أرشيف التصنيف: الحديقة الخلفية

محتوى ثقافي متعدد المعارف والمجالات

الحضارة المصرية والطب


طلعت رضوان
 
الحوار المتمدن-العدد: 6555 – 2020 / 5 / 5 – 14:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

أدّى علم المصريات خدمات جليلة، كشفتْ عن تأثيرالحضارة المصرية على كافة الحضارات القديمة، أما علماء (علم الآثار) فقـدّموا الكثيرمن الأدلة التى دعــّـمتْ آراء علماء المصريات..ومن بين المعلومات أنّ مصرتعرّضتْ أثناء حكم الهكسوس لوباء الطاعون..وأنّ الملك (توت- عنخ- آمون) تعرّض للإصابة بالملاريا..وأنّ الهكسوس (بسبب عدم تعوّدهم على النظافة مثل المصريين) انتشرتْ فى عهدهم الفئران التى تسببتْ فى الطاعون..وعثرالعلماء على بردية، من القرن الثالث عشر ق. م كتبها الحكيم (إيبور) ذكرفيها معاناة الشعب من الكوارث الطبيعية..وتفشى الأوبئة..وقال العلماء أنّ جدودنا طبــّــقوا (نظام الحجرالصحى) كما تضمّـنتْ البردية..وغيرها من برديات أخرى، الحرص على نظافة الجسد والملابس والبيت، وغسل اليديْن باستمرارطوال اليوم، عقب الانتهاء من العمل..وأنّ المصرى كان يــُـكثرمن الاستحمام فى اليوم الواحد، أما الكهنة فكانون يستحمون خمس مرات فى اليوم..وكانوا يستخدمون (ملح النطرون) وبعض الزيوت المستخرجة من النباتات فى الاستحمام..وكانت الملابس الكتانية يتم غسلها بالماء ونترات البوتاسيوم..كما كانوا يعتنون بنظافة أسنانهم.
وكان إيمحوتب أشهرالأطباء..وذاعتْ شهرته على أساس أنه أول مهندس معمارى فى فن (المعمار الحجرى) عندما صمّم هرم سقارة المُدرّج (حوالى 2780ق.م) وشغل منصب الوزارة فى عهد الملك زوسرأول ملوك الأسرة الثالثة. وكتبتْ عنه الموسوعات العالمية أنه ((أول البنائين)) بينما دوره فى الطب لايقل عن دوره فى الفلك والمعمار..ونظرًا لأهميته فى مجال الطب اعتبره الإغريق إلهًا للطب والفلك وساووه بإلههم اسكلوبيوس ثم عبدوه..وسُمى معبده فى سقارة بذاك الاسم الذى أطلقه عليه الإغريق..وصارمصحة يؤمها المُقعدون من جميع أنحاء مصر..وظلتْ شهرته منتشرة وله عدة أبنية باسمه فى كثيرمن المعابد فى طيبة (الأقصر) مثل الكرنك والديرالبحرى وديرالمدينة وجزيرة فيله، حيث بنى له بطليموس الخامس معبدًا.
ولأنّ كثيرين من العلماء الأوروبيين يحترمون لغة العالم، لذلك فإنّ العالم والطبيب البريطانى (جاميسون هارى) مؤلف كتاب (إيمحوتب) وصلتْ أمانته العلمية لدرجة أنْ يكتب رسالة موجّهة إلى كل كليات الطب فى العالم قال فيها ((إننى ألح على جميع زملائى الأطباء فى جميع أنحاء العالم للاعتراف ب (إيمحوتب) عميدًا لهم دون سواه. إن اسكلوبيوس إله الطب لدى اليونان هو شخصية أسطورية، سَـلـَـبَ فضل إيمحوتب. لأنّ معرفتنا بهذه القمة المصرية جاءتْ متأخرة بسبب حاجز اللغة التى فكّ رموزها شامبليون. إنّ صورة إيمحوتب يجب أنْ تكون شارة لمهنتنا، لأنه من الأفضل لنا أنْ يكون على رأس مهنتنا رجل من لحم ودم، شخصية شهيرة متعددة المواهب، بدلامن شخصية غامضة المنشأ تنتسب إلى عالم الأساطير. نحن لا نعرف شيئــًا عن اسكلوبيوس أوأعماله. بينما ترك لنا إيمحوتب تحفة معمارية هى الهرم المدرج. لقد كرّسَ إيمحوتب حياته لنشاطات مختلفة يمكن إدماجها تحت هذه العناوين: الوزير، الطبيب، المهندس، الحكيم، الكاتب، الفلكى، منقذ مصرمن المجاعة حين توقف الفيضان سبع سنوات. لقد شيّدنا حضارتنا الغربية على أدبيات روما واليونان..ولم نعرف تاريخ مصرالعظيمة..وكانت النتيجة أنّ هذا التراث الأسطورى لهذا الإله الكلاسيكى اسكلوبيوس أصبح طاردًا لهذا (الطبيب) المصرى..ولكن بعد أنْ ظهرإيمحوتب من وراء الضباب..وعرفنا سيرته وعظمته، فإنّ الوقت قد حان لإقرار الحق الذى يستحقه..وأنْ يُمنح المكانة الرفيعة التى تم إغتصابها منه لعدة قرون)) (نشرد.وسيم السيسى نص الخطاب فى كتابه: مصرالتى لاتعرفونها- نهضة مصر- عام 2008- ص 162، 163) أما ما كان يقصده (جاميسون) عن إغتصاب حق إيمحوتب فهو (قـَسَمْ الأطباء) الذى يتلوه طلبة كليات الطب فى العالم عند تخرّجهم، وأنّ هذا القـــَـسَم يجب أنْ يعود إلى (إيمحوتب) وليس (أبقراط)
وفى دراسة علمية مُحكمة كشفَ مؤلفها د.سميريحيى الجمّال الكثيرمن أسرار الطب فى مصرالقديمة..وذكرمعلومة ربما يجهلها كثيرون وهى أنّ الملك (سمر- خت- قاعا) أحد ملوك الأسرة الأولى كتب سِفرًا فى علم التشريح. أى أنه سبق إيمحوتب الذى بهراليونانيين..ولذلك حضرإلى مصرأشهرعلمائهم ليتعلموا فى المعابد المصرية، مثل معبد ممفيس ومعبد مدينة سايس إلخ..وكان من بين هؤلاء العلماء فيثاغرث، جالينوس، أدوكس، سولون، أفلاطون وغيرهم (تاريخ الطب والصيدلة المصرية فى العصرالفرعونى- هيئة الكتاب المصرية- عام1994ص160كمثال)
كان أبقراط أحد هؤلاء اليونانيين الذين عاشوا فى مصرمن أجل التعليم..ونقل الكثيرمن العلوم المصرية إلى اليونان..وعلى سبيل المثال فإنّ تعليمات إيمحوتب الطبية الخاصة بأسلوب فحص المرضى وتشخيص أمراضهم ثم وصف الدواء المناسب لكل حالة..وهوالدواء الذى حضـّره الطبيب المصرى بنفسه فى معمله. هذه التعليمات نقلها أبقراط بالحرف واعترف بها العالِم جالينوس (الإغريقى أيضًا) كما نقل أبقراط عن جدودنا المصريين نظرية تكوين الكون وتركيبه من أربعة عناصر: التراب والماء والهواء والنار..وهى النظرية التى ظلتْ سائدة فى أوروبا حتى القرن الخامس عشرالميلادى..ونقل أبقراط كذلك أسلوب التأكد من حمل المرأة أوعقمها وهوأسلوب مبنى على فكرة وجود اتصال بين تجويف المهبل وبقية الجسد، فكان يتم وضع لبوس من الثوم فى المهبل، ثم يتم ملاحظة رائحة الفم..وهذه الوصفة الطبية وردتْ فى بردية (كاهون) وبردية (كارلزبورج) وذاع صيتها بين العرب والأوروبيين فى القرون الوسطى وحتى القرن 18..وهى ليست خيالية بدليل أنّ المادة العطرية فى الثوم تمرمن البوق إلى التجويف البريتونى (إذا كان البوق سالكــًا) ومنه إلى الرئتين فالتنفس. فإذا لم تظهر رائحة الثوم من فم السيدة فمعنى ذلك أنها غيرحامل..وهذه الوصفة نقلها أبقراط.
وفيما يتعلق بطب الأسنان فقد تم العثورعلى فك سفلى من عصرالأسرة الرابعة (2900- 2750ق.م) وبه ثقب بجوارالثقب الذقنى لتصريف صديد خراج تحت الضرس، مما يشيرإلى استعمال آلة جراحية غالبًا من البرونز. هذه العملية الجراحية فى الأسنان نقلها أبقراط بالحرف فى كتبه. كما أنّ جدودنا اعتبروا ال (ميتو) أو الأوعية الدموية لها أهمية حيوية لصحة الإنسان، ففى الشيخوخة يتحول الدم إلى جلطة فيبدأ المرض يتكون موضعيًا ويحرم الدم من قدرته على مساعدة أجزاء الجسد للقيام بوظائفه (وهذا الرأى الطبى نقله أبقراط) وعندما لاحظ جدودنا أنّ الإسراف فى الطعام مرهق للمعدة والأمعاء والكليتيْن والقلب ابتكروا أسلوب ال (خدو) أى التخلص من المواد البرازية بواسطة استعمال المسهلات والحقن الشرجية باستخدام زيت الخروع والحنظل على النحوالوارد تفصيلا فى بردية (تشتر بيتى) وهى حقيقة أكدها هيرودوت الذى ذكرفى كتابه عن مصرأنّ جدودنا أكثروا من استعمال المسهلات والحقن الشرجية ثلاثة أيام كل شهر(هيردوت يتحدث عن مصر- ترجمة د.محمد صقرخفاجى- هيئة الكتاب المصرية- عام 87- ص 182) وهوما أكده ديودورالصقلى أيضًا. المهم أنّ أبقراط نقل تلك الوصفة حرفيًا فى كتبه الطبية عن الأطباء المصريين..ولم يكتف أبقراط بذلك وإنما نقل (حرفيًا أيضًا) بردية (كارلسبرج الطبية رقم 8) المحفوظة بجامعة كوبنهاجن بالدانمارك ويرجع تاريخها إلى الفترة بين الأسرتيْن 19، 20..وفى هذه البردية بعض الوصفات الطبية لعلاج أمراض العيون ووصفات لعلاج أمراض النساء وأعراض الولادة وغيرها..وهى تــُـماثل بردية برلين رقم 3038 وكذلك بردية (كاهون) المهم أنّ أبقراط نقلها حرفيًا عن مصر..ومن اليونان تسرّبتْ إلى انجلترا فى القرن12الميلادى وإلى ألمانيا فى القرن 17الميلادى.
