أرشيف الأوسمة: عزة مصطفى

في اليوم العالمي للقصة ” شغف البدايات “ج 2

فهد

تحقيق :مرفت يس

علاقة الكاتب بالكتابة ممتلئة بالسحر والشغف ولكل بداية قصة، وكل قصة تمتلك سحرها الخاص قد تتشابه أو تختلف لكن تظل البدايات محفورة بذاكرة كاتبها وهذا ما تأكد لنا عندما سألنا كل منهم “حدثنا عن أول قصة كتبتها وأقرب قصصك لقلبك ؟

في الجزء الأول استمتعنا بقصص العديد من الكتاب وهنا نكمل المتعة بصحبتكم

يقول الكاتب السعودى فهد العتيق : أن  شخصية القصة في نصوصه القصصية تأكدت بداية من قصص أولى مثل “شروق البيت” ثم من بعدها وفي مرحلة واحدة قصص مثل “اذعان صغيرط و”حصة رسم ” ، “وعمود التراب “.  وهذه القصص كتبت في مرحلة واحدة تقريبا بعد قراءات جادة وتجارب حاول فيها التركيز على الحكاية الموحية بلغة حاول أن تكون سلسة يحضر فيها المكان والحلم والأسئلة كقاسم مشترك يمثل وحدة انطباع للجو العام وهذا أعتبره العتيق  نقلة نوعية في كتابته وفي رؤيته لمسألة الكتابة السردية بشكل عام. وأضاف أنه كتب قصصه ورواياته عن حارات الرياض القديمة والحديثة والتحولات التي عاشتها هذه المدينة العريقة خلال المئة عاما الماضية متضمنة أسئلة الناس وهمومهم بالذات في كتب” اذعان صغير “، “وأظافر صغيرة “، “وكائن مؤجل”. وظل لهذه الأماكن الحضور الواضح في كل أعماله. وكانت هذه  القصص ضمن كتابه إذعان صغير الذي صدر عن مختارات فصول بالقاهرة عام 1992

وكانت قصته الأولى هي شروق البيت قد حققت حضورا أسعده من خلال عدد من المراجعات النقدية العربية التي كتبت عنها.

 ثم صدر بعده كتاب القصة أظافر صغيرة ورواية كائن مؤجل، وهذه الكتب الثلاثة يمكن اعتبارها قاعدة مهمة انطلقت منهما كتابته الأدبية.

طارق إمام
الروائي والقاص طارق إمام

                 محاولة لاصطياد القص

القاص والروائي طارق إمام

استمر في القراءة في اليوم العالمي للقصة ” شغف البدايات “ج 2

لازالت تنتظر. قصة: عزة مصطفى

ل

عزة مصطفى عبد العال

حمل مخلته فوق ظهره وابنته بين يديه, ضمها إلى صدره فتشبثت برقبته, سار ببطء حتى وصل محطة القطار ومن خلفه زوجته وأمه, لازال الوقت باكراً لم يصل القطار بعد, تلفت حوله وجد حجراً مرتفعاً عن الأرض فجلس عليه ووضع طفلته على ساقه, بحركة مباغتة مسح دمعة سقطت قسراً لينفض حزن عينيه وهو يقول بمرح مصطنع :

  • سأذهب لأهزم العدو وأحرر الوطن .
  • ماذا تقصد يا أبي ؟
  • سأذهب إلى الحرب وأعود سريعاً .
  • لكني أريدك معي .. من سيحكي لي الحواديت ومن سيحضر لي الحلوى التي أحبها ؟
  • انتظريني سوف أعود بسرعة .
  • وعد يا أبي ؟
  • وعد يا حبيبتي.

جاء القطار وتزاحم الركاب يندفع بينهم الجنود بقوة .. نهض بتثاقل واستقل مكانه بجوار النافذة.. ألقى عليها النظرة الأخيرة.. فتلوح له بمرح :

  • لا تنس يا أبي سأنتظرك هنا .

هز رأسه بابتسامة وأمل في أن يرسم غد أفضل لابنته بانتهاء المعركة, عادت الصغيرة مع أمها تسألها بحزن :

  • متى سيعود أبي ؟

ردت وهي تواري نظرة زائغة:

  • عندما تنتهي المعركة .

