهم من خلال القراءة والتفسير للعمل ” ( 5)   حين يكون هناك رسم أو صورة من فنان تشكيلي ، فإن الأمر لم يكن كذلك  في المقامات ، حيث ضم الغلاف صورة مباشرة لنجيب محفوظ، ولهذا فإن الأمر  يتوقف على تحديد  صاحب الصورة مباشرة  .

      غلاف الكتاب الذي نحن بصدده  لم يكن مزدحما كغيره من الكتب، فنجد إطارا على الغلاف كاملا، يحتوي على العنوان، و اسم المؤلف، و صورة لنجيب محفوظ، ومع قلة ما تضمنه الغلاف، إلا أنه كان ثريا من خلال خلفية الصورة التي تشير أو ترمز  إلى بعض المفاهيم المهمة التي ستظهر بعد قليل.

             لم يكن الغلاف مفاجئا للمتلقي المثقف الذي يعرف نجيب محفوظ وتاريخه الإبداعي،  فالعنوان عن (حضرة المحترم) يحمل  دلالة مباشرة على عنوان إحدى روايات نجيب محفوظ أو إشارة  إلى شخصه مباشرة ، وصورته تأخذ مساحة ثلثي الصفحة تقريبا   في  الإطار العلوي منها ، حيث جاء مبتسما  ابتسامة هادئة ، وكأنه سعيد بما  وصل إليه من  عالمية،  جالسا واضعا قدما على قدم مشبكا يديه(   ربما ثقة في النفس بشكل واضح) وخلفية الصورة توحي  بالفضاءات السماوية المحتوية على نقاط كأنها النجوم، ولعل تلك الصورة توحي بعالمية نجيب محفوظ،  وقد جاء الغلاف في إطار هندسي ،على جوانبه رسومات (الأرابيسك )  المشربيات  الخشبية والأبواب التي  كانت تزين  حارات مصر القديمة، تلك الحارات  التي وصفها نجيب محفوظ في معظم رواياته ، وهنا يوحى الغلاف بتلك الفترة التي كتب فيها محفوظ رواياته ،وكأن الغلاف يريد القول بأن محفوظ انطلق من المحلية( الحارة) وهو الجزء الأسفل ، إلى العالمية،  وهو ما يدل عليه فضاء هذا الجزء الموجود  بالأعلى، و الذي يمثل الارتقاء والخروج إلى العالمية، ويمكن ملاحظة أن الجزء الأعلى هو الأكثر بروزا، وكأن ذلك يمثل نجيب محفوظ في  مرحلة  النضج الذي تشير إليه تلك الصورة  .

       وعند تأمل  هذا الغلاف نجد أن ثمة وَهماً يمكن أن يحدثه هذا الغلاف للمتلقي،  وخاصة لمن لم ير صورة  نجيب محفوظ من  قبل،  ولم يتعرف على شكله من خلال الصورة ، حيث نجد اسم (سيد الوكيل)  تحت الصورة مباشرة مظللا بلون الخلفية نفسها التي ظللت صورة نجيب محفوظ، مما يوقع المتلقي في خطأ الوهم أن الصورة لسيد الوكيل، وليست لنجيب محفوظ، لكن يبدو أن مخرج الغلاف اعتمد على شهرة نجيب محفوظ، وصنع ذلك دون مراعاة أن هذا الكتاب يمكن أن يوزع في بلاد عربية و أوربية، لا تعرف شكل نجيب محفوظ، ولم تر صورته من قبل، أو حتى الأجيال العربية الحديثة التي لم تر صورة محفوظ من قبل، فقد  قمت باختبار بعض طالبات إحدى الجامعات العربية، ووضعت لهم الصورة ، مخفيا الاسم، وطلبت تحديد صاحبها،  ولكن أحدا لم يهتد إلى صاحب الصورة، وعندما أظهرت الصورة والاسم، قالوا إنه سيد الوكيل، وقد عرفناه من اسمه المكتوب أسفل الصورة، كذلك اخترت خريجة متميزة من الجامعة نفسها، أعلم أنها تعرف نجيب محفوظ، وتعرف شكله، وعرضت عليها صورة الغلاف، مخفيا الاسم، فقالت : نجيب محفوظ، وعندما شاهدتْ اسم سيد الوكيل أسفل صورة نجيب محفوظ شكت في الأمر، وقالت : لا ليست صورة نجيب محفوظ، وهنا صدق ظني في إمكانية  وقوع المتلقي  في هذا الوهم من خلال شكل الغلاف.   

   العتبة  الثانية : العنوان

      يأتي العنوان في مقدمة العتبات النصية للعمل الأدبي، تلك العتبات التي ”  سرعان ما تضعنا أمام مأزق الدهشة، لتطرح مجموعة من التساؤلات مثل : لماذا اختار الكاتب هذا العنوان ؟ وما علاقته بالنص؟ هل انبثق العنوان مصادفة أم أن المقصدية تمارس غواياتها في هذا المجال؟ هكذا تجرنا العتبات إلى دوامة من التساؤلات لتشرع – من ثم- أسئلتها المحفوفة بالقلق، وتفتح ثقوبها السوداء عن أسلة ملحة في النشاط النقدي للقراءة ، ومن هذه البداهة تموقع العنوان في واجهة النص ” ( 6 )  و العنوان  الذى أمامنا هو: ( مقامات في حضرة المحترم )  إنما  يحمل دلالات مثيرة للتأمل والتفكير عند المتلقي، فقد ارتبط منذ البداية بدلالات صوفية، ستتضح لنا من خلال البحث في كلمة ( مقامات ) ويبقى (  حضرة المحترم ) ليثير مجموعة من التساؤلات أيضا ، فالسؤال يمثل بداية الدهشة، والدهشة تمثل متعة الكشف ولذة امتلاك الدلالة، وهنا يثير العنوان أمامنا مجموعة من التساؤلات على الوجه التالي:

الأول : هل المقصود ب ( حضرة المحترم ) هذا النص الروائي لنجيب محفوظ، وهي رواية مشهورة له  صدرت عام 1975م ، رواية اجتماعية ترسم صورا متنوعة من  الصراعات النفسية للموظف عثمان بيومي : صراع الواقع والحلم، و العفة والرذيلة  ، و الزواج والوظيفة …. إلخ.  

الثاني : هل يقصد سيد الوكيل شخصية نجيب محفوظ نفسها ، حيث اشتهر من خلال الرواية بأنه ( حضرة المحترم )، كما نقول في  ريف مصر : (حضرة العمدة) أو (حضرة جناب المأمور )…. إلخ.

