الكتاب الأحمـــر بقلم: فردوس عبد الرحمن

قراءة في كارل جوستاف يونج وأسطورته الخاصة

 

 

عبر تاريخه العلمي والبحثي اهتم كارل جوستاف يونج بدراسة علم الأنثوربولوجي وحرص على تتبع تاريخ الأقوام البدائية وكان على قناعة تامة بأن كل شخص يحمل في داخله هذا الإنسان البدائي بكل طقوسه وأساطيره ورؤيته للوجود ومن هنا جاءت نظريته عن اللاوعي الجمعي الذي يحتلنا جميعًا. آمن يونج بالأسطورة والتي ساعدته دائمًا في الكشف عن خبايا النفس الإنسانية.

بعد أن أنجز الكثير من أبحاثه العلمية.. انتبه يونج إلى البحث عن أسطورته الخاصة، وظل هذا السؤال يؤرقه بشدة “ماهي أسطورتي الشخصية” لأنه أدرك عبر علاجه لمرضاه.. معنى عيش الإنسان دون أسطورة، فالإنسان بدون أسطورة، كأنه اقتُلِع من جذوره وليس هناك رابط حقيقي لا مع الماضي ولا مع حياة الأسلاف التي تستمر من خلاله أو حتى مع المجتمع المعاصر. يقول يونج: ” ماهي الأسطورة التي أعيشها؟ لم أجد جوابًا على هذا السؤال واضطررت للاعتراف بأنني لا أعيش مع الأسطورة أو حتى في الأسطورة، بل في غيمة غير مؤكدة من الاحتمالات النظرية التي كنت بدأت أنظر إليها بفقدان ثقة متزايد.. لذا وبالطريقة الأكثر طبيعية أخذت على عاتقي مهمة معرفة أسطورتي الخاصة واعتبرتها مهمة المهمات”

ولقد أدرك يونج أن أسطورة كل إنسان تكمن في لاوعيه البدائي ولا سبيل لمعرفتها إلا بمواجهة الإنسان لهذا اللاوعي، ومن ثمّ فهذا اللاوعي الذي يلح على يونج بشدة ويهدر على عتبات وعيه سواء في الأحلام أو في الصور التي كانت تباغته وهو في حالة اليقظة، لن يستطيع أن يخرجه إلينا كمعرفة إنسانية، تصل إلى أعماقنا عن طريق أبحاثه العلمية فقط، بل بشيء آخر تماما، أكثر صلة بالطبقات العميقة من لاوعي الإنسان، ألا وهو الفن، لهذا فكر في عمل جديد تمامًا فجاء (الكتاب الأحمر) والذي لم يخرج إلى النور إلا بعد خمسين عامًا من وفاته.. جاء هذا الكتاب قطعة فنية أصيلة عملت على استدماج تلك المعرفة الأسطورية داخل وعيه فهو يرى أن هذا هو الطريق الأمثل للنضج النفسي وبالفعل وعن تجربتي الشخصية.. إن من يتفاعل مع هذا الكتاب ويفتح روحه لتلك المعرفة الأسطورية، اللاعقلية سوف يستطيع التخلي عن كثير من الآليات التي تختبئ وراءها الحقيقة النفسية وسوف يصل إلى المعرفة الأعمق، وبشكل أدق سوف يتعلم تحويل المعرفة إلى حياة.

الكتاب الأحمر

جاء هذا الكتاب كسبر عميق للنفس الإنسانية بما تحويه من زكائب الماضي السحيق، من البدائي والأسطوري والذي لا تواتيه الجرأة على الصعود لمنطقة الوعي لما فيه من جنون وعبث ووحشية ولا منطقية، ولا يستطيع أي إنسان أن يحدق في ذلك الرعب إلاَّ بعد رحلة طويلة من التنقيب والبحث والسقوط أيضًا. أن تُجبَر على أن ترى المرعب الذي بداخلك هو أول مراحل الرؤية أو البصيرة، هو أول خطوة من خطوات الشجاعة وصدق الروح معك.. أقول صدق الروح معك وليس صدقك مع روحك كما التعبير الدارج، فأنت كاذب طوال الوقت، مبرر طوال الوقت، تحتال على ذاتك بكل الصور. لن تحرز شيئًا من حقيقتك إلاَّ إذا تحليت بالشجاعة وأنصتَّ إلى روحك، فتلك العارية المتوحشة لا تكذب أبدًا وهذا بالتحديد ما فعله يونج في الكتاب الأحمر حيث هو مجموعة من الحوارات الداخلية مع الروح والتي تجبره على إزاحة المنطق وكل حيل العقل أو كما يطلق عليه يونج “كل ذلك الهراء” وراء ظهره بل والسخرية منه.

