أرشيف الأوسمة: أحلام فترة النقاهة

10نصوص من عالم ” أحلام فترة النقاهة


نشرها وائل فتحي

الغد.. أغسطس 30, الغد 2016

«أحلام فترة النقاهة».. آخر ما أودعه أديب نوبل المصري نجيب محفوظ، من ثروة باسمه في خزائن المكتبة العربية، وقد نشر الجزء الثاني من الأحلام بعد رحيله بنحو 9 سنوات، لتثير جدلا كبيرا، داخل أوساط المثقفين والقراء، حول نسبتها إلى محفوظـ، مما ذهب بالبعض إلى اعتقاد أن الناشر (دار الشروق) قام بتلفيق بعض النصوص للحصول على مكاسب مادية، إلا أن أصدقاء محفوظ وأسرته استطاعوا أن يبرهنوا على نسبة الأحلام لصاحبها، واليوم 30 أغسطس/آب، حيث تمر الذكرى العاشرة على وفاة الروائي العربي الأكثر شهرة وصيتا، نقرأ بعض من تجلياته وإشراقاته في «أحلام فترة النقاهة».

حلم 5..

أسير على غير هدى وبلا هدف ولكن صادفتنى مفاجأة لم تخطر لى فى خاطرى فصرت كلما وضعت قدمى فى شارع انقلب الشارع سيركا،اختفت جدرانه وأبنيته وسياراته والمارة وحل محل ذلك قبة هائلة بمقاعدها المتدرجة وحبالها الممدودة والمدلاة واراجيحها وأقفاص حيوانتها والممثلون والمبتكرون والرياضيون حتى البلياتشو، وشد ما دهشت وسررت وكدت أطير من الفرح، ولكن بالانتقال من شارع إلى شارع وبتكرار المعجزة مضى السرور يفتر والضجر يزحف حتى ضقت بالمشى والرؤية وتاقت نفسى للرجوع إلى مسكنى، ولكم فرحت حين لاح لى وجه الدنيا وامنت بمجىء الفرح. وفتحت الباب فإذا بالبلياتشو يستقبلنى مقهقها.

استمر في القراءة 10نصوص من عالم ” أحلام فترة النقاهة

سرد الأحلام..(ملف خاص): إعداد: مرفت يس

عن الأحلام سألوني..سيد الوكيل

لا أدرى إذا كانت الأحلام غريزة من غرائز الكائن الحي؟ صحيح أن بعض التجارب العلمية أكدت أن الحيوانات يمكنها أن تحلم أيضا، غير أن أحدا منها لم يخبرنا بما حلم، وربما لم يفكر فيما حلم عندما يستيقظ.. لهذا فثم اعتقاد أن طبيعة الحلم عند البشر ثرية ومتنوعة بثراء وتنوع الوجود البشري. الأحلام هكذا، أشبه بملفات مخفية نسيناها في غمار الحياة، تظهر فجأة على سطح المكتب، وفق آلية عمل ذاتية للجهاز العصبي.. لهذا هي وجود حي بداخلنا، ضاغط وملح، بما يجعلها أقرب ما يكون إلى الغريزة. لكن الفرق بين أحلام الحيوانات وأحلامنا، هي طبيعة إدراكنا لها. وهذا الإدراك هو عمل الوعي البشري، إنه في تطور دائم، متفاعل مع الخبرات والمعارف التي مرت بها رحلة الوجود الإنساني منذ خلقه الأول.

الإنسان البدائي عرف الأحلام، لكنه خلط بينها وبين الحقيقة، لدرجة أن بعض القبائل البدائية كانت تعاقب رجلا يحلم بمضاجعة امرأة جاره، بل ويمتد العقاب إلى المرأة كونها ذهبت إليه في الحلم.

مع إدراك الإنسان بوجود قوى إلهية عليا، أخذ الحلم بعدا ميتافيزيقيا. وتحكي لنا الأساطير، عن ملوك سارعوا بقتل أطفالهم، بعد رؤية في حلم بأن هذا الطفل سيقتل أباه يوما، أو بعد فتوى من عرافه بأن ( أوديب ) سيقتل أباه ويضاجع أمه.