جلست أمام التلفاز تبحث عن أخبار المعركة, ولم تعرف أي معركة سيتحرر فيها الوطن حتى غلبها النوم, وفي الصباح ذهبت إلى المحطة, رأت الحجر الذي جلس عليه أمس خاوياً فوقفت بجواره تنتظر, حتى جاء القطار, لمحت بائع السميط فنادت عليه وسألته ببراءة :

  • هل رأيت أبي مع الجنود ؟

رد بعد تفكير :

  •  ما اسمك يا صغيرة ؟
  • اسمى منى ويدعوني أبي ميمي .. وأنت ما اسمك ؟
  • عمو أحمد .
  • عمو أحمد كأبي.. أبي أيضاً اسمه أحمد !
  • اسمعيني يا ميمي عودي إلى بيتك وعندما أراه سأخبرك .

عادت تتعثر في خطواتها وهي تقول لنفسها ” ربما يعود غدا ” , وكل غد يجئ تذهب إلى المحطة وتسأل عنه كل من يأتي مع القطار فيمازحها الأغراب ويحنو عليها كل العارفين لأبيها من الباعة الجائلين وأهل الحي.. حتى جاء اليوم الذي عرفت فيه خبر النصر فأسرعت إلى المحطة ووقفت تنتظر وصول القطار عندما رأت الجنود يتوافدون مجموعات مجموعات غمرتها الفرحة وحيتهم تحية النصر لكن لم يكن أبوها بينهم , رأها بائع السميط تبكي فقال لها :

  • لا تحزني ربما يعود غداً فهم يأتون تباعاً .

مسحت دموعها وغادرت المحطة بعد أن وعدته بأن تعود في الغد.

ومع أول أشعة الشمس كانت تأخذ مكانها فوق الحجر المرتفع عن الأرض وانتظرت حتى جاء القطار الأخير لهذا اليوم ولم يكن به سوى جندي واحد فقط ركضت نحوه وسألته بلهفة :

  • هل رأيت أبي ؟

نظر إليها بشقة وسألها :

  • ما اسمه ؟
  • اسمه أحمد بائع الخبز .

اغرورقت عيناه بالدموع وحملها بين ذراعيه وقال بصوت خافت كأنه ينبعث من عالم بعيد :

  • نعم رأيته وهو يحمل الراية .
  • ما الراية ؟
  • الراية هي علم بلادك .
  • ذلك العلم ذا الألوان الثلاثة ؟
  • نعم  حمله أبوك وخاف أن يسقط منه على الأرض فتشبث به حتى ثبته وسقط هو .
  • ماذا تقصد ؟
  • أقصد إنه أرسلني بهدايا كثيرة لأخبرك إنه سيمكث هناك يحرس العلم .
  • ومتى سيعود ؟
  • لا أعرف لكن ربما يأتي يوماً ونذهب إليه .

سار معها إلى البيت ليخبر أهله, يحمل مخلته فوق ظهره وفي قلبه الكثير من القصص وشيء من الألم .

انفجارات الدهشة ..قصة : عزة مصطفى

رغم إدعائى الكاذب بأننى لن أتزوج إلا إننى رأيت حفل زفافى فى حلم عابر, كنت أرتدى الفستان الأبيض وأقف وسط حفل كبير أنظر حولى فتتفجر الدهشة داخلى.. ضجيج الزفة لا أعى منه شىء سوى إننى ملكة..

  • أجمل ملكة فى الكون.

هكذا قال لى فوق الكوبرى الواصل بالجانب الآخر من النهر وعيناه تغرقان فى عينى الكحيلة.. دوى الرصاصات وجه آخر من الدهشة يمسك بعينى يرميها عند القمر ويغنى:

  • الليلة ياقمر!