وبرغم أن (ألريتش هورني) والقائم على مؤسسة أعمال كارل جوستاف يونج يرى أن هذا الكتاب يمكن أن يُقدَّم للقارئ المعاصر كوثيقة تاريخية محددة السياق الذي لا نعرفه الآن، إلاَّ أنني أرى تلك الرحلة النفسية المرعبة، والتي قدمها لنا يونج عبر هذا الكتاب صالحة لكل زمان ومكان ولكل إنسان يحمل روحًا نابضة على هذا الكوكب.

يقول يونج في مسودات هذا الكتاب والذي حرص ناشروه على نشرها أيضًا في حواشي الكتاب  الأحمر.. يقول مخاطبًا روحه: ” كم كانت العتمة كثيقة، كم كان شغفي متهورًا وأنانيًا، كان خاضعًا لشياطين الطموح، الرغبة بالمجد، الطمع، اللاتسامح والتعصب، كم كنت جاهلًا في ذلك الوقت! مزقتني الحياة، وأبعدتني عن قصد عنكِ وفعلت هذا طوال هذه السنوات، أدركت كم كان كل ذلك جيدًا، لكن اعتقدتُ أنكِ ضعتِ. لكن لم تكوني ضائعة، مشيتِ على طريق النهار، وسرتِ معي بشكل غير مرئي، ووجهتني خطوة خطوة، واضعة القطع معًا بحيث يصبح لها معنى”

وبالرغم من أن يونج تردد كثيرًا في نشر هذا الكتاب، بل امتنع بالفعل عن نشره، حيث خشي من اعتباره تهويمات لا تخص غيره، إلا أن الكتاب الأحمر يحوى خلاصة أبحاثه العلمية وتجاربه الروحية.  يرى يونج أننا لازلنا لم نعش أكثر الحياة وأن ما لم نعشه حتى الآن هو الذي يؤثر في أطفالنا وليس ما عشناه بالفعل وسنرى أن تلك الرؤية واضحة بشكل مفصل في كتابه (سيكلوجية الطفل) والذي يحمل دررًا هو الآخر لا تخطر على بالنا ولا حتى على بال المتخصصين أصحاب النظريات الحديثة في التربية، فمن يصدق أن أطفالنا وخاصة في سنواتهم الأولى يرون بوضوح (لاوعينا) ويحتسونه احتساءً وتتشكل ذواتهم بما فيها من مخاوف ورغبات وجنوح وإقدام بناءً على ما يحويه ذلك (اللاوعي) الذي يخصنا.

يقول يونج في الكتاب الأحمر: “كيف أستطيع الوصول إلى معرفة القلب؟ يمكنك تحقيق هذه المعرفة فقط من خلال عيش حياتك للحد الأقصى. أنت تعيش حياتك بالحد الأقصى فقط، عندما تعيش ما لم تعشه حتى الآن، لكنك تركت للآخرين العيش والتفكير. سوف تقول: لكنني لا أستطيع أن أعيش أو أفكر بكل ما يعيشه الآخرون ويفكرون به، لكن يجب عليك أن تقول : الحياة التي لا زلت أستطيع عيشها يجب أن أعيشها، والأفكار التي ما زال بمقدوري أن أفكر بها عليَّ أن أفكر بها. يبدو كما لو أنك تريد الهروب من ذاتك حتى لا تضطر لعيش ما بقي غير معيش حتى الآن”