لقد رسخت الكتب السماوية هذا المعنى عن الحلم بوصفه نبوءة، فثم أنبياء ألهمتهم الآلهة بنبوءات وحملتهم رسائل، صارت حقائق. هكذا ظل ارتباط الحلم بالحقيقة سعيا بشريا حتى الآن، وكأن الحلم، أداة من أدوات المعرفة.

لقد أفضى هذا الاعتقاد الراسخ بواقعية الأحلام، إلى علوم متخصصة في تفسير الأحلام.. إذ كان اليقين بواقعية الأحلام الذي كتب به ( ابن سيرين)  تفسيره، هو الذي منحه حق الوجود حتى الآن،  وبعد مضى ثلاثة قرون على ثورة العلم، الذي نقل الحلم من فضاء الميتافيزيقا إلى فضاء علم النفس، ثم علم الدماغ، حيث تمكن ( سيجموند فرويد )  من ربط الحلم بالواقع الداخلي للحالم، فبدلا من السعي إلى تفسير الحلم نفسه، أصبح الحلم وسيلة لتفسير السلوك الإنسانية، والظواهر والأعراض النفسية التي يعانيها الحالم. وهكذا لم تعد الأحلام مجرد نبوءة ترغب في التحقق، بل حقيقة ترغب في التعبير عن نفسها.

والآن.. إذا كان الإبداع الأدبي هو حراك داخلي، قلق ومتوتر، يرغب في التعبير عن نفسه، وإعلان وجوده في صيغة من صيغ التعبير التخيلي، فما الفرق بين الحلم والإبداع إذن؟؟

الحلم كما يقول ( إيريك فروم ) هو إبداع الحالم.  الحلم هكذا مادة إبداعية نفرض نفسها علينا في النوم، ولا يمكننا تجاهلها في اليقظة.. تلك آلية عمل قريبة من آلية عمل الكتابة الأدبية، فتجاربنا الواقعية التي حفرت عميقا فينا، نكتبها في قصصنا ورواياتنا، عبر منظومة من الأخيلة والرموز والعلامات، فتصبح شيئا محاكيا لما حدث في الواقع، ولكنها ليست الواقع بالتأكيد.

 لهذا.. فكما سكنت الأحلام أساطير الأولين، سكنت روايتنا، وقصصنا، ومسرحياتنا، وأفلامنا، ولوحاتنا التشكيلية… بل سكنت ( بوستاتنا ) على شبكات التواصل الاجتماعي. فمطلقو الإشاعات ضد الأنظمة السياسية، والمروجون لها، يعبرون فقط عن أحلام مجهضة عجزوا عن تحقيقها.

***

نخصص هذا الملف عن علاقة الأحلام بالإبداع الأدبي. وهي علاقة قديمة، تبدأ كما أسلفنا مع الأسطورة، بوصفها كيانات حكائية، كما نجدها في أشكال السرد الفني القديمة ( ألف ليلة وليلة ) على سبيل المثال. ثم نجدها في الرواية الحديثة منذ ديكاميرون  ودون كيخوته، وها هي، في القصة القصيرة، تصبح فنا أدبيا مستقلا على نحو ما يستهدفه هذا الملف.

هل يعني هذا أن ثمة فارق بين الحلم في الرواية والحلم في القص؟

هذا ما نعتقد.. فالحلم في الرواية له وظيفة في خدمة الفضاء الروائي، وتوسيع أفقها الدلالي، ومن ثم يظل أثره محدودا بتحقيق وظيفته، وبعدها يذوب داخل الفضاء الروائي، بوصفه عنصرا من عناصره.. أما في القصة القصيرة، ونظرا لطبيعة الوحدة الموضوعية لها، وكثافتها، فالحلم ليس عنصرا فيها بل هو القصة نفسها. إنه يطمح إلى إبراز أخيلته، ورموزه، وآليات إنتاجه، بل وقدرته على تشكيل الأبعاد الزمكانية  والشخصيات بما يكسبها أبعادا متجاوزة للواقع.  

