سائق الخط الثالث ..قصة:مرفت يس

كان يتأمل ملامحها في مرآة السيارة، وجهها الشاحب عيونها المستغرقة في النوم لما يخفيا جمالها الأربعيني  الظاهر

مستغرقة في نومها؛ ترتعش من حين لآخر؛ ارتجافة جفنيها تشير إلى حلم مزعج يراودها.

أوقف السيارة وفرد ظهره على كرسيه ونظرة عينيه تتأملها في مرآته؛ ومابين فضوله ولهفته ظل يراقبها .

….كان سائق سرفيس الخط الثالث ينادي بصوته الجياش

موقف ياأستاذ

موقف ياأنسة

وقتها همست في أذنه  قبل أن تصعد.. بتلف كام مشوار  في اليوم ياأسطى، أمام اندهاشته من سؤالها انتابته لحظات صمت قبل أن يجيبها

  • كله بالتساهيل ممكن عشرين لفة

هنا اخبرته أنها لم تنم منذ ليلتين

– في اللفة العشرين صحيني وأجرة الكرسي مدفوعة

انتابه بعض القلق لكن شحوب وجهها واجهاد عينيها الحمراوين لم يجعلاه يبالي  إلا  بثمن الكرسي المدفوع لعشرين لفة

……..

كانت ليال من الأرق والرعب والكوابيس تراودها قبل أن تتخذ قرارها بصفع الباب وراءها

إلى طريق غير معروف.

 كل ماكان  يشغل تفكيرها في هذه اللحظة هو حاجتها للنوم . للنوم فقط .قبل أن يغشى عليها من الاجهاد وتعجز قدماها عن حمل جسدها الواهن.

خلاف عادي ومتكرر لايختلف كثيرا عما اعتادت عليه طوال نصف عمرها، إهانات تتحملها بموروث جيني تسرب إليها من حليب والدتها التي أصبحت عجوزا بذاكرة ضعيفة ، تنتابها أمراض الشيخوخة، تنسى كل الأحداث والتواريخ باستثناء شيء واحد. أن توبخ ابنتها لشكايتها المستمرة، وتستنكر عليها دموعها المنهمرة التي تتلمس فيها حضن الأم ودفء حنانها.

تعلمت مع تعنت الأم العجوز الصمت، وكبت الدموع. ومع رحيلها قطعت الحبل السري الذي ربطها بها خلال تلك السنوات.

…….

ملامح وجهها الحزينة جعلته يتناسى أمر اللفات، أوقف السرفيس، يتأملها من خلال مرآته دمعات  لمحها تترقرق على خديها، قرر أن يدخل إلى حلمها لعله يستطيع مسح تلك الدموع.

استيقظ على أصوات تتساءل …موقف يااسطى؟!

انتبه إلى مرآته .. .كانت وريقة الخمسين جنيها تملأ ناظريه فيما ابتلعها الظلام

أضف تعليق