“الرجل البدين..” – قصة لـ “مصطفى يونس”

يطالعني كل صباح ذلك الشخص البدين الذي يكبرني بسنوات، وأنا أمشط شعري أو أصلح هندامي استعداداً للخروج لعملي، يبتسم كأنه يعرفني، ويلوح بتحية الصباح..
وفي كل مرة أردها بملامح عابسة وحاجبين معقودين مستغربا ذلك التباسط الغير معهود من شخص لا توجد بيني وبينه سابق معرفة أو اختلاط. إنه لا يقتحم فقط مرآتي، بل ولاحظت مؤخراً، حين دققت، أنه يقتحم انعكاس صورتي في عيون الناس.
هذا الصباح خطر في بالي أن أعرج على محل للملابس.. 
اقترب مني البائع باسما.. 
–  سيدي! لا أحسب أنك ستجد مقاسك في هذا الركن بالذات.
اجتاحني غضب عارم للهجته المطعمة بالسخرية، وهممت أن أصيح في وجهه لاعناً سماجة شخصه وقلة ذوقه، غير أن التفاتة مني لعينيه جعلتني ألوذ بالصمت، كان ذلك الرجل البدين الذي يكبرني بسنوات هناك. كان مقتحماً صورتي، ويقبع في سواد عين البائع بدلاً مني.

أضف تعليق