جَدَتِي
جْدَّتِي كَانَتْ طَيِّبَةً وَتَنْثُرُ الحبُ لِلطُّيُورِ،
تَطْبُخُ اكْلَ مُعْتَقٍ بِرَائِحَةِ الْحَقِيقَةِ، تَشْرَبُ
الشَّايَ وَتَنْتَظِرُ الْأَذَانَ، وَعِنْدَمَا ازْوَرْهَا، اقْبَلْ
يَدَيْهَا وَانْظُرْ إِلَى زَمَانِهَا وَاتَسَائَلَ، هَلْ
سَأَكُونُ سَيِّدَةً عَجُوزَةً مِثْلُهَا فِي يَوْمًا مَا؟،
كَانَتْ مَحْبُوسَةً فِي جَسَدِهَا الْوَاهِنِ، لَكِنَّ
قَلْبَهَا صَامِدٌ أَمَامَ مُرُورِ السِّنِينَ، حُكِيَ لِي
خَالَى مَا حَدَثَ يَوْمَ مَوْتِهَا، كُنْتُ وَقْتَهَا فِي
أَبُوظَبْي،
قَالَ : ظَلَّتْ يَوْمَانِ طَرِيحَةَ الْفِرَاشِ، لَا
تَسْتَطِيعُ الِاكْلَ، كَانَتْ أَشْرَفَتْ عَلَى الثَّمَانِينَ
مِنْ عُمْرِهَا، نَائِمَةً عَلَى سَرِيرِهَا، سَرِيرٌ عُمْرِهُ
مِنْ عُمْرَ الْمَشَاهِدِ الَّتِى عَاشَتْهَا فِي شَقَّتِهَا
بِحَىِّ سَانْتْ فَاتِيمَا، وَبِحُلُولِ السَّاعِهِ
الْوَاحِدِهِ صَبَاحًا فِي هَذَا الْيَوْمِ، كَانَ جَسَدُهَا
بَارِدٌ جِدًّا، قَالَ خَالَى : عَرَفْتُ انْهَا تَمُوتُ
وَلِمَ اُسْتُدْعِيَ الطَّبِيبُ اوْ الْإِسْعَافَ، قَالَتْ
لَهُ : مَاذَا بِي؟ مِنْ هُوَلَاءِ النَّاسِ الَّذِينَ يَمْلَؤْنَ
الْغُرْفَةَ مِنْ حَوْلَى؟ قَالَ لَهَا : انْهُمْ مَلَائِكَةٌ
جَاءُو لِيَاخِذُو رُوحَكَ!
قَالَتْ لَهُ : هَذَا هُوَ الْمَوْتُ؟ هَلْ مِنْ الْمَفْرُوضِ
انْ اكُونَ خَائِفَةً؟
رَدَّ عَلَيْهَا خَالَى : لَا ابْدًا، لَا تُخَافِي، فَقَطْ
قَوْلَيْ الشَّهَادَتَيْنِ وَاغْمُضِي عَيْنَيْكِ، نَعَمِ انْتَ تَمُوتِينَ.
بِالْفِعْلِ، اغْمَضَتْ عَيْنَيْهَا وَاسْتَسْلَمَتْ لِلتَّحَوُّلِ
الْمُبْهِرِ.
سُمَيَّةُ سُلَيْمَانَ
١٧ فَبْرَايِرَ ٢٠٢٢