البنية والتجريب في أحلام نجيب محفوظ

د.محمود الضبع

يعد الحلم (رؤيا المنام) أحد التقنيات التي اعتمدها الأدب في صياغاته النصية، وذلك لإمكاناته المتعددة التي يسمح بها سواء في سياق ما يتيحه من إمكانات الانتقال غير المبرر على مستوى الأبنية الزمانية والمكانية ومسارات السرد (في الأعمال الشعرية أو السردية)، أو في سياق فتح أفق باب التأويل/ التأويلات المتعددة التي يتيحها على مستوى التلقي وقراءة النص الإبداعي، أو في سياق التعبير عما يصعب تحقيقه في الواقع الفعلي مقارنة بالواقع الذي يخلقه السياق الأدبي.

تقنية الحلم من الحياة إلى الأدب:

يتزامن تاريخ الاهتمام بالحلم مع تاريخ البشرية القديم، ويرجح علماء الأنثربولوجيا أن الحلم كان بداية التدين الفطري للبشر، نظرا لما يتسم به ذلك الحلم من تواصل مع الغيبيات واستحضار للموتى الذين رحلوا، وهو ما جعله تقنية بدائية وبذرة أساسية لنشأة الأدب (بمفهوم النشاط الفكري الإنساني في إنتاجياته المتنوعة).

وقد شغل الحلم مساحته من البحث العلمي الحديث بدءا من عصور النهضة وما تلاها، وتنوعت العلوم التي بحثته بين علم النفس وعلم الاجتماع والأديان وعلوم الأدب وغيرها، وتعددت ـ كذلك ـ مداخل وتأويلات بحثه بين النظر إليه بوصفه رد فعل لأحداث الحياة الواقعية، وبين كونه تعبيرا عن اللاشعور الإنساني وكوامن النفس البشرية واستجابة حرة لنوازع العقل الباطن، والتعبير عن الرغبات الداخلية العميقة للبشر.

وكانت أقدم الاعتقادات بشأن الحلم مع المدرسة الرواقية التي نظرت إلى الأحلام على أنها من فعل الآلهة أو الشياطين وما يترتب على ذلك من استشراف مستقبل أو تنبؤ بالغيب، ومع تطور البشرية خطوة للأمام نظرت المدرسة الأرسطية للأحلام على أنها استجابة واعية للعقل عن العالم المحسوس الذي يعيش فيه، فالحلم باللذة أو بالألم في أثناء النوم هو استجابة لحدوثهما في الواقع وانشغال العقل عنهما بحياة صاحبه أثناء يقظته. وجاء فرويد ليعمق الأمر أكثر ويكشف أن هناك عقلا آخر غير العقل الواعي هو عقل اللاشعور، وهو المسؤول عن حدوث الحلم، وهنا صار الحلم ليس تعبيرا عن العقل وإنما تعبيرا عن اللاشعور، وبالتالي مفسرا لشخصية صاحبه وكاشفا عن خصوصيتها البشرية.

لقد كان لهذا الإنجاز البشري في الحلم أن انتقل من الحياة إلى الفلسفة إلى الأدب الذي يعد قمة النشاط العقلي في استيعابه لفلسفة الحياة ونتاجها الفكري في منتج عقلي متخيل على نحو ما تصوره الأعمال الأدبية بدءا من أقدم أشكال الأدب العالمية والعربية التي عبرت عن فلسفة أصحابها ورؤيتهم للحياة وتصورهم عن الواقع من حولهم، وحتى أحدث هذه الأشكال في تداخلها وعبورها لمفهوم النوعية واستعارتها لتقنيات من الفنون الأخرى غير السردية، مثل السنيما والمسرح التمثيلي والفنون التصويرية المكانية وغيرها.

الحلم تعبيرا عن الوعي:

أن نحلم معناه أننا نفكر، أننا نمتلك عقلا واعيا مدركا للواقع، أو لما نتوهم أنه الواقع، فالواقع الذي نراه ونحس به هو ليس الواقع الفعلي الحقيقي وإنما هو جملة الاتفاقات التي ارتضاها إنسان أو جماعة ما على أنها واقع، وربما يكون الواقع المادي المحيط هو أبسط أشكال الواقع حيث لا تختلف فيه كثير من الآراء، غير أنه توجد مستويات أخرى للواقع تزداد تعقيدا كلما ارتبطت بالمعنوي والروحي غير الملموس، فهنا يتحكم الوعي الفردي في إدراك هذا الواقع وفي تصوره وتصويره، فكلما عاش الإنسان في مجتمع محدود وقل نصيبه من الثقافة والقدرة على التعلم، كلما ضاق أفق الواقع الذي يعيشه فردا في سياق الجماعة، وبالتالي كلما زاد النصيب من الثقافة والرغبة في التعلم زاد اتساع الأفق واتسع الواقع وتعددت أشكاله.

