أرشيف الأوسمة: صدى ذاكرة القصة

….هديةُ ليليت ….قصة: عصام حسن / سوريا

أسمعُ صوتَ دعساتٍ على الدَّرج.

إنّها ليليت.

أفتحُ الباب. فتغمرني موجةٌ من العطر، مع ابتسامة مشرقة كشمس الصباح.

– لقد أتيتِ، أقول، فاسحًا لها المجال كي تدخُل.

– أكان عندكَ شكّ في قدومي؟ تسألني، وهي تُعلّقُ جزدانَها على ظهر الكرسيّ القريب، ثم تقدّم إليّ كيسًا ورقيًّا سميكًا فيه عدّةُ ثقوب. أفتحُ الكيسَ بحذرٍ لأجدَ في داخله كومةً صغيرةً من الشّعر الأبيض، بعينين دائريتين، وذيلٍ صغير.

– ما هذا؟ قطّة؟!

– قُلْ مرحبًا لباستيت.   

– مرحبًا باستيت، قلتُ بطريقة آليّة.

– إنّها هديّتي لكَ.

استمر في القراءة ….هديةُ ليليت ….قصة: عصام حسن / سوريا

غيّة ..قصة : عمرو زين

( قصة الأسبوع)

وقف أمام أطلال برج الحمام فوق سطح الدار العتيقة.. تراءت أمام عينيه مشاهد أمه ساعة المغربية وهي تضع صغار الحمام في حجرها وتزغطها بيدها ثم تعيدها إلى أعشاشها وتغلق عليها باب الغيّة لتنعمَ بالدفء.

  • يا مي أخبريها بأن تذبح الحمام!
  • سأفعل.
  • وإلا لن أنزل!

أنهى المكالمة مع أخته الصغرى.

“انفلونزا الطيور..ستقضي عليها..البشرية كلها  في خطر..الفيروس ينتقل عبر الهواء ولا علاج له.”

**

جلس جوار أمه إلى مائدة الطعام..لاحظ ومضات الحزن تغرغر في عينيها..لم يحتمل نظراتها وأطرق برأسه..تهادى إلى نبضه صوتها الكامن:

 “ذبحتهن حتى لا يطول غيابك ” .

 ظلتْ تفسّخ الحمام قطعا وتضعها أمامي..ثم صعدتْ إلى السطح..تبعتُها كما كنت أفعل في صغري..رأيتُها من مكاني أعلى الدرج تجلس ساهمة إلى جوار غيّة الحمام الخاوية ..تتناول حبات الذرة بين أصابعها وتدفع بها في الهواء.. كأنها تزغط الصغار في حجرها.. تسقط الحبات في براح جلبابها فتعاود التقاطها..ثم قامت تحملها بين كفيها..دخلتْ الغيّة ونثرتها على أرضيتها وهي تصدر ترنيمات حزينة من جوفها..همّت بالمغادرة.. فوجئت بي واقفًا والباب.. ضممتها إلى صدري.. “سامحيني! لم أكن أعرف.”

 **

هوى على سور السطح بالجريدة التي نشرت الخبر بعد سنوات من رحيل أمه..”الحمام يحمل مناعة طبيعية ضد انفلونزا الطيور.”

 برزت من تحت الركام أسطرُ المانشيت الجديد تعلنها في تحدٍ .

” وباءٌ غامضٌ يجتاح العالم.” تملكته نوبة ضحك هستيرية..أعاد بناء الغيّة..ثم علّق الأقفاص في مواضعها ودس داخل كل منها صورة أمه..وكلماتها ترفرف من حوله..

” الحمام أصله يا ابني يحب الولفة!”

**

وقف أمام الغيّة قبل سفره الأخير..يسترجع المشهد وهو يتسلل تحت جناح أمه..وصغار الحمام يفردون أجنحتهم ويحركونها في الهواء.. تحت عينيها..مسح دمعة سالت فوق خده..

“سامحيني  !ليتني كنت أعرف!

 أدار ظهره ليهبط الدرج..توقف لسماع صوت يصدر من قلب الغيّة..أغمض عينيه وأطلق هديلاً منتظمًا.

