(اليأس والصبر : وجهان لعملة واحدة) بقلم: شيرين زين الدين/ مصر

*لأوضح لكم الفكرة الرئيسة من مقالي هذا  سأستشهد بالآية الكريمة من سورة لقمان قال تعالى(واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) صدق الله العظيم ..هذه الآية الكريمة تعني أن الله عز وجل أمر بترك الصياح في وجوه الآخرين تهاوناً بهم

* فما بالكم بالأصوات التي تخترق أذني لتفتت رأسي من حناجر البشر في شارع (الملك فيصل) الكبير منهم والصغير!

(وإلى أين أذهب)؟ سأستعيرها من الشاعر  “محمود درويش” بينما لا يمكنني الانتقال من تلك الشقة لأن الإيجار لن يناسبني في المناطق الهادئة، وما الذي  يضمن لي إن أصبحت ثريّة ألا يكونوا كما القدر، يجرون ورائي ويلاحقونني في كل المناطق السكنية؟ أو أصادف أناساً جددا يبدو لي من بعيد أنهم لا بأس بهم وأُدرِكُ الجميع بعد ذلك يعزونني في أفكاري المغلوطة وأُصبح  لا بأس عليّ ،فأنا (لا أعرف الشخص الغريب ولا مآثره).. وهذه أيضا من قصيدة محمود درويش الذي أشعر أنه لا يُقصِّر معي دائما وأحيانا تكون هناك جملة ناقصة في حياتي فأتخيلهُ وكأنه يُهديها إليّ ليساعدني على التنفيس عن نفسي بشكل فصيح وشاعريّ.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

ولكن( أنا) ..المشكلة الرئيسية، فيّ أنا لأني تعبت بصراحة وطارت أفكاري من رأسي وكم تمنيت أن أطير مثلها ،لكني لم
أستطع أن أرفرف بهذه النفسية السيئة وبهاتين الذراعين غير المريّشتين .لقد سئمتُفأنا انسانة من لحم ودم ولابد أن أسأم.

 وأنا سأظل في بلديولن أقول أن هذا لأني وطنية هذا معنى كبير لا يصح أن يستخدمه رأسي الممتلئ بالضجيج،لكني سأظل بها؛سأظل بها لأنه من حقي ولأن الأرض لا ذنب لها فيما أنا فيه،كما أني لم أأخذ شيئا من تلك الحياة حتى أني لا أجيد أي لغة أجنبية،بسبب التعليم المجاني السيء و حتى الخاص كان سيئاً جداً على أيامي.

  أي دولة تلك التي سأتعامل معها بالإشارات وتحترمني؟ أقولها وأنا أنظر إلى هذا الوجه الذي يشبهني  في المرآة  وأنا في قمة حالتي العصبية.

فلقد اكتشفت للتو أني وطنية والدليل على ذلك أنني لا أحب أن يدرك العار بلادي ويقول الأجانب علينا جهلاء وأصبح ممثلة للعالم النامي بجهلي ، أعلم أني لم أأخذ من بلدي أي إعانات ولن أأخذ وسأظل أدعو في صلواتي التيذَهَبَت فيإجازة سنوية منذ زمن بعيد ولم تَعُد إلى الشغل؛مؤمنة أن الله ”رب قلوب” وأنه سيسمعني وسأجد من يعطيني مبلغاً( يكون مسامح فيه) كي أشتري به الشقة الصغيرة ذات الثلاثة غرف وحمّامين(ومش لازم صالة) ولكن المهم والأهم إذا دعوتي استجابت أين سأضع شقتي ؟

أنا أقول لكم بأعلى صوتي أن الأغنياء لم يساعدونني ولن أقصى المساعدات التي يمكن أن يقدمونها لي هي الأكل وأنا لدي ما يكفيني كي أأكل وحتى أنا لست أكولة. كل ما في الأمر أني تعبت وأريد أن أستقر وأستريح.وهذا لا يعني أنني كسولة أو اعتمادية فلقد عملت لدى القطاع الخاص  ثلاثة عشر عاماً واقفة على قدميّ ستة عشر ساعة في اليوم أضاعف وردياتي حتى استوَيت.

من هذا الثري/الثرية  غنيأو غنية القلب الذيسيشتري لي شقة في الساحل الشمالي بالتحديد في مراسي وما كنت سأحزن إن كانت في مراقيا أو في العاصمة الإدارية (بلاش بحر )؟هذا ترفيه!

وبالنسبة للعاصمة الإدارية فهي ليست قليلة وأنا متأكدة أنها محترمة و هادئة؟ لكن لا يوجد هذا الشخص الرقيق صاحب القلب البسكويت  لااااا يوجد ولأني أعرف حظي أتقهقرإلى طمعي في أن يصبحوا الناس كتومين أو مُراعيين لبعض وأن يكتموا أصواتهم الفظيعة وأن يمشون على الأرض أو يركضون حتى دون أن ينحلوها بالشباشب التي أشعر أنها (تُهَفهِف) على أذني،ماذا أقول!؟حتى الأسفلت لم يسلم لقد نحلوه بعدما كان الشارع جميلاً جديدا ولامعاً وفي فترة انقطاع المياه المتكررعن شارع الملك فيصل كانوا يغرقونه بالماء بينما أنا أدّخر “براميلاً”.