هنا يأتي دور العقل المدرك في تجلي قدراته على تعدد قراءته/ قراءاته للواقع واتساع أفقه وتعدد تأويله / تأويلاته.

وهنا تتعمق درجة الوعي في سياق الحلم وفي بنائه وفي فك رموزه، وتصير الأحلام ليست في النوم فقط، وإنما في اليقظة وفي تصور الحياة ذاتها، وليست ـ كذلك ـ في الحلم الشخصي والتنفيث عن الكوابت الذاتية، وإنما يصير الحلم من أجل الغير، من أجل البشرية، وليس أدل على ذلك من أن كل مراحل تحضر البشرية خضعت للحلم الإنساني ـ في اليقظة أم في النوم ـ الحلم بالاختراع لحل مشكلة أو لتطوير منتج سابق، الحلم بالتوصل لعقار يزيل ألام البشرية، الحلم في بناء مجتمع أفضل للوطن، الحلم في النضال من أجل الغير، الحلم في وضع فلسفة تفسر الإنسان والكون، الحلم في كتابة قطعة أدبية تسجل للبشر أسرارهم العميقة التي لايقدرون عليها بأنفسهم.

وهنا يكون الحلم تعبيرا صادقا عن الوعي ودلالة واضحة على التفكير، فالحلم بهذا المنطق هو نتاج الوعي والتفكير، وهو ما يمثل مدخل قراءتنا لأحلام فترة النقاهة التي وضعها نجيب محفوظ كآخر عمل ختم به حياته، كرسائل متعددة القراءات لخلاصة حياة امتدت عبر حيوات شخصيات نسجها في حكاياته وقصصه ورواياته وعوالمه التي صنعها في أعماله.

أحلام فترة النقاهة (1)، التكوين والبناء:

على الرغم من اختلاف الآراء وتباينها حول كثير من أعمال نجيب محفوظ في سياق التسكين النوعي، مثل المرايا، ورأيت فيما يرى النائم، وأصداء السيرة الذاتية، وأحلام فترة النقاهة، حيث يصعب نسبة هذه الأعمال إلى جنس الرواية أو القصة أو النثر الفني الرفيع ـ إن جاز لنا التعبيرـ، وعلى الرغم من ذلك تظل « أحلام فترة النقاهة» هي العمل الأكثر التباسا من بين هذه الأعمال إذ يراه البعض لا يدخل في سياق أعمال محفوظ من حيث النوع ( الرواية، القصة، الحكاية )، ويراه البعض كتابة أدبية رفيعة، ونراه نوعا منفردا من أنواع الكتابة الأدبية يجب الاعتراف به واعتماده من بين أنواع أدبية عديدة طرحتها قوانين التطور الطبيعي في الكون مثل السيناريو، والقصة القصيرة جدا، والكتابة النصوصية، وكلها أشكال تقارب بين الشعري والسردي والسينيمائي والمسرحي.

أحلام فترة النقاهة

اعتمد محفوظ على تقنية الحلم وهو على وعي شديد ـ كما تكشف قراءة أحلامه ـ بالمنجز الفكري الذي توصلت إليه البشرية عبر تاريخها بشأن التفكير والبحث العلمي في الحلم، والذي أشير إليه سابقا في تطور وعي الإنسان بالحلم من ربطه بالغيب إلي ربطه بالعقل إلي ربطه باللاشعور (العقل الباطن).

وعمد محفوظ إلى تقنية الحلم لتحقق له عددا من الأساليب والحيل السردية التي لا تسمح بها قوانين السرد الجوهرية، ومنها:

ـ  قانون السببية والزمن.

ـ  قانون المكان والانتقال والتعددية.

ـ قانون الشخصية وتحولاتها.

ـ قانون الحدث / الأحداث.

ـ قانون المسار الدلالي.

ـ قانون السببية والزمن (2):

الزمن جزء من الإنسان، ومكون طبيعي من مكوناته، يعيش فيه ويفكر به، فليس هناك من إمكانية للتفكير في غيبة الزمن، والإنسان بطبعه مفطور على حاستي الذاكرة والتوقع، حيث ينظم حياته بشكل عام داخل شبكة نسيجها الماضى والحاضر والمستقبل. وكما اكتشف برجسون أن تصور الزمن الفيزيائى يهدم ما حسبه أنه أكثر صفات الزمن جوهرية فى الخبرة وعلاقة هذه الصفات بالإنسان.

من هنا يمكـن النظر إلى الأدب عموما في سياق انتمائه إلى الفنون الزمانية، فلا نصا أدبيا ـ مهما كان نوعه ـ يمكن له أن ينفصل أو أن يكون خلوا من الزمن، فالنصوص الأدبية تنبني على رصد مناحي الزمن في حياة  الإنسان ومفردات الكون من حوله، عبر ما تفرزه الذاكرة من ترتيبها للأحداث ولتفاصيل الكون المحيطة في تاريخه وحاضره ومستقبله.