استمر في القراءة انفجارات الدهشة ..قصة : عزة مصطفى

صورة..قصة:عزة مصطفى

للذكريات طعم الحلوى ورائحة الصباح الضازج.. تأخذنا الهموم وتفرمنا عجلة الحياة فلا نلتقى إلا لماماً؛ هكذا كُتب على الصديقات أن ينشغلن ببيوتهن وأولادهن وتحتم عليهن ألا يملكن أوقاتهن, لكنها جاءت صدفة, قالت  سألتقط صورة للذكرى, صورة تجمع وجوهنا المتعبة بفرحة اللقاء, فتحت كاميرا الهاتف وقالت ابتسمى, فتصنعت ابتسامة باهتة لم تعجبها, فقالت:

  • صُنعت الصور للابتسامة ألم تفعليها من قبل!

طفلة بضفيرة وحيدة تمسك بيده الكبيرة ويسير بها فى اتجاه النيل: ” هذه مركب وهذا صياد وهذه زوجته تنتظره عند الشاطىء.. وهناك فى الطرف الآخر يجلس ولد يلقى بأمنياته التى لم تتحقق لجنيات النهر”. الدهشة هو شعور الاكتشاف وهو يعلمنى أن الفقد يلازم التواجد, مر الرجل الذى يحمل كاميرا فطلب منه صورة:

  • اضحكى.

ضحكت وانفرطت ضحكات كثيرة تبعثرت فى طمى الشاطئ وأنا أحضن يده فى يدى.

  • اضحكى.

قالتها زميلة ونحن نأخذ صورة جماعية بعد انتهاء امتحانات أخر عام فى الجامعة.. يومها شعرت بمذاق الفراق ورأيت المسافات التى تفترش بيننا فكانت ابتسامة حزينة.

  • اضحكى.

أرتدى الفستان الأبيض وأتعلق بذراعه وسط صخب الغناء, لمحت من خلف الكاميرا أمى تبكى, فانسلت دمعة اختلطت بابتسامة عابرة.

  • اضحكى .

مطلب لكل الصور لكن جدتى ماتت وانقطعت عنى الحواديت, وصار ليلى طويل بلا أبطال ينسجون حكايتهم فى ظلمته.

  • اضحكى.

ماتت أمى التى كنت أسكب همومى فى نهرها.

  • اضحكى.

مات أبى ولم أضحك بعد الصورة الأولى والأخيرة عند النهر, هرب كل الضحك حتى إننى لم أعثر على واحدة بعد سفر زوجى وتحملى برودة الحياة وحدى.

  • اضحكى.

نظرت فى عينيها واستعرت واحدة.

  • وأخيراً .

قالتها بضجر ثم ألتقطت الصورة .

رحيل…قصة: عزة مصطفى

كانت أمى تغزل من الصمت وجعاً بامتداد عمرها, وترعى الحمامات فى أعشاشها, وتمنى نفسها بيوم تكبر فيه الحمامات لكنها تعود وتتذكر ما فعلته السابقات بعدما اكتملت أجنحتهن هجرن أعشاشهن.. فتغزل من الذكريات ثوباً يدثرها من برد الشتاء وحين ترانا تخبئها كى لا نشعر بعمق جراحها التى تنزف منذ مات أبى.

وكنا صغاراً لا نعرف من الحياة سوى اللعب لكن الصخب يؤلمها يقلب مواجعها.. فتتذكر إنها لم تعرف من الحياة سوى مرارة قسوتها..!

كانت أمى تصنع من الحزن فراشات وتطيرها عند بابنا فنلمحها كلما عدنا من مدارسنا نتأثر لوهلة وسرعان ما تسرقنا البراءة ونعود لعالمنا, كل خط من خطوط وجهها يوارى عام من الشقاء فى حياة امرأة وحيدة تربى أيتامها حتى جاء المرض وحاصر قلبها وظل الدواء الصاحب الأبدى الذى لا يفارقها.

ونحن مازلنا نلهث وراء أحلامنا كل منا يصنع دائرة ويغلقها دونها بحجة عدم إزعاجها وفجأة  قررت أن تذهب إلى حيث تستكين بلا ألم.

وكانت أمى تدفئ الكلمات قبل أن تمس أسماعنا وعندما تجمدت الحروف أدركنا لأول مرة منذ ميلادنا إننا لازلنا صغاراً لا نستطيع الحياة دونها.

