أرشيف الأوسمة: فردوس عبدالرحمن

الغوص في اللاوعي والبحث عن أسطورة الذات الخاصة

فردوس عبدالرحمن

قراءة …في لمح البصر ل سيد الوكيل

آسرة تلك الأعمال الإبداعية التي تبحث في خفايا الروح عن الأساطير الشخصية للإنسان المعاصر، لذلك ما إن وقع بين يديَّ (لمح البصر) لكاتبه المصري سيد الوكيل، حتى انفتحت لي أسرار الشبق الوجودي، وتعرفت على جذوره، وتعلمت أيضًا أن شعور الذنب الذي أحاربه داخل نفسي باستمرار، لمعرفتي أنه العدو الأكبر للإنسان، هو الشرط الأساسي لبلوغ الكينونة، المرحلة الثالثة والأخيرة في تطورها.

في تلك المجموعة، يفتح سيد الوكيل صندوقه الأسود، ليرى حقيقته الداخلية، ويبصر أسطورته الشخصية، لكن من يقرأ تلك المجموعة، يعرف أن الكاتب لم يستطع بلوغ أعماقه إلا عن طريق الكدح النفسي، وكانت الأحلام التي كتبها هي الباب الملكي لذلك. فالحلم ليس فقط تعبيرًا عن رغبة ما، وإنما يمثل شتى ضروب العمل النفسي.

“قلت: ما الحلم

قالت: أن تنظر بداخلك

قلت: وما الرؤية

قالت: أن تحدق في النار

قلت: يالها من وحشة، ياله من ألم

قالت: ها أنت في الحقيقة تعيش”

الآن يستسلم الكاتب لكماشة الروح التي لا ترحم، والتي سوف تريه ظله رغمًا عنه، ذلك الجانب الخفي والمعتم في نفسه، والذي ظل يتعقبه ليقبض على عنقه، دون أن يدري أي ذنب جنى، لكن التعرف على خفايا الروح والولوج إلى الطبقات التحتية منها، أمر صعب المراس، بل وعديم الجدوى، إن لم يتم الصعود بتلك الرؤى الداخلية وتمديدها على سطح الوعي، ذلك ما يعطي الشخصية القدرة على إدراك كليتها وضخها بقوة خلاقة جديدة .وهذا بالتحديد هو ما يسمى بالولاف الأعلى، والذي يسميه (سلفانو أريتي) العملية الثالثية، حيث إن العملية الأولية، هي المعرفة البدائية، المغفلة، اللامتميزة، الأسطورية، والمعرفة الثانوية هي المعرفة العقلية المحضة، والمعرفة الثالثية هي الولاف بينهما،  وهذا ما سوف نراه بوضوح في هذا العمل الإبداعي  (لمح البصر) والذي نكتشف بداخله هذا الولاف، بين ما هو ساذج وبدائي وأسطوري، وبين ما هو مُدرَك عقلي واعي.

استمر في القراءة الغوص في اللاوعي والبحث عن أسطورة الذات الخاصة