عندما كتب نجيب محفوظ ( أحلام الفترة الانتقالية ) أعطانا مشروعية، أن يكون الحلم فنا سرديا مستقلا، يقف إلى جوار القصة القصيرة، يمكن أن نسميه حتى الآن ( سرد الأحلام ).. لكن المغامرة الأولى – عند محفوظ – لكتابة الأحلام في ذاتها، كانت عام 1982 م تحت عنوان ( رأيت فيما يرى النائم ) ويمكن ملاحظة رغبة الراوي في الإخبار ( اللغة الإخبارية) التي تشابه لغتنا عندما نستيقظ من النوم ونخبر شخصا ما بما حلمنا كأن نقول ( رأيت في منامي أنني أفعل كذا وكذا.. إلخ) ومن ثم فهي مجرد حكي للحلم يستسلم للطابع الإخباري، محدود الأثر الدلالي على نحو ما نجد في رواية ( حديث الصباح والمساء) حين يرى (يزيد المصري) في المنام  شيخه القليوبي جالسا في المقابر، يدعوه لأن  يقيم خلوته له في المقبرة المجاورة لمقبرته. بسهولة ندرك إن الحلم هو عتبة لموت يزيد المصري. تلك هي وظيفة الحلم في الرواية. أما في (أحلام فترة النقاهة ) فلم يكن لقاء الراوي ( بالست عين)  في ( أفراح القبة) خبرا يخدم دلالة مغايرة، بقد ما كان تجسيدا لحضور حقيقي، هو موضوع النص. إنه حضور نلمسه شكلا وموضوعا وشعورا. نقرأه وكأننا نراه، أو وكأننا نشارك الراوي حلمه. فلا شيء قبله، ولا شيء بعده، ولا مُدخلات خارجية فيه، تسعى لتفسيره،  أو التعليق عليه.إنه حضور فحسب. هكذا يظل الحلم مكتنزا بطبيعته التي نراه عليها،  بلا معقوليته، وألغازه، وشطحاته الغرائبية المفارقة للواقع. بما يعطي للقارئ وحده، حق اقتناص الدلالة، من بين براثن اللاوعي الجمعي الذي يسكننا نحن البشر. إن الحلم مقصود لذاته في ( أحلام فترة النقاهة) على نحو ما يفصح العنوان، بوصفه نصا قصصيا مكتملا بذاته، وليس مجرد تقنيه في خدمة فضاء سردي أكبر منه. هكذا أدرك نجيب محفوظ أن القالب القصصي، مؤهل بطبيعته لسرد الأحلام.

خلافا للسرد القصصي والروائي، فإن أحلام نومنا  بلا عتبات ولا مقدمات، نجد أنفسنا داخلها فجأة، ونخرج منه كما دخلناها بلا نهايات حاسمة، دونما تحصيل لأي معنى. وعندما نستيقظ نحاول تذكرها ربما يمكننا أن نقف على بعض المعاني، لكن علماء الدماغ يؤكدون أننا لا نتذكر منها سوى نسبه ضئيلة جدا. فالحلم هو نشاط عصبي وظيفته التخلص من بعض الذكريات والصور المخزنة في الذاكرة بما تحمله من مشاعر معطلة مثل مشاعر الذنب، أو الدونية.. الأحلام إذن عملية تطهير للوعي يقوم بها اللاوعي . أي أن القول بأن نجيب محفوظ كان يكتب أحلاما رآها فارغ من المعنى. فلا أحد يمكنه أن يتذكر الحلم، وما نحكيه بعد يقظتنا عن أحلامنا، هو تصورنا الواعي عن نشاط اللاوعي،  والمسافة بينهما واسعة وغير مأمونة، لهذا فإن كتابة الحلم هو خلق إبداعي تماما، ينتجه وعينا الجمالي، وليس توثيقا أو تدويرا لأحلام رأيناها.

لكن.. ما لو أردنا كتابة حلم رأيناه بالفعل؟

تخيل أنك تمشي في شارع مظلم تماما، وفجأة ومض ضوء خاطف واختفى، فإن كل مار رأيته هو انطباع عام عن شارع ما، أما إذا طلب منك أن تصفه، فإن خبراتك السابقة بالشوارع  ووعيك بمحتوياتها، هي التي ستكون أدواتك في الوصف. لهذا فإن ما تصفه سيكون من إبداعك أنت، ويخصك أنت وحدك. كذلك ما نكتبه بوصفه أحلاما، هو إبداعنا الذي يخصنا.

