زوجة العم

قصة : إبراهيم عامر

 

حين داهمني الموت وخطف والدي، وصرت مثل كل ما كان لهما إلي عمي، قضيت الوقت كله في انتظار أن يأتي اليوم الذي أكون فيه مثل الفحل كي أطالب بما لي . .

ولم يمض وقت طويل حتي علمت أن عمي مثل كل الرجال لا حول له ولا سلطان في بيته . . وأن الأمر كله بيد زوجته العوراء . . التي تدبر كل شيء، وتقوده كما يقود الراعي الغنم . .

ومضت السنوات علي مثل كابوس لا ينقطع . . وأذكر داوما ابناء عمي الذين كانوا يكرهوني بلا سبب . .كأنني أنا من أكلت “ورثهم” وليسوا هم وأبوهم . . أما امرأة عمي فكانت تتلذذ دائما بسبابي وبأكل حبات الطماطم علي عتبة البيت عند كل غروب، حتي يسيل السائل من جانبي فمها كما يسيل الدم من فم المستئذب . .

وكثيرا ما كنت أراها وهي تهزقه وتفرج عليه أولاده والجيران وهو صامت أمامها مندهش ككلب أمام النار . .

وحين كبرت أكثر وصار العرق يلون ثيابي الداخلية بعد أن أرتديها بيوم، صارت تتأفف أكثر من وجودي . .وأسمعه يقول لها: “والناس تقول أيه؟”، فتسبه وتسب الناس . . وتسبني بطبيعة الحال . .

وكان يومااستيقظت فيه قرب الفجر لقضاء حاجة . . توجهت نحو حمام البيت . .وكان نصف مفتوحا . . يرتعش النور في الطريق المؤدي إليه . . ورأيت ابنة عمي واقفة ترش جسدها العاري الضخم الذي طالما أثار أهتمامي بالمياه . .حين لمحتني ابتسمت . . ولكن ما أن لمحت أمها خلفي حتي علا صراخها . . وهجمت علي المرأة كاللبؤة . . وأرادت أن تخلع ما في قدميها لتضربني به . . لكنني أمسكت بيدها في صرامة، فأمسكت بخناقي . . وبصقت في وجهي وكثر سبابها . . فدفعتها دفعا قويا إلى الحائط . .

وقبل أن يخرج عمي من غرفته كنت أسمع صوت حشرجة يصدر منها . .وسمعت وأنا أعدو في الشارع ابنة عمي تصرخ فأيقنت بالكارثة . .علمت بعد أن قبض علي أنها فقدت النطق . . وأن الدفعة القوية أثرت علي عقلها . . ولم تفلح صفعات المخبرين أن تجعلني أعترف بالجرم كاملا بعدما أضيف إليه أتهام عمي لي بالسرقة . . لكن الجيران وقفوا في صفي، وروا في النيابة كل ما كنت ألقاه من معاملة في بيت عمي، فلم أقض ألا شهورا معدودة مرت بصعوبة علي . .

وبعد سنوات رجعت إلى بيت عمي مجددا لأحضر عزاءه . .وأخذتني قدماي إلى الداخل . . فرأيت زوجة عمي وحيدة وجالسة فوق كرسي مطرقة الرأس . . وحين دققت النظر رأيت أحدي عينيها مفتوحة والأخرى مغمضة . . وسيل لعاب طويل لا يتوقف عن الخروج من بين شفتيها . .

حين سمعت صوتي أحسست بأنها تريد أن ترفع رأسها، لكنها لا تستطيع . .

أضف تعليق