عظمة ياجدي..قصة:  رزق فهمي

لم تكن عودته هذه المرة إلا مسك الختام وكأنها نهاية رقصة البلوشوي حيث تحتدم الرغبة في إشتعال نار نورانية تسفر عن إرادة تحليق البلوشوي نحو الخاتمة .

بصدر،مفتوح يدرك أنه لن يتفلت حي من أثرها وكانت كل المؤشرات كما هي كالعادة عصر خميس اعتدناه نحن صبية الشارع نسميه عيد العودة، المعتاد كل أسبوعين حيث ترسخ عودته المفرحة المغنمة لعيد أجازة الجمعة عيدين ننعتق من ثقل اليوم الدراسي يقظة مزعجة وقيد خانق وواجب ثقيل ومشوار مجهد وحقيبة من الضمور نجرها جرا حين ترهق بحمولاتها كواهلنا ثم عودة منهكة في نهاية العلقة اليومية لسان حالنا يقول متى هذا الوعد ياحرية وفي عودته حين يعود طقوس أفراح تبدأ من إنتظارنا له عند البدالة الفاصلة بين الز ر اعات والبيوت حتى  إذا هل علينا مختلفا في كل شيء عن كبارنا القاهريين الزاجرين المؤنبين دوما لنا والمستمتعين بالعيش في سراديب تعاليمهم الفوقية الجاشمة الغاشمة غالبا  أما هو حين يهل بعمامته المكورة فوق رأسه الدقيق يفتر ثغره عن أبتسامة طفولية صافية تميزه وجلباب أبيض شفاف ناصع وصندل لميع كانه يأتينا من باب الشعرية حيث دكانه المخصصة لبيع العسل الأسود والطحينة السخينة سابحا في السما ء سبوح أهل الخطوة في أساطير المتصوفة كل الأطفال عيونهم نحو سيالته حين يحط رحاله فوق مصطبة بيت جدتي حيث يخرج لكل واحد قطعة بقرشين ضاوية لم تمسسها كف من قبل فتنتعش حركة شراء غير عادية للعسلية و الفندام و الملبن و السمسية والموز الحلاوة وألواح الحمصية وتمتزج القرقشة بالقزقزقة بالكركرة  ويمازج عطر تومباكه الخاص.

وارد باب الشعرية ذكي ماترسله وردات دقن الباشا العتيقة التي تفترش عريشة بيت العز والتي حين تفتح البؤجة وتظهر علبة النشوق الخاصة بها يغمز هو بطرف عينه الساحرة القوالة فتكبب هي بخمس أصابعها المكورة في وجوهنا أما أنا فلا يشعل ليلتي الخاصة  إلا حكاياته عن نساء و شابات وخناقات وأفراح وأطراح الحارة  ومشاهيرها مثل عبد الوهاب المغني وسيدي الشعراني وعجايب طبقاته.

إنها الحارة التي تتاخم محله وإنها الحكايات التي تصهلل مع نار جوزته مؤنسة ليلاته حين ينادم ليلاته بحواديتهم المدهشة و عوالمهم المختلفة عن عالم شارعنا الساكن ليلا دوما وكأنهم كما قلت له مر ة هما مابيناموش بالليل ياجدي عظمة .

أما الجديد الذي أشعل أحزاني ليلة الرحيل ترك ندوبا وحفر وأخاديد وجودية ليلتها حين احتاج لهجعة مابعد التمباك ، اصدر شخير نهاية الرحلة المعتاد والذي طال أمده هذه المرة وطلب الغطا .

بإشارة من إصبعه ثم أرسلت رسالة المرتابين و نحن سابحون في ليلة غير عادية  نذرهم التي أمتدت وزاد ثقل وجيفها حتى عصر الجمعة  إذ غاب جدي عظمة ولم تغب
ذاكرته المؤرخة للقاهرة الشعبية حين قالت له جدتي في اللحظات الأخيرة وهي تسقسق له حبات الفول المهروس في مرقه

طب اتبلع بمعلقة الفول دي

فرد عليها بجملته الأشهر التي أكتشفت حين ذهبت إلى الجامعة بعد سنوات واكتسبت فضيلة التسكع في شوارع المحروسة يعني كان فول ابو ظريفة يا أختي ثم أغمض عينيه.

أضف تعليق