د مصطفى الضبع

الغرفة 201

قصة: د مصطفى الضبع

الغرفة 201

خطأ بسيط كرره موظف الاستقبال: يكتب رقم الغرفة 201 بدلا من 102،هذه المرة لم يكتف بذلك وإنما برمجه على الغرفة 201، وسلمه مصحوبا بابتسامة إلى  السيدة التي لم ير منها سوى قوامها المختفي خلف ملابسها السوداء ، بهدوء اتجهت نحو المصعد وأمام الغرفة وجدت عامل الحقائب ، ينتظرها ولما كان محظورا عليه دخول غرفة تسكنها امرأة ، ترك حقيبتها أمام الباب مغادرا ، تأكدت من الرقم ، دخلت ، وضعت الحقيبة الصغيرة مكانها ، تأملت المكان .

لم تنتبه أن النور كان خافتا، نظرت في المرآة الصغيرة، طالعها وجهها المستدير، وعينان مرهقتان تختزلان مكابدات أيام سابقة، كادت تتخفف من ملابسها حين تنبهت له، كان نائما كأنه قادم من سفر طويل، ملامحه مألوفة كأنها رأته في حلم قديم، كأنه ولد معها أو جمعتهما الطفولة في زمن ما، لم تنزعج ولم تشعر بالخوف كأنها خلقت لتعيش اللحظة وأنها طوال السنوات السابقة تتهيأ لها .

بدا مرهقا يعاني، كأنه نائم منذ سنوات مولده، وكأنه يعيش أحلاما طويلة متقاطعة، اهتز جسمه ثم هدأ قبل أن تنبسط أساريره كأنما دخل حديقة أسطورية.

ودت لو تدخل أحلامه، تناست وجود رجل غريب في حجرتها، ونسيت سبب قدومها هنا ، بدت التفاصيل مبهمة : ضيقها في الأيام الأخيرة ، انتظارها لحظة صدق مع النفس ، حنينها لحياة حلمت بها ، محاولاتها المتعددة للهروب من الآخرين والانفراد بالنفس ، لم تفكر في الموقف فقط زارها شعور بالألفة .

ابتسم في نومه وهو يدخل حلما مختلفا ، طالعه وجه مستدير وعينان مرهقتان ، بدا الوجه مألوفا ، كأنه يراه في حلم قديم ، وكأنها ولدت  معه أو جمعتهما الطفولة يوما ما .

استغرقتها ملامحه ، استغرقته حالة بين النوم واليقظة ، كانت تقترب حلما يتشكل واقعا وكان يصحو من واقع يتحول إلى حلم .

في منتصف الحلم التقيا

وفي المسافة بين الحلم والواقع تصافحت الوجوه

دخلا في مجال مغناطيسي واحد

على حافة الشوق تبخرا، تشبع المكان بعطر الياسمين

بدا المكان خارجا من أسطورة قديمة لم تكتمل بعد

صباح الأيام التالية لم يتذكر موظفو الفندق رقم 201 ولم ينتبه موظف الكمبيوتر أن الرقم اختفى من على برنامج الحجز، كأن فيروسا تسلل إلى كل الأجهزة وأدمغة كل العاملين بالفندق ، فقط كل من يمر بالممر الطويل يشم رائحة الياسمين تملأ المكان للحظات دون أن يدرك مصدرها .

أضف تعليق