الثالث : هل  قصد المؤلف إجمالي الإنتاج الأدبي ل( حضرة المحترم ) نجيب محفوظ ، ويكون الاختصار في العنوان مؤديا هذا الدور الوظيفي، حيث حذف المضاف، وبقي المضاف إليه، ويكون المعني على أن العنوان ( مقامات في نصوص حضرة المحترم ) وإن كان هذا الاحتمال – في الظاهر – أضعفها ،حيث يشير المبدأ اللغوي القائل : (مالا يحتاج إلى تأويل أولى مما يحتاج إلى تأويل) ، والحقيقة أن هذه التساؤلات  تظل في حيز الاحتمالات المشروعة، حتى تأتي بقية العتبات و بعدها النص الأصلي ليتأكد المراد.

          أما كلمة ( مقامات ) فهي عند الصوفية تمثل الدرجات أو المراتب التي يصل إليها المريد في طريق الوصول إلى الله، والمقامات مكاسب روحية تحصل للإنسان المؤمن من خلال معاناة يرتقي فيها المريد في طريقه إلى التمكن والاطمئنان القلبي، ” ومن شأن المريد دوام المجاهدة ” ( 7 )    ليتحقق له مكانة بين الخاصة من المصطفين الأخيار، و المقامات عند الصوفية تتنوع إلى سبعة، تبدأ بالتوبة، وتنتهي بمقام الرضا، وهذا الأخير مقام شريف وهو آخر المقامات ( 8 ) ، وهو مقام يحتاج إلى كثير من المجاهدات والرياضات والانقطاع المعتمد على المعاناة والمعايشة الكاملة، والمكاشفة مع النفس لتصل إلى مرحلة عرفانية عليا، ندرك من خلالها راحة الوصول والكشف، وعندما يعتمد طريق الوصول – إلى المقامات الأعلى – على المجاهدات والمكاشفات والرياضة والانقطاع، فذلك يعني أن هناك تناصا دلاليا، حين انقطع سيد الوكيل وجاهد مع نصوص نجيب محفوظ ليتعايش معها تعايشا كاملا، بغية الوصول إلى مقام الرضا ، وهو المقام الأعلى ، ولهذا انغمس سيد الوكيل في أعمال نجيب محفوظ ، كما ينغمس الإنسان في مياه البحر لكي يتشرب المعارف ارتقاء إلى المقام العرفاني الأعلى درجة في تناوله أعمال نجيب محفوظ، وقد ألمح الدكتور مصطفى الضبع في مقدمته للكتاب إلى ذلك  ( 9 )  وهنا يقفز السؤال التالي :  هل قصد سيد الوكيل فعلا الوصول إلى مقام الرضا الذي لا يستطيع الوصول إليه إلا كبار النفوس، أعتقد أن الإجابة نجدها واضحة في نهاية مقدمة المؤلف سيد الوكيل لكتابه حين يقول ( 10)      :” رأيت من واجبي أن أكتب رحلتي مع نجيب محفوظ امتنانا وعرفانا، وأنا أتلمس طريقا وعرا وغير معبد في واقعنا الأدبي، بين الناقد والمبدع القابعين في روحي، ربما أصل إلى مقام الرضا بلا شغف بالنهايات ” وهنا يتضح طموح سيد الوكيل إلى أسمى المقامات، وهو مقام الرضا، ولهذا انقطع الوكيل وجاهد النفس للتغلغل في أعمال محفوظ، ليصل إلى المقام الأسمى في قراءته النقدية، هذا المقام الذى  وضعه الوكيل نصب عينيه، وهو المقام الذي يسكن القلب فيه إلى أحكامه –  كما يقول المتصوفة – إلى أن يصل  إلى الحد الذي  لا يتمنى فيه منزلة فوق منزلته ( 11 ) ، فهل وصل الوكيل إلى هذا المقام الباحث عنه، وإلى تلك المنزلة التي لا يتمنى منزلة غيرها، أعتقد أنه قد وصل إلى حد كبير من خلال مجاهداته الكاشفة عن خبايا تلك المقامات في حضرة المحترم.

      وهنا نلاحظ أن اختيار الكاتب لكلمة (مقامات) في عنوان الكتاب قد صنع ربطا واضحا مع علم التصوف، من خلال مفهوم النصية وآلية التعامل مع النص، والتعايش والقراءة والاستيعاب، فقد بدأ بكلمة ( المقامات ) التي كانت مفتاحا لعوالم النص الجوانية، وكذلك العوالم الخفية الكامنة عند نجيب محفوظ. وما زال السؤال باقيا : ما الذي يقصده الوكيل ب: ( حضرة المحترم ) ، وسنصل إلى مقام الكشف والبيان مع الحديث عن العتبة الثالثة التي تعد تمهيدا مهما للكشف عن المراد.

العتبة الثالثة : الإهداء

       في العصر الحديث أصبح الإهداء يمثل عتبة نصية مهمة في بداية العمل، فهو مساحة نصية قصيرة، ولكنها مثيرة للتأمل ونافذة للبوح عن ذات الكاتب، وللإهداء سحر خاص في النفس البشرية من الناحية الاجتماعية، وهو نوع من التقدير والامتنان والحب من المهدي إلى المهدى إليه ، وهو أيضا ” بوابة حميمة دافئة من بوابات النص الأدبي ” ( 12 )  ،فإذا ما أردنا معرفة وظيفة الإهداء ، فإنه ” قد يكون بمثابة رد الجميل إلى ما قُدّم إلى الروائي أو الكاتب من قبل الآخرين ، وهو في طريقه إلى ذلك يضع في مخيلته أن يكون في ذلك الإهداء ….. انطلاقة إلى عمله سواء أكان بتشجيع نفسه إلى فعل ما هو أكثر في المستقبل، كي يهدى إلى الآخرين أعمالا أخرى، أم بإدخال فلسفات لغوية مثيرة في ذلك الإهداء ، وبالتالي يكون الإهداء نبراسا ” (  13 )     وسواء كان الإهداء مقصودا به تشجيع النفس، أو إدخال فلسفة لغوية مثيرة، فإننا نلاحظ تلك القيمة الإنسانية الكبرى في هذه العتبة، جاءت من شموخ المهدَى إليه، ورقي أخلاقه و علمه وتاريخه النقدي الطويل ، فهو قامة سامقة في عالم النقد الأدبي في العصر الحديث، ومن هنا فإن فلسفة الإهداء تمثل وفاء وامتنانا واعترافا بالفضل والصداقة، وكذلك قيمة البنوة في ظل أبوة حانية، وإذا كان البعض ينظر إلى الإهداء على أنه “بمثابة نص مستقل  في نطاق الشكل الفضائي العام …فإن هذا لا ينفي الروابط الجدلية القائمة بين محتوى النص ومضمون الإهداء”   ( 14 )  

     وفي هذه العتبة جاء الإهداء، الذي أفردت له صفحة مستقلة من الكتاب، قال الوكيل في هذا الإهداء  : ( 15 ) :     

                            إلى     الدكتور/ محمد حسن عبد الله           الأستاذ، الأب، الصديق  

      ومنذ الوهلة الأولى نرى أن هذا الإهداء يتماهى مع تلك البداية الصوفية للكتاب بدءا من العنوان، حيث إننا نلاحظ أن الوكيل وضع نفسه أمام هذا العالم الجليل  الدكتور  محمد حسن عبد الله في مقامات إنسانية وصوفية متنوعة :

1-مقام التلميذ من الأستاذ

2-مقام الابن من الأب

3-مقام الصديق المحب من صديقه المحبوب

وهذا المقام الأخير أعلى مراتب المقامات الإنسانية، صدقا وشفافية وإخلاصا ومودة، فعندما تسمو الصداقة ترقي بمقام الإنسان ارتقاء ساميا.

