أرشيف الأوسمة: محمد الراوي

الأشياء وتشكلاتها في القصة القصيرة. د. مصطفى الضبع

د. مصطفي الضبع

تملأ الأشياء الكون منازعة الإنسان وجوده، وكما إنها تفتح أمامه مجال الابتكار فإنها قد تمثل عائقا يصل حد التحدي، وإذا كان الحكي يتخذ من الإنسان مادته الحيوية فإنه لا ينتزع الإنسان من محيطه دونما اعتماده في بيئته التي تتشكل من كم هائل من الأشياء.  تظل الأشياء على حيادها في الواقع حتى يأتي الفن ليجعلها في سياق قادر على إخراجها من حياديتها ، فهي تقيم حوارا صامتا بينها وبين الإنسان ، وفيما بينها وبين بعضها البعض ، فالأشياء تستمع للإنسان ولكنه لا يستمع لها ،  هي تعبر عن كثير من طبائعه وأحواله ، فمنها ما هو قادر على الإشارة إلى حالة الإنسان الاقتصادية سواء نوعها أو كمها أو حضورها أو غيابها ( [1] ) ، ومنها ما هو قادر على الإشارة إلى حالته النفسية  (  [2]) .

استمر في القراءة الأشياء وتشكلاتها في القصة القصيرة. د. مصطفى الضبع

رواية الزهرة الصخرية ..للكاتب محمد الراوي

روايــة الزهرة الصخرية

النص الكامل             

{ 1 }

          كان من عادتي أن أذهب بسيارتي إلى طريق فرعى يمتد بموازاة ساحل البحر ثم ينعرج إلى قلب الجبل . وكنت أحب أن أفعل ذلك عندما يكون الجو صحوا منعشا، وعندما تتناثر في السماء السحب البيضاء القريبة من الأرض. كنت أفتح نوافذ سيارتي فيمر الهواء البارد بقوة من خلال السيارة  ، مما يبعث في جسدي النشاط والرغبة في الانطلاق بعيدا  خاصة في الأماكن التي لا ترتادها السيارات كثيرا .

          في يوم من الأيام التي كنت أعبر فيها ذلك الطريق، انفجرت عجلة خلفية فأوقفت سيارتي على جانب الطريق تحت سفح الجبل. وبينما أنا منهمك في فك العجلة إذا به يخرج من بطن الجبل في هدوء غريب وكأنه كان على موعد معي. ألقى بالتحية وقرفص بجواري. قال : أنا الشيخ عسران، ثم أخرج من صرة كبيرة كان يحملها على كتفه كوزا وأكوابا . أشعل نارا وقام بعمل شاي شربناه معا ونحن نتبادل الحديث .

استمر في القراءة رواية الزهرة الصخرية ..للكاتب محمد الراوي

الراوي الذي أعرفه

بقلم: سيد الوكيل

ربما هو نوع من الخجل المفرط، الذي يصل إلى حد الاعتزاز بالذات، وربما الكبرياء. طوال الوقت أحاول تجاوزه لكني دائما ما أفشل. لا يمكنني أن أطلب شيئا لنفسي، أو أقدم عملا من أعمالي لناقد مهما كانت مكانته، ومع ذلك فابتسامه عابرة أو كلمة طيبة يبدأ بها شخص ما، أقدم له روحي على طبق من فضة. مرات كثيرة كنت أندم عندما يتكشف لي الوجه الآخر من وراء الابتسامة… هكذا أنا، وهذا مأزقي الوجودي.  لكن الأمر ع الأستاذ محمد الراوي مختلف. إذ كان قلبا يسع العالم.

 مرة واحدة حاولت أكسر هذا الهاجس، مرة واحدة قدمت فيها مجموعتي القصصية الأولى ( أيام هند ) إلى الناقد الكبير إبراهيم فتحي، وأنا أقول له مداعبا لأبرر وقاحتي: ممكن حضرتك تقرا القصة الأولى، إذا لم تعجبك ألق بالكتاب على طول ذراعك. نظر إلى بغضب وقال: أنت هتعلمني ماذا اقرأ وكيف اقرأ؟

لكن من الخطأ أن نحكم على شخص ما من موقف واحد، البشر بداخلهم ذوات متعددة، وربما متناقضة، وعلينا أن نحترم هذا فيهم. الغريب في الأمر أنني أصبحت أكثر تشببا بكتابات إبراهيم فتحي النقدية، فقرأت جل إنتاجه بنهم، وتمنيت أن أكون مثله.