في يوم المرأة ملف متنوع لقاصات من الوطن العربي

اضاءات انطباعية موجزة في بعض قصص صدى ذاكرة القصة

فهد العتيق

نشر موقع صدى ذاكرة القصة المصرية في يوم المرأة 2021 ملفا أدبيا ملفتا ومتنوعا لقاصات من الوطن العربي. الملف تضمن قصصا عربية متنوعة في اللغة وطرائق التعبير والموضوعات والهموم والأسئلة وأيضا الأمكنة التي توحي في الغالب بنكهة خاصة لكل قصة ولكل كاتبة . هذا الحضور المشرق للقصة القصيرة في العالم العربي وفي العالم يؤكد لنا أن هذه القصة هي جوهرة الأدب الحديث وهي الآن تجدد ذاتها بالمزيد الحضور الملفت والمزيد من المواقع الأدبية المتخصصة والترجمات والمزيد من الكتب والنصوص السردية الحديثة الجديدة التي تؤكد لنا دائما أن القصة القصيرة هي ابداع أدبي عالمي عالي الفن، أدب سردي مكثف وموجز وموحي يحاول القبض على الزمن في مشهد درامي حال وقوعه، وهي في كتابتها الحديثة تحاول اثبات قيمتها من خلال تجاوز عناصر تضعفها مثل الانشائية والمباشرة والتكلف والمبالغة والاطالة المملة وتحاول الاقتراب من طريق نماذج أدبية كثيرة في فن التكثيف والايجاز ومن شرط الأدب الإنساني الذي يقربها أيضا من أسئلة الناس وهمومهم ومن اللغة السلسة الممتعة والقيمة الفنية العالية. إن عودة عدد كبير من كتاب وكاتبات العالم المعروفين الى كتابة القصة دليل أنه لا غنى للحياة الأدبية عن هذه الحكاية الموجزة والمكثفة التي علّمتنا كيف نقول في عبارة ما كان يقال في صفحات وكيف نجعل اللحظة مشهدًا دراميا كاملًا تتخيّله وتحسّه وتسمعه وتراه وتعيشه. هذه القصة الثرية التي قد تتحول هكذا خلسة بين يديك إلى مسرحية أو سيناريو فيلم أو رواية من قصص متنوعة وفصول عدة تتنقل بجمال في الزمان والمكان.

وهذه انطباعات موجزة عن بعض النصوص القصصية التي اتيحت لي الفرصة لقراءتها مع الشكر لموقع صدى ذاكرة القصة المصرية على هذا الجهد الأدبي الرفيع . الأستاذ القدير سيد الوكيل والأستاذة القديرة مرفت ياسين. والشكر أيضا لكل كاتبات وكتاب هذا الموقع المتجدد والمبدع .

استمر في القراءة في يوم المرأة ملف متنوع لقاصات من الوطن العربي

انتحار الحلوى القطنية

قصة:عزة مصطفى عبد العال

روحك المتعبة لم يشغلها اكتمالك.. نموك الذي فاق أقرانك لم يجلب لك سوى الذبح على أبواب الرغبات المتصابية .. ضاعت من عقلك كل الأحلام الأنثوية بفارس الأحلام.. تلاشى اشتهاء الأمومة وسحر الالتقاء الأول .

طفلة كنت تتدلى ضفيرتك المخملية فوق ظهرك الغض, تمسكين نقودك المعدنية بحرص كما علمتك أمك كمن يمسكك بكنز ثمين, تتوجهين إلى دكان عم سمير ذلك الدكان القديم لصاحبه العجوز ذى السبعين خريفاً, لم تسلمي من نظراته الجائعة كلما ذهبت إليه لابتياع الحلوى التي تحبينها.. لكنها براءتك الطفولية لم تعرف بعد نظرة الاشتهاء فى عيون الذئاب.. تتقدمين بمرح :

استمر في القراءة انتحار الحلوى القطنية

“الرؤية من بُعد” في قصة “الحقيقة تحت المطر” لعزة مصطفى

محمد صالح البحر

الحقيقة تحت المطر(قصةالأسبوع)

استمر في القراءة “الرؤية من بُعد” في قصة “الحقيقة تحت المطر” لعزة مصطفى

الحقيقة تحت المطر(قصةالأسبوع)