رجل وحيد يخشى الأحلام…قصة :أحمد أبو خنيجر

        على نحو مباغت مرت فى حلم لم يكن يخصها، لا أدري سبب مرورها على هذا النحو، حتى الحلم- فى الصباح- كانت تفاصيله قد تساقطت، و لم يبق منه سوى مرورها المباغت؛ حاولت بكل طاقتى تذكر بعض التفاصيل التى قد تخبرنى عن سبب مرورها بحلم- على الأقل- لا يخصها، لكن ذاكرة الأحلام اللعوب لم تسعفنى بشيء.

استمر في القراءة رجل وحيد يخشى الأحلام…قصة :أحمد أبو خنيجر

غيوم…قصة: زهير كريم

كنتُ في السابعة عندما سمعتها للمرة الأولى، الجملة الاستنكارية التي كانت قد وجهتها لي جارتنا أم محسن، والتي لم أفك شفرتها إلا بعد عامين، لم افهم المقاصد فيها، لكن نبرة الكلمات لم تكن مريحة وهي تنطلق من فمها، هذا ماشعرت به حينها: شبيه وجهك إمغيّم !

استمر في القراءة غيوم…قصة: زهير كريم

إنه يركل …قصة: سمير الفيل

حدث هذا في جزء من الدقيقة : طرق الباب ، دون أن ينتظر ردا ،  ركله بقدمه ، وجدها أمامه تمشط شعرها ، وفوق ركبتيها فوطة وردية ، كان صوت طفلها يلهو ، جذبها من خصلة الشعر النافرة ، قال جملة واحدة معطيا إياها ظهره : قومي معي . أتركي هذا المكان فورا !

لم تنطق بكلمة  ، ارتدت ملابسها على عجل ، وضعت طرحتها على رأسها ، فلمت شعرها ، فضلت ألا تضع على شفتيها أحمر شفاه .

استمر في القراءة إنه يركل …قصة: سمير الفيل

فَلْيُرِني امرؤٌ خالَهْ *سعد القليعي

مما رُويَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان أذا أقبل سعد بن أبي وقاص يقول معتزًا وربما مباهيًا “هذا خالي فليُرِني امرؤٌ خَالَه” .. ومن المعروف أن سعدًا لم يكن أخًا لأمه صلى الله عليه وآله وسلم، كما لم يكن عبد الوهّاب الأسواني أخًا لأمي، وجدت في مقولته الشريفة ما يغني عن الشرح والاستفاضة كلما أردتُ الحديث عن الكاتب الكبير عبد الوهاب الأسواني أو طلب مني ذلك. واليوم وقد مات خالنا الأسواني، فلابد من بعض الاستفاضة على صعوبتها وقسوتها. على أني لا أَعِدُ بالوفاء بما تقتضيه الكتابة عنه، لا أعدُ منذ البداية إلّا بالعجز.

استمر في القراءة فَلْيُرِني امرؤٌ خالَهْ *سعد القليعي

طريق القلوب إلى النهر…قصة: حسين دعسة(قصة الأسبوع )



1المشهد الاول – المشي على حافة الحلم
ظل يتذكر تلك الممرات التي فيها وجد نجاته، وقت كان الضياع يسلب اللاجئين صوابهم، غيبتهم الحرب التي نقشت تفاصيل مختلفة لاتجاهاتهم بحثا عن مكان آمن، متاعهم اطفالهم الذين شلعتهم القذائف ، جرجرتهم عائلات تاهت في غياهب السهول والاودية ومخاضة النهر.
كاد النوم يسلبها ما حملته، طفلة لم تتجاوز الخامسة، صرة من بقايا مصاغ وبقايا خبز وجبن اصفر جاف.
في حلمها الكابوسي اضاعت ابنتها مريم، رأتها تنام في ظل شجرة برتقال على حافة الشريعة، تئن، تغفو من جوع ومن متاهتها.
ترى في حلمها انها تهيل التراب، تعفر رأسها وتندب الخواء، اكملت رحلة اللجوء ،عبر حواف النهر، رفيقها الخوف وجسدها جف من عري تفضحه الوحدة ،كانت تغوص في طين المخاضة وحيدة، شقق التراب والصخر قدميها تفقدت كل خيام الحافة، ضاعت مريم.
بقيت تهذي سنوات وغالبها همّ الفقد.

