أرشيف الأوسمة: ذاكرة

أحلام “فرح” قصة: د . أماني فؤاد

 منذ دقائق أرسل لها الطبيب الشهير يقول :” أفتقدك للغاية ، أين أنت ؟ هل تتعمدين تجاهلي ..

 لم ترد .. ربما شعرت أن الرسالة قد وصلتها خطأ؛ فالمساحة التي بينهما لا تسمح بحوار علي هذا النحو ، وإن كان يقصدها هي .. فهي لا تبالي ، تشعر أن كل نزوة بتلك الخفة  تستهلك الكثير من أعمارنا القصيرة ، كما تُفضي إلي ابتذال ذواتنا إن لم تكن هناك مشاعر حقيقية . 

 لكنها لوهلة تذكرت الحلم الذي رأته منذ فترة طويلة ، وقتها قصته علي حبيبها ، وضحكا منه معا ، هل يمكن أن تتيح لنا الأحلام أن نري المستقبل بصورة ما ؟ هل لها أن تُلقي بومضات مما يمكن حدوثه بعد سنوات ؟

استمر في القراءة أحلام “فرح” قصة: د . أماني فؤاد

الإبداع القصصي بين جدلية الواقع واستلهام التاريخ بقلم / د. محمد سالمان

تمثل القصة القصيرة رافدًا من روافد الإبداع المتعددة، والتي تهدف إلى تتبع الأثر الحسي للحوادث والقضايا الاجتماعية والإنسانية بقصد إعادة إنتاجها – حسب رؤية المبدع – لتصور واقعًا ملموسًا معتمدة على البنية السردية مكتنزة الألفاظ ومتعددة الدلالات وتتخذ من الرمز – عبر البنى اللغوية – عصا تتكئ عليها أحيانًا ليزيد من متعة المتلقي وتعمق الدلالة التي يهدف القاص إلى إبرازها.

استمر في القراءة الإبداع القصصي بين جدلية الواقع واستلهام التاريخ بقلم / د. محمد سالمان

عالم مصطفى الأسمر القصصي، ملف خاص في ذكرى مولده.

ذاكرة القصة المصرية تحتفي بعالم مصطفى الأسمر القصصي في ذكرى مولده

 

 

قصة: (بـزوغ)

(1)

حاولت جاهدا أن أتجاهل قلقي ولكنه كان أقوى من كل محاولاتي وأعمق .. أغمضت عيني واستدعيت طفولتي وانطلقت أركض كعادتي كل صباح قبل الذهاب إلى المدرسة مخترقا شوارع المدينة كأنني أخوض معركة أو كأنني أعدو في سباق دورة أوليمبية .. تلفت حولي استحث الآخرين كي يشاركوني العدو فيدفعني التنافس إلى التجويد .. ضحكوا .. لم أعبأ .. دخلت المدرسة في آخر لحظة قبل أن يغلقوا بابها الحديدي المرتفع بالسلسلة الطويلة .. انتظمت في الصف وأنا ألهث .. ومع ذلك تقدم نحوي ضابط النظام ووكزني في جنبي وقال: حذاؤك لا يلمع .. والقميص ينقصه أحد الأزرار.

طلب مني أن أمد يدي أماما وظهرها لأعلى .. فعلت .. هوى بعصاه الرفيعة على سلاميات أصابعي بعشر ضربات سريعة متتابعة كأنه قصد أن تكون الضربات بعدد أصابع يدي .. تماسكت، وصممت أن لا أسحب يدي بعد كل ضربة مهما كان الألم.

استمر في القراءة عالم مصطفى الأسمر القصصي، ملف خاص في ذكرى مولده.

المكتنزة البيضاء، قصة: صفاء عبد المنعم

     أحب النظر إلى المارة، والشارع ، والبنات الصغيرات فى نهاية اليوم الدراسى، وهن عائدات، تحمل كل منهن على كتفيها نهاية يوم طويل من الأسئلة، وشنطة مليئة بالكراسات، وأصابع باردة من كثرة الوضوء.

