كنتُ في الشتاء، أجلسُ على مصطبةِ القش في غرفة جدتي بهية، فوقنا لمبة مصفرة الإضاءة وطبّاقة الخبز معلقة في السقف.
كانت جدتي قد سقطتْ من فوق سطحِ الدار، على نحوٍ غامض، وباتتْ شبه قعيدة. وكنتُ صبيًا في فضاءٍ قروي محدود. لدي رغبةٌ غامضة في الهروب من رائحة الروث والسير حافيًا فوق الحصى، والثعابين في أكمات البوص. لدي رغبة غامضة في رؤية البشر العائدين في قطار آخر الليل، حين تدوي صافرتُه في أذني، من بعيد.. تُرى ما الذي يجرى في العالم هناك وراء النهر، وقضبان السكك الحديد، وخلف أمواج البحر المتوسط الذي لا يبعد عنا سوى كيلومترات بسيطة.
إذا كان القرموط يفقمُ في النهرِ الواسع، ويخرج رأسه لأعلى كي يؤدي رقصته الفاتنة، فلماذا لا أفقم مثله وأرقص رقصتي أعلى من هذا العالم الضيق؟
كانت جدتي التي أُرغمتْ على الجلوس طويلًا، ذاتَ عينينِ كحيلتين سوداوين، وشعرٍ أسود ناعم تتخلله شعرات بيض طويلة. وكان لها فمٌ دراميٌ تخرجُ منه أصواتُ الجن والبشر والملائكة.
في حكايات جدتي كان لابد للخيرِ أن ينتصرَ. وهذا ليس بالأمرِ المهم لي. وإنما المصطبة السحرية التي تحملُنا ـ أنا وجدتي ـ إلى الماضي البعيد.. تطيرُ وتحطُ بنا في أماكنَ كثيرة، حيث حكايات الناس والأساطير والعفاريت. مرة نسمعُ عروسَ البحر وهي تنادي على الأمهات ليلًا، كي تريهن أطفالَهن بين ذراعيها، ثم تطلبُ أن يذهبنَ إليها، لأخذِهم. ومرة أخرى نراقبُ ذلك الرجل الجوّاب في ليل المقابر بعد طرده من رحمة الله.
كان البدنُ يقشعر لحكايات الجدة، والروح ترتجف.
ثم قررتُ يومًا جمع رفاقي كي ألعبَ معهم دور جدتي بهية. فكل حكاية تُحيل بالضرورة إلى حكاية سابقة عليها، وكل تمثيل هو استعادة لتمثيل آخر. وهكذا تقمصت روح جدتي، وأطلقتُ أولى حكاياتي الخاصة.
ومن الصفحات البيضاء المتبقية من كراريس المدرسة، قمتُ بتجميع دفتري الخاص، كي أسجلَ ما أعتبرته قصصًا. كانت في حقيقتهاـ خلاصةَ أفلام عربية شاهدتُها. وقد وضعتُ لها عناوين مثل: “نهر الحياة”.
في دكان أبي، ولساعاتٍ طويلة كنتُ أرقب الناس. أرى الرائحين والغادين. من يذهب في الصباح ليس كمن يعود في المساء، فلابد أنه قد عاد بحكاية ما، ستظل معلقة كي يستكملها في أيامه القادمة.
وفي أرضنا، ووسط الحقولِ الشاسعة، أرض مفيد وأبعدية البدايرة، والعزب الصغيرة المحيطة بقريتي مثل: النواصرية، وبشاي، والعجيزي. وتلك الطرق المتربة كأنها شرايين بين البيوت والحقول، حيث خوار الأبقار وعواء الكلاب وهرولة الحمير وتغريد وتحليق الطيور والأسماك.. هذا المجتمع الكوني الساحر، كان ـ بالنسبة لي ـ لوحةً تشكيلية عظيمة حافلةًبالألغاز والحكايات السرية، أسمعُها في حفيفِ أوراق الذرة صيفًا، ورائحةِ ووشوشة الصفصاف والكافور، للنهر.