استمر في القراءة طريق القلوب إلى النهر…قصة: حسين دعسة(قصة الأسبوع )

منــعـطـف…قصة : محمود يوسف

كنا على الرصيف المقابل.. وكان هو بِكَسْمِهِ ورسمه جالسًا في أحد أركان المطعم البانورامية المطلة على الشارع يتناول إفطاره شارد الذهن.

قلت لابن الخال “يخلق من الشبه أربعين” لكنه أقسم على صدق كلامه.. وأعاد ما قصَّهُ عليَ حين رآه.. ونحن في طريقنا إلى المستوصف.

استمر في القراءة منــعـطـف…قصة : محمود يوسف

دقات الساعة… قصة : عزة مصطفى

 دقت الساعة السادسة

لازالت تقف أمام المرآة تتزين منذ الصباح, تبالغ فى وضع مساحيق التجميل, تدارى آثار حبة قديمة هنا واختلاف فى لون الجلد هناك, تنظر إلى عينيها تفكر هل تبدو جميلة كما ينبغى أم تغير لون الظلال !

دقت الساعة السابعة

استمر في القراءة دقات الساعة… قصة : عزة مصطفى

الجد يتذكر القرآن …قصة: محمد عبدالمنعم زهران (قصة الجمعة)

         في الماء سمك صغير، في حجم الذباب، وبعضه كبير في حجم إصبعي، والآخر  – هذا الذي يجيئ من بعيد ثم يذهب مرة أخرى إلى بعيد – في حجم قطة.

أحب دائماً أن أجلس وأضع قدميّ فيي الماء، وتتجمع الأسماك التي في حجم الذباب حول قدميّ فأشعر بالخوف. كنت أشعر بالخوف أولاً وأخرج قدمي بسرعة فيختفون، وحين تصفو المياه يعودون باحثين عن قدمي .

استمر في القراءة الجد يتذكر القرآن …قصة: محمد عبدالمنعم زهران (قصة الجمعة)

ذكريات نبتسم لها…قصة: نجلاء علام

استدرتُ عندما سمعتُ النداء ، صوت واثق يعرف مقصده ، أصابته علة الشيخوخة بالوهن ، لكنه بالتأكيد كان قوياً في الشباب ، استدرتُ وأنا لا ألوي على شيء بعد أن يبلغ الإنسان السبعين يستقبل كل الخطوب بصدر رحب ، وابتسمتُ لم يعطني وجهها مساحة للتخمين ولا اقتراب جسدها الأبيض المكتنز ، لم تختلف عن صورتها التي احتفظت بها في محفظتي سوى ببعض الشعرات البيض في رأسها وإيشارب قطني تلفه حول رقبتها ، لابد أنها أيضا استعادتْ صورتي ووجدت اختلافا كبيرا ولذا قالتْ : مالك شختي هكذا يا حورية؟

استمر في القراءة ذكريات نبتسم لها…قصة: نجلاء علام

سينما الزمن الجميل:قراءة شريف الوكيل

XQsIpU

يقول المثل العربي القديم “لكل طاغية هاوية”، ومع هذا المثل لنا وقفة مطولة مع محمد خان وأحمد ذكى وميرفت أمين وفيلمهما(زوجة رجل مهم) والذى كتبه السيناريست والناقد رؤوف توفيق، ليخرجه المبدع محمد خان عام ١٩٨٨ .

هشام “احمد زكى” واحد من عدة أنواع من الناس نجده يعانى من الشعور المبالغ فيه بأهميته الخاصة، ويعيش فى شوق وإحتياج عميق للاهتمام والإعجاب المفرطين من قبل المحيطين به، ومن يتعامل معهم شخص، تتحكم به نرجسية مضطربة، فهو لايتعاطف  مع الآخرين، لأن الأهم من الآخرين عنده  هو نفسه، دائما مايسعى نحو  إلزام الآخرين بالاستجابة له وبالترحيب المبالغ فيه، أو على أقل تقدير الإعجاب الشديد .

أمسك زكي بمفاتيح الشخصية بما تضمنته من فترات صعود وغطرسة وقوة، وسقوط وشعور بالعار والمهانة، بعد أن  فقد منصبه وسطوته بالعمل٫ وإستطاع أن يرسم بملامح وجهه كافة المشاعر المتضاربة، من قسوة وغضب وهيمنة ثم اليأس والانكسار والألم ، تمكن من توظيف نبرة صوته ايضا لتتناسب مع كل  هذه المشاعر المتباينة.