وإذا كان جدنا العبقرى إيمحوتب هوأول من أبدع قـَسَم الأطباء الذى رسّخ مبدأ سرية العلاقة بين الطبيب والمريض من ناحية..ووضع قانونــًا (= دستور) للأطباء المتخرجين يرشدهم ويلزمهم العمل به..وأول من ووضع قاعدة ((التشخيص السليم يؤدى إلى العلاج الصحيح..والتشخيص الخطأ يؤدى إلى العلاج الخطأ)) ووصل الأمركما ورد فى بردية (سميث الجراحية) أنه عند فحص الجراح لتشخيص حالة المريض، فإنّ الطبيب مـُـلزم بأنْ يكتب فى بردية العلاج الموجّهة لزملائه الأطباء ورؤسائه وللمريض أنّ حالة المريض تخضع لأحد الاحتمالات التالية: (( 1- هذه الحالة أعالجها وأشفيها 2- هذه الحالة أعالجها وسأجتهد فى شفائها 3- هذه الحالة لا أقدرعلى علاجها)) رغم كل هذه الحقائق عن أبقراط الذى نقل العديد من البرديات الطبية المصرية..ورغم أنّ إيمحوتب هوأول من فكرفى وضع (القسم الطبى = ميثاق شرف) لمهنة الطب، فإنّ خريجى الطب فى كل كليات الطب فى العالم يُقسمون (عند تخرجهم) على قــَـسـَم (أبقراط) فكيف سكتنا نحن المصريين على هذا الادعاء الكاذب؟ ولماذا لانضم صوتنا إلى أصوات العلماء الأوروبيين الذين امتلكوا عقولا حرة وضمائرحية، وطالبوا بضرورة أنْ يكون القــَسَم الطبى باسم (إيمحوتب) وبذلك يعود هذا الشرف وهذا الحق لصاحبه؟ وذكرالأطباء المصريون من جيل ما قيل يوليو52 أنهم فورتخرجهم من كلية الطب كانوا يضعون (شارة إيمحوتب) فى عروة الجاكت كرمزللفخربتاريخنا وإنجازات جدودنا العلمية والطبية (د.وسيم السيسى- المصدرالسابق- ص142)
وللتأكيد على دورجدودنا فى مجال الطب كتب د.سميرالجمّال ((بعد ترجمة البرديات الطبية المصرية التى أكتشفتْ منذ القرن 19الميلادى إلى اللغات الأوروبية ،ظهرللعالم خطأ إرجاع الحضارة الحالية إلى اليونان بسبب اقتباس معظم علماء الإغريق فى مؤلفاتهم الطبية والصيدلية من كل علوم قدماء المصريين..وأنّ الثقافة الحضارية المصرية نقلها الإغريق إلى بلادهم فى القرن 20ق.م فى جزيرة كريت التى يُعتقد أنها الجسرالذى انتقلتْ منه حضارة مصرإلى أرض الإغريق فى الشمال. وعندما غزا الرومان بلاد الإغريق فى القرن الثانى ق.م وضموها نهائيًا إلى امبراطوريتهم حوالى عام 160ق.م انتقلتْ هذه الحضارة إلى روما حيث تغلغلتْ إلى أنحاء أوروبا نتيجة غزواتهم..وبذلك انتقل التراث الحضارى المصرى إلى سكان أوروبا))
المؤرح اليونانى (سترابون) المولود عام 60ق.م والذى عاش فى مصر، وكتب كثيرًا عنها ذكرأنّ ((مدينة هليوبولس (عين شمس) كانت منبع الديانة المصرية ومركزًا للمدرسة التى أظهرتْ علم اللاهوت والفلسفة فى أقطار الدنيا ومنبعًا للطب وقد نهل من ينابيعها الفلاسفة والعلماء: أفلاطون، أدوكس، فيثاغورث وسولون))
وكان التشريح فى مصر القديمة متطورًا وسبق فى انتشاره العلمى كثيرًا من البلاد المجاورة..ويرجع ذلك إلى فن التحنيط..وهناك ما يزيد عن 200مصطلح تشريحى فى اللغة المصرية القديمة. مما يؤكد أنّ جدودنا استطاعوا التفرقة بين مختلف أجزاء جسم الإنسان الداخلية. كما أمكنهم معرفة أهمية القلب كأساس وبداية مهنة الطب. وبالنسبة للمخ لاحظوا أنّ أية إصابة به تــُحدث تأثيرًا على عضلات الجسم..وأنّ إصابة الرأس تــُحدث شللا فى أحد نصفىْ الجسد..وأثبتَ أحد الجراحين المصريين القدماء أنّ أثرالإصابة المخية على الأطراف تختلف من جانب إلى آخرباختلاف جانب الجمجمة المصاب..وهذا هوأول تحديد وظيفى للمخ باعتباره المركزالمُهيمن على حركات الجسم..كذلك عرف الجراح المصرى القديم بوجود مركزعصبى آخر يؤثرعلى الجسم هوالحبل الشوكى..وفى إحدى البرديات نجد وصفــًا مدهشـًا لجذع المفاصل..وهذه المعلومات وردتْ بالتفصيل فى أكثرمن بردية طبية خاصة فى بردية (إيبرز) وبردية (إدوين سميث الجراحية) بل إنّ أول عملية تربنة فى المخ أجراها الجراح المصرى القديم (د. سميرالجمّال- المصدرالسابق- ص133)
وذكرد.وسيم السيسى أنه زارالمتحف البريطانى..ووجد به جمجمة أجريتْ لها عملية تربنة منذ 2000سنة قبل الميلاد ومكتوب على لوحة بجوارها ((أول جراحة مخ فى تاريخ مصرالفرعونية)) وأنّ المريض تم إنقاذه من النزيف الداخلى فى المخ وعاش بعدها بدليل نموقشرة العظام)) (د.السيسى– ص 7) وذكرأنّ (سيروليم أوزلر) وصف إيمحوتب بأنه أقدم شخصية طبية واضحة فى ظلام التاريخ. أما د. محمد فياض فى كتابه (فن الولادة فى مصرالقديمة) فقال ((إننى أنحنى بكل التقدير أمام العبقرية الطبية فى ميدان الولادة لجدودنا المصريين القدماء)) واكتشفَ أنّ أول مستشفى تخصصى لرعاية الحوامل كان فى مصرالقديمة. إذْ تم العثورعلى تكعيبة النفاس (ماميزى) لحماية السيدة بعد ولادتها خوفــًا عليها من (حمى النفاس) وكانت السيدة تلد وهى جالسة القرفصاء وتثنى ركبتيها كأنها تتبول..وتبيّن من الدراسات الحديثة أنّ هذا الوضع أفضل أوضاع الولادة..وأنّ إحساس الوالدة بالألم لايكاد يُذكر ولايــُـقارن بالمتاعب والآلام التى تعانيها من تلد فى الوضع الأفقى..وأنّ كرسى الولادة استخدمه المصريون القدماء فى الأسرات من 20- 30 وأنّ العديد من المستشفيات الأمريكية بدأتْ تطبقه فى نهاية القرن العشرين .
وذكرد.وسيم السيسى أنّ جدودنا اخترعوا الخيوط الجراحية من أمعاء القطط واخترعوا آلة التربنة ومشرط الشق الحنجرى المُكوّن من حديْن لحالات الاختناق والإبرالجراحية المصنوعة من الذهب أوالفضة و(المخالب) أى المُبعدات لإبعاد طرفىْ الجرح ليتمكن الجراح من فحص القاع..والأربطة اللاصقة بضم الجرح دون خياطته..وأنّ جدودنا عرفوا نوع الجنين باستخدام زرع القمح والشعيرعلى بول المرأة الحامل..وأثبتَ العلم الحديث أنّ بول المرأة الحامل به هرمونات الحمل..وأنّ بول الحامل يختلف عن بول غيرالحامل..وكان الطبيب المصرى يوصى بوضع مقدارمن القمح ومقدارمن الشعيرفى بول المرأة الحامل، فإنْ نبتَ القمح كان الجنين ذكرًا وإنْ نبتَ الشعيركان الجنين أنثى. أما إذا لم ينبتْ كلا النوعيْن من الحبوب، كان ذلك دليلا على عدم وجود الحمل. فهل بعد هذا الدورالحضارى لمصرفى مجال الطب، يستمرالخطأ ويكون قَسَم الأطباء باسم (أبقراط) اليونانى وليس باسم (إيمحوتب) المصرى؟ فلماذا لاتــُـطبــّـق كليات الطب المصرية، ما نادى به الطبيب البريطانى؟ وكيف يكون هوأكثرموضوعية من المصريين بالاسم (فقط)؟
***