عزة مصطفى عبدالعال

 أمام بوابة الجامعة العتيقة كانت تنتظره, تحتضن معطفها الأسود باهظ الثمن وتستمتع بلفحات البرد وقطرات المطر التى تتهادى بنعومة على وجنتيها, فمنذ هاتفها وأخبرها إنه فى طريقه إليها ليحدد موعد الزفاف وهى تثمل فى الفرحة .. أنهت عملها سريعاً ووقفت أمام البوابة الكبيرة تنتظره.. تتلمس خاتم الخطوبة فى يدها اليمنى, تشعر بنشوة سعادة خفية تتراقص لها روحها العذبة, صافية عيناها المترامية فى جنبات الطريق تهمهم بطفولة: من أى طريق سيجئ ؟

استمر في القراءة الحقيقة تحت المطر(قصةالأسبوع)

دقات الساعة… قصة : عزة مصطفى

 دقت الساعة السادسة

لازالت تقف أمام المرآة تتزين منذ الصباح, تبالغ فى وضع مساحيق التجميل, تدارى آثار حبة قديمة هنا واختلاف فى لون الجلد هناك, تنظر إلى عينيها تفكر هل تبدو جميلة كما ينبغى أم تغير لون الظلال !

دقت الساعة السابعة

استمر في القراءة دقات الساعة… قصة : عزة مصطفى

يوماً.. ضحكت وبكيت. قصة: عزة مصطفى

هدوء صباحاتك وسط ضجيج الحياة لا يعنى سكونك الأبدى,  فأنت التى تبادرين بالعطاء والتضحيات كقرابين نارية لحب أعمى بلا مقابل لهؤلاء  الأنانيون الذين  يعشقون القتل المباغت لجميلات النفوس مثلك .

أنت غير مصدقة لهذا الوحش الذى يقف أمامك تدعى أنك لا تعرفينه .. ينكر عقلك استيعاب المشهد .. سأقول لك الحقيقة إنه الآن يصفعك ويركلك بقدميه ويمسك جدائل شعرك – التى اعتنيتى بتصفيفها وصبغها باللون الأحمر- ويلقيك فى الخارج .. نعم حدث هذا صدقى لازلت خارج الوعى ترددين بأسى ” أن الرجل لا يفعل ذلك إلا إذا خانته المرأة ”  لكنك لم تخونى سوى نفسك سوى ذاتك المبجلة لأنك أحببتيه لهذا الحد الذى جعله يكره حبك واهتمامك به كطفل مدلل يتمرد على أمه .

أتبكين ؟ لا بأس ازرفى دموعك كما تشائين ,  دعى الشهقات تخرج من بين ضلوعك غطى الكون بزفير ألمك فمن البكاء ما يطفئ نار المواجع .. سيمضى الليل وأنت تجلسين أمام باب شقتك تلك التى بعت لحم جسدك كى تشتريها الآن أنت خارجها وهو ينعم بدفء فراشك .

سيعلو منسوب السكر فى دمك وتسقطين فى غيبوبة الفقد, لعله شعر بارتطام رأسك أثناء سقوطك من على الدرج فراوده الفضول أو الشفقة أو شيئاً ما من الشعور الإنسانى النبيل فخرج ليرى ماحدث فوجدك تغرقين فى زبدك الأبيض حول فمك جاحظة عيناك ناحية السماء, ربما شعر بنشوة النصر فأصر أن يقوم بأخر واجباته نحوك قبل أن تفارقين الحياة فذهب بك إلى المستشفى حملك بين ذراعيه التى كانت منذ لحظات تكيل لك اللكمات .. وضعك فى قسم الطوارئ .

عندما رأت الطبيبة وجهك المغسول بالدموع فزعت استدعت كل الفريق الطبى ليجروا كل الإسعافات اللازمة .. بعض الحقن والمحاليل تجرى فى دمائك … لازالت عيناك تزرف الدموع حتى وأنت فاقدة الوعى فتبكى الطبيبة لبكائك وتتألم لألمك وتمر لحظات مريرة حتى تفتحى عينيك وتبصرينها .. هل عرفتيها ؟ تأكدى .. نعم لقد أصاب عقلك إنها هى من كانت على مشارف الموت وبعت لها كليتك إنها الآن طبيبة وتسعفك لقد عرفتك هى أيضاً وتبكى من أجلك .