يروقُ لي هنا تصديرجوناثانغوتشللكتابه”الحيوانالحكاء”: “خلقالربُّالإنسانَ،لأنهيحبالحكايا“،ويضيفبأننامولعونبالقصة،حتىحينيخلدالجسدُللنومِ،يظلالعقلُمستيقظًاطوالالليل،يرويالقصصَلنفسِه، وهكذا تولد الأحلام وترتدي رغباتنا السرية ثوب الحكاية، مثلما ارتدى الذئب الماكر ثوب الجدة كي يأكل ليلى.
آنذاك، لم يحدث أنني قررتُ أن أصبحَ كاتبَ قصةٍ قصيرة، ولا روائيًا، ولا صحفيًا. فليس في بيتِنا الريفي مكتبة. لا أحد من أفراد أسرتي حفزني على الكتابة. لا أحد في الفلاحين يعرفُ ما الكتابة! وليس ثمة كتابٌ في بيتنا سوى مصحف جدي العتيق، بأوراقِه البرتقالية الناعمة.
فقط أورثتني “ستي بهية” تعويذةَ الحكاية.. فقط رأيتُ حكايات عالقةً في كتابِ الكون من حولي. كأن يموت رضيعُ البقرة، فيقوم أعمامي بحشو جلده وإيقاف هيكلِه على قوائمِ الجريد، كي تراه أمه فتشم رائحتَه وتحسبه ابنها حيًا. كان في الأمرِ خدعة، كذبة حزينة موجعة، لكنها قصة.
هكذا تجلي الوجودُ لي: “قصة” لا “قصيدة”.
في القصيدةِ موسيقى أعلى صوتًا من موسيقى الكون. وفي الرواية امتدادٌ، وإحكام، أكثر من إحكامِ الواقع ذاته.قد تُعطي الرواية الحقَ لنفسِها كي تنتهي نهايةً سعيدة. وإن كانتْ الحياةُ نفسها لا تمنحنا بالضرورة مثل هذا الترف. كما تُعطي نفسها فرصةَ الامتداد ومتابعة المصائر. لكنني رأيتُ الحياة مبتورةً من خلف دكان أبي.. لا أعرف إلى أين ذهبَ العابرُ.. ولا ماذا فعلتْ به ساعاتُ الغياب!
القصةُ قصيرةٌ، ليس لأن كلماتها قليلة، بل لأنها تتلصصُ الوجودَ، وتبديه هشًا، مبتورًا، ناقصًا، عالقًا عند حافةِ السؤال.ربما كاتب الرواية هو مهندسُ عمارةٍ شاهقة، أما كاتبُ القصة فهو ثاقبُ لؤلؤة.
روحي القلقةُ، لا تحتمل حسابات الرواية وانضباطها. روحي متلصصة، اعتادتْ مراقبةَ الهامشي والمنسي عبر دكان أبي.. عبر شاشة السينما. عبر الحقول.. وصافرات القطارات التي تمر في ليلي دون أن أراها.
نحن لا نستطيع أن نعيشَ ما لم نأكلْ ونشرب، لكنّ أفعالَنا الغريزية كلها لا تكفي لتفسير وجودِنا، ولا تفسير طموحِنا في الوجود. لذلك عندما نمارس الحكي نحاولُ أن نفهم ذواتنا، أفضل وأعمق. نطمح أيضًا أن نفهم لغزَ العالم، وتاريخَ الألم واللذة.
كان القرارُ يتبلورُ واعيًا في داخلي، منذ المرحلة الثانوية، أنني أريد أن أصبح حكّاء.. أن أكون المستقبلَ لماضي جدتي، وأحتفظَ بروحِ الطفل الهائمة على مصطبة القش والخيال.
انتبهتُ أن هناك شيئًا يفوق ما تدركه حواسي الخمس، يفوق ما أرى وأسمع، فالعوالمُ السماوية كلها، والعصورُ المتلاشية، ما هي إلا حكاية لا نتصل بها إلا عبر الخيال.
