أرشيف الأوسمة: قراءة نقدية لسيد الوكيل

روحانيات تحلق في سماوات الإبداع: قراءة في (لمح البصر) لسيد الوكيل، بقلم : محمد حجازي

لا أكون مبالغًا لو قلت أن الولوج إلى متاهة كتابة أدب الأحلام شرك عظيم، شرك قد يقع فيه الكاتب، فيهوي به إلى مهاوي السطحية والعبثية وطلاسم الكلم، فيفقد بذلك كثيرًا من صدقه لدى المتلقي، لاسيما إن كان كاتبًا في قامة الأستاذ سيد الوكيل له ما له من تاريخ حافل كأديب وناقد، غير أن الخلاص من هذا الشرك والوصول لمكنونات نفس المتلقي بصدق وحرفية يرفع من شأن الكاتب أضعافًا كثيرة، وهذا لأسباب عدة أسوقها لحضراتكم تباعًا:

أولًا: إن كان الأدب في مجمله وعلى اختلاف قوالبه يخاطب النفس البشرية قلبًا وعقلاً، مشاعر وأفكار، فإن أدب الأحلام بتعقيداته وتأويلاته وكما أنه نابعًا في الأساس من اللاشعور وبواطن العقل المعقدة التي لا يعلمها إلاّ الله، فإنه كذلك يخاطب بشكل أعمق ذات اللاشعور وبواطن النفس لدى المتلقي، في عملية معقدة للغاية تحتاج إلى صدق جارف وحرفية قصوى، وهذا لا يمنع من تدخل العقل في نهاية العملية أي في مرحلة الإفاقة، للتأويل والتأمل والتحليل والوقوف على مدى صدق التجربة.

ثانيًا: في منظوري أن كاتب أدب الأحلام ينبغي له بشكل أو بآخر أن يكون مطلعًا على التأويلات التى ساقها أساطين تأويل الرؤى كابن سيرين والنابلسي وميلنر، لم أقول هذا؟ لأن كثيرًا مما نرى في مناماتنا إنما هى أضغاث أحلام لا معنى لها، ولو نقلت إلى التجربة الأدبية الفنية لسقطت التجربة وأضحت محض هراء لا يصح، وإطلاع الكاتب على تأويل رؤياه ينأى به عن هذا تمامًا، إذ حينها ينتقي بحرفية ما ينقل ولا يخلط بين الغث والثمين، ذلك الخلط الذي قد يقع فيه الكاتب مهما كانت قيمته، وقد قرأت تجارب لكتاب كثر، وعرضتها على التأويل فوجدتها طلاسم لا صدق فيها ولا شعور وإنما هي ملأ لفراغ الأوراق فحسب.

استمر في القراءة روحانيات تحلق في سماوات الإبداع: قراءة في (لمح البصر) لسيد الوكيل، بقلم : محمد حجازي

عن (لمح البصر،وشارع بسادة)، بقلم: هبة فاروق.

قراءة في (لمح البصر وشارع بسادة) لسيد الوكيل. بقلم: هبة فاروق

أولا: لمح البصر

هذا العمل هو مشروع أدبي مكتمل تظهر فيه خبرة الكاتب الكبير، وسيطرته على المادة المقدمة بما يتناسب مع الأفكار التي أراد عرضها، نبدأ بالغلاف حيث جاء معبرا عن تلك الحالة الغائمة التي يصنعها الخيال، فلا أنت هنا كلك ولا أنت هناك كلك في هذا الخيال.

وسأعترف أني ظللت أقاوم حقيقة أن الكتاب كله ما هو إلا مجموعة من أحلام النوم؛ حتى وصلت للحلم 13 وعدد حكايات الأحلام في الكتاب 39 حكاية، فجو الحلم يفرض نفسه على الكتاب؛ مثلا في تغير الأماكن بسرعة وكذلك الشخوص واختلاف الزمن أيضا في الحكاية الواحدة، وللحق لقد صدمت من جرأة الفكرة والتجربة في أن يضع الكاتب بكل بساطة مكنون نفسه على الورق، ومن ثم أعدت القراءة من الأول مرة أخرى لأكون وجها لوجه مع دخيلة نفس الكاتب، ولأجد أن الصفحات تحمل مقومات البيئة من أماكن مألوفة للكاتب مثل شوارع القاهرة وميادينها والمساجد والأضرحة، وشاطئ الإسكندرية، وشخوص من العائلة والأصدقاء، ووسائل تنقل من الحنطور والترام والقطار، كل ذلك يظهر في الأحلام وسط غرائبية الأحداث، فيخصنا الكاتب بمشاركة الحلم الذي حمل عنوان الكتاب، ليأتي مقطع منه في مفتتح الكتاب؛ لنتساءل أي أحلام يسردها نجيب محفوظ، وكأن الكاتب يعبر عن سبب كتابته لهذا الكتاب، فما الكتابة إلا حالة من حالات الحلم التي يعيشها كل كاتب…

استمر في القراءة عن (لمح البصر،وشارع بسادة)، بقلم: هبة فاروق.