استمر في القراءة سينما الزمن الجميل:قراءة شريف الوكيل

للحياة روائح متعددة ..قصة : هاني عفيفي

استمر في القراءة للحياة روائح متعددة ..قصة : هاني عفيفي

“ناس محطوط عليها” للقاصة هند عبد الله: حكايات تلامس ألم الواقع

بقلم عبد القادر كعبان*

كعبان

جميعنا يعلم أن الحكي عن تلك التفاصيل التي نشاهدها أو التي قد نسمع عنها في يومياتنا هو التصرف في طريقة تشكليها أو عرضها، وهذا لا نجده فقط في الروايات بل في القصص أيضا وأكبر مثال هو مجموعة نصوص قصصية للكاتبة المصرية هند عبد الله أو المعروفة في الوسط الأدبي والثقافي بنور مانجا جاءت تحت عنوان “ناس محطوط عليها”.

هي نصوص أو بالأحرى حكايات  تلامس ألم الواقع الذي يعيشه الناس وبصفة خاصة تلك الفئة المهمشة تحديدا، وقد استطاعت هند عبد الله أن تمنح نصوصها مذاقا مختلفا قادرا على الكشف والغوص في نفسيات شخوصها بامتياز.

تمكنت الكاتبة المصرية هند عبد الله ببراعة من جذب القارئ في “ناس محطوط عليها” بل وسلبت مشاعره للغوص في كل حكاية واقعية قد عاشتها هي بنفسها، حتى أنها تفوقت بجدارة في إقناعه على الدوام بأنها لوحات من الشارع أو من البيت المصري عموما.

نتوقف مع أول نص لحكاية “جميلة” هو نفسه العنوان الذي افتتحت به الكاتبة هذه المجموعة، وللوهلة الأولى يعيدنا إلى موضوع العنوسة الذي  عالجته الدراما المصرية في أعمال عديدة لا تزال باقية في أذهان الناس كمسلسل “نعم مازلت آنسة”، لكن بطلة هند عبد الله على خلاف بطلة المسلسل  ترفض الزواج لأمور سطحية وثانوية ليس ذات أهمية كعشقها للسيارات: (انتظر قبل أن تحدثك نفسك قائلا إنه لا توجد مشكلة، وأن هذا حال كثير من فتياتنا في هذه الفترة، سأقول لك إن جميلة عندما تراها، أنت بنفسك ستقول إن هذه لا يجوز لها أن تحصل على لقب عانس، ولكنك إذا تحدثت معها لدقيقة واحدة ستفهم ما الذي جعلها تبقى بلا زواج حتى هذه السن.) ص 9.

استمر في القراءة “ناس محطوط عليها” للقاصة هند عبد الله: حكايات تلامس ألم الواقع

صبــــــــاح أخضـــــــــــر . قصة: هدى سعيد 

صباح الخير

صباح الفل                                   

صباحك أبيض يا عم

تلك الصباحات التي تدفقت حول (ثريا) اغتصبت من عضلات وجهها ابتسامة، وصفها بعض السادة المبدعين من الأدباء- في أعمالهم- بأنها صفراء.

 المدهش أنها ظلت هكذا تبتسم ، حاول وجهها أن يتماسك مرة أخرى، لكنه لم يستطع التحكم في عضلاته، شعر بالغيظ الشديد وهو يلمح انعكاس صورته في زجاج النافذة التي أمامه، توتر أكثر وهو يفقد السيطرة على حاجبيه، ترفعهما ثريا في بلاهة!

 تساءل الوجه في استياء ( ألا تكفيها الابتسامة العبيطة؟ )!

ثم أضاف ( حسبنا الله ونعم الوكيل)!

-الحمد لله

– الحال تمام؟

-ربك ستار رحيم

تقلصت أذناها ، أشارت اليمنى ، استجاب رأسها وهو ينظر…

حدقت جيدا …..

 كهل يتكئ أرضا وشاب نحيف يحتضن بشده كتيب التأمين الصحي بلونه الأخضر الباهت، انخرط الاثنان في حوار خفيض.