أما إذا كانت فكرتنا عن آليات كتابة الأحلام غير واضحة، فعليك أن تقرأ هذا الملف، ففيه وجهات نظر، وطرائق مختلفة في فن كتابة الأحلام، وكعادتنا ندرك أن الاختلاف ليس خصومة، بقدر ما هو سمة تفاعلية، توسع فضاء الإبداع.

 

الجزء الأول

: مقالات عن الأحلام

فدوى العبود

الحــــلم والشيــــفرة الســريّـــة للمعرفــة والــوجود

سيد الوكيل

فن كتابة الأحلام ..تأسيس نظري : سيد الوكيل

الجزء الثاني:

نماذج من سرد الأحلام

نجيب محفوظ

الحلم 16..من المجموعة القصصية : رأيت فيما يرى النائم

حكاية الرجل الذي لم يحلم أبدًا..طارق إمام

رغم الظلمة …رغم النوم..طارق إمام

كنت أضحك في حلمي….قصة : رءوف مسعد

الجمعية …قصة: حلمي محمد القاعود

برج الحمار: قصة: عبدالقهار الحجاري

نصوص في لمح البصر…سيد الوكيل

رجل وحيد يخشى الأحلام…قصة :أحمد أبو خنيجر

الحلم الذي لن أرويه لجدتي…قصة: صفاء النجار

قصر الأموات قصة : شريف صالح

علاء الدّين وامرأة تحلم..قصة: روعة سنبل

كشوفات مصطفى يونس

الحلم ..قصة : مصطفى لغتيري

أطياف محفوظية…عبير سليمان

الجزء الثالث

قراءات نقــدية في نصـــوص الأحــــــلام

دمحمود الضبع

البنية والتجريب في أحلام نجيب محفوظ

 

اعتبرني حلما فدوى العبود

اعتبرني حلما :مقولة كافكا الشهيرة عندما قضى ليلة في بيت صديقه ماكس برود، ودخل بالخطأ غرفة والد ماكس ، وفزع الرجل ، فما كان من كافكا إلا أن انسحب بهدوء معتذرا وهو يقول له تلك الجملة التي استلهمتها الكاتبة فدوى العبود عنوانا لقراءتها في نصوص الأحلام و نشرت في كتاب الديكاميرون  2020الذي أعدته الكاتبة السورية روعة سنبل وقدمت له قراءات نقدية فدوى العبود.  اقتبس الكتاب اسمه  من عنوان رواية (الدّيكاميرون) للكاتب “جيوفاني بوكاشيو”؛  التي تسرد قصّة مجموعة أشخاص هربوا من الطاعون، واختاروا -وهم في خلوتهم في منطقة ريفية- أن يسردوا في كلّ ليلة قصصًا تخفّف عنهم عناء الوجع، فتكون الحصيلة كلّ صباح عشر حكايات،ومن هنا جاءت فكرة الكتاب عن جدوى الحكاية وهل هي مجدية؟ “فكانت  هذه النصوص  إجابة   صريحة  عن دور الحكي  في المقاومة .احتوى على  خمسين نصاً قصصياً اندرجت  تحت ثيمات خمس هي “المرايا” و”القطارات” و”الحبال” و”الفقاعة” ويختتم الكتاب بثيمة “الأحلام وتحتوي على تسعة نصوص لمجموعة من الكتاب  هم زهير كريم ، هبة شريقي، مهند الخيكاني ، غفران طحان، نبأ حسن مسلم ، صلاح حيثاني، حنان الحلبوني، زوران جيكوفيتش، سيد الوكيل. تبقى  الأحلام كثيمة هي الأمل في الخلاص وتوقع الأفضل عن طريق الحكي ؛ “نحكي لننجو ” “.