كل هذا يجعلنى أشعربلذة الحياة فى نهاية القرن العشرين، وسطوة الموت خطف أخى الصغير ، ثم أختى الصغيرة، التى تمنيت طويلا أن يمنحنى الله إياها، وكانت بيضاء جميلة، شعرها أسود طويل، تشبه(مى) فى خفة دمها، وسكارة ريقها اللذيذ الذى كلما أشرب منه لا أرتوى، ريق يبعث فيك الحياة والطمأنينة، وأنك لن تغادر هذا المكان الجالسة فيه قبل أن تعبىء بطنك وتملأ رئتيك من هواء زفيرها.

     البنات الصغيرات لهن روائح خاصة، لا هى بالزهور، ولا بالعطر، روائح اللبن الممزوج برائحة برازهن وعرق الجلد وبودرة التلك.

استمر في القراءة المكتنزة البيضاء، قصة: صفاء عبد المنعم

” المخلص دوما فنسنت” بقلم: أحمد رجب شلتوت

  لمع كشهاب فشغل الدنيا في عصره وفي عشر سنوات فقط رسم مئات اللوحات، ثم مات، هكذا يمكن إيجاز قصة حياة الرسام الهولندي الأشهر فنسنت فان جوخ، الذى لم تطل حياته لأكثر من سبعة وثلاثين عاما، كان يرسم يوميا ويكتب يوميا، كتاباته اقتصرت على رسائله للمقربين منه، أغلبها لأخيه ثيو، شكلت رسائله اليومية سجلا لعصره وسيرة لحياته الشخصية، تبقى من مراسلاته 903 رسالة، جمعها ووثقها فريق من المحررين والمتخصصين في أعمال فان جوخ، من المتحف الهولندي الذي يحمل اسمه ويضم أعماله في أمستردام، بالتعاون مع معهد كونستانتين هيجنز للنصوص والتاريخ الفكري التابع للأكاديمية الملكية الهولندية للآداب والعلوم، وقد صدر الأرشيف الكامل للرسائل باللغات الهولندية والفرنسية والإنجليزية في العام 2009، بعد ربع قرن من العمل، أما كتاب “المخلص دوماً، فنسنت” فيضم مختارات من إعداد ليو يانسن، وهانز لويتن، ونيينكه باكر، تضم 265 رسالة من تلك الرسائل، صدرت لأول مرة في العام 2012، باللغات الهولندية والفرنسية والإنجليزية. ونقلها إلى العربية ترجمة الكاتب والشاعر ياسر عبد اللطيف والشاعر محمد مجدي “هيرمس” من تحرير ياسر عبد اللطيف. وصدر في طبعة شديدة الفخامة، تضم ترجمة للرسائل المختارة مصحوبة بصور لأكثر من مائة اسكتش أصلى  شغل 1296 صفحة، عن دار الكتبخانة بالقاهرة. والقارىء للرسائل سيجد  قصة حياة الفنان الأشهر متناثرة بين سطورها، ويطالع آراء الفنان في شخصيات وقضايا وأحداث عصره.

 

استمر في القراءة ” المخلص دوما فنسنت” بقلم: أحمد رجب شلتوت

بورخيس العائش على الحافة.. بقلم: أحمد رجب شلتوت

كان المترجم المصري الراحل “خليل كلفت” واحدا من المفتونين بالكاتب الأرجنتيني “خورخي لويس بورخيس”، فكتب عنه المقالات وترجم نصوصا نشر بعضها في كتاب “مختارات من الفانتازيا والميتافيزيقا”، كما ترجم دراسات لعدد من الكتاب اللاتينيين من الأرجنتين وبيرو و الأوروبيين من بريطانيا وفرنسا  ونشرها في كتاب بعنوان “عوالم بورخيس الخيالية”، وأخيرا صدر له عن دار الباهية بوهران وهي دار متخصصة بالنشر الإليكتروني ثالث كتبه عن بورخيس، والكتاب للناقدة الأرجنتينية المتخصصة في أدب بورخيس “بياتريث سارلو” وعنوانه “كاتب على الحافة”.  