ونلاحظ أن هذا التنوع في المقامات له دلالات كبرى، فنرى :

1-مقام العالم الناقد، في حضرته تلميذ نابه.

2-مقام الأب الحاني العطوف، في حضرته ابن محب.

3-مقام الصديق الأسمى، في حضرته صديق وفي.

وهنا ندرك أن الإحساس بالصوفية يتغلغل في ثنايا الكتاب قصدا، وبدون قصد، بدءا بالعتبات، ووصولا إلى أعماق الكتاب.  كما نلاحظ أن  هذا الإهداء  يعبر عن  عالمين : عالم الكاتب ومقامه، في حضرة أستاذه وصديقه ووالده ، كاشفا عن مناطق خفية في عالم  الكاتب، كذلك يعد الإهداء جسرا يعبر- من خلاله –  المتلقي إلى النص  ” فالإهداء بتلك المميزات والخصائص لا يفصل العالمين المذكورين، بقدر ما يكمل جزءا مجهولا بالنسبة للقارئ ، ويولجه منطقة أخرى من مناطق العتمة في حياة الكاتب، ويسلط عليها أضواء خافتة، ممهدا بذلك طريق التواصل بين القارئ والنص من جهة، وبين القارئ والمؤلف من جهة ثانية ” (   16 )   ومن هنا يتوقع القارئ الفاهم  أن يجد آراء نقدية   للدكتور محمد حسن عبد الله ، مبثوثة داخل كتاب  الوكيل ، وبالفعل وجدنا بعض  الآراء التي اعتمد عليها الوكيل استقاها من كتاب  : (الإسلامية والروحية في أدب نجيب محفوظ) للمهدى إليه  محمد حسن عبد الله، وهنا يستطيع القارئ  ملاحظة أنهما اجتمعا على حب نجيب محفوظ، فقرب بينهما هذا الحب، وأكد التساوق الفكري بينهما.

العتبة الرابعة :  ( المقتبسة )مقولة شاكر النابلسي

     يطلق على هذه العتبة ( المقتبسة )  وهى تلك الجملة التي  يقتبسها الكاتب من  أحد الأعمال السابقة، أو من أحد الكتاب السابقين، في الصفحات الأولى من عمله، وربما  تأتي في بداية فصل أو باب ،  وتعد من العتبات  الكاشفة للفضاء الذي سيتحرك فيه العمل ، وقد عرفها قاموس الطرائق الأدبية بأنها :” شاهد يوضع في مستهل عمل أو فصل للإشارة إلى روح هذا العمل أو الفصل ” ( 17 )   ويعد هذا الاقتباس إشارة إلى الفضاء الذي سيتحرك فيه المؤلف الذى اقتبس النص ، أو الإطار العام الذي نستطيع لمحه  عندما نعيش مع العمل المقروء،  وقد اعتبره جيرار جينت ” بمثابة حركة صامتة Gest –muet   لا يمكن إدراك مغزاها وقصدها إلا من خلال تأويل القارئ “ ( 18 )

       هذه المقتبسة تعطى نفسها للقارئ تأويلا أو تصريحا، وعلى القارئ أن يجهد نفسه في  الوصول إلى هذا التأويل الذي يمثل الأساس في فهمها واستيعابها، وهذه المقولة المقتبسة تعطي إشارات ودلائل مقصودة من المؤلف حول  محيط النص وفضاءاته، وعلى القارئ أن يستوعب القصد والهدف، وهي إذن  مكملة للعتبات النصية، أو بالأحرى ” مكملة للمهمة التي بدأها العنوان ، فهي بقدر ما تضيء جوانب الموضوع، وتجيب على جزء من الأسئلة التي أثارها العنوان في ذهن المتلقي ، تثير لديه أخرى أكثر عمقا وتعقيدا …… فيغريه ذلك بمتابعة سبر أغوار النص، والبحث عن إجابات على الأسئلة التي بدأت تتناسل في ذهنه ، وهذا ما يدفعه إلى صفحة المقدمة وقراءتها ” ( 19 ) ويتواصل الإغراء للدخول إلى  متن العمل. لرؤية ما تم كشفه أو لتخيلات القارئ، بحثا عن يقين للفكرة المتخيلة.    

        وفي ( مقامات في حضرة المحترم ) ، وظف الوكيل مقولة مقتبسة أوردها في صفحة مستقلة ( 20 )  فذكر  نصا لشاكر النابلسي،  يقول فيه: ” الكتابة عن أي رواية من روايات نجيب محفوظ لا يمكن أن تتم بتكوينها الأمين إلا من خلال أعمال نجيب محفوظ ككل، كذلك الحال مع جميع الروائيين العظام، والشعراء العظام، والفلاسفة العظام ” ( 21 ) 

و بعد قراءة هذه العتبة النصية في مقامات الوكيل، أقصد المقولة المقتبسة التي تكشف عن غرضها بوضوح، فإننا  ندرك شيئين :

1-   تلك المنهجية  المتبعة في الكتاب ،  حين  جسد الوكيل الدلالة الواضحة في المقولة، فوجدنا هذا التناص اللفظى  والمعنوى المتكرر كثيرا، والمجسد لا بين عمل واحد من أعمال نجيب محفوظ،  بل وجدناه بين معظم أعماله الروائية، وغيرها من خلال تلك النصوص التي اعتمد عليها الوكيل في دراسته. 

2-أن القصد من  (حضرة المحترم) الواردة في العنوان، إنما هي دراسة لنصوص ( حضرة المحترم ) لنجيب محفوظ، باعتبار أن هناك مضافا محذوفا، تقديره ( مقامات في نصوص حضرة المحترم )   وهنا ينتفي الاحتمالان( السابقان ) : الأول والثاني ، مع اقترابهما من تصديق  العقل سابقا، أكثر من الاحتمال الثالث، وربما جعل الوكيل  نص (حضرة المحترم)  نقطة انطلاق منه إلى النصوص الأخرى لنجيب محفوظ، لكن الهدف كان واضحا للوكيل والمنهج كذلك. 