 بعد أكثر من عشرين عاما تصادف أن تواجدنا في مؤتمر واحد. كان ثمة حديث بيني وبين محمد الراوي على جانب في قاعة المؤتمر، عندما مر بنا إبراهيم فتحي، فنهض محمد الراوي ليصافحه. وجدتني مضطرا أن أقوم وأصافحه أنا أيضا.

 كعادته أخذ محمد الراوي على عاتقه مهمة رعايتي أدبيا، لقد فعل هذا من تلقاء نفسه، وبعشم كأننا أصدقاء من زمن طويل، كان يقدمني لأصدقائه القدامى، ويكلمهم عني كثيرا بكرم وافر، عندئذ قاطعه إبراهيم فتحي وقال:

– أنا عارفه يا محمد.. مش بتاع أيام هند وكامليا!

اطلق الراوي ضحكة مجلجلة كعادته أيضا، وقال: لأ.. هند من غير كامليا…هند وكامليا ده فيلم يا ابراهيم.. طب أنا عاوزك تقرا روايته الجديدة، اسمها فوق الحياة قليلا.. لازم تقراها، هتعجبك قوي.. معاك نسخة يا سيد.. ؟

.. تعالي يا إبراهيم نقعد هنا شويه.. أنت واحشني والله.

لا أحد يمكنه أو يوقف مع الراوي ولا أحد يجاريه في طلاقته، وبساطته. روح منفتحة على العالم لا تعرف غير الحب، نبرة فرح أحسها في صوته، وهو يحكي عن ذكرياته مع يحي  الطاهر عبد الله، ومحمد مستجاب خلال  إقامتهما في السويس، وعن مباريات الكرة التي يلعبونها في شوارع السويس ليلاً، البيوت أيضا خاوية خلال سنوات التهجير. حكايات مخاتلة، لا تعرف منها الواقع والخيال، كتلك التي كتبها في رائعته ( الزهرة الصخرية) حتى في حكاياته عن سنوات المقاومة في السويس مخاتلة أيضا وتبدو أسطورية، يحكيها وهو يضحك كأنه يحكي فيلما كوميديا، بالرغم ما فيها من مأساوية.

هذا رابط فيديو يؤكد ما نذهب إليه في شخص محمد الراوي:

من الملامح التي لفتت انتباهي في محمد الراوي، ليس كتاباته الملهمة، والمميزة فحسب، بل شجاعته في طرق عوالم غير مألوفة، كتلك التي كتبها في ( الزهرة الصخرية ، وتل القزم ) التي أعتبرها استباقا في الرواية التاريخية الحديثة. المدهش في الأمر شجاعته، وثقته التي بلا حدود في أصدقائه، لدرجة أن الرسائل التي كانت متبادلة بيننا تتضمن أراء شجاعة، ووقائع شخصية يحكيها وهو يضحك ويتساءل : ( لا أصدق أنني فعلت هذا.. لكنه الشباب.. اوع تقول لحد الكلام ده يا سيد .. ويضحك)

خمس سنوات على الأقل تبادلنا الرسائل، وأفصحنا فيها عن الأراء والأسرار، فضلا عن زياراته الخاطفة، كلما نزل القاهرة، زارني في مقر عملي بجامعة عين شمس. بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية، نمضي بضع ساعات نتكلم. في إحدى هذه الزيارات راح يحدثني عن رواية يكتبها وقتها اسمها ( حارس البحر ) ومن المصادفات العجيبة، أنني كنت قد شرعت في كتابة رواية بعنوان (منزل خشبي أمام البحر ) كنا نسرب بعض المقاطع والمشاهد في روايتينا عبر الرسائل، حتى انقطعت الرسائل تماما، ولا أعرف لماذ؟  لكن مكالمات تليفونية استمرت لبعض الوقت أيضا، مكالمات عابرة وكابية، تؤذن بصمت قادم، صمت استمر طويلا بعد أن توقف عن الرد على التليفون، وعندما سألت المرحوم عصام استاتي عنه، أخبرني أنه الراوي دخل في عزلة، ولم نعد نعرف عنه شيئا. أثار هذا دهشتني، كيف لرجل يمتلك كل هذه الطاقة المنفتحة على الحياة، ينتهي إلى عزلة مقيتة.

