يكتبُ مذكراتِهِ..قصة: أحمد حنفي

السَّبتُ 5 فبراير      
السَّادسةُ صباحاً: استيقظتُ.. غسلتُ وجهِي.. توضَّأتُ وصلَّيتُ الصُّبحَ.. تناولتُ إفطاراً خفيفاً كالعادةِ وارتديتُ ملابسِي وذهبتُ لأتسلَّمَ العملَ بشركةِ الأقطانِ القريبةِ مِن المنزلِ.

السَّابعةُ والنِّصفُ صباحاً: وقفتُ أمامَ البنكِ القريبِ مِن الشَّركةِ أنتظرُ أحمد فوزي صديقَ الدِّراسةِ والذي رشَّحني للعملِ بالشَّركةِ.

الثَّامنةُ صباحاً: أحمد فوزي يقدِّمُني للمديرِ العام.

الثَّامنةُ والرُّبعُ صباحاً: أتسلَّمُ عملي بإدارةِ الشَّحنِ، قابلَني الحاجُ محمَّد مديرُ الإدارةِ بابتسامةٍ دافئةٍ وعزمَني على كوبٍ الشَّاي أحضرَتهُ ندى عاملةُ البوفيه.

الثُّلاثاءُ 8 فبراير     
السَّادسةُ والنِّصفُ صباحاً: استيقظتُ.. غسلتُ وجهي.. توضَّأتُ وصلَّيتُ الصُّبحَ.. تناولتُ إفطاراً خفيفاً وارتديتُ ملابسِي

السَّابعةُ والنِّصفُ صباحاً: وقَّعتُ بالحضورِ في سجلِّ إدارةِ التَّوقيتِ أمامَ الأستاذِ فرحي قبلَ الميعادِ بنصفِ ساعةٍ. الأستاذُ فرحي لا يبتسمُ

التَّاسعةُ صباحاً: أوَّلُ مرَّةٍ أدخلُ ميناءَ الإسكندريَّةِ لأتعلَّمَ كيفيَّةَ فتحِ شهادةِ صادراتٍ لتصديرِ القطنِ وكنتُ بصحبةِ محمَّد جمال زميلي بالإدارةِ. محمَّد جمال متعاونٌ.

الخميسُ 10 فبراير  
السَّابعةُ إلَّا ربع صباحاً: استيقظتُ.. غسلتُ وجهي.. توضَّأتُ.. صلَّيتُ.. أفطرتُ.. ارتديتُ ملابسِي

الثَّامنةُ إلا خمس دقائقَ صباحاً: وقَّعتُ في سجلِّ الحضورِ أمامَ الأستاذِ فرحي. لا يبتسمُ كالعادةِ.

الثَّامنةُ والرُّبعُ صباحاً: ندى عاملةُ البوفيه تُحضرُ كوباً مِن الشَّاي وباكو بسكويت لوكس، ندى تحاولُ لمسَ يدي وهي تعطيني بقيَّةَ الحسابِ. ندى تفشلُ في محاولتِها.

التَّاسعةُ والنِّصفُ صباحاً: الميناءُ هادئٌ تماماً ويصلحُ الجوُّ أن أجلسَ قليلاً بجوارِ الصَّيَّادينَ أراقبُهم وأتنفَّسُ يوداً ومخلَّفاتِ محرِّكاتِ ديزل. محمَّد جمال يستعجلُني بالذِّهابِ لمكتبِ التَّوكيلاتِ الملاحيَّةِ.

العاشرةُ مساءً: أجلسُ منفرداً على المقهى أكتبُ قصيدةً.

العاشرةُ والنِّصفُ مساءً: أغادرُ المقهى ولم أكتب قصيدةً.

الجمعةُ 11 فبراير   
لم أغادر المنزلَ.

السَّبتُ 12 فبراير    
الحياةُ تبدو مملَّةً ولم أغادر المنزلَ.

الأحدُ 13 فبراير     
السَّابعةُ والنِّصفُ صباحاً: استيقظتُ.. غسلتُ.. توضَّأتُ.. صلَّيتُ.. ارتديتُ.

الثَّامنةُ والثُّلثُ صباحاً: سجَّلني الأستاذُ فرحي في دفترِهِ بتأخيرِ ثلث ساعةٍ كما سجَّلني متغيِّباً بالأمسِ. الأستاذ فرحي متجهِّمٌ فضلاً عن كونِهِ لا يبتسمُ.

