أرشيف الأوسمة: أمين ريان

مـوت الأسطورة وانكشاف المواجهــة، في أيام هند لسيد الوكيل

د. رمضان بسطاويسي

(1)

تقدم هذه النصوص لسيد الوكيل رؤية مغايرة لطبيعة القـص التقليدي، حيث لا نجـد القـص تعبيرا عن رؤى ذاتية تبحث عن المغزى والدلالة من خلال الحكي، وإنما هي نصوص أشبه بالمرايا المتجاورة (مع الاعتذار لألتوسير وجابر عصفور)… التي تعكس الرؤية الكلية للعـالم ، فالذات ليست سجينة أسرهـا الخـاص، وإنما هي منفتحة على العـالم، تقدم لنـا ما تراه من شخوص وعلاقـات وتفاصيل صغيرة في حياة البشر.

 هذه الشخوص والعلاقات والتفاصيل تجسد رؤيـة أحـد أبنـاء جيـل الثمانينات للعالم المحيط به، وكيف أنـه أصبح يعي أن الذات المبدعة هي حواس متفتحة، تكتشف، وتعكس جدلية الوعي والتـاريخ، الذات والعـالم، متخلصا من كل ما يعوق أي نص من إسهاب وتداخلات ، وإنمـا يقدم نصوصا مكثفة، تشبه الجسد الحي الذي لا نستطيع أن نقتطع منه جزءا، وإنمـا وحـدة عضوية بين أجزائه المختلفة، ولذلك جاءت النصوص قصيرة غاية القصر، ورغم قصرها فهي غنية برؤاهـا التي يقدمها من خلال لغـة تشف، ولا تحضر حضورا مستقلا.

أما أنهـا تشبه المرايا المتجاورة، فهذه النصوص لها سمات عديدة منهـا أن هذه النصوص باتساع الموضوعات والشخصيات التي تتناولها لا، تزعم أن أي منهـا يملك الحقيقة على نحو ما ، ولكن تجاور كل الشخصيات والعلاقات والتفاصيل تساهم في تقديم رؤية سيد الوكيل على نحو ما عبر عنـه ألتوسير، حين بين أن الحقيقة هي عبارة عن مرايا متكسرة. وتقـوم الذات الفاعلة أو المبدعة بجمع شظايا الزجاج بجانب بعضها البعض، هذا الجمع والترتيب، يعكس رؤية الذات المبدعة للحقيقة، وكل منا يرتب مراياه وفق ما يرى، وما يدرك، وما تنفتح عليه حواسـه. ولذلك فإن هذه النصوص لا تعتمد على المفارقة، أو المغزى كبنـاء تشكيلي للنصوص وإنما يقدم العالم كما يراه، وفي تجـاور النصوص كما في تجاور المرايا، نستطيع أن نقرأ ونرى رؤيـة لهذا القصد الإبداعي، على النحو الذي يفهمـه سيد الوكيل.

وتنقسم المجموعة القصصية إلى ثلاث أقسام رئيسية:

استمر في القراءة مـوت الأسطورة وانكشاف المواجهــة، في أيام هند لسيد الوكيل

الأشياء وتشكلاتها في القصة القصيرة. د. مصطفى الضبع

د. مصطفي الضبع

تملأ الأشياء الكون منازعة الإنسان وجوده، وكما إنها تفتح أمامه مجال الابتكار فإنها قد تمثل عائقا يصل حد التحدي، وإذا كان الحكي يتخذ من الإنسان مادته الحيوية فإنه لا ينتزع الإنسان من محيطه دونما اعتماده في بيئته التي تتشكل من كم هائل من الأشياء.  تظل الأشياء على حيادها في الواقع حتى يأتي الفن ليجعلها في سياق قادر على إخراجها من حياديتها ، فهي تقيم حوارا صامتا بينها وبين الإنسان ، وفيما بينها وبين بعضها البعض ، فالأشياء تستمع للإنسان ولكنه لا يستمع لها ،  هي تعبر عن كثير من طبائعه وأحواله ، فمنها ما هو قادر على الإشارة إلى حالة الإنسان الاقتصادية سواء نوعها أو كمها أو حضورها أو غيابها ( [1] ) ، ومنها ما هو قادر على الإشارة إلى حالته النفسية  (  [2]) .

استمر في القراءة الأشياء وتشكلاتها في القصة القصيرة. د. مصطفى الضبع

فارس المدينة. ملف خاص عن الأستاذ (أمين ريان).. إعداد: سيد الوكيل.

على سبيل التقديم 

  كما يقول التعبير الشعبي، كناية عن أصالة التجربة الفنية، كان أمين ريان ( فنان على ابوه).