لا أعرف على وجه اليقين إذا كانت روايته ( حارس البحر ) قد نشرت فعلا أم لا؟ لكن روايتي ( منزل خشبي أمام البحر )  ظلت في الأدراج وتحولت إلى وريقات صفراء مهترأة. وضعتها في مظروف كبير مع رسائلة/ ومازلت احتفظ بها على سبيل الذكري، ولا أدري لماذا توقفت كن كتابتها، وكأنني ارتبطت روحيا ونفسيا بحارس البحر. فعندما صمت، صمتُ أنا ايضا.

حكاية الزهرة الصخرية:

رأيت من الأفضل أن ننشر هذه الرواية القصيرة، الكثيفة، المخاتلة. حتى نتمكن من قرائتها، ونعرف طبيعة المغامرة السردية عند محمد الراوي.

 أما أنا فسأحكي لكم عن ما حكاه الراوي عن ملابسات تلك المرحلة التي تحكمت فيها صراعات مؤدلجة أفسدت الفن والأدب بدعوى أن وظيفة الأديب هي أن يصور قضايا مجتمعة فحسب. هكذا يصبح الأديب موظفا بقرار سياسي من ستالين على حد تعبير الراوي نفسه. إنه الأدب الملتزم.. كان لهذا التعريف الضيق حراسه في الحياة الأدبية، حتى أن أي محاولة لمفارقة أنماط الأدب الملتزم، كانت تعامل بوصفها خيانة وطنية.

 في هذا السياق الضيق اعتبر الدكتور ( عبد المحسن طه بدر ) أن رواية الزهرة الصخرية عودة إلى الرومانسية القديمة ، ولا يمكن نشرها في دار المستقبل العربي. وبعد ذلك نشرت الرواية في الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهي مؤسسة حكومية، ومع ذلك فلا تضع قيودا فنية على الرواية،  بينما الناقد اليساري الكبير صاحب ( الروائي والأرض) يرفض رواية بهذا الجمال.

المفارقة أن الرواية نالت شهرة واسعة بين الأجيال الجديدة من الكتاب، وهذا يعني أن كتاب هذه المرحلة بالتحديد، كانوا ينظرون إلى الوراء بضغب، وضجر من أنماط الكتابة المؤدلجة، وأن محمد الراوي كان سابقا وشجاعا ليفعل هذا بالكتابة، ولا يكتفي بالكلام. إنه يفعل هذا على الرغم من تأكيد انتماءه اليساري

لنقرأ هذه العبارة التي كتبها محمد الراوي، تعقيبا على وعي المستقبل العربي اليساري : ”  هذا التقرير الذي يلقى الضوء على الأيدلوجية عندما تطل من نافذتها الضيقة على أي عمل  إبداعي فتتعامى عن كل عنصر جمالي وكل تخييل إنساني في سبيل تحقيق أغراضها وفرض مفاهيمها وتثبيت رؤيتها الجامدة المقولبة إلى العالم والإنسان ، مما أودى بها إلى صندوق نفايات التاريخ . مع  العلم بأني لا أقصد بالأيدلوجية اليسار أو اليمين.. فأنا يساري في صميمى “

رسائل الراوي:

حتى وقت قريب كنت أعتقد أن  لعبة المراسلات الورقية بيننا، تقتصر علينا فقط، لكنى عرفت أنها لعبة محمد الراوي المفضلة، التي تكررت مع أصدقاء وثق في وعيهم.