 

استمر في القراءة بورخيس العائش على الحافة.. بقلم: أحمد رجب شلتوت

عـرى بلـوري. قصة: سيد الوكيل

 

 

أعرف أنني سأموت منزوياً في طريق عام، هناك بجوار قاعدة أسمنتية لكوبري علوي. سوف يكون الشارع خاليًا من المارة تقريبًا، غير أنني أرى بوضوح الكلب مبتور الساق الذي حدق بي. سوف يتأمل المشهد طويلاً، دون أن يفهم لماذا يموت البشر هكذا في الشوارع!!

أستطيع الآن أن أشم رائحة اليوريا وهي تخرج من أعضاء السكارى ،لكن أحداً لم يسمعني وأنا أصرخ، إن كفني ضيق حتى ليخنقني، وقبري مثقوب تصفر فيه الريح.

هل كان الوقت شتاء؟

استمر في القراءة عـرى بلـوري. قصة: سيد الوكيل

العام الأخير من حياة دوستوفيسكي. بقلم : أحمد رجب شلتوت

 يرى باختين أن دوستويفسكي أحدث ثورة داخل الفن الروائي، حين منح شخصيات رواياته حرية رسم مصائرهم بأنفسهم، وربما كان الروائي الأشهر منح شخصياته حقا تمناه لكل مواطنيه، فقد رصدت أعماله المرحلة التي انطلقت فيها شرارة الثورة في أعماق المجتمع الروسي وإن كان السطح بدا ثابتا دون أية تغييرات، لكن دوستويفسكي وبقدرة فذة على التنبؤ استشرف روح الثورة في رواياته، وكان طوال عامه الأخير يردد في أحاديثه ومقالاته أن “روسيا تقف عند خط الختام متأرجحة على الهاوية”، وعن هذا العام  أصدر الناقد و الأكاديمي الروسي المتخصص في أدب دوستويفسكي “إيجور فولجين” كتابه “التأرجح على الهاوية: العام الأخير من حياة دوستويفسكي”، وقد كرسه لدراسة علاقة دوستويفسكي بعالم الثورة الروسية، مركزا على المرحلة الختامية منها، فدوستويفسكي ” لم يكن شاهدا متفرجا على هذه الدراما، بل أصبح طرفا فيها، وبطلا من أبطالها إلى حد ما”. فادراكه لتردي الأوضاع لم يدفعه لنوبات من الكآبة بل أرغمه على توخي الحل، لذا بدا للكاتب ” متفائل تاريخي يراهن كليا على المستقبل”.     

 

تغيير القناعات :

والكتاب الذي ترجمه العراقي موفق الدليمي، والصادر حديثاً عن دار “الأهلية للنشر والتوزيع” في الأردن، يستعيد التحوّلات الأساسية التي شهدتها سيرة الروائي منذ أن أصدر أول أعماله “المساكين”، و قد انضمّ بعدها إلى “جمعية بتراشيفسكي” السرية التي تبنّت رؤية ثورية للإصلاح، وبسببها تم القبض عليه عام 1849 وحكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات في سيبيريا  ثم بالخدمة جندياً، وهناك في المعتقل يجد متسعا من الوقت للتذكر والتأمل فيعيد النظر في كل قناعاته، ورغم أن تلك القناعات المعدلة أو البديلة تسربت إلي ثنايا رواياته إلا أنه تحدث عنها تفصيليا في كتابه ” يوميات كاتب” الذي ضم مقالاته الأخيرة، وقد نشر مقاله الأخير يوم وفاته، وفيه قال” إن الخطأ الرئيسي للمثقفين الروس هو أنهم ينكرون تأصل الكنيسة في الشعب الروسي، وأوضح أنه لايقصد بالكنيسة المباني ولا الرعية بل الاشتراكية الروسية باعتبارها كنيسة كونية، وهي حالة أخلاقية تتحقق عندما يتصرف الجميع وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم”، وكانت نفس الفكرة قد راودته سابقا فكتب في مقال سابق “الكنيسة هي الناس كافة” أي انها ليست مؤسسة منفصلة عن الناس ومتسلطة عليهم، بل هي دائرة روحية تطابقهم تماما”.                                    