ترعبنا الخطيئة، نشمئز من الرذائل، يغرينا العقل المنطقي والطريق القويم. يرى يونج أن هذا بالتحديد هو السبب في حياة لم نعشها في حدها الأقصى، فمن لم يقترف خطيئة لا يعرف بشكل حقيقي ما هي الفضيلة حتى لو تصور أنه فاضل وأنه يتمثل الخير بكل أنواعه، إنه يحيا داخل مثال والويل لأولئك الذين يعيشون عبر الأمثلة، الحياة ليست معهم. إن عشت بما يتناسب مع مثال فأنت تعيش حياة هذا المثال وليست حياتك أنت بكل صخبها وشرورها ودونيتها وسموها، فلا تضحك على نفسك يا هذا، فبداخلك شياطين ليس لرعبها مثيل، بداخلك ذبح ودم وروث، إن لم تقدر على رؤيته والاعتراف به ستعيش كخيال على هذه الأرض ليس لك أي قدرة على التغيير أو الوصول لفضيلة حقيقية، فضيلة حية لها روح تنبض في داخلك وفي داخل من يقتربون منك، ستظل تعيش داخل صور ميتة، تتعبد إلى تماثيل فتكون وثنيًا، قاسي القلب. المثالي، الأخلاقي هو شخص قاسي القلب. يقول يونج: ” إن الأشخاص الأخلاقيين هم أسوأ الأشخاص على الإطلاق”. فإن كنت خيرًا فقط وصاحب مبدأ فأنت نصف إنسان، أنت قزم، وإن كان الإنسان يريد النجاة من هذا التقزم الشائه، إن كان يريد خلق ذاته، فعليه ألاَّ يبدأ بالأفضل والأسمى بل بالأسوأ والأعمق وألاَّ يحاول أن يعيش صورة البطل، حتى لا يعيش حياة التقليد، حياة القردة، “لا تعش كقرد فتعدي الآخرين وتجعلهم قرودًا أيضًا”.

يرى يونج أنه بداخل كل منا شرير خبيث، دموي وحشي. فإذا ظل هذا الحقير الشائه منفصلًا عن بقيتنا، منفصلًا عن سمات الخير والطيبة التي بداخلنا أيضًا، يصبح شره مرعبًا، مستطيرًا، فاجرًا، وهذا الانفصال يأتي أولًا من عدم رؤيته والتعرف عليه أو من نكرانه، كلما خبأنا عن أنفسنا شرورنا وداريناها ودفعنا بها إلى غياهب اللاوعي، كلما تضخمت واستشاطت وتحكمت بعنف في سلوكياتنا، والعكس صحيح، فإذا تمثلنا الشر وقنعنا به على أنه من علامات القوة والقدرة على الدفاع عن النفس وجلب المنافع منكرين أيضًا الأنبل والأسمى في ذواتنا، دافعين بهما إلى غياهب اللاوعي كلما كنا عاجزين، بلهاء. في كلتا الحالتين نكون أقزامًا شائهين، والحل الوحيد من وجهة نظره هو المزاوجة بين الاثنين وهذا التزاوج يحتاج جهدا ووقتًا ومراحل كثيرة للنمو خاضتها البشرية منذ بدْء الخليقة، فصورة الإله عند البدائيين هي صورة من الشر الخالص، صورة مرعبة تنضح بالانتقام من البشر، صورة متعطشة للدم وهذا واضح بالطبع في الطقوس الدينية التي كان يمارسها القدماء والتي تمظهرت في القرابين البشرية، وفي التفسيرات الدينية للكوارث الطبيعية والتي ما زال العقل البدائي يرددها حتى الآن. مع ارتقاء الإنسان تطورت تلك الصورة الإلهية لتكون صورة من الخير المحض، صورة المخلص، البطل والذي بالطبع ينتهي بمأساة الصلب تكفيرًا عن خطايا وآثام البشرية. إذن فالصورتان –الشريرة والخيرة- هما صورتان لأنصاف آلهة تنتهيان لنفس المأساة وهذا تمثيل واضح وشديد الشبه برحلة الإنسان مع ذاته، مع تصوراته عن نفسه وعن العالم، مع حالة انفصال الخير عن الشر داخله. أن يتزاوج الإلهي والشيطاني بداخلك هو قمة النضج الإنساني، هو الطريق الوحيد للنجاة والخلاص. والكتاب الأحمر ما هو إلا تلك الرحلة وتلك المحاولات المضنية في قتل البطل الإلهي بداخله ورؤية الأفعى المرعبة بداخله أيضًا بل والتعاطف معها ومحاولة فهم منطقها والذي أوصله في النهاية لفهم منطق الحروب وفضلها على تطور البشرية.