وتبعا لتوصيف ليسنغ فإن الفنون الزمانية (الأدب، الموسيقى، الشعر…. إلخ) تقوم على التعاقب فى الزمان، بمعنى أنها تمثل الأفعال الناشئة فى تتابعات زمنية، وإن كان الأدب – وبخاصة فنون السرد – ليس عليه من إلزام بتقديم سلسلة من الأفعال أو التجارب المتعاقبة، يقول مندلاو عن الزمن في الرواية:” وإن كانت كل وحدة سواء أكانت فعلا أو فقرة، فإنها يجب أن تفى بأعراف معينة للتتابع، لا بالنسبة للكلمات فى العلاقات النحوية والسياقية بين الكلمة والأخرى وحسب، بل أيضا بالنسبة لسير الأحداث والمشاعر والأفكار ضمن حدود تلك الوحدة مهما تكن صغيرة”(3).

هذا التتابع والتراتب يحكمه النسق الذي يعمد إليه المؤلف، وهو الذي يحدد مسار واتجاه القراءة والتلقي، حتى وإن كان هناك تدخل عمدي في العمل على تداخل حدود الزمن والخلط بين الماضي والحاضر والمستقبل، يقول هانز ميرهوف: ” إن الامتداد الزمنى الدائم عبر الحاضر يشتمل على عناصر من الذاكرة والتوقع، وهذه العناصر فى تذكرها وتوقعها تأتلف فى تجربة الحاضر الخداع، وهذا الامتداد ينقل إلينا بعض المفاهيم المبهمة عن “الماقبل” و “المابعد”، “السابق” و “اللاحق”، ” الماضى” و “الحاضر”، وهى ألفاظ تشير إلى ترتيب الزمن واتجاه مساره” (4).

والذاكرة والتوقع – بالمفهوم السابق – تشكلان أساسا أوليا فى الأدب للتمييز بين الأحداث التى تدعى “سابقة” أى الماضى، والأحداث التى تدعى “لاحقة” أى المستقبل، وإن كانت هذه التمييزات لا تكفى لترتيب موضوعى يصنف الزمن إلى ماضٍ ومستقبل؛ ذلك لأنه توجد دائما فى الطبيعة والتاريخ سلسلة زمنية للأحداث، تستقل عن خبرتنا الذاتية، وهى تخالف ـ فى الغالب ـ الذاكرة والتوقع الإنسانيين، ولكن يكتسب الترتيب الزمنى صفة الموضوعية، حين يتوافق مع ما يمكن تسميته بمبدأ السببية، والتى أكد كانط على ضرورتها للترتيب الموضوعى للأحداث فى الزمن(5).

فالنص الأدبي السردي يقيم علاقة سببية بين الأحداث عن طريق التراتب بين العلة والمعلول، فلكل سبب مسبب، ولكل سبب نتيجة، وفي كلتا الحالتين يرتبط بهما فعل. ومعنى ذلك أن الزمن يتحرك فى اتجاه واحد من السابق إلى اللاحق، أى من الماضى إلى المستقبل، وسهم الزمن فى الطبيعة يتحرك باتجاه العمليات اللامعكوسة.

في السرد يرتبط السبب بالمسبب فالنتائج لابد لها من أسباب، والمسببات لابد لها من نتائج، وهو ما ينتفي مثلا في الشعر، الذي يقوم في الأساس على كسر العلاقات السببية والإيهام والانحرافات الدلالية، بل قد يصل إلى تبني الغموض الكلي كما يحدث لدى أصحاب هذا الاتجاه في الشعر العربي وشعر اللغات الأخرى.

ويرتبط بالسببية في السرد سيلان الزمان فلكل سرد قانونه الزمني الذي يحكمه في البدء بالحركة من الماضي إلى الحاضر، أو من الحاضر إلى الماضي، أو باستشراف المستقبل، أو التنقل بينهم على نحو متواز أو بمنطق يحكمه على نحو متراتب.

فما الذي وجده نجيب محفوظ من إمكانات زمنية في تقنية الحلم  تفرقه عن بقية أنواع السرد (القصة، الرواية، المسرحية)، وجعله يميل إلى هذا الشكل من الكتابة؟

في الحلم يتهشم مفهوم السببية على نحو كبير، وهو ما فعله محفوظ في كل أحلامه التي بلغت 239 حلما لا تحمل عناوين دالة، وإن كان يجمعها العنوان الأكبر ” أحلام فترة النقاهة” وما يستدعيه هذا العنوان من دلالات عدة ترتبط بالسؤال حول النقاهة التي يعنيها محفوظ: هل النقاهة بعد المرض؟ أم النقاهة بعد رحلة التيه التي قطعها في عوالم الفلسفة وتساؤلات الحياة؟ أم النقاهة بعد انتهاء المشروع الإبداعي الذي بلغ خمسا وخمسين عملا بين قصة ورواية بخلاف كتابة السيناريو؟ أم النقاهة بعد عمر مديد قضاه متأملا لحياته بين القاهرة والإسكندرية وهما مدينتان تمثلان ملتقى حضارات العالم منذ أقدم أشكالها وحتى أحدثها وتحتضن شوارعهما ومقاهيهما شخصيات تنتمي لكافة الأقاليم الثقافية لمصر وللعالم؟.