هذا المفهوم شديد الخصوصية ظل يلح عليه مرتبطا بهاجس الموت ربما بفعل تأثير نوبات الصرع المتوالية، لكنه لم يكن ذاتيا بل جاء معبرا عن رؤاه المتغيرة للناس ولقضاياهم و للكون بأسره، مما اقتضى مقارنات دائمة بين كتابات دوستويفسكي وأحداث سيرته، وهو الذي ظل تحرر من الانضواء تحت لواء جماعة أو داخل حدود أيديولوجية ضيقة، لذا غير قناعاته الثورية لكنه ظل يحمل النظام القيصري مسئولية المظالم الاجتماعية، فقد أدان الحكومة الروسية كما أدان العنف الثوري، فالحكومة الروسية في رأيه تمثل الرجعية وهي والثورة تنبعان من منبع مشترك هو ” الانقطاع المزمن عن الشعب” ، ما ترتّب عليه الاحتراب الدائر بينهما، والذي لن يفضي إلى شيء، لأنه لا يستأصل “جذر الشر”. لذلك كان يرفض التفجيرات ويرفض كذلك العقوبة التي تنزلها السلطة بمرتكبيها حين تقبض عليهم، حيث رأى أن “القيصر ليس بقوة خارجية بالنسبة إلى الشعب، القيصر تجسيد له ولمجمل أفكاره وآماله ومعتقداته”، ولو كان الأمر كذلك لما أمر القيصر باقتياد الثوّار إلى السجن أو إلى المقصلة، كانت تلك معضله لكن دوستويفسكي وبحسب الكتاب ” كان يضمر لها حلها الخاص”، يتمثل هذا الحل الحالم في العفو عن الثوار مع مطالبتهم  بعدم العودة لهذا المسلك، فقد رأى أن ممارسات الحكومة تدفع للثورة، أي تلجىء الثوار للعنف، وكان يستبصر ما وراء ذلك فاتخذ  موقفا عبر عنه “إيجور فولجين” بقوله “كان يخشى الثورة المضادّة بقدر خشيته من الثورة”، وهو الموقف الذي صورته بعض أحداث رواية “الإخوة كارامازوف”.