  نقدم هنا ملفا خاصا عن كاتب كبير جدير بالاهتمام، ولو قدر لنا الالتفات إليه في حينه، لكنا قد قطعنا خطوات واسعة نحو كتابة متفردة، مارقة على الأنماط التي سادت وما زالت..

  نرى أن للنقد مهمة أولى قد تخرجه من تخبطه. هي إعادة تصحيح تاريخ الأدب العربي وفق معايير الابتكار لا الانتشار ، والتميز لا الأسبقية التاريخية، ولا أوهام الريادة.

إن أحد أسباب اضمحلال المشهدين النقدي والأدبي، هو الأداء الإعلامي المتسرع، والمتابعات المبتسرة لكل وأي إصدار جديد، على صفحات الجرائد ومنصات الندوات وحفلات التوقيع. تلك التي يشوبها الكثير من العوار، كأن تكون طريقة لأكل العيش، والمجاملات الشخصية.

نقع دائما في خطيئة التجديد، لكن ليس كل إصدار جديد يحمل جديدا، وليس كل كاتب جديد يعني التجديد. فالجديد الذي لا يترك أثرا ولا يحدث تحولات فارقة، مجرد سحابة صيف، وقد عبر بنا العديد منها.  

حتى الآن، لم أجد تجربة ناضجة في مجال ( المتتالية القصصية )  قبل كتاب ( قصص من الجيلي) لأمين ريان. لم يكن المصطلح مطروقا وقتها، حتى  جاء إدوار الخراط وكتب ( أمواج الليالي) فمنحناه براءة الاختراع. دونما اعتبار لإرهاصات المتتالية عند يحي حقي وأصالتها عند أمين ريان.  ويبقى الفضل لإدوار الخراط أن لفت انتباهنا إلى هذا الفن الذي شاع بعد ذلك كثيرا.

ملحوظة لا أكثر:

  كان من المفترض أن ينشر هذا الملف في مجلة (مريت ) وفق اتفاق مسبق، لكنها اعتذرت لأسباب غامضة، لهذا فجحا أولى بلحم طوره.. سننشر شغلنا على موقعنا.   

 

11922862_818318538295971_806351045592828030_o

الأستاذ أمين ريان بين أعضاء جماعة نصوص 90 الأدبية: سيد الوكيل، مجدي توفيق، ربيع السبروت، رمضان بسطاويسي، سعيد عبد الفتاح، وفي الخلفية، محمد الحمامصي، وسيد نجم)

 

فارس المدينة

بقلم: سيد الوكيل

  أول زياراتي له في بيته كانت في صحبة الدكتور مجدي توفيق. في هذا الوقت كنا نعد لجماعة نصوص 90 الأدبية، لهذا كانت الزيارة بمثابة دعوة لأمين ريان لكي ينضم إلى جماعتنا الأدبية. كانت علاقة مجدي توفيق به قوية، فهو على ثقة من موافقة (عم أمين) ليكون رمزا لجماعتنا.

  أعترف بأني لم أكن مرحبا بانضمام الكبار لجماعتنا الشابة. لكن فيلسوف الجماعة (الدكتور رمضان بسطاويسي ) كان حريصا على تحريرها من أي نزعة أيديولوجية أو أي انحياز لشيء غير الأدب. لهذا التزمت الصمت في ضيافته، فبادر مضيفنا بالكلام:

  – انت منين يا سيد بيه.

  – من شبرا

  كلمة (بيه) زادت من حرصي على التزام الصمت وتوجسي كأي شاب كونها كلمة تخرج من معجم قديم. وأنا أتأمله في بيجامة من الكستور الشعبي تذكرت أبي، لكليهما قامة قصيرة وجسد ممتلئ وملامح طفل. مع الوقت بدأت أعصابي المشدودة ترتخي حتى افترت شفتي عن ابتسامه راحت تتسع وهو يحكي لي عن تاريخ شبرا ما قبل ولادتي في الخمسينيات. تركيبها السكاني المتعدد من الفقراء النازحين من الدلتا وأفنديات الطبقة الوسطى. الأقباط والمسلمين. جامع الخازندار وكنيسة سانت تريزا ودير الراعي الصالح. سينما التحرير التي تجاور سانت تريزا. مسارح وملاهي روض الفرج التي تحولت بعد ذلك إلى شارع عماد الدين، العمارات التي بناها الأرمن والطليان. قصر سعيد باشا الذي تحول إلى مدرسة التوفيقية، والقصور الصغيرة التي تناثرت حوله.

  سكت لحظة كأنه يتأمل شيئا بعيدا: تعرف يا سيد بيه.. أسماء الشوارع والميادين في شبرا تاريخ محتاج نذاكره..

استمر في القراءة فارس المدينة. ملف خاص عن الأستاذ (أمين ريان).. إعداد: سيد الوكيل.