لعل بعض ذلك أو جميعه هو ما جعل محفوظ يميل إلى الكتابة في شكل الحلم، على نحو غير مسبوق في الأدب العربي بهذه الكيفية.

سمح الحلم لنجيب محفوظ بأن يهدم مفهوم البناء الزمني والتراتب السببي، فالانتقال بين الحدث والحدث الآخر، وكذلك التحول من صيغة وشكل وهيئة إلى حالات أخرى، كل ذلك متاح في الحلم وفي بنيته السردية.

ففي الحلم الثاني والستون، على سبيل المثال، يقول:

” أخيرا عثرت على الصورة القديمة العزيزة بين الأشياء القديمة، ولكن فرحتي لم تتم، إذ سرعان ما تبين لي أن الصورة تهرأت بمرور الزمن عليها وطمست ملامح الأعزاء فلم يبق منها بقية تذكر.

وبقدرة قادرة وجدت نفسي في بهو مصلحة حكومية وبيدي ملف خدمة موظف يتتبع خطاي ويطالب بالإنصاف، وأدركت بخبرتي أن الموضوع من اختصاص إدارة المستخدمين.

وبحثت فلم أجد لها أثرا وفيما أمر من أمام حجرة المخازن فتح الباب وخرج منه زميل توفاه الله منذ شهر، خطف الملف من يدي ورجع إلى المخازن وهو يؤكد أن الموضوع من اختصاصه، وأنساني مظهره المهمة التي كانت تشغلني”ص53

الانتقال هنا بين الحدث والآخر ينتمي إلى ما يمكن تسميته بغير المحتمل، فحدث وجوده في مصلحة حكومية بيده ملف موظف، لا يترتب ولا يرتبط بصيغة سببية بحدث عثوره على صورة قديمة بين ما يوحي بأشيائه الخاصة، وكلا الحدثين لا يرتبط – كذلك- بحدث خروج الموظف القديم من حجرة ليخطف الملف، وليس هناك من سببية في كون هذا الموظف ميتا منذ شهر مضى.

إن ما يحدث في الحلم أنه يختلف في بنائه السردي العام عن القصة والرواية في خلقهما وهم الحياة الواقعية، للتقريب بين الزمن الكرونولوجى والزمن القصصى، حيث لا يخرج القص فى تطابقه مع الحياة عن: المستحيل أو الممكن أو المحتمل أو غير المحتمل. وبالتالي يأتي الزمن متراتبا متسلسلا (شئ يأتى بعد شئ آخر مترتب عليه، مرتبط به فى علاقة سبب ونتيجة، أو علة ومعلول) من حدث البداية إلى حدث النهاية، ومع إمكانية التجاوز لأحداث، إلا أن بنية الزمن فى القص تظل مترابطة متعاقبة بشكل ما؛ إذ إنها تنظر إلى صورة الحياة وكأنها تتألف من سلسلة من الأفعال والوقائع المتساوقة، والتى ينظمها تطبيق صارم لمبدأ السببية، أى علاقة العلة بالمعلول فى تراتبها الزمنى.

كل ذلك يختلف في بنية الحلم السردية ويصبح في الإمكان تفكيكه ومخالفة نظامه، وبالتالي الانتقال الزماني ليس تبعا لقانون السببية والتراتب، وإنما تبعا للوحدة السردية الصغرى التي تصف حدثا ولا تبحث عن المبرر للانتقال إلى حدث آخر، مثلما تكشف عبر متابعة أحداث الحلم السابق.

ـ قانون المكان والانتقال والتعددية.

وهو مرتبط أيضا في بعض جوانبه بقوانين السببية والتراتب، فقد يتعدد الانتقال بين الأماكن في السرد، وبخاصة الرواية، لكنه يظل محكوما بالانتقال المنطقي أو السببي بين مكان وآخر، وبالتالي بين زمان وآخر، أما أن تحدث الأشياء في آن واحد، وفي أماكن متعددة ودون ارتباط سببي أو مبرر منطقي ؛ فذلك ما يسمح به الحلم، وهو ما يمكن الكشف عنه عبر قراءة أحلام محفوظ التي يتعدد فيها المكان، ورصد آليات هذا التحول وخروجه عن المألوف والمعتاد إلى المستحيل وغير الممكن، ويكون المبرر الوحيد لهذا الخروج هو الاحتكام لمنطق الحلم، الذي سيكون مبررا لاستقبال كل ما سيقال عبر الحلم بالمنطق الذي صنعه الحلم.