كانت رسائلنا تصل إلى 12 صفحة ورقية، لهذا حملت كثيرا من الأحلام، والذكريات، والأراء تدور كلها حول الأدب والفن، موضوعات لم يعد من المجدي الكلام عنها الآن، العالم يتغير بسرعة أكبر من توقعاتنا. لكني على سبيل الامتنان انشر رسالة واحدة مختصرة، تكون وفاء لهذا الرجل النبيل، وقدرته على متابعة الحراك الأدبي، ولا سيما الشباب الذي كانوا يتلمسون طريقهم في هذا الوقت.

محمد الراوي، هو الوحيد الذي امتلك شجاعة أن يكتب عن روايتي ( فوق الحياة قليلا ) وقت صدورها. وعبر عن دهشته من صمت النقاد وتجاهلهم لها، إذ أحدثت الرواية ما يشبه الصدمة لهم. وعبرت عن روح مغامرة لتجاوز أنماط الواقعية المؤدلجة، بل تناولت على نحو ساخر عددا كبيرا من شخصيات أدبية، كان أمثال الدكتور/عبد المحسن طه بدر يعتبرهم قادة في مجالهم، وفي نفس الوقت يعتبر الزهرة الصخرية ردة إلى رومانسية عتيقة.

سلاما لروح محمد الراوي، وتقديرا لزهرته الصخرية، ننشرها كاملة هنا. كما ننشر هذه الرسالة امتنانا مني لشخصة النبيل. هو فعلا قلب يسع العالم.

محمد الراوي ..صانع أساطير السويس : حاتم مرعي


 كلما رآني منحني البهجة والكتب والمجلات ،وحدثني عن كونديرا وزوسكيند وماركيز وغيرهم من كتاب الرواية العالمية ودعاني للاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية ، أول من علمني أن للقصيدة عالم ينتمي للسرد ، وأن للرواية لغتها الشعرية عندما أهداني نسخة مصورة من روايته الأجمل “الزهرة الصخرية” كنت قد قرأت أعماله في أدب الحرب (الركض تحت الشمس _عبر الليل نحو النهار -الرجل والموت ) تعرفت على هذه المدينة الشبحية التي تحيا برغم الحروب كما لو كنت لم أرها من قبل ،كان له فضل كتابة قراءة نقدية في ديواني النثري الأول بجريدة الوعي السويسية والتي كان يحرر الصفحة الثقافية بها يقول في مضمون المقال “واعترف بأنى لأول مرة أقرأ ديوانا كاملا من قصائد النثر باللهجة العامية ،حتى طالعتني ملامح قصيدة النثر وقضاياها في ديوان كوابيس قديمة ” كنت سعيدا لأنني السبب في اهتمامه بالتجربة ومتابعتها عن قرب والتعرف على مبدعيها ،

استمر في القراءة محمد الراوي ..صانع أساطير السويس : حاتم مرعي

الوقوف علي أعتاب الزهرة الصخرية لمحمد الراوي..بقلم ياسر محمود محمد

مقدمة:

رؤية من خلال الشخصيات

تعتبر الشخصية مفتاحا مهما للولوج إلى عالم الزهرة الصخرية، وإذا كان المكان هو المفتاح للدخول في عالم “تل القلزم” في دراسة سابقة ، فإن الشخصية هنا تمثل جانبا هاما للرؤية الفلسفية لدى الكاتب . فنحن نرى المكان من خلال الشخصية، من خلال لغة الشخصية وتفكيرها ، وتيار الشعور لديها .إننا نرى العالم كما يراه إسماعيل ، وإسماعيل يرى العالم من خلال الآخرين ، فتصبح العلاقة : “نحن” نرى من خلال “هو” الذي يرى من خلال “هم ” .

استمر في القراءة الوقوف علي أعتاب الزهرة الصخرية لمحمد الراوي..بقلم ياسر محمود محمد

راوي السويس..قراءة في عالم محمد الراوي بقلم / قباري البدري

    ـ  بما أن الأدب نشاط لغوي فلنبدأ بتناول أدب الراوي و ( شخصيته ) أيضا من هذا المنطلق الأولي  : أنشطة اللغة الإنسانية ، وهي على التوالي : الاستماع ـ الكلام ( التحدث ) ـ القراءة ـ الكتابة .