بحثتُ حولي عن كتبٍ. ليست كُتبًا لأحدٍ بعينه. فقط هي غريزة النهم للحكاية ومضاعفة وجودي من خلالها.. مررتُ بالمنفلوطي ورومانسياته المبكية، وتمرد طه حسين على أيامه، وذكاء توفيق الحكيم الرهيف في الحوار، وصولًا إلى دوستويفسكي في “المقامر” ونجيب محفوظ في “خمارة القط الأسود”وصرخة “قلب الليل” الكامنة: “أناأتمرمغالآنفىالترابِولكنيفىالأصلِهابطٌمنالسماء“، قصص البغايا الكسيرات عند جي دي موبسان، ونصوص تشيخوف بالغة الرهافة والعذوبة في فضح مأساويةِ واقعنا، رواية “أيام الإنسان السبعة” وملخصات مسرحيات شكسبير، وقصص أصلان والبساطي ويوسف إدريس.اكتشفتُ بالصدفة نسخةً عتيقة من “ألف ليلة وليلة” في بيتِ جدي القديم. كانت كنزًا أرشدني إلى أن الحكايةَ تظل تلدُ حكايةً إلى ما لا نهاية.
كتبتُ في دفتري وصفًا تفصيليًا لزملائي وزميلاتي في المدرسة الثانوية. سجلتُ يومياتي الجامعية في “مفكرة”. بدأتُ الذهاب إلى أنديةِ الأدب لأتعلمَ من الكتاب المحترفين، الطريقةَ المُثلي لتدوينِ حكاية.
مع ذلك خجلتُ دائمًا من نصوصي الأولى، احتفظت بها مكتفيًا بقراءتها لقلةٍ من المحيطين بي. حاولتُ إرسالها إلى مسابقات رسمية، ورغم أنها نالت جوائز من كليتي دار العلوم، وقصور الثقافة، وشباب الجامعات، ومسابقة اقرأ، ونادي القصة، إلا أنني غربلتُها في نحو عشر قصص احتفظتُ بها على كمبيوتر قديم، وبدلًا من نشرها قررتُ التوقف عن الكتابة.
فما الذي يمكن أن يضيفه شابٌ ريفي للكتابة أكثر مما فعل تولستوي وماركيز وكافكا وبورخيس وكازانتزاكيس وجون فاولز؟
استحوذ علي سؤال مُعذب: هل أنا موهوب حقًا مثل هؤلاء؟ ربما كان نيل الجوائز بمثابة تعزية، إشارة من مختصين وخبراء بأن لدي موهبة ما. مع ذلك قررتُ مبكرًا اعتزال الكتابة قبل أن أبدأ، وابتعدت كليًا عن عالم المثقفين، لأكثر من سبع سنوات.
كان الانقطاع فترة عدمية أو عبثية، تعبيرًا عن الشك في ذاتي، وفي جدوى الكتابة والغاية منها. وكنتُ أطرحُ على نفسي أسئلة خاطئة، تزيد ضلالي. فلا أظن أن الكاتب يكتب مبتغيًا شراء يخت وتشييد عمارة، أو إصلاح العالم أو إعادة البشر إلى الفردوس المفقود، ولا يسعى بالضرورة للتفوق على حاملي نوبل والبوكر، ولا الخلود، ولا نيل إعجاب الملايين. كلها دوافعُ قد تبدو مقبولة ومنطقية، لكنها ليستْ ما أريد. قلتُ ذات مرة: “الكتابةُ استمناءٌ ذاتي”، محاولة لاكتشاف المتعة في داخلك، وليس من العالم المحيط بك.. محاولةٌ للعب مع نفسك دون الحاجة إلى شركاء لعب. كل ما عليك أن تجلسَ وتتلاعب بالكلمات والشخصيات على الورق أو برنامج “وورد” ثم لا تنتظر غاية أسمى أو أبعد من ذلك.