العتبة الخامسة : ( المقدمة الغيرية )  

      وهي مقدمة العمل التي يوردها المؤلف مكتوبة من شخص آخر ، عكس  المقدمة الذاتية، أي المقدمة التي كتبها المؤلف، وهي كلها خطابات افتتاحية في الأعمال الكتابية، أيا كان نوعها، وهذه المقدمات بصفة عامة ” تدخل في نطاق أنواع النصوص الافتتاحية ( ذاتية كانت أو غيرية ) تهدف إلى إنتاج خطاب على مشارف النص الذي تسبقه، فهي  بالتالي، مقدمات أصلية، تخبر القارئ حول أصل الأثر الأدبي والظروف التي كتب فيها، وكذا خطوات تشكيله ”  ( 22 )   وتترسخ وظيفة هذه المقدمات عادة في استقطاب القارئ والتمهيد للقراءة، وهي  ” شبيهة بكيفية الاستعمال، كما يحلو لنوفاليس  أن يصفها به ، فمن خلالها يحدد المؤلف (أو كاتب التقديم ) الكيفية التي يجب التعامل بها مع المؤلّف، حماية لمحتواه من التقدير الخاطئ ” ( 23 )  وعموما فتلك  المقدمات تظل  مرهونة بالنص  ومتفاعلة مع فضاءاته  وسيميائياته  للكشف عن الخلفيات المعرفية لإثارة الانتباه ولفت النظر لقضية ما، لتبدو ظاهرة أمام القارئ بوضوح عند الدخول في أعماق النص.

              والمقدمة الغيرية التي نحن بصددها، يطلق عليها مصطلحات متنوعة، منها : التقديم،  أو التصدير ، أو الاستهلال ، وأحيانا المدخل ، أو  التوطئة …..إلخ ، وهي مصطلحات متداخلة،  لكن المشترك فيها هو أن مؤلفها ليس صاحب الكتاب، و يمكن أن نطلق عليها هنا  نقد النقد، في مثل حالتنا هذه، لأن الكتاب الذى نحن بصدده  كتاب نقدي .

         و تتمثل  تلك العتبة في هذا التقديم الكاشف للكتاب الذي كتبه  الدكتور مصطفى الضبع ، وجاء في خمس صفحات( 24 )  وتلك العتبة هي بمثابة توصيف للحالة التي وجدها الضبع في علاقة سيد الوكيل مع نصوص نجيب محفوظ، حيث رصد  تعامل الوكيل  مع النص بثلاثة مستويات ، وهي تمثل طرقا ثلاثة أو مراحل ثلاثة تحدد مقاماتنا من البحر،    قال الضبع  عنها  ( 25) : إننا : ” نراه ونحن وقوف على شاطئه، مكتفين برؤية مساحة أوسع من سطحه، نَسبح فيه فنشتبك مع مياهه وأمواجه، مكتفين برؤية أضيق لمساحته من حولنا ، نغوص مندفعين إلى العمق مستكشفين ما دون السطح، وما هو أبعد من النظر في سطحيته، في الأول لا تحتاج سوى القدرة على النظر والتأمل ، وفي الثانية تحتاج إلى معرفة السباحة، وفي الثالثة أنت في حاجة إلى أدوات للغوص وخبرات بالأعماق، ستزداد في كل مرة تقرر فيها الغوص، وفي الثالثة أيضا ليس هناك سوى البحر يحيطك من كل الجوانب ، لا يمنعك من التقدم، ولا يضع لك العراقيل، فقط هي قوتك وخبراتك وأدواتك ما يمنحك القدرة على المواصلة إلى حيث الأسرار و الجواهر والسفن القابعة هناك، لأنها لم تحتمل سطحية الشاطئ”،

    وهكذا يرصد الضبع مراحل ثلاثة تحدد مقاماتنا من البحر، والبحر هنا رمز للنص  المقروء، وهي مرحلة المشاهدة، ومرحلة السباحة، ومرحلة الغوص، والمرحلة الأخيرة هي التي  تمثل  مقام الرضا، وهو مقام المكابدة و المعايشة الكاملة، وهنا تظهر المعاناة التي ترتقي بنا إلى المقام الأسمى، تلك المرحلة الأخيرة التي جسدها الوكيل في كتابه ، وهذا ما ثمن قيمة الكتاب و ارتقى به .

العتبة السادسة: المقدمة الذاتية (مقدمة المؤلف )

         نستطيع القول بأن مقدمة المؤلف – في العادة –  تضم جانبين: الأول : الجانب الذاتي  – الثاني: الجانب الموضوعي، أما الجانب الذاتي ، وهو تمهيد  يتصل ببعض المعلومات الشخصية عن الكاتب،  أو عمن يكتب عنه ، أو يعطي بعض المعلومات  الشخصية التي حفزته لمجرد التفكير في الأمر، وأما الجانب الموضوعي، فهو الكلام عن المنهج الموظف في العمل ، أو تحديد الهدف ، أو استراتيجية الكتابة، وطريقة التعامل مع القضايا، و طريقة توزيع الفصول والأبواب، وهذا هو ما وجدناه عند الوكيل، حيث نجد معلومات عن شخصيته وعلاقته بمحفوظ ، وكذلك منهجية التعامل مع الكتابة نفسها .

           نستطيع أن ندلف إلى عالم نجيب محفوظ من خلال مقدمة، اتسمت بلغة شعرية شامخة باذخة للمؤلف سيد الوكيل، تلك المقدمة رصدت جزءا من سيرته الذاتية الجوانية، وأوضحت كيف تعامل مع كاتب كبير مثل نجيب محفوظ منذ بداية حياته؟ وكيف خطا خطواته الأولى في ظل خطوات الآخرين إلى أن انسلخ عنهم في شخصية متمايزة.  

         ولعل هذا يعطى المتلقي جانبا  متساوقا مع عالم نجيب محفوظ، فعندما ندلف إلى عالم الناقد، نستطيع أن نقرأه من خلال مقدمة الكتاب، قبل أن نقرأ نصوصه أو أفكاره، لنعرف كيف يؤلف ؟ كيف يكتب ؟ كيف يفكر؟ وفي هذه الحالة نكشف عالمين معا : عالم الوكيل وعالم نجيب محفوظ، نكشف عالم الوكيل من خلال التناص الذى صنعه ، في المقدمة، مع إبداعه الروائي بدءا برواياته : ( فوق الحياة قليلا ) ثم (الحالة دايت) ثم كتابه : (لمح البصر)، وهنا لا نستطيع تجاوز فكر سيد الوكيل النقدي دون مرور بهذه الإبداعات التي كشفت لنا عن جزء مهم من طريقة تفكيره ومنهجه النقدي، كيف تأسس؟ وكيف يوظف؟ وكأن الوكيل يعطينا منهجا جديدا في فكرة المتوالية النقدية له، تلك المتوالية المشتركة بين الناقد والمبدع، ومن هنا لم نكن في حاجة إلى ذكر مبررات قراءة الوكيل لنجيب محفوظ صراحة وبشكل مباشر، فقد ظهر ذلك من خلال فكره الكامن في رصد فنيات حياته الإبداعية المرتبطة بفكره النقدي، ولهذا كانت المبررات فنية مرتبطة بفكر الوكيل وسلوكه الإبداعي والنقدي.