 تقلصت أذناها أكثر، لكنها لم تفلح في التقاط  شيء من هذا الحوار، لكن تجاعيد الألم التي برزت واضحة في وجه الكهل أصبغت على منظرهما مزيدا من اللون الأخضر!

عادت رأس ثريا تنظر للأمام، تستعرض عيناها هذه الشخوص التي تكدس بها المكان، لاحظت وجود بعض الأطفال يلتصقون بأمهاتهن، حاولت أن تستكشف المرضى بينهم ، لم تستطع!، عادت تدقق في ملامحهم ، وفشلت للمرة الثانية.. (أف .. نفس الملامح )!

التقطت أذناها عبارة مبتهجة أطلقها رجل مسن، وهو يستند برأسه إلى الحائط، ويواجه أحد موظفي المكان، ردد ما اخبره به الموظف في سعادة ( الطبيب وصل يا ولدى ..وصل فعلا …الحمد لله)

تسارعت العبارات في لهفة

  • ممكن تدخلني أولا وحياة والدك
  • أنا هنا منذ الصباح يا بني
  • بالدور يا جماعة ، كلنا وراءنا مصالح
  • الصبر حلو يا إخواننا

شعرت ثريا أن قدرتها على استيعاب كل هذه الأحاديث والشخوص بدأت تتضاءل………

تعجبت في حنق ( كل هذه قدرة على الاحتمال!!!!!).

ضمت شفتيها ليعودا إلى وضعهما الطبيعي، لم تستطع مواصلة الابتسام ، ثمة تحركات عنيفة ، موجات غضب قوية تجتاح كيانها،  الألم الذي يتصاعد من أعماقها ، رغبنها القوية في الصراخ، تمنت أن تصفعهم جميعا ، تغيظها ملامحهم المستسلمة، دعواتهم المستكينة لبعضهم البعض بالشفاء .

قسوة شديدة تتملكها…(هم لا يستحقون ذلك الشفاء)!!

ثلاث ساعات!!!

فترة من الزمن توقف فيها كل شيء، تسابق الجميع طمعا في تلك المقاعد، وقد انتظمت وراء بعضها في ترتيب جنائزي، ومن تخلى عنه الحظ – كعادته – افترش الأرض، الجميع ينتظر وينتظر …………………………………….

انتبهت عينا ثريا على ذلك اللون الأخضر ، يلقى بظلاله على وجوه الجميع، مدت يدها سريعا ، تعبث بمحتويات حقيبتها، رقصت يداها في سعادة ،واستكان قلبها بين ضلوعها وقد احتواها – هي أيضا – ذلك الاخضرار العجيب!

داعبتها الابتسامة… (ربما اختلف كل شيء لو كان لونا برتقاليا!).

لكن تقلصا جديدا يدب في خلاياها، تغذيه الغيمة البيضاء القادمة من بعيد، تتهادى، تنتفخ مثل بالون كبير، تعلو فوق المحيطين بها،   تطير فوق كل الابتسامات المغتصبة، والأدعية المتملقة لسيادته وقد من علينا- أخيرا- بطلعته البهية!

بدأت الجموع تتجمهر أمام حجرة الكشف ، وتواصلت الأسئلة..!

  • هو تخصص باطنه؟
  • لا
  • متى يأتي؟
  • حرام والله كل هذه العطلة

أراحتها قليلا هذه العبارة رغم ذلك الخنوع الذي سيطر على حروفها، فكر رأسها وهو يهتز عموديا ..( ربما هناك أمل).

صراخ من الأعماق

لم اعد قادرا على احتمال ثوراتك، ترهقني نبضاتي المتسارعة بعنف ، وأنت لا تهتمين!!

 لا تريدين أن ينتهي الأمر؟!

تعتصرينني وتضخين فيّ كل دماءك التي تغلي، أراقب بقلق شديد  جسدك، وهو يرتجف، أحاول تحذيرك، لكن صوت سيادته القادم من بعيد يصرخ في ذلك المسن، وهو يدوي مختلطا مع ارتعاشة يد تقبض بكل قوة على كتيب التأمين الصحي ذو اللون الأخضر، و بعض من حروف متكسرة تتصاعد مستكينة في الهواء، فأوقن لحظتها أن كل محاولاتي معك لن تفيد!