التَّاسعةُ إلا ربع صباحاً: ندى تنجحُ في لمسِ يدي التي لم أسحبها سريعاً. ندى ترتعشُ وتطيرُ كفراشةٍ.

العاشرةُ صباحاً: محمَّد جمال يعزمُني على فنجانِ قهوةٍ بمقهى الرَّيس حنفي بباب 14 ريثما ننتظرُ الأستاذَ فخري مستخلصَ الشَّركةِ لينتهي مِن عملِهِ الخاص بمكتبِ التَّخليصِ الجمركيِّ الذي يعملُ بهِ أثناءَ وبعدَ مواعيد العملِ الرَّسميَّةِ.

العاشرةُ مساءً: الجوُّ باردٌ جداً، بالرَّغمِ مِن ذلكَ أجلسُ على المقهى منفرداً أكتبُ قصيدةً.

العاشرةُ والنِّصفُ مساءً: أغادرُ المقهى ولم أكتب قصيدةً.

منتصفُ اللَّيلِ: أجلسُ في الشُّرفةِ ملولاً.

الواحدةُ صباحاً: الحياةُ مملَّةٌ فعلاً.

الخميسُ 17 فبراير  
الثَّامنةُ صباحاً: استيقظتُ نزلتُ.

الثَّامنةُ والنِّصفُ وخمسُ دقائقَ صباحاً: الأستاذُ فرحي يرفضُ أن أوقِّعَ بسجلِّ التَّأخيرِ ويغيِّبُني، والحاجُ محمَّد مديرُ إدارتي يستسمحُهُ. الأستاذُ فرحي تتجمَّدُ ملامحُهُ تماماً.

التَّاسعةُ صباحاً: ندى تعضُّ على شفتيها وهي تُقدِّمُ لي كوبَ الشَّاي والبسكويتَ اللوكسِ.

التَّاسعةُ والنِّصفُ صباحاً: يخبرُنا الحاجُ محمَّد أنَّ اليومَ ليس لدينا عملٌ بالميناءِ. الوقتُ يمرُّ في مللٍ شديدٍ.

الحاديةُ عشرَ صباحاً: أذهبُ للبوفيه لشربِ فنجانٍ مِن القهوةِ، ندى تقفُ بالبوفيه بمفردِها وتطلبُ مِنِّي مساعدتَها في تغييرِ الأنبوبةِ.

الحاديةُ عشرَ وخمسُ دقائقَ صباحاً: ندى تُغلقُ بابَ البوفيه وتلتصقُ بجسدي مِن الخلفِ كأنَّها تساعدُني.

الثَّانيةُ عشرَ إلا ربع ظهراً: ندى تفتحُ بابَ البوفيه وأخرجُ أستكملُ المللَ.

الجمعةُ 18 فبراير   
لم أغادر المنزلَ.

السَّبتُ 19 فبراير    
لم أذهب للعملِ.

الأحدُ 20 فبراير     
التَّاسعةُ صباحاً: ندى تحضرُ الشَّاي والبسكويتَ اللوكس دونَ أن أطلبَ.

العاشرةُ صباحاً: الميناءُ لا يسيرُ العملُ فيهِ إلا بدفعِ الرَّشاوي. محمَّد جمال يُنهي الإجراءاتِ بينما انتظرتُهُ على المقهى.

الإثنينُ 21 فبراير   
لم أذهب للعملِ.

الثُّلاثاءُ 22 فبراير   
لم أذهب للعملِ. المللُ يحاصرُني مِن كلِّ اتِّجاهٍ.

الأربعاءُ 23 فبراير  
لم أذهب للعملِ. الحاجُ محمَّد وأحمد فوزي ومحمَّد جمال يتَّصلونَ ولا أردُّ.

الخميسُ 24 فبراير  
علمتُ مِن أحمد فوزي أنَّ ندى أغلقَت بابَ البوفيه اليوم لمدَّةِ نصفِ ساعةٍ.

الجمعةُ 25 فبراير   
الوقتُ ثقيلٌ كوجهِ الأستاذِ فرحي ورائحتُهُ كريهةٌ كأنفاسِ ندى.

أضف تعليق