العتبة السابعة ( الفهرس ) ومنهجية  تقسيم الكتاب  

      لابد من النظر إلى الفهرس على أنه مرآة العمل قبل الدخول إليه، فالمتلقي يمكنه اتخاذ قرار إكمال القراءة، إن أوحت له المرآة بجودة العمل، كذلك  يمكن الإقلاع  عن إكمال القراءة  إن كان ثمة وشاية من تلك المرآة أن العمل لا يستحق، وانطلاقا من مقامات الوكيل، والتناص مع رموز الصوفية ومصطلحاتهم، جاءت منهجية تقسيم الكتاب، فقد جاءت التقسيمات الداخلية للكتاب أقرب إلى عالم التصوف، حين نجد أن الكتاب مقسم إلى ثلاثة مقامات، يمثل كل مقام جزءا مستقلا، وكأنه فصل من فصول الكتاب:

    الأول: مقام الأسرار، وهو مقام المكاشفة والإدراك والمعرفة للأسرار الإبداعية عند نجيب محفوظ.

  الثاني: مقام الكمال، وهو البحث عن الكمال الإنساني والوجود الكوني عبر عالم نجيب محفوظ.

  الثالث: مقام الوصل، وهو مقام يتحلق فيه المريدون حول أدب نجيب محفوظ، كما تحلق من قبل القراء والمتلقون في محرابه، ومنهم سيد الوكيل.

         وفي كل مقام من هذه المقامات يتّبع سيد الوكيل المنهج المناسب  لتحقيق الهدف الذي يسعى إليه، وهنا نلاحظ منذ بداية العنوان هذا المزج بين مقامات الصوفية ومقامات النقد الأدبي، مما يعد هذا من قبيل  الدراسة البينية  الذى يدعو إليها علم اللغة النصي المعاصر، ومن هنا جاء اهتمام سيد الوكيل بمنهجيته البينية، بدءا بالعتبات النصية، ومرورا بطريقة تقسيم الكتاب،  ووصولا إلى منهجيته الداخلية في التعامل مع قضاياه، كان ذلك مسوغا قويا للقول بأن هذا نوع من تجديد الخطاب النقدي المتكئ على المزج  بين العلوم المختلفة، وتوظيف المعارف المتنوعة في منهجية نقدية مغايرة، وقد ظهر هذا في توظيفه لعلوم الأدب والتصوف و السياسة والفلسفة والاجتماع والتاريخ والأساطير وعلم النفس والثقافة العامة ….. إلخ  فى مزج شمولي للأزمنة الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل، خلال قراءة  نقدية واعية لنصوص نجيب محفوظ، وسنوضح فيما يلي نماذج من هذا التجديد النقدي الكاشف الذى يظهر من خلال العتبات النصية:.

1-إيمانه بمقولة النابلسي في العتبة الثالثة، جعلت الوكيل يقرأ محفوظا بعين شمولية، حيث يقرأ نصا في حضرة بقية نصوص محفوظ ، فلا يستطيع المتلقي أن يحدد أي نص لمحفوظ- تحديدا -يتناوله الوكيل، لأنه يمزج بين نصوصه الروائية والقصصية، بل وآرائه وسيرته الذاتية في مزج شمولي بيني، نتج عنه رؤية متميزة ، فقد آمن الوكيل بتكامل نصوص محفوظ، ولذا كان عليه إذا قرأ رواية ما، فلابد أن تكون في ظل بقية روايات محفوظ، ومن هنا ينساب الوكيل في دراسته النقدية من حضرة المحترم، إلى رواية حديث الصباح والمساء، إلى المجموعة القصصية: بيت سيء السمعة، و مجموعة فتوة العطوف، وخمارة القط الأسود، ثم إلى رواية عصر الحب،  ومن أصداء السيرة الذاتية، ينطلق إلى أحلام فترة النقاهة، وقلب الليل، والعائش في الحقيقة، والشحاذ، وملحمة الحرافيش، لنجد – بعد ذلك -انتقالا إلى مقالات محفوظ  التي ربتْ على سبعة وأربعين مقالا متنوعا، بدأ محفوظ  في نشرها عام 1930 في المجلة الجديدة – المعرفة – الجهاد اليومي- كوكب الشرق … إلخ، ولا أظن أن عملا من أعمال محفوظ لم يذكره الوكيل في كتابه، أو لم يشر إليه مباشرة، أو من طرف خفي، وهنا نستطيع لمح الآثار النقدية  لكل هذه الروايات والقصص في دراسة الوكيل، في ظل تجربة جديدة كاشفة، وقراءة بينية بين نص ونصوص أخرى ، تتكامل النصوص لنجد نصا في رواية يفسره نص في رواية أخرى، أو يوضحه، أو يؤوله، أو يجمله بعد تفصيل، أو يفصله بعد إجمال، فنجد أمامنا محفوظ في هندسته البنائية والفكرية بشكل شمولي، وهو ما يدعو إليه المنهج النصي الحديث، وقد قام بعض اللغويين- وعلى رأسهم تمام حسان –بتوظيف هذا المنهج على مستوى النص القرآني،  مع تباعد أطراف قصصه ، حين قام بدراسة بعض قصص الأنبياء،  في كتابه : ( البيان في روائع القرآن)   لنجد نصا يفسر نصا في القصة نفسها ، ولكن في سور قرآنية أخرى ،أو يؤوله أو يفسره أو يجمله أو يفصله …  إلخ    

