أيقظه صفير القطار بينما كان يحلم بمدينة تطل على البحر .. واندهش، لأنها المرة الأولى التي يستيقظ فيها من حلم قبل أن يرى مشهد دفنه . كانت تلك أيضاً المرة الأولى التي يوقظه فيها باعث واقعي ، فطوال سنوات مديدة فشلت كل الأصوات ، و المحاولات اليائسة لزوجته ، في إخراجه من مناماته .
أول شيء فكر فيه هو هذا القطار نفسه ، القطار الوحيد في المدينة ، و الذي يكرهه تماماً ، فهو صغير ، يعود لبدايات قرن مضى ، و يذكره ــ كلما رآه من نافذته ــ بنعش أصفر . كل سائقي هذا القطار كانوا أصدقائه بشكل ما . كلهم ينتحرون بعد فترة قصيرة من العمل ، و يتركون الآلة المعدنية البدائية تترنح وحدها للحظات ، قبل أن تتوقف عجلاتها فجأة .. قبالة شباك غرفة نومه ، و حيث يكون دائماً قد استيقظ قبلها بدقائق .
فكر انه بحاجة لسيجارة ، فتحسس جيب جلبابه ، حيث ترك علبة سجائره آخر مرة قبل سنوات ، منذ نام آخر مرة . بعدها ثبت طاقم أسنانه ، فقد كان يطمئن فور استيقاظه عليه ، و يثبته بسرعة بينما تعود له الحياة أخيراً، كأنه كان نائماً بدون فمه . لا يستطيع التدخين بدونه ، رغم أنه لم يكن يحتاجه لمثل هذه المهمة .
استمر في القراءة حكاية رجل عجوز كلما حلم بمدينة.. مات فيها.. قصة: طارق إمام →