صراع الخرافة والعلم


طلعت رضوان
 
الحوار المتمدن-العدد: 6597 – 2020 / 6 / 19 – 15:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من عجائب التاريخ الإنسانى أنّ البشرعلى مدارآلاف السنين، آمنوا بوجود قوى خارقة..وغيرمنظورة..وهى التى خلقتْ الأرض والسماء والمحيطات والبحار..وخلقتْ الإنسان والحيوان..إلخ، باختصارأنّ البشرآمنوا بالميتافيزيقا، أى (بقوى فوق الطبيعة) وليس لها علاقة بالواقع المادى على الأرض.
وإذا كانت (شعوب ما قبل التدوين) أى قبل عصرالكتابة لها العذرفى خلق آلهة تحميهم من العواصف..ومن كل ضرر..وآلهة تجلب لهم الخيرمثل نزول المطرإلخ، فإنّ ما يثيرالدهشة..ويستدعى التساؤل هوأنّ الإيمان بالميتافيزيقا استمرّحتى بعد التقويم الميلادى..والأكثرخطورة عندما تمتزج الميتافيزيقا بالخرافة. أو- بصيغة أدق- عندما تتمحورالميتافيزيقا وتتشكل فى مظاهرالخرافة..وهوالأمرالذى انتبهتُ إليه وأنا أقرأ ما كتبه ديورانت فى موسوعته (قصة الحضارة) وهويسرد تفاصيل ما حدث فى أوروبا فى الفترة من1558- 1648..وقد بدأ هذا الجزء بجملة ثاقبة فكتب: قد تولد الديانات وقد تفنى..ولكن الخرافة الناتجة عنها لاتموت..وذكرأنّ الخرافات فى تلك الفترة أكثرمما يحصيه العد..ومن أمثلة ذلك أنّ الزواج فى شهرمايويجلب السعادة..وضرورة الحذرمن الجن والأرواح الشريرة..وأنّ بعض الأرقام والمعادن والحيوانات والنباتات خصائص وقوى سحرية..ولكل حادث (علامة) إما على (رضا الله) أوعلى (غضبه) أومن (عمل الشيطان) وفى تلك الفترة كان التنجيم لايزال سائدًا..وكان يــُـدرّس فى بعض الجامعات وفى عام1572 انقطع تدريسه فى (جامعة بولونيا) بينما الفيزيائى والفلكى الألمانى (كبلر- 1571- 1630) نظرللتنجيم نظرة الشك والريبة، خاصة أنه هوالذى وضع قوانين تصف حركة الكواكب، بعد اعتماد فكرة الدوران حول الشمس..كمركزلمجموعة الكواكب..كما أثبت كل من كوبرنيكوس وجاليليو..وهكذا يتبين الفرق بين من (يؤمن بالعلم) ومن (يؤمن بالميتافيزيقا المُـتمحورة فى الخرافة) والأكثردهشة ما أثبته ديورانت، حيث ذكرأنّ الذين تعرّضوا للتعذيب..ومن أمروا بتعذيبهم (على حد سواء) صـدّقوا بإمكان الحصول على ((معونة القوى الخارقة للطبيعة، بواسطة الرقى والتعاويذ..وإذا كان من المستطاع الحصول على (شفاعة قديس) بالصلوات، فلمَ لانلتمس (معونة الشيطان) بملاطفته..والتودد إليه؟ وذكرأنه صدركتاب عام1580 بعنوان (بعض الأفكارالمسيحية حول السحر) جاء فيه أنّ العالم بأسره، فى البر..وفى البحارمملوء بالعفاريت والأرواح الشريرة غيرالمرئية..وساد الاعتقاد بأنّ كل البشرمن الممكن أنْ تتلبسهم الشياطين..وفى عام1593 انتشرالذعرحيث شاع خبر- ملفق- فحواه أنّ الشياطين تلبستْ أجساد ستين شخصــًـا..وتعذّبوا تعذيبــًـا بشعــًـا..وأنّ أحد القساوسة استحوذ الشيطان عليه..وهويلقى موعظته..واستند تجارالدجل إلى ما جاء فى إنجيل متى (8: 27- 34) حيث جاء فيه أنّ المسيح أخرج الشياطين من أجساد الذين حلوا بهم..وهوما تأكــّـد فى إنجيل مرقص حيث قال المسيح لأتباعه سأمنحكم القدرة على إخراج الشياطين باسمى.
فى هذا المناخ الذى غلب عليه الإيمان بالميتافيزيقا كان المواطنون يلجأون للقساوسة لعمل تعاويذ مختلفة، مثل إزالة الحشرات الضارة عن النبات، أولتهدئة الأعاصيرفى البحر..أوتطهيرالمبانى من الأرواح الشريرة..والكارثة أنّ البابا بول الخامس أصدرمنشورًا فى عام1604 بأنّ هذه التعاويذ تعتبرضمن الخدمات الكهنوتية. وتبعــًـا لذلك اعترفتْ كنيسة بريطانيا بقيمة التعاويذ على أنها ((طقوس شافية)) كما انتشرتْ الكتب التى تشرح ((كيفية الاتصال بالشياطين، إما لتفادى ضررها أوالمشورة للاستفادة برأيها..وفى هذا المناخ- أيضــًـا- نشطتْ (محاكم التفتيش) والقبض على كل من يــُـشتبه فيه بأنه يــمارس السحر، فتـمّ القبض على53 شخصـًـا فى إسبانيا..وصدر الحكم بإعدام11 منهم..وفى جنوب فرنسا عام1609 انتشرتْ موجة عاتية من الذعر بسبب السحر..واعتقد مئات الناس أنّ الشياطين حلــّـتْ فى أجسادهم..وظنّ بعضهم أنهم ((تحوّلوا إلى كلاب..وأخذوا فى النباح)) وزعم الدجالون أنهم اكتشفوا الأماكن التى يتسلل منها الشيطان إلى جسد الإنسان، فكان المعالج/ النصاب يغرزإبرة فى جسد المريض، فلوأنه لم يشعربوخزالإبرة، فهذا معناه أنّ هذا المكان هوالذى دخل منه الشيطان.
وذكرديورانت أنه فى مقاطعة اللورين الفرنسية تـمّ حرق800 إنسان بتهمة ممارسة السحر، وذلك على مدى16سنة..وفى ستراسبورج تـمّ حرق134 إنسان بتهمة ممارسة السحرفى أربعة أيام من شهرأكتوبر1582 وهكذا فى مدن أوروبية كثيرة..ولكن المهم هوأنّ الكاثوليك والبروتستانت فى ألمانيا اتفقوا- بالرغم من خلافاتهم المذهبية- على إعدام السحرة حرقــًـا..وامتدتْ الخرافة لتشمل مقولة أنّ (طاعون الماشية) كان من أفعال السحرة.
إنّ وقائع حرق كل من تحوم حوله (شبهة) ممارسة السحر..وتجمع الناس فى الميادين لمشاهدة (حرق الأحياء) حتى التفحم، تلك الوقائع وأعداد الضحايا اعتمد ديورانت على ما نشرته الصحف المعاصرة للأحداث..وأضاف أنّ الباحثين الألمان قـدّروا جملة من أعدموا بتهمة السحربمائة ألف فى ألمانيا فى القرن السابع عشر.
ولاحظ ديورانت أنّ أسوأ الأعمال الوحشية ((عمدتْ إلى اقتباس النصوص المقدسة لتبريرأعمالها الإجرامية)) وكما أنّ (شعوب ما قبل عصرالتدوين) آمنتْ وصـدّقت معتقداتها الدينية (قبل اليهودية والمسيحية) كذلك آمنتْ بالتوارة والأناجيل..ولما لم يفهم عامة الناس الأناجيل المكتوبة باللغة اليونانية، انتشرتْ ترجمات عديدة للأناجيل مكتوبة بلغة الناس..وعندما كادت تحدث فتنة بين كبارالمتعلمين وأعضاء الكهنوت الدينى، بسبب هذه الترجمات، أوضح (علماء اللاهوت) أنّ (الروح القدس) استخدم أسلوب العامة المشترك ((حتى يتيسرللناس فهم النصوص المقدسة))
وفى خضم هذا العالم المشحون بأقصى درجات التعصب الدينى والمذهبى..وُلد (كومنيوس) فى مقاطعة مورافيا التشيكية عام 1592 ودخل الكنيسة حتى صعد إلى درجة أسقف الأخوة..وبالرغم من الأحقاد الدينية التى جعلتْ حياته سلسلة متصلة من المحن والبلايا، فإنه ظلّ على إيمانه بفلسفة التسامح..و(معتقد الوحدة الأخوية) وفى هذا الشأن كتب ((نحن أبناء عالم واحد..وفى عروقنا نفس الدم..وأنه من مظاهرالحماقة أنْ نــُـضمرالبغض والكراهية لإنسان لانعرفه لمجرّد أنه لايؤمن بديننا..ولايتكلم بلغتنا، أو لأنّ أفكاره وآراءه لاتتطابق مع أفكارنا وآرائنا. إنى أتوسل لجميع البشرأنْ تكفوا عن هذه الكراهية. إننا بشرمتساوون فى الإنسانية، فليكن لنا جميعــًـا هدف واحد هوخير الإنسانية..ونقتل الحقد داخل نفوسنا بسبب اختلاف اللغة والدين (ديورانت- قصة الحضارة- المجلد15- الجزء29، 30)
واختتم ديوانت هذا الجزء بقوله إنّ الخلافات الدينية كادت أنْ تقضى على روح ومبادىء البحث العلمى فى الجامعات..وبالتالى تـمّ التمهيد لتكريس استبعاد الخلافات السياسية والدينية والمذهبية، داخل الجامعات..والابتعاد عن المهاترات الكلامية.
وفى هذا العصرالمشحون بالتعصب الدينى والمذهبى..والإيمان بالميتافيزيقا المُتمحورة فى الخرافة، بدأ يبزغ عصرجديد (عصرالعلم) والاكتشافات العلمية..وبصفة خاصة مع ظهوراسم العالم الكبير(جاليليو-1564- 1642) وهوما سأحاول الكتابة عن هذا التحول نحوالتفكيرالعقلانى/ العلمى، بعيدًا عن الخرافة فى مقالى القادم.