في الحلم 18، يقول محفوظ:

“وتم مجلسنا على الجانبين في القارب البخاري.

بدا كل واحد وحده لا علاقة له بالآخرين، وجاء الملاح ودار الموتور. الملاح فتاة جميلة، ارتعش لمرآها قلبي. أطلت من النافذة وأنا واقف تحت الشجرة وكان الوقت بين الصبا ومطلع الشباب، وركزت عيني في رأسها النبيل وهي تمرق بنا في النهر وتتناغم خفقات قلبي مع دفقات النسيم وفكرت أن أسير إليها لأرى كيف يكون استقبالها لي.

لكني وجدت نفسي في شارع شعبي لعله الغورية وهو مكتظ بالخلق في مولد الحسين ولمحتها تشق طريقها بصعوبة عند أحد المنعطفات فصممت على اللحاق بها..

وحيا فريق من المنشدين الحسين الشهيد.

وسرعان ما رجعت إلى مجلسي في القارب وكان قد توغل في النهر شوطا طويلا. ونظرت إلى مكان القيادة فرأيت ملاحا عجوزا متجهم الوجه،  ونظرت حولي لأسأل عن الجميلة الغائبة ولكني لم أر إلا مقاعد خالية.

وقمت لأسأل العجوز عن الجميلة الغائبة.”    ص19

فالوجود المكاني على متن القارب وحضور مكان ينتمي لوقت الصبا من خلال وجه الفتاة، ثم الانتقال إلى الشارع الشعبي كأنه الغورية، وانتقال الفتاة الجميلة الملاح معه ومشاهدته لها في أحد المنعطفات، والعودة إلى مكانه في القارب والتوغل في النهر، كل ذلك لا يبرره سوى منطق الحلم وهدم قوانين التراتب والسببية.

فمنطق الحلم هو الذي يسوغ أن الحركة لمسافة قدم، أو مجرد التفكير فيها قادرة على الانتقال الزماني والمكاني من النيل داخل القارب إلى الشارع القديم إلى الغورية في حي الحسين إلى العودة في القارب على نحو أسرع من الزمن الذي يمكن أن يستغرقه وقوع الأحداث حتى في عقل اليقظة. إذ في الحلم يكون العقل أسرع والوعي أسرع وبالتالي الانتقال المكاني والزماني أسرع على نحو يفوق قوانين الطبيعة حتى في رصدها لسرعة الصوت والضوء.

وكذلك الأمر في الحلم 121،عندما يقول:

“رأيتني أسير في شارع كورنيش الإسكندرية مستهدفا العمارة التي أرى في إحدى شرفاتها السيدة الأنيقة بصحبة زوجها وأبنائها الشبان، فلما فتر الهدف ذاب المنظر ذوبانا سحريا ناعما حتى اختفى وحل محله شارع العباسية، وما زلت  أسير نحو العمارة الجديدة التي تطالعني من إحدى نوافذها الفتاة التي لا تنسى، ولكني وجدت النافذة خالية فقررت الانتظار كالعادة في محطة الترام، ولكني لم أجد للمحطة أثرا ولا لقضبان الترام أثرا على طول الشارع.”  ص 83

فالانتقال المكاني بين الإسكندرية والعباسية ومحطات الترام التي ألغيت من زمن طويل، هذا الانتقال لا يبرره سوى منطق الحلم الذي سمح بهذا التعدد والانتقال على نحو يجعله مقبولا بمنطق الكلمة المفتاح “رأيتني” التي تؤدى معنى المخايلة، وتفكك منذ البداية قانون الاحتكام إلى المنطق العقلي في خبراته السابقة، وتبديله بقانون ما وراء العقل من خفة تتجاوز قوانين الزمن والحركة في الفيزياء الطبيعية كما كشف عن ذلك لنا إيتالو كالفينو في “ست وصايا للألفية القادمة “.

وبهذا المعنى يخالف الحلم قوانين الطبيعة مجتمعة من طول وعرض وارتفاع وزمن على نحو ما دلل عليه الحلم في تعامله مع المكان.

ـ قانون الشخصية وتبدلاتها.

في السرد تكون هناك شخصية واضحة المعالم والأبعاد، حتى بعد تطور السرد ومخالفته القواعد الكلاسيكية في مفهوم الشخصية وأشكال حضورها في العمل، لكنه يظل في الإمكان رصد الشخصيات وحركتها بمنطق الحبكة السردية ونسجها للعالم المحيط بها من خلال حركة هذه الشخصيات (الحركة في الزمن تبعا لقوانين الطبيعة) وما ينتج عنها من أحداث تزيد في تحديد مفهوم وملامح الشخصية الفاعلة.

