أرشيف الأوسمة: في البدء كانت العتمة

سلاما لروح الفيلسوف الحائر…بقلم محمد عبد القادر التوني

قراءة في مجموعة ( في البدء كانت العتمة )                                                            

الكاتب طلعت رضوان

بعد أيام قليلة من صدور مجموعته القصصية الأخيرة ” في البدء كانت العتمة ” الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب 2021 ؛ رحل عنا كاتبها ” طلعت رضوان ” ،

رحل عنا فارس الهوية المصرية العالم المثقف وقد ترك لنا تراثاً كبيراً من الإبداع القصصي والفكر الوطني والتنويري والحوار المتمدن ،

وها نحن نستحضر روحه الطيبة الطاهرة ؛ ونحن نطرق أبواب مجموعته ” في البدء كانت العتمة ” ليحملنا معه في رحلاته كي يضع أعيننا على مواطن الجمال ، ونتغذى من فكره ، ونستمتع بما اختاره لنا من مواقف ؛ لتكون لنا درساً مفيداً في تعاملنا مع الحياة ،

ففي مجموعته هذه : ( في البدء كان الظلام  ) ، بعنوانها الذي يجعلك تتردد وأنت تحاول الاقتراب من منها ؛ تماماً مثل تردداته الكثيرة ؛ لكن إذا كانت لديك الشجاعة وحُب الاكتشاف وأمسكت بها ورحت تقلب صفحاتها وقفز في وجهك أول عنوان لأول قصة فيها : ( عتمة افتراضية ) ! ؛ ربما ألقيت بالكتاب من يدك ؛ وإن لم تُلق به وكنت شجاعاً ؛ أصبحت كطفل صغير يتحسس الخطى في الظلام يغمض عينيه ؛ وكلما أغمضهما اتسعت رقعة الخوف في صدره ؛ لكن سرعان ما ينبلج الصُبح فتتشبع من نسيم الحياة الريفية الصافية ببساطة أسلوبه وقوة معانيه ورؤيته الفلسفية الساخرة التي ارتوى منها منذ طفولته ، لتجد نفسك وقد استرخيت وكأنك جالس في بستان ؛ فتطلق لخيالك العنان وأنت شارد في هذا السحر الذي لا يكف عن التدفق من هذا المعين الخصب ؛ فتطرب ولا تملك أن تخفي ابتسامتك أمام أسلوبه الساخر المليء بالصور المغايرة والمتناقضات ، وجمال الوصف للشخصيات وكأنك تقرأ شخصية تعرفها أو أنها تجلس أمامك ! ، وهو يصور لنا سحر الماضي ، وحماقة وعبثية الحاضر ، هذا الرجل ( الديكارتي ) المغرم بالوجود والذي يسعى إلى فهمه من خلال قراءة الوجوه ، ” أنا أقرأ الوجوه ، إذن أنا موجود  ” ، ” عادتان تملكتاني : السفر بلا هدف ، وقراءة الوجوه ” ،

استمر في القراءة سلاما لروح الفيلسوف الحائر…بقلم محمد عبد القادر التوني