   والحق أن كل المتصلين بالراوي اتصالا من قريب يستطيع تلمس هذه المناشط بجلاء في حركته الأدبية والحياتية ـ بما أن الأدب كان حياة الراوي ، وقد حمل اسمه نصيبا من نشاطه العملي وعطائه ( في القص والرواية )   .

  أولا : السمع : فبدءا من مطلع حياته الطفولية الحافلة بالطبع ـ كما كان يحكي ـ بقصص الجدة والأم والنساء المقيمات ، وكل من امتلك في بيئته حاسة القص والحكي .

   ولكن الاستماع اتخذ مجرى آخر في تطور حياته ونضج إدراكه . فنمت تلك الحاسة مع نموه الثقافي ليظل متمرسا بالاستماع للموسيقى الكلاسيكية ، مقتنيا لأدواتها ( الجرامفون والاسطوانات ) . بل تمادى في هذا العشق ، فأورثه رهافة للأصوات والإيقاعات انعكست على كتابته وإبداعه ، ليعطي كل كلمة  حقها ونصيبها في موقعها من العبارة ، مصيخا السمع منتبها للكلمات الدالة والملفتة ـ ليس في الشعر بطبيعة الحال فقط  ، بل في القص النثري أيضا ـ

   وعلى الصعيد الشخصي واصل الراوي لعدة سنوات سنة ثقافية حميدة ـ حرمنا منها في السويس بعد ذلك ـ ألا وهي عقد جلسات  استماع موسيقى منتظمة كل أسبوع ، نصغي مع شرحه الحماسي لإحدى سيمفونيات بيتهوفن أو تشايكوفسكي أو كورساكوف أو مقاطع / رباعيات لباخ أو موتسارت .

    واستمر لعدة سنوات يدأب على تلك العادة , يحمل من بيته الجرامفون والاسطوانات ، وهو أمر لم يكن هينا مع كبر حجم هذه الأدوات وحساسيته ، وحرصه عليه وحدبه بها .

    أما تجلي هذا الملمح ( الموسيقى والسماع ) في كتابته ـ فهو أمر واضح للعين القارئة ولو قراءة سريعة ، فالتفاته للأصوات واضح في سرده ، بل يحتل مساحات واسعة من إدر ااك الشخصية الروائية ( إسماعيل في الزهرة الصخرية عندما نزل في الكوخ تمهيدا لصعوده للجبل في رحلة الكشف التي عاينها وعاشها ) : بل الأصوات  توجه حلمه ، أصوات الشارع الذي يذكره ، أصوات السابلة ورواد المقهي ولاعبي النرد .

   ومن البين في عدة قصص هذا التضمين والإيراد المباشر للموسيقى في حياة شخوصه الفنية ، ولكن في سياق مقنع وليس مفتعلا .

   ثانيا : الكلام ( التحدث ) : حاضر في نشاط الراوي وحياته الخصبة ، من خلال الندوات والمؤتمرات الثقافية ( أدباء الأقاليم رغم نفوره من هذا التعبير التصنيفي الجائر ) . ولكن ولعه بالتواصل والاتصال مع الناس دفعه دائما للانخراط  في أي فعالية أو نشاط عام (ثقافي ) بشكل عام ـ أدبي بشكل خاص : يقبل بكل تواضع ، يجلس منصتا للمحاضر مبديا إعجابه وانبهاره بكل معلومة أو فائدة معرفية .

      ولكنه عندما ينطلق في الحديث ( الأدبي خاصة ) ـ تتلبسه حالة خاصة من الجدية ( الغريبة) ، والتركيز الذهني والاستطراد والإسهاب ، فيصير من العسير إيقاف انطلاقه في التحليل والتفنيد ، و الوقوف على متابعاته للحياة الثقافية داخل وخارج مصر . و حتى في جلساته الخاصة يواصل التحدث بصبر ودأب عن نتاجات القصاصين الآخرين ، وجديدهم باعتناء واهتمام … وتغيض معالم هذا الجد عندما يخوض متحدثه في أي  مجال آخر غير ثقافي جاد ( سياسة واقتصاد  أو اي أمور حياتية ولو كانت معيشية ضرورية ) ، فعندئذ  تنفجر شهية التهكم والمرح  ، وتفكيك الموضوع المطروح وتمييعه ، والتهوين من شأنه .