2-من الأشياء اللافتة للنظر أيضا ما فعله سيد الوكيل في حديثه عن تاريخ الأجناس الأدبية، حين اعتمد التاريخ الفني المستند إلى الآليات والملامح الفنية للكتابة، طريقا لكتابة تاريخ الأجناس الأدبية في العصر الحديث ، فالمؤرخون لهذا التاريخ  ينقسمون إلى نوعين : الأول : مؤرخ يعتمد على الزمن بتفصيلاته، وعدد سنواته، لتأسيس تاريخ الأجناس الأدبية، و أكثر المؤرخين يعتمدون على تلك الطريقة نظرا لسهولتها، النوع الثاني مؤرخ يعتمد على فنيات القصة، و الآليات الفنية  الموظفة في الكتابات السردية إطارا مرجعيا لتحرير تاريخ الأجناس الأدبية، وهذا ما فعله سيد الوكيل من خلال مقدمة كاشفة، أفصح فيها عن تاريخ السرد من خلال آلياته وأسراره الفنية الخبيئة ، وهو مالم يلتفت إليه الكثيرون،  لقد أشار إلى هذا التحول الذي أحدث صدمة لدى كتاب السرد في مصر، مما ترتب عليه نوع من التطور والتحول، حين أشار سيد الوكيل إلى حجب جائزة القصة عام 2007 كان ذلك صدمة للكثيرين، فقد عكس ذلك أزمة للخطاب النقدي، ونتج عنه رغبة ملحة في رسم أطر ومحددات فنية جديدة  للسرد، وقد اعتبر هذا الحجب سببا في تحول الكثيرين من كتاب السرد إلى البحث عن تقنيات جديدة وآليات سردية مختلفة عن تلك الآليات القارة في تلك الفترة، فوجدنا نوعا من الكتابة التجريبية التي أسهمت في تطور السرد في مصر . لقد اعتمد الوكيل على الأحداث الفنية في رسم تاريخ السرد وتحولاته، وانطلق من الحدث الذى صدم الروائيين وكتاب القصة، مما أدى إلى تطور واضح من خلال مرحلة التجريب، ويعد هذا الرصد من قبل الوكيل تأريخا دقيقا للسرد، وهذا لم يفعله الكثيرون، لأنه يعتمد على المجاهدة والانقطاع لدراسات فنية واعية وعميقة تحتاج وقتا طويلا، وقد نتج عن هذا التعامل مع آليات الكتابة الفنية الدقيقة تفصيلات مهمة  عن أنواع السرد، رصدها الوكيل في مقام الأسرار ، حيث نتج  عن ذلك أن ” أصبح لدينا قصة وقصة طويلة وقصة قصيرة وقصة قصيرة جدا وأقصوصة، وأخيرا قصة الومضة، وفي مسار آخر بعيدا عن معيار الحجم جاءت المتتالية القصصية لتطاول الرواية في نسج شبكة معقدة  وواسعة من العلاقات السردية ”  ( 26 ) ونلاحظ أن الوكيل استند في رصده التاريخي للسرد إلى الآليات والملامح الفنية التي استقاها من نصوص تقاطعت مع حكاياته النقدية داخل كتابه ( المقامات ) متكئا على المجاهدة التي كان لابد أن تكون نتائجها حاضرة في الفضاء الدلالي لمقام الرضا الذي وضعه هدفا له منذ البداية.   

العتبة  الثامنة :  صفحة الغلاف الرابعة

         وهي الصفحة الأخيرة من الغلاف الخلفي للكتاب، وتعد  الواجهة الثانية للعمل  من الناحية الخلفية، ولا شك أن القارئ يتوجه إليها مباشرة بعد تصفح المقدمات الأولى للكتاب، ويمكن القول عنها بأنها ” تكتسي من هذه الزاوية قيمة هامة،  لكونها تنهض  بمهمة إغراء SEDUIRE   القراء الذين يتجهون مباشرة إليها بعد اطلاعهم على واجهته الأولى، فتعمل على إقناعهم بأهميته وضرورة افتتانه ، من خلال التعريف بموضوعه أو كاتبه أو هما معا ، حيث تتضمن على الانفراد أو بالاجتماع ” ( 27 )     وتتنوع – عادة –  محتويات الصفحة الأخيرة  تنوعا ملحوظا ، لنجد كلمة الناشر، أو جزءا من المقدمة ، أو اقتباسات من أقوال كبار  النقاد المنشورة ، أو  تعليقا لواحد منهم ، وأحيانا تشمل الصفحة  عناوين  مؤلفات  أخرى للكاتب،  أو يكون هناك أيقونة أو صورة للمؤلف أو صورة رمزية …… إلخ، وأحيانا تترك فارغة ، وهو أمر نادر في السنين الأخيرة. ( 28 )         

       وتضم الصفحة الأخيرة من مقامات الوكيل كلمة جاء فيها  :” يبدو هذا الكتاب أنشودة في محبة نجيب  محفوظ ، لكاتب هو بالأساس روائي ومبدع ، لهذا فإن أهم ما يميزه هو اللغة الإبداعية ،وقدتها  على الحفز العميق ، حتى إنه يفضى بنا إلى ملاحظات مدهشة ، لم نلتفت إليها ، على الرغم من كثرة ما كتب عن الأديب العالمي من دراسات وأبحاث

        إنها جولة ممتعة في العالم اللامرئي لنجيب محفوظ، تحفزنا لإعادة النظر في كثير مما عرفناه،  أو تعارفنا عليه من مفاهيم ومقولات، وصور ذهنية ، طالما ضللتنا ، وأعمتنا عن كثير من أسرار العوالم الإنسانية لدى كاتب عربي جدير بالعالمية ” هذا هو النص كاملا على الصفحة الأخيرة ، وهذا النص بطبيعته وإشاراته هو كلمة الناشر، مع  عدم وجود ما يشير إلى ذلك  مباشرة ،  لكن مما يدل على هذا الفهم وجود أيقونة الناشر أسفل الصفحة  وبجوارها  اسم الناشر،  وهو ( منشورات بتانة )  والنص الوارد في هذه الصفحة ليس جزءا من المقدمة، ولم  يأت ما يشير إلى أنه نص للكاتب، وبتحليل هذا النص نرى أنه يشير إلى مميزات خفية وظاهرة مثل : لغة الكاتب الإبداعية، الملاحظات المدهشة  في الكتاب التي لم  يلتفت إليها أحد مع كثرة الكتابات عن محفوظ، كما يشير النص أيضا  إلى متعة قراءة النص، المتعة التي  تثير فينا إعادة النظر في قراءة  حداثية عميقة لنجيب  محفوظ،  لدحض  الأوهام العالقة في عقول الكثيرين من قراءات سابقة، أو نقد سابق. وهنا نستطيع القول بأن هذا كلام يكشف لنا عن جزء مهم  من أسرار الكتاب وخباياه وميزاته، بقصد استقطاب القارئ  لمتابعة قراءة العمل كاملا، دون الوقوف على محيط الكتاب، أو عتباته فقط.