بداية مقاومة الميتافيزيقا


طلعت رضوان..
 
الحوار المتمدن-العدد: 6598 – 2020 / 6 / 20 – 23:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى مقال سابق كتبتُ أنّ الإيمان بالميتافيزيقا ظلّ مسيطرًا على عقول البشر(سواء شعوب ما قبل عصرالتدوين، أوالشعوب التى شهدتْ عصرالكتابة، حتى الزمن الذى تلى عصرالمسيح) وكتبتُ أنّ الخرافة كانت من توابع الإيمان بالميتافيزيقا..ولكن مع بداية ظهورعلماء مثل جاليليو1564- 1642) بدأتْ الميتافيزيقا تتراجع (نسبيــًـا) لتفسح المجال أمام عصرجديد (عصرالعلم والتفكيرالعقلانى)
وبالرغم من أنّ جاليليويعتبرعلامة فارقة فى تاريخ البحث العلمى والتجريب، فإنه لابد من الاعتراف بمن سبقوه واستفاد من أبحاثهم وتجاربهم..وعلى سبيل المثال فإنّ الباحث الأقل شهرة (جامباتستا دللابورتا) ذكرفى كتابه (سحرالطبيعة) أنّ النظرفى العدسة المقعـّـرة تبدوالأشياء أصغر(من حجمها) ولكن الصورة تكون أوضح..وذلك عكس العدسة المحـدّبة نرى الأشياء أكبر(من حجمها) ولكنها أقل وضوحــًـا فى معالمها..وكان تعقيب ديورانت فى (قصة الحضارة) أنّ بحث (جامباتستا) كان القاعدة التى بــُـنى عليها المجهرومنظارالميدان والتلسكوب. أما الميكروسكوب فقد جمع بين عدة عدسات..ونمتْ صناعة العدسات بشكل كبير..وفى عام1590 جمع صانع نظارات اسمه (زخارياس جانس) بين عدسة مزدوجة مقعرة..وأخرى مزدوجة محـدّبة، فصنع أقدم (مجهرمركب معروف) وبفضل هذا الاختراع ظهرتْ البيولوجيا الحديثة والطب الحديث..وفى أكتوبر1608 قـدّم صانع نظارات آخراسمه (هانزلبرشى) عدسة أكثر تطورًا..وقـدّم صانع نظارات آخراسمه (هانزلبرشى) إلى الجمعية العمومية للمقاطعات الأوروبية المتحدة، وصفــًـا لآلة يمكن بها رؤية الأشياء البعيدة..وبعده أثبت باحث هولندى اسمه (جاكوس متيوس) أنه صنع آلة مماثلة..وبمجرّد أنْ سمع جاليليوبهذه الاختراعات حتى عكف على تصنيع التلسكوب وأنجزه فى عام1609وهوالمنظارالذى (كبــّـرالأشياء ثلاثة أمثالها) وفى عام1611 اقترح العالم الكبير(كبلر) أنه يمكن الحصول على نتائج أفضل، بعد إدخال بعض التعديلات..وهوما حدث فى عام1613 على يد باحث آخر.
وفى عام1603 اخترع جاليليو(مقياس الحرارة- الترمومتر) وفى عام1613 طوّر(جيوفنى ساجريدو..وهوصديق جاليليو) الأنبوبة التى اخترعها جاليليو..وقسـّـمها إلى مائة درجة..وبعد ذلك جاء أحد تلاميذ جاليليوفأحكم سداد أحد طرفىْ الأنبوبة وملأها بالزئبق..وأوقفها بطرفها المفتوح..وغمرها فى وعاء به زئبق..وأوضح علماء كثيرون أنّ التغيرات فى ارتفاع الزئبق فى الأنبوبة، يمكن استخدامها مقياسًا للتغيرات فى الضغط الجوى..وبناءً على ذلك تـمّ تصنيع أول مقياس للضغط الجوى (البارومتر) الذى لايزال حتى الآن الجهازالأساسى فى كل مراكزالأرصاد الجوية.