الأعمال_الكاملة_لدستويفسكي_-_الإخوة_كارامازوف.jpg

ملابسات الموت 

مع حلول عام 1881 هدأت اضطرابات الفلاحين وتوقفت عمليات الإغتيال وتحدثت الصحافة الروسية عن اصلاحات قادمة، وكتب دوستويفسكي في ” يوميات كاتب” مقالا عن تحالف القيصر والشعب، لكنه لم يقتنع أن مثل هذا التحالف يمكن أن يتحقق لمجرد إحداث اصلاحات اقتصادية، فإذا كان القيصر هو الأب والشعب ابناؤه فإن صلة القربي تلك لا يعززها المال، بل تقوم على أسس أخلاقية مغايرة تماما”، وكتب في عدد من يومياته عما أسماه ” إنعاش الجذور” فالاصلاحات الاقتصادية وتخفيض الضرائب مجرد مسكنات “لا تخرج الأمة من المأزق” فالتدابير الإدارية تضع العربة أمام الحصان، ورأى أن النهوض الاقتصادي لن يتحقق إلا ” بتحسين المناخ المعنوي” فانعدام “الطمأنينة الروحية يعنى انعدام أية طمأنينة أخرى”. لذا طالب دوستويفسكي بالحرية التامة للصحافة مع الغاء أية اجراءات إدارية أو قضائية تحد من حرية التعبير.                                                     في تلك الفترة يعكف الروائي علي وضع اللمسات الأخيرة لرواية “الإخوة كارامازوف”، ويختار من بين مقالاته  لينشرها في الجزء الأول من كتاب “يوميات كاتب”، ثم يكتب فجأة عن استشعاره دنو أجله، فكيف يستشعر الموت وهو يخطط مع زوجته “آنا جريجوريفنا” لشراء ضيعة في موسكو من دخل الكتابين، يقول لها ” سنمكث هناك حتى قدوم الخريف ثم نعود إلى هنا، لسوف تتحسن صحتك وصحة الأولاد”، فكيف يكتب بعد خمسة أيام من اعلان خطته المستقبلية تلك “أيامي معدودة”، بعدها تحكي زوجته عن حادث صغير وقع مساء 25ديسمبر، حيث وقع حامل ريشة الكتابة وتدحرج تحت منضدة الكتب، فأزاحها دوستويفسكي ليستعيد الحامل، وبذل مجهودا كبيرا نظرا لثقل المنضدة مما أصابه بنزيف أخبر به زوجته صباح اليوم التالي، وهو اليوم الذي شهد شجارا بين فيودور وشقيقه، مما ادى إلى معاودة النزيف من الحلق، وكان غزيرا لدرجة أنه فقد الوعي، تلك رواية الزوجة لكن الفصل الثاني عشر يحكي عن رواية أخرى لملابسات الموت فيتحدث عن إقامة ألكسندر بارانيكوف  العضو بمنظمة “إرادة الشعب” السرية والمطارد من السلطات، في الشقة المقابلة لشقة دوستويفسكي، وكان يجهز خطة لاغتيال القيصر، وتمكّن  الأمن من رصد أعضاء المنظمة ومعرفة أماكن اختبائهم. وبدأت عمليات القبض عليهم في السادس والعشرين من ديسمبر 1881، لكن بارنيكوف استطاع الهرب، وفي تلك الأثناء يُصاب دوستويفسكي بنزيف حاد وغامضٍ يؤدي لوفاته بعد أيام معدودة، حيث تشير بعض الأدلة التي حاولت زوجته إغفالها في مذكراتها بسبب موقفها المؤيد للنظام، إلى أنه نقل في تلك الليلة أشياء ثقيلة من شقة جاره ، وأخفاها وهذا المجهود لم تحتمله صحته مما أدى إلى موته.                                           

يرجح الكاتب الرواية الثانية ويختتم كتابه بفصل عن مراسم دفن دوستويفسكي كفعل سياسي، فقد كانت الجنازة الأكبر في تاريخ روسيا القيصرية، ثلاثون ألفاً من رجال الحكم والكنيسة ومعارضيهم ومن أفراد الشعب العاديين الذين صور الراحل نماذج منهم في كتاباته، التقوا جميعا معا خلف نعش الرجل الذي نادى بتجمعهم كشرط للخروج من المأزق، وبحسب الكتاب: “لقد اختتم هذا الموكب عصرا كاملا.. غير أن تشييع دوستويفسكي كان موجها بقدر أكبر نحو المستقبل، فقد أعرب عشرات الألوف من البشر عن آيات الاحترام والحب لمن كان يدعو إلى تجددهم أخلاقيا، كخطوة أولى نحو تغيير نظام الحياة العام”.

29468789_10215707871669246_4609891855931031028_n

مشهد حربي.. قصة قصيرة جدا لمصطفى يونس

 

التقت نصال السيوف تحت وهج الشمس ؛فعلا الصليل و صار يصك الآذان و لم يقطع عزفه الا آهة من طعنة هنا أو جرح هناك..كان العرق يكاد يعمي عينيه حين لمح المشهد يكسر بريق لوحة السيوف والدماء..امرأة ترضع صغيرها على باب خيمة بعيدة وهي تدندن باغنية عن لذة الحياة، متجاهلة كل حكايات الموتى من حولها.

جهاز إنذار.. قصة: محمود فهمي

كانت الساعة قد تخطت الرابعة فجرًا عندما استيقظوا على صوت جهاز انذار إحدى السيارات ، انتظروا فى أسرتهم أن يتوقف هذا الصوت، دقائق مرت لكن هذا الصوت لم يتوقف، انتظروا أن يضغط شخص ما على زر ليوقف هذا الضجيج , لكن هذا لم يحدث ، بعد ما يزيد على الساعة فتحت أبواب الشرفات ، خرجوا جميعًا يتساءلون عن صاحب تلك السيارة , كانت قطة تحوم حول السيارة التى ينبعث منها هذا الصوت ، ارتفعت اصواتهم لكنهم لم يجدوا من يرد عليهم ، كانت الشمس قد اشرقت , دخلوا غاضبين ,  ارتدوا ملابسهم وذهبوا إلى اعمالهم تعلو وجوههم علامات التعب والضيق.