العتبة التاسعة : الخاتمة :

      لعل السؤال الذي يطرح نفسه هو:  نحن نتكلم عن العتبات النصية، فكيف تكون الخاتمة ، ضمن هذه العتبات، وخاصة أننا نعرف  مكان الخاتمة، المحدد لها آخر الكتاب ، فكيف تكون عتبة، والعتبة تعني بداية النص ، والحقيقة  أن العتبة النصية يكون المقصود بها هي ما يميل المتلقي إلى قراءته والاطلاع عليه فور إمساكه بالكتاب، وقبل الدخول إلى المتن،  ومنذ التصفح الأول لأى عمل،  فإننا نقلب الكتاب يمنة ويسرة، فنرى العنوان والصفحات التالية له،  ثم نذهب إلى آخر الكتاب، لنرى الخاتمة  والغلاف الأخير، وربما تصفحنا المصادر والمراجع، إن كان الكتاب متخصصا، ويكون المتلقي في التخصص نفسه، وهنا تمثل الخاتمة عتبة من عتبات القراءة، ولذا اعتبرها البعض جزءا من المقدمة، فقد قال   د يوسف الإدريسي متفقا مع جيرار جينت  ( 29 ) ” تتحدد المقدمة باعتبارها كل نص استهلالي ( تمهيدي أو ختامي ) يكمن في خطاب منتج بخصوص النص الذي يليه أو يسبقه ، ومن ثمة ستعتبر الخاتمة تنويعا على المقدمة ، والتي ليست سماتها التميزية أقل أهمية من السمات التي تشترك فيها مع النوع العام ” وهنا نجد اشتراكا بين المقدمة والخاتمة  في :

  1. استقطاب المتلقي للتعامل معهما قبل البدء في قراءة العمل كاملا
  2. أنهما ( المقدمة والخاتمة ) – كما يقول ه ميتران :”  تشتركان في لحظة كتابتهما ، فالمقدمة تكون دائما –في الواقع – خاتمة ، لكونها تكتب بعد النص وليس قبله ” ( 30 )

            وقد جاءت خاتمة المؤلف على غير عادة خواتيم الكتب، فعادة تكون الخواتيم لأهم الملاحظات والنتائج والاقتراحات والتوصيات …. إلخ، أما سيد الوكيل فقد صنع غير ذلك ، ففي نهاية الكتاب  ( 31 )   وجدنا  عنوان: (توقيع أخير) ، وتحته عنوان آخر : ( لمح البصر ) وارتبط بهذا العنوان هامش يقول فيه : سيد الوكيل : لمح البصر نصوص الأحلام  ،دار  روافد للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 1014 م   ( 32 )   وبما أن لمح البصر مجموعة قصصية ، فهذا يعني أن الخاتمة عبارة عن قصة من قصص  مجموعة ( لمح البصر ) للكاتب نفسه،   وهنا نجد قصة مرتبطة بالدراويش والمتصوفة، وأيضا بنجيب محفوظ، وكذلك مرتبطة بالأحلام الواردة في مقدمة المؤلف، وكأن  الكاتب أراد أن يربط بين المقدمة والخاتمة  بهذا الحلم الذى رآه عن نجيب محفوظ،  والمرتبط بحلقات الذكر  والدراويش والمتصوفة، كذلك نجد القصة   مرتبطة بأمكنة وأزمنة وشخصيات يلامس بعضها الحقيقة ، حين قال في نهاية القصة وهي نهاية الكتاب ( 33 )   : ” …….. إلا أنني لمحتهم من كوة الباب  . إنهم جالسون هذه المرة في هيئة  دراويش منهمكين في أذكارهم ، وعيونهم شاخصة في اتجاه شيخهم، فمضيت بينهم وهم لا يحفلون . وأنا أراه منكفئا كأنما يقرأ في كتاب بين يديه، ورأسه مغطى بغترة من شاش أبيض، وما إن انتهيت إليه ، حتى رفع رأسه ، فإذا بوجه نجيب محفوظ مبتسما، فلم أدر ماذا أفعل ”  وبعد تأمل نص الوكيل في خاتمة الكتاب ندرك مغزى هذه الخاتمة، فبما أنها نص من نصوص الأحلام، والنص مرتبط بنجيب محفوظ، وكذلك مرتبط بالدراويش والأذكار والانقطاع والشيخ الجالس والغترة البيضاء، فإن  كل هذا يعطينا أجواء التصوف الذى تأسس عليه الكتاب ، وكأن الوكيل يريد أن يقول لنا قبل الوداع، لابد أن  نتذكر جيدا هذا  الربط بين محتوى الكتاب  وفضاءات التصوف التي كانت  مقصودة بشدة،  والإشارة إلى  نجيب محفوظ، وما يحيطه من عوام الناس والكتب والنصوص،  وهذا الحجر الذى ألقي في يد محفوظ ، وهذا التردد من الوكيل، هل يجلس بينهم، أم يعود إلى حيث أتى ؟ هل يمارس طقوسهم أم لا ؟ إنها خاتمة تربط القارئ بالكتاب منذ عنوانه حتى خاتمته في نسق دلالي مدهش،  تربط بين أول العمل وآخره ، ويدل على وعي نقدي وحس إبداعي عميق. 

سؤال أخير للمناقشة

      قبل أن أغادر البحث، مختتما الحديث حول العتبات النصية، وجدت أنه من المهم أن أطرح سؤالا، فربما تفتح الإجابة عنه الآفاق لقراءة جديدة، أو لفكر نقدي جديد، هذا السؤال هو : هل تعد الظروف المحيطة بقراءة النص من زمان ومكان وفضاءات نفسية ومادية واجتماعية…. من قبيل العتبات التي تدخلنا إلى عالم النص  بتوجهات خاصة ، حتى  وإن لم تكن نصية، فنحن عندما نقرأ رواية أو عملا ما  ربما نتأهب لقراءته في  ظروف زمانية ومكانية أو نفسية محددة… إلخ  ، فهل تؤثر هذه الظروف المحيطة بالمتلقي في التعامل مع النص الأدبي سلبا أو إيجابا منذ البداية، فماذا عن اختيار المتلقي  الشتاء لقراءة  بعض الأعمال ، أو يختار آخر الصيف للهدف نفسه ، أو  يختار ثالث وقت السفر، وهو في الطائرة أو في القطار  ليقرأ العمل، هل يعد ذلك – وإن كان خارجا – عن إطار العمل عتبة من عتبات القراءة ؟ ماذا يحدث لو أن القارئ بدأ القراءة فوجد  من خلال المقدمة  أو حتى المتن،  أنه يصنع الشيء نفسه الذى يقوم به شخص من شخصيات الرواية ، هل تؤثر هذه المصادفة في توجيه  علاقة المتلقي  بالنص المقروء .

خاتمة البحث

        لاشك – كما رأينا –  أن العتبات النصية لها دور كبير في توجيه علاقة المتلقي  بالعمل المقروء ، وقد رأينا من خلال الدرس التطبيقي أن  العتبات الواردة في كتاب (مقامات في حضرة المحترم) قد صنعت نوعا من  التهيئة العقلية  لصنع  ترابط  دلالي بين العتبات و متن النص بشكل واضح، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى مهدت عقلية المتلقي لمعرفة استراتيجيات الكتابة عند الوكيل ،  لتوظيف منهجية  الكتابة النقدية من خلال الدراسات البينية، حين وجدنا ملامح التصوف المرتبطة بالنقد الأدبي وغيره من العلوم الأخرى ، وكذلك الربط بين نصوص نجيب محفوظ النثرية كالروايات والقصة القصيرة  والمقالات، وكأن هذا تطبيق للمنهجية التي يدعو إليها علم اللغة النصي في العصر الحديث.