استمر في القراءة بداية مقاومة الميتافيزيقا

حوار مع الكاتب : طلعت رضوان

الكاتب و المفكر المصرى طلعت رضوان قام بأعداد الأسئله : سامح سليمان

 نرحب بك استاذ طلعت و نرجوا منك ان تحدثنا عن شخصك الكريم .

ج : اسمى طلعت رضوان ، أنا من مواليد 18/7/1942 محافظة القاهرة – حى العباسية. وكان أبى يسرح بعربة خشب لبيع العيش وكنتُ أساعده فى توزيع العيش على البيوت . صدر لى 26 كتاب فى فروع مختلفة ما بين الرواية والقصة القصيرة والقضايا الفكرية ، حول علمنة مؤسسات الدولة ، وبعض كتبى صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ، والهيئة المصرية العامة للكتاب ، والمجلس الأعلى للثقافة ، وكتاب وحيد عن دار الهلال بعنوان (مصر الحضارة والانتصار للحياة) وكتاب وحيدعن دار أخبار اليوم (مجموعة قصص قصيرة بعنوان (روح الفراشة) وباقى الكتب إصدارات خاصة .

استمر في القراءة حوار مع الكاتب : طلعت رضوان

العلاقات الزوجية بين الرفض والقبول

مقال/ منى فتحي حامد _ مصر

تعددت الآراء المفاهيم وكثرت الاستنتاجات والتحاليل تجاه القبول أو الرفض تجاه الإقدام نحو الزواج والارتباط ..

أيهما تكون العلاقة سليمة وصحيحة بين طرفي الزواج، وكيف ومتى العلاقة تتم بينهما، هل يوافقا عليها العقل والقلب معا، ام يتفق أحدهما وتصبح النتيجه إما مكسب أو خسارة بينهما، والعلم عند الله …

من هذه الآراء الدنيوية التي تلفت الانتباه إليها بآذاننا وبعقولنا والتي تشير إلى طبول أجراس التشويش و الجهل وعدم الاتزان و فقد القدرة باتخاذ القرار وعدم الوعي بالتفرقة بين الحلال والحرام …

الحرام بين والحلال بين، وكلاهما أمامك يا بن آدم و لك حق الاختيار، بالنهاية النتيجة هي التي تصب عليك بالرسوب أو بالفلاح ..

من تلك الآراء والأفكار والأقاويل:

     ———————

* الزواج العرفي أو المسيار أو أي نوع آخر جميعها حلال حتى لو تتم العلاقة بالسر بينهما من دون توثيق أو شهود أو اشهار .

* الارتباط روحي .. إذا يكون حلال، حينها لن يحصدا سوى الإنكار بعد انتهاء العلاقة خاصة عند حدوث حمل و اللجوء إلى إثبات نسب ..

* التخلي عن القيم والمبادئ في ظل غلاء المعيشة أو عدم توافر الإمكانيات المادية لتوفير متطلبات الزواج قبل وبعد من تحمل مسؤولية.. أي الخضوع لسطوة الرغبة الجسدية والمادية في آن واحد تحت شرط القبول على المساومة أو الاتفاق بل بالتخلي عن أيهما الأحق حين إثبات النسب والشهود و الاشهار ..

* التطلع على الثقافات المتعددة الجنسية و الزوجية والمجتمعية بين الأصدقاء والأزواج من عادات ورغبات و الميل إلى الشهوة و عشق الذات، بالتالي لابد من التفكير جيدا تجاه هذه الثقافات والأخذ منها بما يتناسب مع ثقافة و عقائد وعادات و تقاليد كل مجتمع على حدا..

* ثقافة الاهتمام بالمظهر الخارجي من تغيير واهتمام، بل إلى الشمول و العموم مع المكان و مستوى الثقافات، فلابد من التفاهم والمشاركة بين الزوجين في شتى الأمور واحترام رأي كل منهما تجاه موضوع معين بالقبول أو الرفض..

نلاحظ من هذا حصاد الإيجابية بالتعامل بينهما، تحت راية المحبة و الاتزان والثقافة التي تعمل على سعادة كل منهما، بالتالي يتم النقصان في نسب الطلاق والانفصال بين الأزواج ..

* كينونة الاحترام المتبادل بينهما و تحقيق السعادة لكل منهما وعدم الاقتصار على طرفا واحدا فقط، الفرحة بنجاح كل منهما زوج و زوجه، وعدم شمولية التملك أو الأنانية أو الإذلال والتكبر على أحدهما إذا كان ينقصه شيئا عن الطرف الآخر …

  • ما أجمل حياء المرأة، لكن هل يظل الخجل قائما بينهما بشكلِ قائم وثابت، تصفق له العادات الراجحة والسائدة بالأسر التي تؤيد هذا، أي البقاء مع التعامل التقليدي الروتيني بين الزوجين وتجنب الاشباع النفسي والمعنوي والجسدي لكل منهما ..

*مشكلة الختان التي ما زالت قائمة بالقرى والنجوع و التي تتسبب بمعاناة المرأة بل للرجل ايضا فيما بعد الزواج ..

و تتعدد الآراء المتنوعة التي تعمل على الارتباط الفكري والروحي والجسدي بين الزوج والزوجة و مدي وكيفية القبول أو الرفض بالتعامل معها، كل على مدى ثقافته أو عاداته أو الشعور بالسعادة والحنان والاحتواء من تلك الأمور التي تتم بينهما أم لا ..

الحياة منظومة متكاملة تجمع بين الرجل والأنثى تحت راية الغرام والسكن والمودة والرحمة ….

______________________

hohooamgad@gmail.com

” شمو” :للحياة رائحة ..يتنفسها المصريون : مرڤت يس

كل جمال من عاداتنا نقلناه عن الجدات والأمهات،  كانت أمي تكحل عيونى لتزداد جمالا ،  حتى يأتى الربيع  ، فيقوم  بتنظيفها  من الأتربة والشوائب حتى العام القادم.

    طقس كانت تفتتح به الجدات والأمهات أسبوع شم النسيم الذي يبدأ بـ  “سبت النور”،  ومايعقبه من تنظيف المنزل ،وتبخيره وصنع عرائس من عيدان القمح ، تعلق على الجدران ، ولاتنسى بالطبع دش بصلة على عتبة البيت ، كل هذا قبل المغرب.

استمر في القراءة ” شمو” :للحياة رائحة ..يتنفسها المصريون : مرڤت يس

“كحل العيون”..موروث بطعم الحنين:مرفت يس

لكل مجتمع خصوصيته في احتفالاته وعاداته ، لكن خصوصية  المجتمع المصري تختلف عن بقية المجتمعات لأنها ذات طابع تشاركي ، تعمد إلى ذوبان  ومحبة خالصة بين أفراده ساعدت على صموده على مر العصور؛ من خلال هوية كامنة تميزه عن غيره من المجتمعات ، وجذر ثقافي متأصل داخلنا نتوارثه جيل عن جيل؛ ليس عن تشدد وإنما عن وعي ومحبة وتناغم بين جميع أطيافه، وكل طقس وعادة جميلة مرجعها دائما إلى الأم التي كانت حريصة على بقاء تلك الطقوس، ففي صباح السبت السابق لعيد القيامة المجيد  كنت استيقظ على روائح البخور، وصوت إخوتي وهن يتشاركن تنظيف المنزل ، بعيونهن الكحيلة ،المتسعة التي زادها كحل سبت النور اتساعا وجمالا.

استمر في القراءة “كحل العيون”..موروث بطعم الحنين:مرفت يس

حدثني كثيرًا عن الموت. بقلم: د. صفية فرجاني

إلى روح الأديب محمد الراوي

_________________

                 (١)

قال لى : أنه قابل الموت أكثر من مرة.. رأى وجهه وعينيه..بل إن يد الموت قد جذبته فى إحدى المرات وهو صغير وحاول الفرار منه،  قابله مرة في الليل  رآه في الطريق إلى بور توفيق  وكان الظلام قد تسلل فاختبأ خلف جدار ،ولم يعرف الموت كيف يصل إليه، وبعد ساعات طويلة خرج بخطى بطيئة  وظل قابعًا في بيته لا يخرج إلى طرقات المدينة .