*ما أعظم تلك البلدان التي تراعي حقوق الانسان تحمي الشوارع من تلك التصرفات المفضوحة فعلاًو الأصوات المرتفعة جدا ولا ينشغلون بتلك التصرفاتالعاطفية بين المخطوبين، التي لاتؤذي أحداً و يقولون عن كل منها (فعل فاضح في الطريق العام )تلك البلدان القليلة التي تمنع المواطن حتى  من إجراء مكالمة تليفونية في الشارع حتى لا تنتابه حالة عصبية ويصيح ويزعج الآخرين فهذه غريزة بين البشر، دائماً يستفزون بعضهم رغم أن الحياة فانية.

ولذلك نحن نحتاج إلى تهذيب الإنسان هذا الذي صرَع أذني.

وهذا الرجل الذي يقف تحت بلكونتي بالتحديد ويحكي لجارنا في الطابق الخامس كل ما يحدث معه حتى حفظت قصة حياته كاملة وسأكتبها وسأختمها بتلك النهاية.

 حينما كنت أنشر الغسيل كان هوه مازال يشكو حاله لصديقه وكان ينظر إلى الأعلى وبينما كنت أنشر الغسيل سقطت قطرات ماء في جوفه فقد كان فمه مفتوحاً عن آخره وحمدا لله أن لم يسقط في جوفه مشبك، فلقد شتمني المزعج وأهانني بأردأ الألفاظ بسبب أني سقيته ورطبتجوفه في الصيف رغما عني.

* أناأنادي بتهذيب الانسان بأعلى صوتي  كما يفعل الآخرون. وأحاول محاربة الضوضاء بالضوضاء  بعدما صار البكاء والضحك بالنسبة لي وجهان لعملة واحدة.

أجل ..إن البكاء والضرب والضحك عند الجماعة  الذين يسكنون فوقي لا ينتهي.. كما عدد المواليد، وبعدما أصبحت على حافة الانهيار، مَدَدتُ رقبتي ونظرت من المنور المطل على شرفتهم، و دعوت لهم بالسعادة وقلت بصوت أعلى من صوتهم (ربنا يسعدكم بقى) ثم نظرت إلى الأعلى بينما تطل السماء وتشهد على ما بداخلي من صداع لن يعالجه البنادولاكسترابعدما اعتدت عليه بسببهم . وبينما كنت أغلق الشرفة، انقلب بكاءهم إلى ضحكٍ مزعج، ففتحت النافذة مرة أخرى وعينيّ يملأهما الغضب لأنظر للسماء مرة أخرى نظرة لوم ورجاء.

 أجل؛دعوت عليهم وقلت  “أخذكم الله ” لم تُستجَب دعوتي أيضاً، بعدما تخيلت سيارة تكريم الانسان آتية من بعيد حاملة ابتسامة ملائكية لتأخذ هؤلاء (الأوباش) وهذا لا يعني أنني شريرة فالموت خير لي ولهم في كل الحالات.. لكني فركت عينيّ لأتأكد من دعوتي التي لم تستجب، فرأيت سيارة مزينة تحمل أطفالا جدد ونساء يزغردون. حتىقفلوا نفسيتي بصراحة.
والرجال؛أجل؛الرجال كانوا يضحكون ويتهامسون بأسرار ليلة الزفاف حتى صارت نصائحهم القديمة جدا تخترق أذني وآذان الجميع، حتى أنّ الجميع أصبح عندهم علما كاملا بما سيحدث بين الزوجين في هذه الليلة وأنها ستكون ليلة فاشلة مثل زواجهم هذا .
وبعدما”غاروا العائليتين في داهية” أقصد غادروا، حمدت الله وقلت
( أخيراً سأخلد إلى النوم) قلتها كذلك بلغتي الفصيحة،لكن أملي مثل كل مرة قد خاب ليعترضني طفلي الراسب في مادة اللغة العربية ويقول لي(أنا سقط ف العربي ياماما) لم أعد أشعر بصداع طبيعي بل أحسست أن المجتمع العربي أتى دفعة واحدة ليحطم رأسي بأصواته العالية، ومن شدة الألم ما عدت أعبأ بأوجاع رأسي، فالألم عندما يزداد يحدث للإنسان خدر لذيذ بعضنا يسميه الصبر وأنا أسميه اليأس ، فقد تصاعدت الأصوات أكثر وكأنها تتوغل في عظمي، بعدما صارت (خناقة) مروعة بين العروسين، وأرجح أنها هشمت “النّيش” الذي لم يعد شيئا ضروريا في تلك الحياة ،لكنهم أحضروه ليقع بكل ما فيه حتى يحدث صخباً ليس أكثر، فيستفزنيأكثر، ويقلق عيشتي التي لا تحتاج إلى المزيد من القلق والتوتر .
*بصيص أمل “يهِف” من بعيد على خيالي، أسمعُ أصوات أبواب البيت وهو ينفتح ويغلق ثم ينفتح على آخره وكأن ريح عاتية أتت لترحمني.لأتخيل العروس تذهب مع الريح لتنقذني من مواليد جدد قبلما يصرعونني بصداعهم ؛الصداع الذي تسبب  في تدمير موهبتي، وهروب الوحي من بيتي،بسبب الكلام الذي يصاحبهالبكاء والضحك بتلك الطريقة الحيوانية.

وهذا ما جعلني أفكر أن أسمي مقالي بهذا الاسم(البكاء والضحك في مجتمعنا وجهان لعملة واحد)لكني تراجعت وغيرت اسمه ليصبح (اليأس والصبر في مجتمعنا وجهان لعملة واحدة ).

أضف تعليق