لقد تخلص يونج في هذا الكتاب من كونه طبيبًا للروح وسخر من نفسه ومن كل الوعاظ والدعاة الذين يسيرون وراء الناس بغية هدايتهم وشفاء أسقامهم، لقد تخلص من البطل الإلهي بداخله والذي يصيب الشخصية بالتضخم والعماء وبنكران الشر والدونية داخل نفسها مما يبعدها عن حقيقتها حتى لو كان الدافع لهذا هو الحب، لقد شكك يونج في الحب ذاته ورآه صورة للاختباء من نفسه ومن معرفة حقيقته، يقول كارل جوستاف يونج في كتابه الأحمر: ” من يرد أن يكون طبيبًا للروح ير الناس على أنهم مرضى، هو يهين كرامة الإنسان، من يرد أن يكون راعيًا للأرواح يعامل الناس كخراف، هو ينتهك كرامة الإنسان، أعط الإنسان كرامته، حتى يجد سموه وانحداره بطريقته” كما يرى يونج أنه ليس بالقليلين من اختاروا أن يحبوا خوفًا من أنفسهم، فالحب قد يكون مصدره هو الدونية التي يهرب الإنسان من رؤيتها دائمًا داخل نفسه، أو يكون مصدره هو التضخم الذي يرضي غروره، أو الخوف من مواجهة ذاته، يقول نيتشه في رائعته (زرادشت) “أنت تجتمع مع جيرانك ولديك كلمة جميلة، تعبر عن هذا، لكنني أقول لك: إن حبك لجارك هو حبك السيء لذاتك، إنكم تهربون بعيدًا عن ذواتكم وترغبون بتحويل هذا إلى فضيلة لكم، لكنني أفهم حقيقة أنانيتكم” لابد إذًا أن نرى ونعرف حقيقة أنفسنا ولا نستطيع ذلك أبدًا إلا باكتشاف دونيتنا، علينا أولًا أن نكتشفها ومن ثمَّ نقبلها ونصادقها ونطعمها من روحنا على حد تعبير يونج نفسه، حتى يتحول ما كنا نفعله من أجل البشر سابقًا إلى فعل من أجل أنفسنا، ومع أن رؤية تلك الدونية وبشكل أدق الحقارة التي نعثر عليها داخل ذواتنا تزلزلنا وتزمجر داخل نفوسنا إلا أنها تفتح الطريق لأولنا (للماضي) وللمستقبل، وعلينا أن نعرف أنه من الآن صارت الأسرار قريبة، إننا نعرف الأشياء التي كانت والأشياء التي ستصبح، تلك هي البصيرة، إنها الحكمة التي تتأتى لشخص قام بهذا الجهد وتحمل عناء رؤيته هذه، يقول يونج: “هذا الدوني المظلم له الفضل عليَّ بأن أقوم بما هو بسيط وواضح”

صحيح أن تلك المعاني والأفكار موجودة في بقية أعمال يونج لكن ما يمتاز به الكتاب الأحمر هو رؤية كل ذلك التاريخ البشري المرير في داخله، فكل ما يحدث في العالم الخارجي له صورة طبق الأصل في عالمنا الداخلي، بما فيها تاريخ البشرية نفسه. رأى كل ذلك على هيئة صور مرعبة، فالعالم الداخلي لدينا هو عالم من الصور.

كانت الأخيولات لدى يونج نشطة بشكل كبير، ولم يقتصر ذلك على أحلامه الغريبة فقط والتي غالبًا ما كانت تتحقق بل كانت تأتيه أيضًا في حالة الصحو، ومنها أنهار من الدم وقتلى ومراكب غارقة وفيضانات، إلاَّ أنه اعتبر هذا وقتها سنة 1913 ضربًا من الجنون وتهديدًا بالذهان، ولم يجرؤ على الإفصاح عن تلك الصور إلاَّ بعد قيام الحرب العالمية الأولى والتي فهم من خلالها الكثير مما اختبره سابقًا ومنحه الشجاعة على كتابة الجزء الأول من الكتاب الأحمر وهكذا أظهر له اندلاع الحرب أن خوفه من الجنون كان في غير محله وليس من المبالغة القول إنه لو لم تندلع الحرب فهناك احتمال كبير ألا يكون الكتاب الأحمر قد جُمِع.