                   (٢)

تجول الموت في المدينة أيام الحرب  وكم حدق في بيوت المدينة والتى كانت تتساقط وتميل على جانبها، وبعضها يصيبها الدوار فتهتز ثم تسقط ساكنة لبرهه… ثم تتداعى، كان يرى ذلك وهو شاب يحمل سلاحًا ضمن فرق المقاومة الشعبية بالمدينة، رآه  أيضًا عندما كان يدهن المصابيح باللون الأزرق فترقبه عيونه في الضوء الصاخب المنبعث  من انفجارات ضرب النار في الشوارع، يرى شبحه وهو يحمل الصغار عندما يصعقهم  صوت الطائرات المخيف في الصباح الباكر ،يراه هناك وهو يسحب أرواحهم البريئة، ينظر إليه يبحلق فيه وعندها يرتجف  جسده كله ويحاول أن يختفي خلف ظل بيت من بيوت السويس التي صمد كثير منها وأبت أن تميل  وظلت تنظر للموت بعيون شاخصة تتأمله.

                      (٣)

قال لى: كتبت رواية  عن الموت،كنت أنا والرجل الذي كان جثة يسعى معي في المدينة  التي وقفت على قدميها بل على رءوس أصابعها تصد بكل  قوتها وكل ما فيها  خطواته العابثة.

 قال: أنا والرجل الجثة كنا نقاوم، وأسميت الرواية “الرجل والموت”.

وقال لي أيضًا : أرواح أصدقائي الذين رحلوا لا تفارقني أبدًا، كل واحد منهم يأتي لي في اليقظة والحلم  يحكي عن لحظة وفاته  حتى  أنني تعرفت على كل الطرق التي يسلكها  ويتسلل منها إليهم.

والكل يطالبني أن أرصد جميع  خطواته التى يظهر بها حتى أحذره  وأروي عنه.

وعندما أتقنت معرفتي به و بكل حيله وألاعيبه.. وبدأت الكتابة عنه، كان يفاجئني  بأخذ صديق آخر مني بطرق جديدة تمامًا عما عرفته مرة  وهو يضحك أو يكتب  أو ينام أو يعبر الطريق، حتى أنه قد أخذ أحد القاصين وهو يقرأ قصته والتي  صور فيها مشهد الموت .. المشهد هو نفسه الذي ظهر له الموت فيه عند نهاية أحداث القصة ونهاية حياة القاص.

قال لي :هل أنت مثلي تتذكرين الموت ولا يغيب عنك  أبدًا؟

قلت له : وكنت حينها في أول العمر، عندما يأخذ الموت شخصًا أعرفه تغيب عنى ملامحه  ببطء حتى يذوب في ذاكرتي ولا أتذكر سوى اسمه فقط.

قال: من أين لك بهذه القدرة !

قال: أول مرة  قابلت فيها الموت  كان في مرض أبي الأخير اتذكره ولا أنساه ،رأيت أبي  ينهض من السرير خشية الموت  ويحاول  أن يقف على قدميه  دون مساعدة من أحد  ولكنه لم يستطع  وكنت بجواره  فسقط منى و ظللت أنادي عليه  أبي …أبي.. أببببي  

 أحاول أن أساعده لكي يقف مرة أخيرة  لكنه لم يسمعني أبدًا، يومها انفتحت نافذة جديدة في عالمي ولجت منها إلى عالمه وتعرفت عليه ،وظل ندائي على أبي في ذاكرتي لم ينمحِ أبدًا.

                  (٤)

تغير  بنا الحديث  في أمور عدة .  وتعرفت فيها على أغلب أحواله كانت  تشع من عينيه السعادة  عندما يتحدث عن الكتابة والإلهام والإبداع  تطير من كلماته حمامات تحط على الجدران وتهدل عندما يسكت  وتعود تطير حوله عندما يحكي  حكاياته ،لقد كان حكاءً له مستمعوه.

حتى نسيت من كثرة حكاياته أنه قال لى بأنه قد رأى الموت .

إلى أن  قابلني فى لقاء أخير معه واوقفنى  وقال لى : لقد رأيته  وسمعت  صوته الذي زلزل كياني كله وقال لي تعالَ واقترب مني  وعندها ابتعدت على آخر حدود المدينة ورغم ذلك جاءني صوته يقول : لقد أقترب الميعاد وأشار لى من بعيد بإشارة  تدل على قرب الوصول إلي رغم اختبائي منه.

 ثم حدثني أنه سافر مع صديقه الشاعر  كامل عيد لحضور  آخر مؤتمر أدبي   لهما، وكان الشاعر مريضًا، وخشى أن يلقاه الموت  هناك ويأخذه منه.

 قال لي وهو يتألم: قلت له يا كامل عيد لاتموت وأنت معي بعيدًا عن السويس..ضحك  كامل عيد كثيرًا وقال له: سوف أموت في السويس وليس خارجها بعد عمر طويل.

وقبل نهاية المؤتمر بساعات قليلة كان الموت قد أخذه معه ورحل .

 قال لي محمد الراوي :علمت بموته  وأنا نائم رأيته  يلقى قصيدة وكانت مدهشة  لدرجة جعلتني أحمله وأطوف به أجواء المؤتمر من فرحتي بها وبه،  كان يضحك بشدة وعندما أنزلته كانت في عينيه  بقايا دموع لم أعرف مصدرها، حركته  يمينًا ويسارًا ،أغمض عينيه وغابت الدموع وعلت وجهه  تدريجيًا ابتسامة  وقفت على الحد الفاصل بين البكاء والفرح ،هي نفس إبتسامة أبي عندما غادرنا  هى نفس الإبتسامة التي تودعك فجأة وتظل ملامحها لا تفارقك..  ابتسامة  تقول إني قد اقتربت، إني قد عرفت الآن.

  طفت به وأنا أضعه على كتفي وأسير به صحراء واسعة ليس لها بداية و معي غراب أسود يطير فوقي وعندما أتعب  يدلني على مكان ارتاح فيه أنا وهو، عندما أخذني التعب  ابتسم لى نفس الابتسامة التى بت أعرفها وحمله عني وطار  .

صحوت على يد تلمسني وليس معي أحد، وتأتيني  رسالة على الموبايل

احضر حالا .. كامل عيد  مات .. وامتد حبل من السكات.

                     (٥)

استمعت إليه وقلبي  يتفتت من الحزن ،كان ينظر في عيني ويسألني  وقبل أن أجيب

 يقول : قولي لي ماذا أفعل؟

سبقتني عيوني  بالبكاء  وقلت له:

ابعد عنك كل ما يقربه منه واشغل نفسك  بحكايات أخرى مبهجة،  أريد أن اسمع  هديل الحمام وانت تحكى ،  لم يجبني وصمت .

وعلمت أنه لم يعد  يخرج من البيت ولقد  باح لي  في إحدى المرات القليلة التى كان يحدثني أنا وغيري  أنه عندما ينظر من النافذة أصبح يرى الموت  على جدران البيوت، ويراه ممددًا بطول الشوارع وعرضها ، يراه بجواره ينام طوله في طوله .

 وظل يحكي عن موت الشاعر كامل عيد في كل  حديثه معي .  

قال لي مرة  إنه كان يسير معه بجوار الكورنيش  ليذهبا للندوة الأدبية في قصر الثقافة بالسويس، واندمج معه في الحديث وفجأة شعر  الشاعر كامل عيد بالتعب  وطلب منه أن يركب  تاكسي- رغم قرب المسافة – وبمجرد أن ركب التاكسي وضع رأسه على كتفه ونظر إلى البحر وعندها  وجد الراوي  طائر نورس يأتي من عمق الفضاء ويقترب من نافذة التاكسي حتى شعر بارتطام رأس الطائر بمدخل التاكسي وبعدها وجد رأس كامل عيد يميل على كتفه.

وسمعت منه  في مكالمة تليفونية أخرى أنه قد قابل كامل عيد  في ميدان الأربعين وأصر على أن يسمعه قصيدة كتبها حديثًا،ولم يجدا مكانًا هادئًا سوى  مدخل إحدى العمارات وعندما هم بقراءة القصيدة له  ظهر طفل صغير يتفلت من يدي أمه ويجري وسط الميدان،عندها ترك كامل عيد القصيدة فى يد الراوي وبكل طاقته عبر الميدان  للحاق بالطفل الذى  رآه الراوي يرتفع عن الأرض وكامل عيد  وراءه حتى غابا عن نظره وعندما فاق لم يجد سوى قصيدة كامل عيد الأخيرة بيده والناس تدور حول ميدان الأربعين  كعادتهم.