استغرقتُ وقتًا كي أدرك أن هذا هو دافعي، وغايتي، وربما ـ خلال اللعب ـ تساعدني الكتابة في معرفة نفسي. أليست غاية فلسفية عظيمة حثنا عليها سقراط: “اعرف نفسك”!
لكن الكتابةَ مراوغةٌ وماكرة جدًا، تبدأها بما تعرفُ فتأخذك إلى ما لا تعرف، تدفعك إلى تقمص شخصيات لا حصر له، كأنك ممثل على خشبة المسرح يرتدي الأقنعة، ثم حين يخلعها جميعًا لا يعثر على وجهه. تفعلُ الكتابة شيئًا مشابهًا، تنقلبُ من طريق معرفة الذات، إلى مسار هروبٍ منها.. فحين أكتبُ أنسى نفسي، وهمومي الشخصية، وحبيبتي التي لم أعثر عليها، وفواتيري المتأخرة. أشبه ذلك الوسيط الروحاني الذي يغمضُ عينيه ويتشنج بطريقة عصبية حتى تحل الأرواحُ في داخله وتحتل حنجرته.
أجدني عاجزًا عن تعريف نفسي وإدراكها، وأهرب من سؤال: من أنا، وأستغرب هيئتي في المرايا، وأحسني: لا أنا، ماء فوق ماء يجري، وهواء يذوب في الهواء. وبالدرجة عينها أجدني عاجزًا عن تعريف الكتابة ودوافعها.. أمارس هروبًا مزدوجًا من ذاتي، ومن فعل الكتابة،ثم ألهثُ بحثًا عنهما، في الوقت نفسه.
تلك الرحلة قد استغرقتْ مني أكثر من ثلاثين عامًا، ولا أظنني تعلمتُ الكثير. ولا أثقُ إطلاقًا بما تعلمتُ.
عندما كتبتُ مجموعتي الأولى “إصبع يمشي وحده” واحتفظتُ بها في الدرج لسنوات، كنتُ أحتفظ بلحظات منفصلة تعبر عن ذاتي القديمة، وتصوراتي الأولى للكتابة. وقد أخفيتُ بداخلها كل من تأثرتُ بأساليبهم السردية.
ثم في عام 2009 نشرت “مثلث العشق” التي نالت جائزة ساويرس، وحاولتُ ترهينها أو لضم نصوصها في خيط يتعلق بالجنس، وعلاقة الرجل بالمرأة، وهواجسنا الإباحية المكبوتة، وضعفنا العميق.
بعدها راق لي أن تجتمع نصوصيعند “نقطة تجمع” مثلما يلتقي السياح الغرباء في محطة باص. كررتُ ذلك في “بيضة على الشاطئ” التي نالت جائزة دبي الثقافية كأفضل مجموعة عربية، وانشغلت فيها بفكرتي الأزلية عن الهروب/الخروج، فنحن نفر من رحم الأم، ومن مسقط الرأس، ثم نواصل الهروب إلى أبعد نقطة ممكنة: القبر.
كل مجموعاتي التالية: شخص صالح للقتل، شق الثعبان، دفتر النائم، مدن تأكل نفسها. ربط نصوص كل مجموعة منها، خيط ما. مرة انشغل بالسرديات الشذرية، ومرة بأحلامي الليلية، ومرة ثالثة بعلاقتنا بالمدن وانهيارها وانهيارنا معها. فدائمًا ثمة فضيلةٌ معرفية تفحصُها النصوصُ بطريقة جمالية.
ظلت القصة القصيرة الغرام البكر، والطريقة الأكثر ملائمة في نظرتي إلى العالم، وقد كُرمتُ عنها مرات، لكنني حاولتُ تجريبَ أشكال كتابة مختلفة، بسبب ذلك الشعور الغامض الذي يأكلنا جميعًا، أننا لم نكتب بعدُ النص الذي نحلمُ به.