أما في الحلم فتتعدد مفاهيم الشخصية وتلتبس أكثر مما تتضح، حيث تكون هناك شخصية ساردة غير محددة المعالم أو الأبعاد، وشخصيات أخرى مرئية يمكن وصفها تبعا لدورها في الأحداث، وشخصيات غير مرئية ولكنها حاضرة بأفعالها، أو ملتبسة (على طريقة كأنه يشبه كذا أو كذا أو كذا)

فعلى سبيل المثال يسمح الحلم بتعدد ملامح وأشكال وتحولات الشخصية الواحدة من إنسان لأناس آخرين، ومن إنسان لطائر لحيوان لأي كائن آخر، وذلك دون البحث عن مبرر سببي أو إيجاد علاقة مكانية منطقية.

وتتعدد في أحلام محفوظ تبدلات الشخصية بين كل الأشكال السابقة، ومنها ما ورد في الحلم 18 مع شخصية الفتاة الجميلة الملاح التي كانت تقود القارب ثم تحولت لشخصية العجوز المتجهم.

ومنه ما ورد في الحلم  105، يقول محفوظ:

“جميع الرجال في حينا يحلقون رءوسهم في صالون عم عبده انجذابا للحسناء الجالسة خلف صندوق النقود، وتمنينا جميعا أن تتحسن حالتنا المالية فنحلق ذقوننا كل صباح في رحاب الجمال، وذات يوم وجدتني أسير في طريق متألق الجمال والنقاء، واذا الحسناء مقبلة نحوي من بعد قريب حتي اذا حاذتني التفتت الي فجأة وأخرجت لي لسانها، وبسرعة مذهلة تحول وجهها الي كتلة خشبية سميكة فذعرت وسارعت مبتعدا، غير أن ترامي الي صوت ضحك فنظرت ناحيته فرأيت الحسناء تراقص الأسطي وهما في غاية الحيوية والمرح”. ص77، 78 .

فشخصية الحسناء تتحول لكتلة أسمنتية، ثم تتحول لمراقصة الأسطى في حيوية، هذا التبدل في الشخصية لايمكن أن يقبل على مستوى التلقي في السرد إلا إذا كانت هناك قرينة واقعية تربطه، ولن يوفر هذه القرينة سوى الحلم، فحتى السرد عندما يعمد لذلك فإنه يلجأ لتصوير الشخصية وهي واقعة تحت تأثير مخدر أو في حلم.

ـ قانون الحدث / الأحداث.

الأحداث مرتبطة في وجودها بوجود الشخصيات، إذ تمثل الأفعال والمشاهدات والأعمال التي تؤديها الشخصيات مما يؤدى بالضرورة إلى إحداث صراع ـ على مختلف  أنواعه ـ بين هذه الشخصيات. وقد كانت النظرة التقليدية تنظر إلى الأحداث المتخيلة باعتبارها تنتمي إلى الماضي وتحكى بالاسترجاع. ولكن مع التطور الأدبى وسيطرة النموذج الجمالى الفردي فإن المبدع أصبح يلغى هذه المعرفة المسبقة بالأحداث، ويحل بذلك الحدث الذى يتكشف له على مستوى  النص وبتقدمه، ومعنى ذلك أن الحدث هو الوحدة السردية التي يتألف منها العمل قلت الأحداث أم كثرت، ولكنها في النهاية تخضع لمفهوم التراتب والسببية والعلة والمعلول، وإلا صار السرد فاقدا لحبكته بمفهومها الفني.

هذا ما يفرضه قانون الأحداث في السرد، أما في الحلم فالحدث لا يعتمد على الشخصية ليتحقق، وإنما قد يعلن هو عن وجوده وإمكانية وقوعه منفردا وبذاته هو، ولا يحتاج الحدث إلى مبرر ليربطه بما قبله أو بما بعده، وإنما يقوم هو بدور متعدد الدلالات تحتمل توجيهها في سياق التأويل، وهو ما جعل الحلم بأكمله يتم استقباله على أنه رموز يهتم بها البشر لكشف المستور أو توقع المستقبل أو فهم الشخصية كما تسعى مدرسة فرويد.

في الحلم العاشر يقول محفوظ:

“جمعتنا الصداقة والنشأة وتواعدنا في تلك الحارة وذيول الليل تهبط. ولا هدف لنا إلا الانشراح باللقاء والاستسلام للمزاح والضحك على طريقة القافية.

وتبادلنا النكات وأخذنا نتحول إلى أشباح في الظلام وتعارفنا بأصواتنا، ولم نكف عن المزاح والقافية، وانطلقت قهقهاتنا ترج الجدران وتوقظ النيام.

الحارة متعرجة ونحن نتقارب حتى لانذوب في الظلمة، وكلما تمادينا في الحيرة غالينا في الضحك وبدأنا نتساءل حتى نجد خلاصنا في ميدان أو شارع كبير.