وبعد مرور شهرين على فراق الشاعر كامل عيد  كتب لي رسالة قال فيها  إنه كان مع الشاعر كامل عيد فى أثناء تسجيل حلقة معهما لتلفزيون القناة على خليج السويس  لتكريمه وبعض الشعراء  انحرفت فجأة الكاميرا من يد المصور ومالت  في الشارع واختل مسار السيارات حتى أن إحداها خرجت على الرصيف حيث كان يجلس كامل عيد فطار جسده إلى  قمة عالية  فوق جبل عتاقة  ثم ارتطم ثانية بالشاطىء.

وقرأت له حديث صحفي في جريدة محلية بالسويس  عن فراق كامل عيد الذي أوجعه أن يحمله جثة ويعود  به من المؤتمر الأدبي في محافظة نائية  في سيارة إسعاف بعد  صحبه لمدة يومين . قابلته

 و قلت له : حتى تنسى … عليك  أن تشتت ذاكرتك، عندها نظر لى بعمق ولم يحدثني  بعدها أبدًا. وعلمت ساعتها أنه أعطى الأمر إلى ذاكرته ولم يعد يسيطر عليها ،لقد درب نفسه على الهروب من الموت  فهرب إليه، واقتحم  تجويف ذاكرته  وكان معنا يبتسم  ويضحك  ولا يرانا  كان الزهايمر قد سكنه وأمسك به الموت .

صفية فرجاني  مارس ٢٠٢٢

شهادة عن الرجال الذين حاربوا. بقلم: سمير الفيل

                                                                                         سمير الفيل

(1)

فى المواقع الأمامية للكتيبة 18 مشا ة  تيسر لى أن ألتقى مع محاربين أشداء ، وأبطال يقضون أيامهم فى صمت مطبق ، فيما تجرجر الأيام بقايا حواف محترقة لنخيل ذهب بهاؤه ،ونسائم تتخلص رويدا رويدا من آخر الهواء الذي يعبق برائحة بارود يتغلغل فى الحفر البرميلية ،وخنادق المواصلات  التبادلية .

  كان المشهد الأول الذى أدمى قلبى ، وترك فى حنايا الصدر جروحا لا تندمل حين هبت رياح الخماسين  فجأ ة ،وكشفت عن أجساد شهداء فى آخر حرب مضت . كانوا على هيئتهم الأخيرة ،قابضين على دباشك بنادقهم ، وفى انتظار فرصة للضرب ،فإذا بالشظية تقبرهم فى تلك الحفر  البعيدة داخل سيناء ،  فيدفنهم الرفاق ، ويمضون نحو الشرق ليكملوا مهمتهم القتالية فى تحرير الأرض . لقد تولى رجال السرية الطبية إعادة دفنهم ،وقرأ العسكرى الأسمر ” بشندى ”  ماتيسر من القرآن الكريم على الحفرة التى ثبتنا عليها خوذة وعصا ..!  

استمر في القراءة شهادة عن الرجال الذين حاربوا. بقلم: سمير الفيل

لا تخافوا .. نحن معكم. قصة: محمد عبد القادر التوني

1 ـ

في سبعينات القرن الماضي ؛ كان شيخ كُتاب قريتنا في العقد السابع من العمر ، كان رجلاً بسيطاً لا يملك من حطام الدنيا شيئاً ؛ غير أنه حافظاً للقرآن الكريم ، يتلوه آناء الليل وأطراف النهار وهو جالس فوق حصيره ؛ في بيته المتواضع الذي استأصل منه غرفة ؛ يقوم فيها على تعليم القرآن الكريم لأبناء القرية ، كان نحيل الجسم ؛ يشبه الشيخ الشعراوي إلى حد كبير في شكله وملبسه ، كُنت طفلاً في تلك الفترة ؛ وممن يترددون على الكُتاب عنده ، أذكر أن أمي كانت تعطيني رغيفاً من الخبز الشمسي لأعطيه للشيخ ؛ وأحياناً كانت تعطيني بيضتان ، وكانت زوجته هي التي تستلم منا هذه الأشياء ، كان رجلاً جميلاً مرحاً ؛ يفرح بالأطفال الذين يحفظون ويفهمون معاني الكلمات ؛ فيقربهم إليه ويوليهم عناية خاصة ، لكنه شديد مع من يتعثر في الحفظ والفهم ؛ حتى أن ذلك كان يثير غضبه فينهال عليه بجلدة في يده ؛ فيهرب المتعثر ويدس نفسه بيننا فتصيبنا الضربات مثلما تصيبه ؛ فنضحك ونفر جميعاً من أمامه ،

كان أعيان القرية يتوددون إليه ويدعونه إلى بيوتهم لقراءة القرآن والتبرك به ؛ وذات يوم عند عودته من زيارة من هذه الزيارات ؛ أهداه صاحب البيت حوتاً كبيراً من السمك ، كانت المسافة إلى بيته بعيدة ؛ وحوت السمك ثقيل في يده ؛ فلمحه ” خلف ” الذي كان عائداً من السوق فوق حماره في هذا التوقيت ؛ فطلب من الشيخ أن يحمل عنه ما في يده حتى يخفف عنه ؛ فلم يمانع ، وأعطاه حوت السمك ، وسبقه ” خلف ” ، وعندما وصل الشيخ إلى البيت ؛ طلب من زوجته أن تسارع في إعداد السمك ؛ فاندهشت المرأة : ” هو فين السمك ”  ! ؛ فبهت الشيخ وتلعثم بعض الشيء ؛ لكن أمرها أن تُعد الأواني ؛ وتُشعل النار في الفرن  ! ، وخلع عباءته ، وجلس على حصيره يرتل قرآناً ،

كانت زوجة ” خلف ” تُعد لطهي الحوت ؛ فوضعته في إناء كبير مملوء بالماء حتى يحتفظ بحيويته إلى أن تنتهي من إعداد أدواتها ، وبينما هيّ مشغولة بذلك ؛ هبطت حدأة وقبضت على الحوت بين منقارها وطارت به في الهواء حتى أسقطته في بيت الشيخ ! .

2 ـ                                                                                                   مات الشيخ منذ زمن طويل وكان عمره وقتها أكثر من ثمانين عاماً ، وفي ندوة عن انتصارات أكتوبر المجيدة ، استدعينا من هم على قيد الحياة من أبناء القرية الذين شاركوا في لحظة العبور ، كان بينهم ابن عم لي ؛ وهو معلم فاضل من خريجي دبلوم المعلمين ؛ تتلمذنا على يده في المرحلة الابتدائية ، أذكر أنني كنت بالصف الثالث الابتدائي عندما تم استدعاؤه ، وفاجئنا وهو يحدثنا عن هذا الانتصار العظيم وهو خير من يتحدث قائلاً : إنني  وزملائي كنا على أتم الاستعداد للتضحية ؛ وأننا كنا في انتظار قرار القيادة السياسية بفارغ الصبر ؛ لكن عندما جاء القرار وفرحنا وهللنا واندفعنا ؛ أصابني شيء من خوف ؛ لكن في تلك اللحظة وأقسم بالله أنني أقول الحق ؛ رأيت شيخ الكُتاب في ثوبه الأبيض فوق تلة عالية أمامنا مبتسماً ؛ وهو يشير إلينا بالعبور مردداً : لا تخافوا .. نحن معكم ، فاندفعت بأقصى قوتي ؛ وبأعلى صوتي مردداً : الله أكبر .. الله أكبر .

اللمة الحلوة مع رمضان.. مقال. بقلم: منى فتحي.

ا

شهر رمضان المبارك هو الذي أنزل فيه القرآن الكريم، شهر المحبة والسلام، شهر الصيام والتراحم والإنسانية والمودة، شهر السؤال عن المحتاجين والفقراء و اليتامى والمساكين وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، شهر الإكثار من أعمال الخير والتسامح والصفح والغفران..

استمر في القراءة اللمة الحلوة مع رمضان.. مقال. بقلم: منى فتحي.