كُتاب الديكاميرون

المدد المحفوظي في كتابة الأحلام …ومشروعية الحلم كنص أدبي

نماذج تطبيقية لشريف صالح ومحمود عبدالوهاب

مدد الأحلام …سيد الوكيل

د. خالد عبد الغني

العودة لأحلام نجيب محفوظ آخر أشكال السرد في الأدب ([1])

قراءة في لمح البصر بقلم فردوس عبدالرحمن

الغوص في اللاوعي والبحث عن أسطورة الذات الخاصة

أحمد رجب شلتوت وقراءة في نصوص” أضغاث أنفاس

أحلام نسوة يعانين القهر والاستلاب

مرفت يس .. قراءة في مشاهد عابرة لرجل وحيد للكاتب أحمد أبو خنيجر

المزج بين الأسطورة والحلم في ” مشاهد عابرة لرجل وحيد”

الحلم فى القصة المغربية….الطيب هلو

الإيقاع السردي وحداثة القصة القصيرة ـ إيقاع الحلم نموذجاً

الجزء الرابع

قراءات عـن بنية الحـلم في الرواية

علي كاظم داود

السرد بالأحلام في رواية ” لاريب فيه” لطاهرة علوي

منير فوزي

قراءة في نص (أحلام سرية) للروائي مصطفى بيومي

الحلم في النص السردي بين التخييل والتفنين:

تأويل الحلم عبر الذاكرة في رواية كيميا للكاتب وليد علاء الدين

الجزء الخامس:

قــــراءات

الحلم كهندسة عقلية..عمرو عزت وفن تعبير الرؤيا: محمد عبدالنبي

أدب الأحلام ..قراءة في كتاب عبده وازن “غيمة أربطها بخيط” بقلم حسن عبدالله

” كتاب النوم”هيثم الورداني …عندما تستيقظ الغفوة : طارق إمام

لغة الروح والنفس المنسية ..مرفت يس

كتاب الأحلام بين العقيدة والعلم للدكتور علي الوري ..قراءة صالح البلوشي

العودة لأحلام نجيب محفوظ آخر أشكال السرد في الأدب ([1])

د.خالد عبدالغني

“كيف جمع بين العجائبي والذاتي والمجتمعي”

مقدمة:

في عام 2008 نشرت دراستي أحلام فترة النقاهة آخر  أشكال السرد في الأدب الذي ابتكره نجيب محفوظ بمجلة عمان بالأردن ثم توالى نشرها في مجلة ضاد مرتين ومجلة الرواية وغيرها من الدوريات وجاء فيها  إن مفهوم الحكمة عند الأديب الكبير نجيب محفوظ يعيد تكوين التوجهات الفلسفية الإنسانية بشكل يلتبس فيه المدلول الثقافي الكامن بالظواهر الافتراضية الفريدة والشخصيات كعلامات غير قابلة للاختزال، ولذا فهناك ثراء في النص المحفوظي لدرجة قابليته للكثير من التأويلات الممكنة.

        ولذلك فحين تحاول الوقوف في رحاب نجيب محفوظ، وأمام إبداع ” أحلام فترة النقاهة” كونه شكلاً جديداً من أشكال السرد الأدبي، وإعجازاً آخراً يضاف لنجيب محفوظ فلابد أن تقلق، وهذا ما عشته منذ أن بدأت أفكر في هذا الوقوف في تلك الرحاب وبخاصة إن هذا الشكل التجريبي العجائبي للكتابة السردية الذي يبدو وكأنه عفوي ينطق على عمل مركب يقوم على النظام والأمانة المطلقة ويحرر الموضوع والشخصية الحدث / الفعل الإبداعي من آنية اللحظة وصدورها إلى أفاق المطلق ومداه اللانهائي واللاشخصي، والسرد هنا لا يسير في خط مستقيم بل هو أشبه بارتماء الأمواج على الشاطئ وانسحابها عنه، ويثمر هذا التكنيك نصاً متوهجاً محموماً ولكنه مكتوب بدقة ورهافة وهو في النهاية استكشاف وتأويل للمسكوت عنه والمضمر لأسرار الوجود والزمن والموت والعدم وفهم البحث عن تراجيديا الإنسان من المهد إلى اللحد. 