تبتسمين فى وجهها الجميل .. تمسكين بيدها فتشعرين بحرارة تلك القطعة من لحمك , تتحول الابتسامة لضحكات قهقهات عالية لا تستطعين إيقافها .. لازالت تبادك الابتسامة ممتنة بما فعلتيه لأجلها .

عندما أخبروه بأنك بخير انفطر قلبه حزناً بينما أنت لا تستطعين التوقف عن الضحك , تغادرين المستشفى على قدميك لعل الضحك عدل منسوب السكر فى دمك وصلت شقتك واستلقيت على فراشك الدافئ لازلت تضحكين وأنت تقولين له :

  • أريد الطلاق .

جــدار الأحـلام …قصة: عزة مصطفى

لأول مرة منذ سنوات تتسلل الفرحة إلى قلبه, يثبو بالخطوة السريعة غير عابئ بثقل الحقيبة, يحتضن حلم على وشك التحقق فيشعر لوهلة بأن له أجنحة الملائكة.

استمر في القراءة جــدار الأحـلام …قصة: عزة مصطفى

شموع تحترق .. قصة : عزة مصطفى

مهداة إلى شهداء حريق قصر ثقافة بنى سوسف

فى زاوية بعيدة عن القاعة أرقد خارج نطاق الذاكرة حيث لا تبصرنى العيون .. أحاول أن أكون ذكرى منسية بما تبقى منى .. لكنهم لا ينسون فكل عام يأتون فى نفس الموعد يشعلون أخوة لى ويقفون أمام القاعة احتجاجاً على ما حدث فى ذلك اليوم البعيد .. أتمنى أن يمحو من ذاكرة الزمن كل التوارخ كى لا يتبقى ذلك اليوم الأليم .

استمر في القراءة شموع تحترق .. قصة : عزة مصطفى

الأرواح السبع. قصة: عزة مصطفى.

الأرواح السبع

لم تكن الحياة تناسبنى , لم تفتح لى أبوابها كى أدخل فيها وأرتع بين جنابتها بل كلما أمسكت خيطا منها وتشبث به انتزعته منى بقوة ؛ فحزنت .. تألمت .. غضبت هربت منها إلى الموت تذوقت معنى التلاشى والعدم ؛ لكنها لم تكن سوى سبع مرات فقط :

المرة الأولى :

أثناء ولادتى تدفق الماء داخل صدرى , فتحت فمى وابتلعت كل ما كان يحيط بجسدى الصغيرفأصابنى الاختناق , ولم أصرخ فى لحظة ميلادى كما يفعل كل من كان مثلى , وعندما انتبه الطبيب إلى موتى المؤقت أسعفنى وأخرج كل ما فى جوفى, حينها بكيت وبكيت ففرح الطبيب وفرحت أمى بعودتى إلى الحياة أما بكائى فلفشلى فى مغادرتها .

استمر في القراءة الأرواح السبع. قصة: عزة مصطفى.

مرايا الطفولة. قصة: عزة مصطفى عبدالعال.

الليل يحوم بأجنحته فى الغرفة الضيقة فيثقل الهواء .. يتشبع بسموم المقابر المغلقة منذ آلاف السنين على جثث محنطة , جسد صغير يتكوم فى الزاوية يصدر أنيناً مكتوماً ما يلبث أن يستحيل لزفرات ألم فتحرك الريح الساكنة خلف النافذة وتتبدل الجدران إلى مرايا :

المرآة الأولى

طفلة تعود بفرح طفولى من المدرسة تحمل حقيبتها الصغيرة فوق ظهرها, يجول حولها أخوتها الصغار يعبثون بكراستها التى تزينها نجوم التفوق , لكن أمها تصيح فيها كى تُطعم الطيور قبل أن تذهب بها إلى السوق .

استمر في القراءة مرايا الطفولة. قصة: عزة مصطفى عبدالعال.