السيرة الذاتية للقاص محسن الغمري

تقديم لا بد منه

الأستاذ محسن الغمري واحد من الأدباء الذين يعملون في صمت، على الرغم من عشقه للأدب، وتنوع تجربته بين القصة القصيرة والرواية، إلا أنك تراه زاهدا في عطاياه ومكاسبة. سمحت له ظروفه المعيشية بالتنقل بين مدن مصر، فهام وجدا في ربوعها، حاملا كاميرته، يقتنص اللحظات النادر لشوارعها، وشخصياتها.

لهذا تبدو الشخصية بنية مركزية في كثير من كتاباته، فتأتي ذات طابع شعبوي، وإنساني. ويمكنك ملاحظة، أن كثيرا من مرتكزات قصصه، وقائعتها وأحداثها، وأماكنها، وثيقة الصلة بالحياة اليومية، موصولة بمصائر البشر، وممارساتهم.  كما تبدو الكتابة، انعكاسا لشغفة البصري بالتصوير. حتى وأنت تقرأ قصصه ، تسمع وترى وكأنك حاضر بذاتك فيها. تساعدة في ذلك لغة وصفية، تنهل من مفردات ومعان دراجة على ألسنة العامة والبسطاء في أفراحهم وأطراحهم.

ولما كان موقعنا: صدى (ذاكرة القصة المصرية ) مهتما بتوثيق تاريخ السرد القصصي في مصر، وكان أحد مقصادنا البحث عن الكنوز الخفية من كتابه. هؤلاء المسكوت عنهم لمجرد أنهم لا يسعون وراء شهرة، ولا يتطفلون على الموائد الإعلامية. فإن احتفائنا بكاتب في قامة الأستاذ محسن الغمري، صاحب تجربة طويلة ومتنوعة، يعد أحد أبرز العلامات على تحقيق أهدافنا من الموقع.

سيرة ذاتية مختصرة

محسن فوزي محمد الغمري،   كاتب قاص وروائي مصري

        يعرف باسم: محسن الغمري مواليد نوفمبر 1950 م، بمنطقة درب سعادة التابعة لقسم  الموسكي – القاهرة ، كان والده يعمل موظفا مدنيا بوزراة الحربية (الدفاع الوطني آنذاك) مما دعاه للتنقل بين  مدن الجمهورية، قضى محسن  جزءا من طفولته في مدينة العريش، قبيل العدوان الثلاثي، حتى صدرت أوامر بترحيل عائلات العاملين، فعاد إلى القاهرة باكيا مخلفا أبيه من ورائه، بدأ العدوان، فعاش تجربة الخوف لغياب أبيه والقلق من أصوات الانفجارات؛ وزمارات الإنذار، تجربة تركت بصمتها بعمق في نفسه.

استمر في القراءة السيرة الذاتية للقاص محسن الغمري

تمثال من البرونز.. عندما لا نجد أنفسنا.

قراءة نقدية لمحمد عبد القادر التوني في مجموعة قصص ( تمثال من البرونز )                                                         للقاص / صلاح عطية

في علاقة ترابطية بين المكان والإنسان يبحر بنا القاص / صلاح عطية ، في مجموعته ” تمثال من البرونز ” الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ( سلسلة ابداعات قصصية ) 2019 م ، ليثبت لنا مدى تأثير المكان على سلوك  الإنسان  من خلال ارتباطه به وما اكتسبه من عادات وتقاليد وأخلاقيات تعزز لديه الانتماء والولاء لهذا المكان ؛ بداية من البيت الذي نسكنه إلى الشوارع والأحياء والميادين … إلخ ، ويلفت نظرنا ونظر القائمين على التخطيط العمراني أننا أمام مشكلة لا ندرك أبعادها ؛ فالتطور مطلوب والتغيير مطلوب ؛ ولكن شريطة ألا يكون تقليداً أعمى نفقد معه ملامح هويتنا المصرية التي هي مصدر الإعزاز والتقدير والولاء والانتماء ،

استمر في القراءة تمثال من البرونز.. عندما لا نجد أنفسنا.

مصر في أدب الرحلة في العصر العثماني (*) ا. د. عوض الغباري

أ.

هذا بحث فى أدب الرحلة يعالج قضايا كثيرة تتعلق بصورة مصر فى أواخر العصر العثمانى من خلال رحلة عالم سورى صوفى أديب هو الشيخ عبد الغنى النابلسى فى كتابه : “الحقيقة والمجاز فى الرحلة إلى بلاد الشام ومصر والحجاز”.

استخدم المؤلف الرحَّالة تقنية المذكرات اليومية فى تسجيل رحلته، وقدَّم بذلك واقع الحياة الأدبية والحضارية لمصر فى مطلع نهضتها.

وقد توافق الرحالة مع الحضارة العربية الإسلامية، فكشف عن هذه الحضارة فى مصر، خاصة ما يتعلق بأثر الصوفية فى المجتمع المصرى فى العصر العثمانى.

تناول الكتاب الرحالة والرحلة التى استغرقت ثلاثمائة وثمانية وثمانين يوما بدأت فى غرة المحرم 1105هـ/ سبتمبر 1694م، وانتهت فى الخامس من صفر 1106هـ، وقد قصد الرحالة الحج، فارتبطت الرحلة بهدفه الدينى، وما صحبه من طلب العلم مما يمكن عدّه هدفا آخر.

استمر في القراءة مصر في أدب الرحلة في العصر العثماني (*) ا. د. عوض الغباري

محسن يونس.. شهادة عن التجربة الإبداعية.


محسن يونس

أول نشرلهذا الموضوع، كتاب أبحاث مؤتمر ( السرد الجديد -2008م)

رئيس المؤتمر الأستاذ خيري شلبي، أمين عام المؤتمر سيد الوكيل

الكتابة رسالة حضارية نبيلة . أنْ تبدعَ فأنت فنانٌ ..أن تكتبَ فأنت تؤدي رسالة سامية وتمارس وجودك بوعي، وتتجاوز ذاتك لتلتحم بالآخر أفقيا وعموديا وزمكانيا . الكتابة فعل إنساني قيمي يمارسه المثقف ،الكاتب الحر، الناقد لمسيرة مجتمعه ، نقْدٌ صادقٌ بنّاء غايته التغيير إلي ما هو أصلح ..الكتابة الحرّة تنقد الخطأ باعتباره سلوكا مُضرّا بالذات والغير كيفما كان الخطأ ومهما كانت قيمة ومرتبة فاعله .. الكتابة الحرة تبشر بالخير وتزرع الفرح والمحبة، وتفضح الظلم والتحيز والقهر والعدوان .. الكتابة وفق ما سبق تتجلّي أهميتها في ضبط وتنسيق الإنتاج الفكري، ليكون سندا ودعامة في التنوير ورفع مستوي الوعي والفكر للإنسان، والسموّ بالتذوق الجمالي والإحساس به في كل الكائنات، والإحساس بالمسؤولية، وتحريك إمكانات الفرد والجماعة لممارسة المسؤولية التي كلف بها الله سبحانه وتعالي الإنسان واستخلفه في الأرض من أجْل أدائها، ولن يكون لوجوده علي الأرض أي معني إلا بتأدية هذه المسئولية، إن الإنسان يحيا داخل المجتمع وبواسطته بما يوفره له من شعور بالوجود، إذ الإنسان مدني بطبعه حسب مقولة العلاّمة ابن خلدون ؛ وبما يتيحه له من ممارسة حياته وتوظيف إمكاناته وطاقاته، وبما يوفره له من أسباب العيش.. الكتابة فعْل واعٍ وليست نشاطا مجانيا في الفراغ، هي فاعل وفعّال من وعن حالات المجتمع، وترجمة لأفراحه وآلامه، وكشْفٌ لانتصاراته وهزائمه، وإضاءة لمستقبله وتوثيق فكري للآتين، وكلما كانت الكتابة ” واقعية”، والواقعية هنا لا بمعني التسليم للواقع أو التقاطه صورة طبق الأصل، بل بالمعالجة الواقعية، ومحاولة إعطاء شحنة مقوية لإعادة الإنسان إلي وعيه المتوازن، بأسلوب فني راقٍ كلما ازداد شفافية، كان أدْخلَ إلي القلب وأفْعلَ في النفس .

استمر في القراءة محسن يونس.. شهادة عن التجربة الإبداعية.