أما  مجال السرد ( القصص) ، فلا يتركه للنشاط الشفاهي ، ولايجعله عرضة للتحدث ، فالتحدث للثقافة  ، أما القص فله الكتابة ، لدرجة أن من يسمعه لا يظنه قاصا . بل يحار في تخصصه ، او يظنه ناقدا أو محررا ثقافيا .

ثالثا : القراءة 

 فهي ديدن الراوي ومحور حياته ، لدرجة أن من الممكن لأي سارد لسيرة محمد الراوي أن يفرد مجلدا لتناول هذه العلاقة الحميمة بين محمد الراوي والكتب ، والمطبوعات بشكل عام : علاقة ممتدة عبر عقود من المعاناة والبحث والترتيب والتنسيق والانتقاء ، والتواصل أيضا ـ مع الاتحادات الثقافية العربية والمثقفين المصريين في شتى محافظات مصر بالمراسلة والسفر .

وكل من يعرف الراوي  يلمس هذا الشغف بالكتب وجديدها ، الأمر الذي تجسد في مكتبة نادرة ـ لا أظنها في مكان آخر بالسويس على الأقل ، لا من حيث ضخامتها و وفرة ما تحويه من كتب ـ بل من حيث تنوعها ونظامها وندرة مابها وحسن اختيار موادها .. فهي تجسيد لهذا النهم والغرام بالمعرفة .

استمر في القراءة راوي السويس..قراءة في عالم محمد الراوي بقلم / قباري البدري

د رضا صالح وحوار مع الكاتب محمد الراوي

د رضا صالح
د. رضا صالح

ولد محمد الراوى فى 2 مارس عام 1941 بحى الأربعين بالسويس وبدأ مسيرته التعليمية بتلقى مبادىء النحو والصرف بالكتاب الملحق بمسجد مجاور لمنزله

اتجه من صغره إلى عشق القراءة والكتابة ؛ وكتابة القصة القصيرة خصوصا تلك التى لها صلة بمدينته وحياة أبنائها؛ وكانت قصته الحياة هى أول قصة نشرت له بمجلة القصة؛ عاش ستة وسبعين عاما أنتج فيها ما يقارب مائة قصة ورواية .

كانت صداقته مع ضياء الشرقاوى أثناء فترة التهجير هى المحفز الأول له على خوضه واستمراه فى حرفة الأدب؛ وقد ساعده ضياء فى التعرف على مشاهير القصة والرواية فى الستينات والسبعينات

وكتب صديقه محمد جبريل مقالة عنه فى جريدة المساء قال فيها:( لأنه لم يكن يغادر مدينته إلا نادرا؛ فقد كنت أقود سيارتى إلى السويس لألتقيه فى بيته أو جالسا على مقهى قرب البحر؛ يأخذنا النقاش إلى ما قبل المساء فأعود إلى القاهرة؛ كانت الساعات القليلة التى فى صحبة محمد الراوى تعميقا لمعنى الأخوة والصداقة والمؤانسة؛ أعرفه منذ الستينات؛لا أذكر لقاءنا الاول؛ لكننى أمسكت بطرف الخيط الذى جمعنى والراوى وضياء الشرقاوى فلم أفلته؛ وجدت فيه مثالا للصداقة فى أجمل تجلياتها.

استمر في القراءة د رضا صالح وحوار مع الكاتب محمد الراوي

جدلية الجسد والمكان والموت في رواية ” تل القلزم ” لمحمد الراوي بقلم : حسن غريب أحمد