أحببتُ الكتب التي تُنظر لهذا الفن مثل “الصوت المنفرد” لأوكونور، و”فن القصة القصيرة” لرشاد رشدي. لأنها علمتني، أن القصة ذات طريقةٍ خاصة، وحسّاسة، في اكتشافِ اللغة؛ فكلمةٌ واحدةٌ ليستْ في موضعها، قد تهدمُ مبنى الحكايةِ كلِّه.
إنها ليستْ مجرد حكايةٍ من حكايات “ستي بهية”، بل طريقة في رؤيةِ الحياة وتصميمها. وما النصُ إلا فضاء تجريبي تتجسدُ فيه هواجسي، أحلامي، كوابيسي، استيهاماتي اللذائذية، نوازعي الشريرة التدميرية، ونبرة السخرية والفتنازيا التي تغلف نظرتي إلى الوجود.
مع ذلك استولى علي هاجس التجريب، ومد البصر لأبعد من صافرة قطار الليل. أتذكر أنني كتبتُ قصة عن جثة تحيط بها جحافل الصراصير، وأنا في المرحلة الثانوية وظللتُ محتفظًا بمسودتها حوالي عشرين عامًا، وحين أعدتُ كتابتها وجدتها تخرج مني في شكل مونودراما مسرحية، نلت عنها جائزة الشارقة للإصدار الأول.
تطورت علاقتي بالمسرح، وحصلت على الدكتوراه في نصوص يسري الجندي المسرحية، ومُثل لي على خشبة المسرح الكويتي ثلاث مسرحيات، وأحتفظ إلى اليوم ببعض النصوص غير المنشورة.
مع ذلك لم أشعر أنني وجدتُ ضالتي في المسرح، فوجدتني أجرب الرواية في “حارس الفيسبوك” وإن تعثرت سنوات في كتابتها إلى أن نشرت عام 2017، أردت أن أفهم هذا العالم بوصفه مسارًا هروبيًا من الواقع. نتبادل الهروب إليه مع ملايين البشر. ثم قبل شهورة قليلة عدتُ ونشرت روايتي الثانية “ابتسامة بوذا” كسيرة روحية لذاتي: تلك النفس الهاربة مني.
كما شعرتُ بحاجة أولادنا المَسيسة إلى كتابةٍ خيالية تحترم وعيهم، وتربطهم بقضية العلم المهدرة في ثقافتنا العربية عمومًا، وليس فقط الكتابة الوعظية والأخلاقية. من هذا المنظور نشرتُ روايتين: “سوشانا والحذاء الطائر” عن تاريخ الأحذية ومستقبلها التخييلي، ثم “آينشتاين: أسرار القطعة 99” التي رشحت لجائزة الشيخ زايد، ولم تكن مجرد سيرة لفيزيائي عظيم، وإنما محاولة تخيليية عن علاقة المخ بالمعرفة والمستقبل.
أكثر من سبعة عشر كتابًا نشرتها،بمعدل كتاب كل عام. ما بين القصةِ والرواية والمسرح وأدب الطفل والنقد، وقد شجعني على هذا كله منطقُ اللعب. فأنا لا أزعم أنني قاص ولا روائي ولا مسرحي ولا ناقد ولا سينمائي.. أنا الكائنُ المربوط باسم معين، وجسد معين، وماضي محدد، لكنه لا يتوقف عن الهروب عبر الخيال واللعب.
لستُ متأكدًا أنني موهوب حقًا. لستُ متأكدًا أن كتبي كلها تعني أنني قدمتُ للإنسانيةِ إضافةً ما. ربما مزيةَ الجوائز أنها تواسينا، تجبرُ خاطرَنا، وتوهمُنا بالإنجاز. لكنها لا تمنحني ذلك الرضا الكافي، ولا تمنعني من كراهيتي لما نشرتُه، والتخوف من قراءته مجددًا. لأنني لن أرى فيه إلا سذاجتي وضعفي وأخطائي، وقلة حيلتي.
أرى في كل ما نشرت، عجزي المتكرر عن كتابة النص الذي أحلم به، ليكون الاستمناء الأخير. الهروب الأخير.