        كذلك نلاحظ أن  العتبات النصية عند الوكيل  تتجاوز فكرة حصر هدفها لأن تكون بوابة  الدخول إلى عالم النص فقط، أو تكون مجرد عتبات نصية تفضي إلى ما بعدها فقط، ولكن  الوكيل يتوسل بها إلى هدف أسمى، وهو فكرة  التكثيف الدلالي، والثراء المعرفي في قراءة العمل ، وربط كل جزئياته في نسق  دلالي  متكامل.

هوامش البحث   

  1.   عتبات النص في الرواية العربية – دراسة سيميولوجية سردية – د على عزوز إسماعيل – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 2012  ص 31، 32   
  2. 2-    السابق   ص   32   – 37 
  3. كتاب مقامات في حضرة المحترم : للكاتب سيد الوكيل   -منشورات بتانة – القاهرة – 2019 .   والكاتب سيد الوكيل كاتب روائى وناقد مصري ، له مجموعة من الكتابات الإبداعية، منها : مجموعات قصصية : أيام هند- للروح غناها – مثل واحد آخر – لمح البصر – عملية تذويب العالم  ، وله مجموعة من الروايات ، منها : فوق الحياة قليلا – الحالة دايت-  شارع بسادة –  ، كما أن له مجموعة من الكتب النقدية ، منها  : مدارات في الأدب والنقد – أفضية الذات قراءة في اتجاهات القصة ، مقامات في حضرة المحترم ، وهو  قراءات نقدية في كتابات نجيب محفوظ، والكتاب يعد مدخلا لإعادة القراءة النقدية لنجيب محفوظ.      
  4. 4-    عتبات النص – بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر  د يوسف الإدريسي منشورات  مقاربات ط1  2008  آسفي – المملكة المغربية  ص 55  
  5. 5-   عتبات النص في الرواية العربية  – عزوز  -ص 225  
  6. في نظرية العنوان  -مغامرة تأويلية في شؤون العتبات النصية –  خالد حسين التكوين للتأليف والترجمة والنشر 2007   دمشق  –  ص 17   
  7. 7-    الرسالة القشيرية للإمام أبو القاسم القشيري النيسابورى الشافعي المتوفى سنة 465 ه تحقيق عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف 1409 ه  1989 م مطابع مؤسسة دار الشعب للصحافة والطباعة والنشر ص631  
  8. 8-   كتب اللمع لأبي نصر الطوسي تحقيق د عبد الحليم محمود و طه عبد الباقي سرور – دار الكتب الحديثة بمصر – دار المثنى بغداد 1380 ه – 1960 م  ص 80 ، 81  
  9. مقامات  في حضرة المحترم  ص 11
  10. 10-  السابق ص 20
  11. الرسالة القشيرية للإمام أبو القاسم القشيري النيسابورى ص 40- 41   
  12. 12-                   عتبات الكتابة في الرواية العربية د عبد المالك أشهبون – دار الحوار للنشر والتوزيع – سوريا الطبعة الأولى عام 2009  ص 199  
  13. 13-                 (( عتبات النص في الرواية العربية – دراسة سيميولوجية سردية – د على عزوز    إسماعيل    ص 312- 313   
  14. 14-                    عتبات الكتابة في الرواية العربية د عبد المالك أشهبون    ص 204  
  15. مقامات في حضرة المحترم   ص 5  
  16. 16-                   انظر كتاب عتبات الكتابة في الرواية العربية د عبد المالك أشهبون  ص 205  
  17. نقلا عن كتاب عتبات النص  د يوسف الإدريسي ص 55 
  18. 18-                  السابق   ص 55  
  19. 19-                  السابق   ص 55 
  20. مقامات في حضرة المحترم   ص 6    
  21. مذهب للسيف ومذهب للحب …. رؤية نقدية جديدة لأدب نجيب محفوظ من خلال روايته الشاملة ( ليالي ألف ليلة ) لشاكر النابلسي –  الفريسة -العربي للدراسات والنشر  – بيروت.  ١٩٨٥ طبعة أولى  مقدمة الكتاب ص 5  
  22.    عتبات الكتابة في الرواية العربية  –    2009  
  23. 23-                  السابق  ص  73- 74  
  24. 24-                  من صفحة 11 إلى صفحة 15 من الكتاب 
  25. مقامات في حضرة المحترم ص 11
  26. 26-                  السابق   ص 27  
  27. عتبات النص يوسف الإدريسي   ص 83-84  
  28. 28-                   السابق  ص 83
  29. 29-                  السابق  ص 57  
  30. 30-                  السابق  ص 59 
  31. ص 163
  32. 32-                   وإن كان تاريخ النشر كتب خطأ  1014  م  ، والصواب 2104   م

المصادر  والمراجع 

1-الرسالة القشيرية للإمام أبو القاسم القشيري النيسابورى الشافعي المتوفى سنة 465 ه تحقيق عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف-  مطابع مؤسسة دار الشعب للصحافة والطباعة والنشر –  1409 ه  1989 م  

2-عتبات الكتابة في الرواية العربية –  د عبد المالك أشهبون – دار الحوار للنشر والتوزيع – سوريا الطبعة الأولى عام 2009 

3-عتبات النص – بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر  –  د يوسف الإدريسي منشورات  مقاربات –  آسفي – المملكة المغربية-   ط1  2008    

4-عتبات النص في الرواية العربية ،دراسة سيميولوجية سردية – د على عزوز إسماعيل – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 2012 

5-في نظرية العنوان  -مغامرة تأويلية في شؤون العتبات النصية –  خالد حسين –  التكوين للتأليف والترجمة والنشر   – دمشق  –  2007 م    

6-اللمع لأبي نصر الطوسي تحقيق د عبد الحليم محمود و طه عبد الباقي سرور – دار الكتب الحديثة بمصر – دار المثنى – بغداد 1380 –  ه – 1960 م 

7-مذهب للسيف ومذهب للحب …. رؤية نقدية جديدة لأدب نجيب محفوظ من خلال روايته الشاملة ( ليالي ألف ليلة ) لشاكر النابلسي –  الفريسة -العربي للدراسات والنشر  – بيروت.  ١٩٨٥ طبعة أولى 

8-مقامات في حضرة المحترم : للكاتب سيد الوكيل   -منشورات بتانة – القاهرة – 2019

أضف تعليق