وذكرنا أحد بالملكة الفرعونية التي أرادت الانتقام من الكهنة الذين قتلوا زوجها، دعتهم إلى مكان يشبه هذا الذي يتخبطون فيه، وسلطت عليهم المياه، وما كاد يفرغ من حكايته حتى هطلت السماء علينا بقوة غير معهودة وأسكتنا الرعد، ومضت المياه ترتفع حتى غطت أقدامنا، وزحفنا على سيقاننا وشعرنا بأننا نغرق تحت المطر في ظلم الليل ونسينا نكاتنا وضحكاتنا ولم يعد لنا من أمل في الخلاص إلا أن نطير في الفضاء ” ص 12، 13.

فحدث الحركة المبهمة في الحارة يختلط فيه الأمر بين الواقعي واللاواقعي وتقترب حركتهم من حركة الأشباح، فلا ندري إن كانوا أصحابا من الشباب العابث ينشدون المتعة في الليل أم كانت الحركة عقلية لإنسان ينشد الخلاص، وحدث الحكي عن، الذي يتحول من الخيال إلى الواقع إذ بنهاية الحكاية يدخلون جميعا الحاكي والمحكي لهم في أحداث الحكاية، وهو أمر غير مقبول في قوانين السرد عموما، إذ أن الانتقال في السرد لابد أن يتم في إطار الواقع وبوسائط يدركها العقل ويؤمن بواقعيتها، وهو ما يخالفه الحلم تماما هنا.

وفي الحلم 37، يقدم محفوظ نموذجا ثانيا لحركة الأحداث في الحلم، يقول:

“المحمل يتمايل فوق الجمل المزين بالألوان والورود. أمامه رجل يغرس فى فيه عامودا ذا رأس تدلى منه شراشيب، ورأس الجمل فى مستوى أول طابق من بيت أطل أنا من نافذته وتلاقت عينى مع عين الجمل فقرأت فيها ابتسامة وغمزة وحلت لى البركة فطرت من موقعى وراء النافذة، ودرت حول رأس الجمل بجلبابى وشعرى المنفوش، وكبر الناس وهللوا وذهلوا لوقوع المعجزة، وتماديت أنا فارتفعت فى الجو وتراجعت نحو سطح بيتى وهبطت.

وبعد مرور المحمل تجمع الناس أمام البيت يريدون مشاهدة الإنسان الطائر، وإذا بهم يتحولون فجأة من الإعجاب إلى الخوف والحذر، وقالوا إن روحا شريرة حلت بالشخص الطائر وأن طيرانه حول رأس الجمل نذير شؤم للناس جميعا، وأنه يجب أن يبرأ من الشيطان بجلده حتى يتطهر تماما، فإذا رفض الدواء عرض نفسه للعقاب المناسب وهو القتل، وركب الرعب الشاب وأسرته واستنجدت الأسرة بالشرطة، واشترط المأمور أن يرى المعجزة وهى تحدث أمام عينيه، وذهب إلى البيت ورأى المعجزة وبهر بها حقا، ولكنه وجد نفسه بين رأيين، الأسرة تقول إنها كرامات الأولياء، والناس تؤكد أنه عبث من الشيطان ونذير شر.

وأخيرا قرر المأمور أن يضع الشاب فى السجن حتى ينسى الموضوع برمته” ص36.

فالأحداث على الرغم من أنها تبدو منطقية التسلسل والحبكة المترابطة، إلا أنها تبدو غير مقبولة منطقيا، حيث طار الطفل الذي هو الراوي، ثم تحول إلى آخر محكي عنه هو الشاب، وانتقل الحدث إلى جهل العامة، ثم إلى حدث حكم القانون، وذلك كله في إشارة إلى أحداث الصراع بين العلم والجهل في واقعنا الذي نعيشه.

فالأحداث هنا تنتمي منطقيا إلى أساطير التراث، ونجد الصدى الأكبر لفكرة طيران الإنسان وانتقاله المخالف لقوانين الزمن عند الصوفية في كرامات الأولياء، ولكنها أيضا تنتمي واقعيا إلى الحياة المعاصرة من خلال رموز الشرفة التي كان يقف فيها الطفل، ومأمور القسم الذي حضر بنفسه ليرى المعجزة، فهنا تدخل حدث الماضي مع حدث الحاضر في التباس لا يمكن تركيبه في السرد كما يسمح به الحلم.

ـ قانون المسار الدلالي

تقل في السرد إمكانية تعدد القراءت قياسا إلى الشعر، وبالتالي يزداد الارتباط بين الدال والمدلول، فلا يعمد السرد على نحو متسع إلى الانحرافات الدلالية والخروج عن المألوف الدلالي ( الخط المحورى ) الممثل للاستخدام العادى للغة إلى اللغة المجازية إلا في حدود ما يسمح به السرد وبخاصة في إطار الانحراف فى العلاقة بين الدليل والواقع، الذي يوسع من بنية استخدام المجاز، إذ إنه خصيصة شعرية تفرقه عما سواه.