استمر في القراءة جهاز إنذار.. قصة: محمود فهمي

إضاءة حول صاحب القنديل، بقلم : سيد الوكيل

عندما مات يحيي حقي  ، كان قد ترك لنا ثمانية وعشرين عملاً ، وهو رقم غير كبير بالنسبة لحياة طويلة لأديب متفجر الموهبة ومثقف متعدد الاتجاهات والثقافات ، تعكس كتاباته هذا التعدد الذي نادراً مل يتوفر لكاتب ، فغير الذي كتبه في الرواية والقصة القصيرة والنقد الأدبي ، كتب المقال والخاطرة القصصية والصورة القلمية ، كما كتب في الموسيقي والعمارة والفن التشكيلي والكاريكاتير والفنون الشعبية ، والسياسية وأدب الرحالات والتاريخ والمسرح والسينما والشعر واللغة العربية والسيرة الذاتية فضلاً عن كتاباته التي تستعصي علي التصنيف لكنها عاشت مثل كائن منفرد ، وتظل تمتعنا وتدهشنا فتغفر لها مروقهاعلي التصنيف وتمردها علي ذائقة التدجين النقدي ، من هذه الأعمال ( كناسة الدكان ) الذي أعيد طباعته عدة مرات.

استمر في القراءة إضاءة حول صاحب القنديل، بقلم : سيد الوكيل

أسماء.. قصة من لمح البصر لسيد الوكيل

 

 الليل شتاء، والحارة مظلمة زلقة، وأنا أتحسس طريقي بجوار الجدران، تجنباً للبالوعة المفتوحة في منتصف الحارة.

رأيتها، تتخطى الأحجار القلقة حول البالوعة، طفلة لاتدري ماذا تفعل، ولا أي خطر يحدق بها، صرخت لها:

 ـ احذري البالوعة يا أسماء.

هذا ما طننت أنه اسمها، لكنها لاتبالي، وربما لاتسمعني، حتى رأيت يقيناً سقوطها فصرختُ، ورأيتني في قاع واحد معها. وثَمَ ماء يعلو حتى صدري، فعرفتُ أنها هلكتْ، وأنا هالك بعدها، وعندما هممتُ بنطق الشهادتين، ظهرت  ـ من وسط الماء ـ عجوز محنية، يطال الماء ثدييها الجافتين بالكاد، فتشاغلتُ بها عن أسماء ومددت لها يداً.

 كلما دنوت منها ابتعدت، حتى استحال لقاءنا، فوقفت مكاني يائساً، لا أدري ماذا أفعل؟ وأيقنتُ أنه الموت لا محالة، عندئذ رأيتها، تشير لي إلى ناحية النفق:

ـ أنج بنفسك.

 سبحت وقتاً غير هين في نفق طويل، وأنا أشعر بخوفي وعجزي يثقلاني، أسمع أصداء أنين العجوز وأحس رجفتي، حتى انتهيت إلى كوة أبصرتها من بعيد، ورأيتها تقف على فتحتها، بثوب يشف عن جسد فتي، ورأيت من خلفها نوراً، فاقتربت ملهوفاً فيما هى لا تبارح مكانها، حتى وصلت إليها، ومددت لها يداً، فأخذتني في حضنها، ووضعتُ وجهي بين ثدييها وبكيت كأني أعاتبها، فيما هى تربت على رأسي.

ـ لماذا تفعلين بي هذا يا أسماء؟

أمسكتْ بيدي، وسبحنا معا إلى مصب كأنه بحيرة من ماء رائق، تعلق فيه زهور وقناديل، وأسماك ملونة تسبح حولنا، وتطوف بنا جوانب البحيرة.

