السؤال – قصة لـ “مصطفى يونس”

ليلة باردة، ولكن القلوب ملؤها الدفء، تهيم بالقرب والتسبيح. كان القمر في السماء يقاتل بين أمواج من غيوم لا تنتهي، كذلك النور في صدري كان يقاتل.

كنا متحلقين حول النار، وقلوبنا متوجهة قبلة شيخنا، وكان صامتاً مطرقاً يتمتم بالتسبيح، وعيناه لا تفارق لسان اللهب المتراقص.
انطلق أحدثنا سناً وأحدثنا لحاقاً بالطريق وسأل..
 – يا سيدنا! شهور مرت والدروب تحملنا إلى الدروب. تركنا الوطن والديار والأحباب، وما عرفنا أبداً إلى أين!
انفجر السؤال في الوجوه؛ فاهتز لسان اللهب مع رعشة عودة القلوب لمقام الحيرة بعد حال الطمأنينة واليقين…

حقاً، إلى أين؟
بعضنا تبع في طاعةٍ سنيناً، تناسى فيها السؤال حتى نسيه..
طافت عينا الشيخ في عيوننا في لوم وعتاب حنونين؛ فطفت بالخواطر على الفور الإجابات التي عرفنا منذ القدم وأنسانا الشيطان إياها للحظات..
“المعشوق وطن العاشق”

 “خاب في العشق من سأل رفاق درب العشق: إلى أين؟”

“الغاية معروفة والمعشوق مقصد كل مسلك ومنتهى كل طريق..”
وقبض حفنةً من الرمال وذراها في وجه صاحب السؤال؛ فاختفى كأن لم يكن؛ فعرفناه، واستعذنا باسم الله الأعظم
قال معاتبا..
– مازلتم تقتربون، ومازال يغريكم بالظلام المطمور في قصعة نور السؤال المكذوب كما أغرى أباكم من قبل بالخلود والتفاحة. فلذنا بصمت الخاطئين.

أضف تعليق