وهنا يكتسب الحلم هذه الخصيصة الشعرية لينقلها إلى السرد، ليس في صورها البلاغية المتعارف عليها في الشعر، وإنما في صورة تعميق بنية مدلولات السرد وفتح آفاق تأويلها لتسمح بإمكانية قراءات متعددة وليست قراءة واحدة.

في الحلم 179 يقول محفوظ:

“بيوتنا تقع على حافة الصحراء، وكل بيت له فناء، نضع فيه زيرا للمياه العذبة فيدخل العطشان يروي ظمأه ويدعو لنا، ويوما اندست عصابة بين الداخلين وهاجمت بيتا فقتلت وسرقت وهربت، فأغلقنا الأبواب ولكن علمنا أنهم يحفرون نفقا للوصول إلينا، وعند إحدى الحفريات تفجر ينبوع ماء وتدفق حتى غطى الصحراء وبشر بالخير العميم، وهتف حكيم بيننا أن افتحوا الأبواب وانعموا بحسن الجوار”.   ص115

فهذا الحلم تتعدد إمكانات قراءته بين السياسي والديني والاجتماعي والفكري والفلسفي، بدءا من تأويل مفهوم الصحراء وارتباطها بمكان متواجد فعلا في بقعة ما من بقاع الأرض، ومرورا بتأويلها على أنها ما يحيط بمنطقتنا.. ببلدنا.. ببلادنا.. إلخ، وليس انتهاء بتأويلها على أنها صحراء الروح ونهاية الإنسان.

وتأويل مفهوم الماء على أنه الماء الذي نعرفه، أم الخير الذي نحمله سواء أكنا نعني أنفسنا أم جماعتنا أم بلادنا أم الجماعة المنتمين إليها فكريا (طائفة – حزب – توجه فكري).

وتأويل مفهوم العصابة المندسة على أنها العدو، أو الإرهاب، أو الدول الطامعة، أو الآخر الغريب الذي تتوجس النفس البشرية منه في الغالب على نحو فطري.

وتأويل مفهوم النفق الذي تدفق ماء فعم الخير، في سياق واحد من تأويلات الماء السابقة.

وإضافة إلى ذلك تتعدد قراءة الحلم سياسيا واجتماعيا ودينيا وفلسفيا، فعلى المستوى السياسي –مثلا-  يمكن قراءته على أنه من قبيل هجوم الآخر علينا، واكتفائه فيما بعد تدفق الخير في صحرائه، أو قراءته على أنه من قبيل تاريخ الاستعمار لوطننا، أو قراءته على أنه إشارة إلى العدو الصهيوني الدائم.

وهكذا تتعدد إمكانات القراءة والتأويلات للحلم بما يميزه عن السرد الذي مهما تعددت تأولاته فإنها لا تصل لمستوى ما يسمح به الحلم.

على هذا النحو يمكن قراءة أحلام نجيب محفوظ في سياق تأويل كونها إشارات واعية ورسائل مشتبكة مع الواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي والفكري للمجتمع المحيط بنا، وهو ما يمكن الكشف عنه من خلال ربط رموز الحلم بكل هذا الواقع، وهو ما تدلل عليه كثير من الأحلام، مثل الحلم 100، الذي يطلقه محفوظ بوصفه صرخة عن الحال السياسي والاجتماعي للإنسان المواطن العربي، يقول:

“هذه محكمة وهذه منضدة يجلس عليها قاض واحد، وهذا موضع الاتهام يجلس فيه نفر من الزعماء، وهذه قاعة الجلسة، حيث جلست أنا متشوقا لمعرفة المسئول عما حاق بنا، ولكني أحبطت عندما دار الحديث بين القاضي والزعماء بلغة لم أسمعها من قبل، حتي اعتدل القاضي في جلسته استعدادا لإعلان الحكم باللغة العربية، فاسترددت للأمام، ولكن القاضي أشار إلي أنا ونطق بحكم الإعدام، فصرخت منبها إياه بأنني خارج القضية، وإني جئت بمحض اختياري لأكون مجرد متفرج، ولكن لم يعبأ أحد بصراخي.” ص 75، 76.

الهوامش:

  1. نجيب محفوظ: أحلام فترة النقاهة – دار الشروق – القاهرة – ط5 – 2013م.
  2. يمكن العودة في ذلك إلى: أ.أ. مندلاو: الزمن والرواية – ترجمة: بكر عباس – دار صادر – بيروت – ط1-1997م.
  3. السابق: 33.
  4. هانز ميرهوف: الزمن في الأدب – ترجمة: أسعد مرزوق– مؤسسة سجل العرب– القاهرة – 1972- ص17.
  5. السابق: 25.

فكرة واحدة بشأن "البنية والتجريب في أحلام نجيب محفوظ"

أضف تعليق