** عالم ( محمد الراوى ) الإبداعى :

لكل مبدع عالمه الخاص الذى يعيش فيه و يظل ظله ممتداً فى أعماله و لا يمكن الوصول إلى سره و سماته إلا بالمعايشة لأعماله حتى تكتمل الصورة اكتمالاً يكشف عن أفكار و رؤى المبدع ، و عالم الروائى و الكاتب (( محمد الراوي )) عالم ليس سهلاً كما يخيل لأول وهله كل من يقف على بابه أو يلجه بسرعة 0000 و لكن القراءة المستنبطة للنص من الداخل تكشف عما يموج به عالم هذا الكاتب و هو عالم ليس بسيطاً و لكنه عالم متشابك بأفكار متباينة تحتمل فلسفة الكاتب فى جدلية الجسد و المكان و الموت و كذلك الموت و الساسية 00 و إذا كان هذا العالم يبدو عالماً وردياً تستنشق شخصياته فيه عشق الأرض و الوطن حتى النخاع مثل الهواء فهذا ليس إلا شكلاً يصوغ فيه الكاتب مضامينه الراوائية و إن بدت كتاباته متشابهة و لكن المدقق الفاحص يعرف إنها تختلف اختلافاً بيناً فالكاتب فى كل جزئية من الرواية يضع فكرة جديدة

استمر في القراءة جدلية الجسد والمكان والموت في رواية ” تل القلزم ” لمحمد الراوي بقلم : حسن غريب أحمد

المكان /البطل في “تل القلزم” لمحمد الراوي : ياسر محمود محمد

تل القلزم الراوي

مقدمة

” الرجل والحياة ” هو أنسب اسم للحديث عن كاتب مثل ” الراوي ” ، وإذا كان الاسم مقارباً مع بعض التغيير لاسم روايته ” الرجل والموت ” و ” الراوي ” يقف التأكيد شاهداً علي        ( الزمان / المكان ) / الحياة التي تدور حوله . يجسدها لنا بمنظوره الفلسفي ( التأملي )          ( الصوفي ) في كتاباته ” عبر الليل نحو النهار ” ، ” الرجل والموت ” .. ” الجد الأكبر منصور ” .. ” الزهرة الصخرية ” ، ” الركض تحت الشمس ” .. ” أشياء للحزن ” .

ورائعته تل القلزم موضوع بحثنا هذا يبين أن الراوي له طريقته الخاصة في البحث عن جوهر الأشياء من خلال المكان . وإذا كان أدب الحرب قد مثل رافداً مهماً في شريان إبداعات الكاتب ، فإنه كتب له نوعاً خاصاً من المعرفة .. وخبرة حياتية متفردة بالمكان وتاريخه ورائحته مقابلة ربما لكل محاولات السيطرة والجور علي المكان .

استمر في القراءة المكان /البطل في “تل القلزم” لمحمد الراوي : ياسر محمود محمد

عبرالليل نحو النهار(الحرب والموت وجماليات المكان وتداخل الزمان) : أنور فتح لباب

مثلت  الكتابة القصصية عند محمد الراوي  من منتصف السبعينات نوع من الحكي والسرد  الحديث الخارج عن أطر السرد التقليدي التي كانت سائدة آنذاك .  شاقا طريقا الي آليات السرد الحديث المتأثرة بتطور الكتابة القصصية  العالمية والتي تطورت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية  وحتي الستينات  حيث تطورت عنده اشكال الكتابة السريالية  وتيار الوعي فضلا عن تأثره بكتابات  ألن روب جرييه وناتالي ساروت  وكلود سيمون  في وقت ساد فيه تيار الواقعية الاشتركية كان الراوي يشق طريقا مختلفا يتوجه نحو الجمالي والتشكيلي المختلف في الكتابة  بفضل استاذه ضياء الشرقاوي .

استمر في القراءة عبرالليل نحو النهار(الحرب والموت وجماليات المكان وتداخل الزمان) : أنور فتح لباب

محمد الراوي في دائرة الضوء

محمد الراوي

_ من مواليد السويس 2/3/1941

_ تم تكريمه في أول مؤتمر لأدباء مصر في الأقاليم الذي عقد بالمنيا عام 1984

_ عضو اتحاد الكتاب المصري ضمن أول دفعة بعد إنشائه

_ أسس وشارك في ندوة الكلمة الجديدة ومطبوعاتها في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينات والتي كانت تعقد بالنادي الاجتماعي لمحافظة السويس

_ اختير عضوا في الأمانة العامة لمؤتمر الأقاليم عدة مرات :

استمر في القراءة محمد الراوي في دائرة الضوء