استمر في القراءة العودة لأحلام نجيب محفوظ آخر أشكال السرد في الأدب ([1])

الحلم في النص السردي بين التخييل والتفنين:

د. منير فوزي

قراءة في نص (أحلام سرية) للروائي مصطفى بيومي

مصطفى بيومي

     في نص (أحلام سرية)([1]) للروائي والناقد (مصطفى بيومي) محاولة للإفادة من تشكيل جمالي جديد من أشكال التوظيف في إطار النص الروائي، وهو: التشكيل بالأحلام.

      الأحلام جزء من نشاط اللاوعي لدى الإنسان، وهو جزء مهم انتبه إلى أهميته علماء النفس، وانتبه له أيضًا الفن، خصوصًا الفن التشكيلي.

      وقد استطاعت بعض الروايات العربية القيام بتوظيف الأحلام في إطار التشكيل الفني للرواية، نذكر منها رواية (غرفة المصادفة الأرضية) للأديب المنياوي (مجيد طوبيا) والتي وظف فيها بعض أحلام بطلة الرواية (مهجة) والتي دونتها في كراس خاص بها، كما نذكر أيضًا أنه في رواية (زينب والعرش) وظف مؤلفها الكاتب (فتحي غانم) أكثر من عشرين حلمًا متتابعًا لشخصية (زينب الأيوبي) وهو أعلى معدل أحلام في نص روائي([2]).

      أما رواية (مصطفى بيومي) فتقوم كلها على فكرة توظيف الأحلام من أول سطر فيها إلى آخر سطر، وبالتالي فإن رواية (أحلام سرية) تعدّ الأولى من نوعها، وتعدّ شكلاً تجريبيًا، يخوض فيه المؤلف هذه التجربة الجديدة، محاولاً الاعتماد – كل الاعتماد- على هذا النسق الإبداعي وحده، من أجل تقديم رؤية فنية متكاملة.

أحلام سرية مصطفى بيومي

      السؤال الأول الذي يواجهنا ونحن نتلقى هذا العمل: ماذا نصنفه؟ هل هو رواية فعلاً كما يقول عنه مؤلفه؟ أم هو مجموعة مذكرات شخصية لإنسان رحل عن عالمنا؟

      وإزاء هذا التساؤل يطل سؤال مواجه: ما الرواية؟ هل هي شكل واضح الملامح أم هي قالب متغير يتجدد بتطور الفكر والإبداع؟

      إن عناصر البناء الروائي متوفرة في هذا العمل، فهناك الشخصيات وهناك الأحداث وأيضًا الأزمنة والأمكنة واللغة والسرد، وهناك حبكة من نوعٍ ما. ولأن هذا العمل – عند قراءته الأولى- ربما لا يصل إلينا مباشرة، فهو يحدث نوعًا من الارتباك الذهنيّ، الذي يتطلب إعادة القراءة للنص أكثر من مرة حتى نتمكن من تبين رؤية العالم من خلال سرديات بطل الأحلام، وكيف أن هذه الرؤية متناسقة ومتجانسة مع بعضها البعض.

      الرواية هي مجموعة أحلام (وعددها تسعة وتسعون حلمًا أو منامًا) يرويها لنا صحبها (محسن بكر)، ويقدمها لنا صديقه المؤلف مع إضافة بعض الحواشي من أجل التوضيح. بعض هذه الهوامش بالغ الأهمية والآخر ليس كذلك. وهذه الحيلة الفنية في بناء الرواية ليست جديدة؛ بل هي قديمة متعارف عليها.

      البطولة لـ (محسن بكر)، وهو صاحب الأحلام المنتحر في ظروف غامضة؛ نتيجة لعددٍ من الضغوط النفسية والاجتماعية، منها اختلافه مع صديقته (سامية حسين) التي قامت بينها وبينه علاقة حب، امتدّت إلى علاقات جسدية، كما هو واضح من الأحلام، وبسبب هذه العلاقة نشأ خلاف بين (محسن بكر) ووالده.  