 اغتسلنا في البحيرة ثم عدنا إلى الفتحة التي دخلنا منها، فعاودني خوفي واستبدت بي رجفتي من جديد وهي تودعني عند نهاية الضوء، وأول النفق المظلم.

 لم يكن مظلماً كأول مرة، وكان الماء رفيقاً ناعماً، يدفعني بلاعناء إلى مسقط البئر، والعجوز مازالت واقفة هناك، تشير إلى سلم من حديد، وتقول: اخرج إلى الدنيا.

 تسلقت السلم حتى خرجت إلى الشمس، فإذا بي في صحراء لا أول لها ولا آخر، والقيظ يضربها من كل جانب، حتى ظننت أنه الموت جفافاً. عندئذ رأيت شبحا يقترب، ففكرت أنه سراب من وحى الصحراء، ولكنه مازال يقترب، حتى عرفت فيه أسماء، تجر خلفها شاة تتعثر، فجلست مكاني بلا حيلة. فيما هى تضحك من يأسي، وتمد لي يداً بكوب حليب، وكسرة خبز، أخذتهما في لهفة، وأنا حانق عليها قلت:

ـ أنت وراء كل هذا.

قالت: بل أنا كل هذا.

بدايات تشتعل من جديد. قصة: محمد عطية

  في البِدء.. كنت أظنه بدايات لألم الانسحاب لمن ذاق مرارة الاعتياد، وعرف، ثم تجرأ على محاولات الخروج منه؛ أملًا في شفاء قد يجيئ مع الصبر والتحمل وتجشم الصعاب هربًا من نبع كان يُسْري خدره في الأوصال.. يقتلع الروح من مكامنها بالجسد.. يُعرِّج بها في مدارات لا تُحتمل خفتها ولا حبورها الزائد عن حد الدهشة المتأبية على مساءلة الروح:

استمر في القراءة بدايات تشتعل من جديد. قصة: محمد عطية

طريق المحطة.. قصة لفهد العتيق

في هذا الصباح اللذيذ وبعد رحلة مشي طويلة وجدت رأسي راقدا على صخرة كبيرة أعرفها، والأفكار والأحلام والخيالات تسيل منه مثل حليب قديم، فبعد أن دفنته في تلك الليلة الممطرة، مكثت في غرفتي عدة أيام حتى تعبت ومللت، فخرجت أبحث عن الرؤيا وعن روحي، قلت سوف أذهب لتلك المحطة التي كتبت فيها حكاية وقعت الواقعة، في ذلك التقاطع المعتم بين الرياض ودمشق والقاهرة، ربما أجد بعض الأصدقاء هناك، وكنت قد رأيت الأحلام والخيالات تلعب في غرفتي مثل دخان، فأيقنت أنه حدث تسرب في عملية الدفن.

استمر في القراءة طريق المحطة.. قصة لفهد العتيق

الشخصية وأثرها فى البناء الدرامي.. أسمهان نموذجا/ بقلم: سيد الوكيل

فى كتابه فن الشعر حدد أرسطو  مفهوم الدراما وعناصرها ، ورهن الدراما جيدة الصنع بما أسماه البطل التراجيدى ،وهو نبيل بطبيعته ، خضع لامتحان القدر ، فارتكب مايسميه بالخطأ التراجيدى ، الذى يعتبر نقطة الانقلاب الخطيرة فى حياة البطل ، فينتقل من حال السعادة إلى حال الشقاء .

ثمة بذور درامية عديدة فى حياة الفنانة أسمهان ، أهلتها لتكون شخصية تراجيدية من الطراز الأول، بل وكما يعرفها أرسطو. وهذه البذور بدت بمثابة عوامل أسهمت فى البناء الدرامى لمسلسل (أسمهان) ولا يعنينا ـ هنا ـ المسلسل نفسه من حيث هو عمل تلفزيونى بقدر ما يعنينا ، كيف قرأ كاتب السيناريو الأبعاد الدرامية فى شخصياته .

استمر في القراءة الشخصية وأثرها فى البناء الدرامي.. أسمهان نموذجا/ بقلم: سيد الوكيل