يقول يونج: “كطبيب نفسي أصبحت قلقًا وأتساءل عما إن لم أكن على وشك أن أقوم بالفصام، كنت أعد محاضرة عن الفصام لأقدمها في اجتماع أبردين، وكنت أقول لنفسي باستمرار سأتحدث عن نفسي، هناك احتمال كبير أن أصاب بالجنون بعد قراءة تلك المحاضرة، ثم حدث الاجتماع في يوليو 1914 في الفترة نفسها التي رأيت في ثلاثة أحلام أنني أقوم برحلة إلى البحار الجنوبية. في 31 يوليو، بعد محاضرة، عرفت من الصحف أن الحرب قد اندلعت، فهمت أخيرًا. وعندما نزلت في هولندا في اليوم التالي، لم يكن هناك أسعد مني، أصبحت متأكدًا الآن أنني لست مهددًا بالإصابة بالفصام، فهمت أن أحلامي ورؤاي راودتني من أساسات اللاوعي الجمعي، ما بقي عليَّ فعله الآن هو تعميق الاكتشاف والتحقق من صحته. وهذا ما كنت أحاول فعله طوال أربعين سنة”

من المهم ملاحظة أن هناك مجموعة من الأخيولات ربما اعتبرها يونج استبصارًا:

رؤية متكررة لفيضان وموت الآلاف وصوت قال: إن هذا سيصبح حقيقيًا..أكتوبر 1913

رؤية لبحر من الدم يغطي الأراضي الشمالية.. أكتوبر1913

صورة قدم عملاق تطأ مدينة، وصور لجريمة قتل ووحشية ودموية.. 12،15 ديسمبر 1913

صورة لبطل ميت.. 12، 15 ديسمبر 1913

وغيرها حيث تصل هذه الرؤى إلى اتنتي عشرة رؤية.

ولعل تلك الصور التي غمرته مذ كان طفلًا هي السبب الحقيقي في عمله في مجال علم النفس وهي السبب أيضًا في كتابة هذا الكتاب وأنها هي الأدوات الأساسية لعمليات الكشف والاستبصار، يقول:” كانت تلك السنوات التي حدثتكم عنها أهم وقت في حياتي حيث كنت أتعقب الصور الداخلية. تتألف حياتي كلها من إسهاب مما انفجر من اللاوعي وغمرني كجدول غامض وهدد بتحطيمي، كانت تلك المواد تكفي لأكثر من عمر واحد. كل ما حدث لاحقًا كان مجرد تصنيف خارجي وإسهاب علمي ودمج لها في الحياة. لكن البداية الخارقة للطبيعة التي احتوت كل شيء كانت حينها”

ليس الكتاب الأحمر كتابًا عاديًا يشبه بقية الكتب الأدبية أو النفسية كما أنه لا يشبه أيًا من كتب يونج نفسها، إنه عمل في علم النفس في إطار أدبي وإن ما يجعله مختلفًا حقًا، أنه لم يطرح مشكلة ولا حلًا لمشكلة، ولم يقدم محاضرة ولا عظة يمكن للقارئ أن يتبناها وإنما قام بدراسة معمقة على نفسه واعتبرها طريقًا خاصًا به. لم يتبع عبرها شخصًا آخر ولا ينصح أحدًا بأن يتبعه عبرها، بل يمكن للمرء من خلالها أن يراقب ويرى ويخلق طريقه الخاص بنفسه ولنفسه.

” هل تبحث عن الطريق؟ أنا أحذركم، ابتعدوا عن طريقي، من الممكن أيضًا أن أكون الطريق الخاطئ بالنسبة لكم”

إنها أسطورته الخاصة وليس لأحد أن يتبع أسطورة شخص آخر.

 

الكتاب الأحمر

المؤلف: كارل جوستاف يونج

المترجمان: متيم الضايع- رنا بشّور

بعد ست عشرة سنة من عمل كارل جوستاف يونج على هذا الكتاب وبعد ما يقارب الخمسين عامًا من وفاته وفي عام 2009 ظهرت النسخة الكاملة طبق الأصل من هذا الكتاب على شكل مجلد مكتوب بخط فني ومجلد بغلاف أحمر أنيق.

وفي عام 2012 ظهرت نسخة القارئ باللغة الألمانية والإنجليزية.

في أبريل 2015 ظهرت الطبعة الأولى مترجمة إلى اللغة العربية عن دار الحوار السورية.

 

 

رأيان حول “الكتاب الأحمـــر بقلم: فردوس عبد الرحمن”

أضف تعليق