استمر في القراءة الحلم في النص السردي بين التخييل والتفنين:

البنية والتجريب في أحلام نجيب محفوظ

د.محمود الضبع

يعد الحلم (رؤيا المنام) أحد التقنيات التي اعتمدها الأدب في صياغاته النصية، وذلك لإمكاناته المتعددة التي يسمح بها سواء في سياق ما يتيحه من إمكانات الانتقال غير المبرر على مستوى الأبنية الزمانية والمكانية ومسارات السرد (في الأعمال الشعرية أو السردية)، أو في سياق فتح أفق باب التأويل/ التأويلات المتعددة التي يتيحها على مستوى التلقي وقراءة النص الإبداعي، أو في سياق التعبير عما يصعب تحقيقه في الواقع الفعلي مقارنة بالواقع الذي يخلقه السياق الأدبي.

تقنية الحلم من الحياة إلى الأدب:

يتزامن تاريخ الاهتمام بالحلم مع تاريخ البشرية القديم، ويرجح علماء الأنثربولوجيا أن الحلم كان بداية التدين الفطري للبشر، نظرا لما يتسم به ذلك الحلم من تواصل مع الغيبيات واستحضار للموتى الذين رحلوا، وهو ما جعله تقنية بدائية وبذرة أساسية لنشأة الأدب (بمفهوم النشاط الفكري الإنساني في إنتاجياته المتنوعة).

وقد شغل الحلم مساحته من البحث العلمي الحديث بدءا من عصور النهضة وما تلاها، وتنوعت العلوم التي بحثته بين علم النفس وعلم الاجتماع والأديان وعلوم الأدب وغيرها، وتعددت ـ كذلك ـ مداخل وتأويلات بحثه بين النظر إليه بوصفه رد فعل لأحداث الحياة الواقعية، وبين كونه تعبيرا عن اللاشعور الإنساني وكوامن النفس البشرية واستجابة حرة لنوازع العقل الباطن، والتعبير عن الرغبات الداخلية العميقة للبشر.

استمر في القراءة البنية والتجريب في أحلام نجيب محفوظ

فن كتابة الأحلام ..تأسيس نظري : سيد الوكيل

إذا نظرنا إلى أحلام فترة النقاهة، سنرى أن الرغبة في سبر الواقع الداخلي للإنسان، الذي يتجاوب مع المعنى الواسع للواقعية الإنسانية. يتشكل في صور مختلفة، تومض على نحو غامض في ثنايا النص الإبداعي سردًا وشعرًا، وتصوفًا، وفلسفة.. إلخ. لكنه ينتهي إلى شكل أدبي جديد ومستقل، بل ومتفرد بذاته في نهاية رحلة الجمال المباركة عند نجيب محفوظ” إن النشاط الحلمي المتميز، يمكن أن يعتبر نوعًا من الإبداع في ذاته، إذا وسعنا تعريف الإبداع بما يستحق”[1](1). كما أن الحلم من إبداع الحالم، وهو الذي يحدد حبكته كما يذهب إريك فورم.

استمر في القراءة فن كتابة الأحلام ..تأسيس نظري : سيد الوكيل

مدد الأحلام …سيد الوكيل

إن كتابة الأحلام ليست شكلاً  مغلقا على نجيب محفوظ صاحب ( أحلام فترة النقاهة ) بقدر ما هو فضاء سردي واسع، طالما مارسناه بين صفحات قصصنا ورواياتنا، بل وفي حياتنا اليومية. غير أن  نجيب محفوظ أعطى لسرد الأحلام مشروعية أن يكون فنًا أدبيًا مقصودًا لذاته، حيث يمكن لأي منا أن يدلي فيه بدلوه، كل على قدر استطاعته وإمكاناته. فشأن كتابة الأحلام، شأن كتابة القصة، أو الرواية، أو السيرة الذاتية التي أعطاها محفوظ سمت الأصداء، فتجاوزت الطابع السير ذاتي، لتنتهي إلى شظايًا، أو ومضات ورشفات مكثفة، ومستقلة عن بعضها البعض، لا تستسلم لتراتبية زمنية ممتدة. وتنزع إلى التجريد، وتتاخم حدود الرؤى والتأملات والخيالات.

 في هذا السياق، يكتب محمود عبد الوهاب (أحلام الفترة الانتقالية) ويكتب شريف صالح (دفتر النائم) وكتبت أنا (لمح البصر ).. إلخ

استمر في القراءة مدد الأحلام …سيد الوكيل